الثلاثاء، يناير ٠٤، ٢٠٠٥

الشباب


كلما قرأت لشخص يكتب عن جمال مبارك باعتباره يحمل قيما ثقافية غربية ليبرالية أو ديموقراطية ، أصاب بتقلص في عضلات فكي ، و تبدأ أسناني بالصرير و أضطر الى القيام ببعض تمرينات التنفس...

ما يعدنا به جمال ليس سوى ليبرالية اقتصادية من نوع ما ، شجاعة أكبر في تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة أو تخفيضات ضرائبية ... الخ و لكن هذه الوصفة وحدها ستعني انتعاشا اقتصاديا ( مصحوبا بسحب البقية الباقية من الدعم القليل أصلا الذي يصل فتاته الى الطبقات الأفقر) مصحوبا بقدر هائل من الفساد لأن المنطقة التي يلتقي فيها السياسة و الاقتصاد معتمة تماما و تفتقر الى أي قدر من الشفافية .... بل ان الكثيرين يحتلون مكانا بارزا في كلا الجانبين .... وصفة للفساد ... ربما بعض الحراك السياسي في البداية و لكن على طريقة مكارم السيد الرئيس قبل أن يتراجع عنها ....

أو أن أقرأ عن " رصيد" جمال المفترض لدى الشباب....

عفوا ... اي شباب ؟

باستثناء دائرة المنتفعين و من يقبلون به خوفا من الاسلاميين لا أعتقد أن أحدا يؤمن بأيديولوجية الحزب الوطني و "فكره الجديد"...

ما هي ايديلوجية الحزب الوطني على فكرة ؟؟ كيف يمكن تصنيف اتجاهاته السياسية ؟؟؟

كل ما يخطر على بال السيد الرئيس هو برنامج الحزب للعام القادم...

أو جمعية جيل المستقبل التي من المفترض أن تعزز من وجوده في أوساط الشباب....

رشوة ... رشوة... ببساطة

انضم للحزب الوطني و ستحصل على دورات مجانية في الانجليزية أو الفرنسية او الكمبيوتر أو تسهيلات في المعاملات الحكومية ، انضم لجيل المستقبل و سنساعدك في الحصول على عمل مميز بشركة مميزة بعيدا عن البطالة التي تعصف بالشباب المصري...

هل منظمة من المنتفعين الجبناء الذين يصفقون مقابل منافع مادية و هم يعرفون أنهم يكذبون و من يصفقون له يعرف أنهم يكذبون ، و يعرفون أن الجميع يعرف أنهم منافقون كاذبون هي الوسط الذي ستنبثق منه الليبرالية و حقوق الانسان و الديموقراطية و التقدم؟

بفففففففففففففففففف

فكر جديد ؟

طرد الحرس القديم و احلال مجموعة من رجال الأعمال و التكنوقراط الخمسينيين المقربين من ابن الرئيس و تغيير شعارات الحزب البالية بأخرى يعرف الجميع انها مجرد أكاذيب لا يصدقها حتى من يرددها هو الفكر الجديد؟

كل دي ديموقراطية؟؟

ساقتبس هنا ابراهيم عيسى عندما سخر من كل الحديث عن الشباب فقص حكاية عن صديق له يقول : " اذا لم تثق بي الدولة لاحصل على عمل مرتبه 200 جنيه فهل ستثق بي لتعينني وزيرا؟" ، فكان رد ابراهيم عيسى أن من شروط الشباب الصاعد اما ان يكون " ابن مين في مصر" ، أو ان يكون قد أكمل بضعة ملايين في حسابه البنكي.... " عشان بيحوش مصروفه طبعا" على حسب تعبير ابراهيم...

في دنيا مثالية سأستمتع بلحظة ارى فيها الفكر الجديد للحزب الوطني يصارع غيره من الأفكار دون أن يحاصر رجال السلطة التنفيذية مقار اللجان الانتخابية ، و دون تزويرهم للانتخابات ، و دون استغلالهم كل جهاز الدولة و مؤسساتها الاعلامية لصالحهم ، و دون تقديمهم رشاو مبطنة للفقراء ثم شحنهم في باصات ليقوموا بانتخاب مرشح الحزب ، و دون أن أفتح الراديو لأسمع اعلان " شباب اليوم ... قوام بينا .... هو ....بلا بلا بلا بلا..." ، أو افتح التلفاز لأشاهد المؤتمر السنوي للحزب.....

في دنيا مثالية...

أما في هذه الدنيا فأرى صديقا لصديق يتحدث عن ذهابه الى الجمعية فأسأله :" أي جمعية" و يكون جوابه : " جمعية جيل المستقبل" .. أسأله : " ايه اللي رماك عليهم؟"... فيقول لي: " بيجيبولنا شغل مفروض في آخر السنة اللي بنسجل فيها... " أصطنع البلاهة و اطلب منه أن يخبرني عن ماهية الجمعية فيقول لي : " جمعية جمال مبارك ، ، عارف انت النظام ، معمولة ليه عشان الانتخابات و الشغل ده..." أنفث الدخان و أبادله الابتسام...


و في هذه الدنيا أيضا أرى منطقة عشوائية لا يجيد سكانها الكتابة و يحيون خارج نطاق المعفول ، و لكنهم... يحرصون على أداء الواجب الوطني والادلاء بأصواتهم في الانتخابات .... لصالح الحزب الوطني الذي يحصلون مقابل العضوية فيه على حقيبة تحتوي بعض السكر و الزيت و السمن و الارز....

في هذه الدنيا...

ليست هناك تعليقات: