الأربعاء، يناير ١٢، ٢٠٠٥

النصر


حسنا.... خرقت التوقف الذي يفترض بي أن أقوم به... نعم ، أنا مدمن ، و ماذا بعد ؟

قالت لي صديقة عزيزة أن السياسة غلبت بصورة طاغية على هذه المدونة و أنها لم تعد ترى محمدا بها....
و أرسلت لي ايهاث منذ زمن تتساءل لماذا لا أتحدث عن مهنتي بتاتا فتهربت من الاجابة عليها....
لا بأس....
اليوم ، أتحدث بعيدا عن السياسة اذن....


أشاهد مسلسل غرفة الطوارئ ،أتحدى نفسي لأحاول تشخيص الحالات سريعا بناء على تاريخها المرضي ، أنظر في غيظ الى التقنيات الحديثة التي يستخدمونها و كم العناية و الوقت الذي يوجه لكل مريض....
أقول لنفسي :" نقود... أعطنا نقودا بصورة كافية و ستصبح مستشفياتنا مماثلة.... نحن نعتني بالمرضى في ظروف صعبة مستغلين كل الامكانات الممكنة و أي امكانات متوفرة..."
يا راجل؟
أحتاج لنصر ما....
يدخل طبيب شاب منزلا في أحد أحياء السود الفقيرة ، يرى مريضة تسعل بقوة ، يقترب منها فيفاجئ بالدم يعطي المنديل الذي تضعه على فمه....
يتراجع في رعب كمن رأى شبحا .... يضع معطفه على وجهه ، و يركض خارجا في ذعر ليطلب الطوارئ و يصرخ : " حالة سل!"...
هاهاها !
ياله من مخنث !
أرجخ أن "توتو" لم يتعامل مع مرضى سل قبل هذا ...!
حسنا... النصر هنا هو.... أنني اكثر شجاعة "حماقة" منه ؟ أنني مضطر أن أتعامل مع هؤلاء المرضى ؟ أنهم أكثر عددا هنا...؟
لا يهم...
المهم أنه ركض كالدجاجة المذعورة ، و أنني كنت ساكون أكثر ثباتا و أقل هيستيرية منه .....

**أمال لو كان شاف حالة كوليرا كان عمل ايه ؟؟؟**

هناك تعليق واحد:

R يقول...

هُناك مشكلات أكبر (كُبرى) من ذلك في ممارسة الطب في أمريكا.
موضوع الخوف من السل وخلافه هو ثقافة عامّة، فالأمريكان مهووسون بالأمن والحماية، وإلى حد كبير موسوسون.
مع الوقت تغيّرت وأدركت وجهة نظرهم.
كنتُ في البداية-بالعنتريّة والفهلوة االمصريّة-أفتخر مثلاً بكوني أزرع البكتيريا بلا قفازات، أو لا أخشى شمّ المواد المسببة للعدوى وخلافه. لكنّهم هنا يأخذون الأمر بجديّة. هل هم متأثرون بالسينما ويعشقون "العيش في الدور"؟ بالطبع.. الأمريكان يعشقون لبس ملابس الطوارئ وقت الطوارئ، ويعشقون لبس التزحلق وقت التزحلق، والاستحمام وقت الاستحمام، والبيكيني وقت التشمس والتمسخر، إلخ...
لكن أيضاً هم يخافون...

الخوف الأكبر هو الخوف من المقاضاة.. نظام المقاضاة في أمريكا فظيع. لو قطع إصبعك سيخبرك الطبيب أنّه من الممكن أن تموت!! احتمال ٢٪ أن تصاب بتسمم الجرح
Toxic Shock
أو ما إلى ذلك. بهذا لو متّ لن يقاضيك الأهل. إن لم تقُل-حتّى لو رعبت المريض-فأنت في مهب ريح المحامين.

التأمين مشكلة ثالثة. فالعلاج فاحش الغلاء، والتأمين ليس مجّانياً كأوروبا وكندا.

إي آر مسلسل رائع، وإن كنت أفضّل سكرابز!
ـ