الثلاثاء، مايو ١٠، ٢٠٠٥

مصر فوق صفيح ساخن

في أكتوبر 2004 ، عندما عدت للكتابة في هذه المدونة ، لم أكن أحمل أي تصور عما سأكتبه فيها ، الا أنني بقراءتي تلك الكتابات القديمة الآن أجد أن موضوع الصوت البعيد الهادي كان يشكل
دلالة على الاتجاه الذي سأسلكه ، فضلا عن كونه وصفا لوضع كان يعيش لحظاته الاخيرة...

كتبت:

" كيف اذن تم تدجيننا ؟؟؟

كيف أصبح التابو الأعظم

الخط الاحمر اللامتناهي

ما يربى الأطفال منذ الصغر على احترامه

هو التعرض لشخص رئيس البلاد بالانتقاد في الصحافة او الاعلام؟؟؟

يمكن للصحافة ان تهاجم رئيس الوزراء و الوزراء و الحكومة و تصرخ و تولول و لكن الرئيس ... لا.... مستحيل....( باستثناء ربما عدد محدود للغاية من منابر شديدة الهامشية ) ...

يمكن للمصريين أن يطقوا حنكهم كما افعل بعدد من النكات عنه و ان يتسلوا باستنزال الشتائم و اللعنات عليه... بالطبع ... فنحن في بلد حر...

أما ان يوجه نقد واضح من المثقفين لطريقته في ادارة البلاد او أن يتكون تيار سياسي واع بتلك العيوب بصورة واضحة تسمج بالتطور نحو تصحيح فمستحيل...

و في الجامعات فان الناشطين السياسيين من الطلاب لا يجرؤون على التفكير في مناقشة قضايا محلية في مظاهراتعم و ملصقاتهم...

هناك اتفاق غير مكتوب يسمح بمهاجمة اسرائيل و الامبريالية الأمريكية و حض الفتيات على ارتداء الحجاب

أما ان يطبع منشور واحد يناقش شيئا واحدا متعلقا بمصر فلا....

كيف ينادون بحرية الفلسطينيين اذا كانوا هم أنفسهم يفتقدون كل الحرية في ان يعطسوا بالاسم المحرم...."

ياااه... قديم للغاية ذلك الوصف!

بدأ الأمر بمناوشات بسيطة ، و تكوين تجمعات معارضة لحكم مبارك في قاعات اجتماعات ، و مشاريع على الانترنت ، و أخذت العربي في نشر مقالات تنقد الرئيس من طرف خفي ، ثم واصلت العربي التصعيد و خرق الخطوط الحمراء المرسومة حول الرئيس بقيادة السناوي و قنديل في تجربة رائدة و شديدة الاهمية.... تكونت كفاية و نزلت الى الشارع - أو الى سلالم المحاكم و النقابات- و للمرة الأولى سمعنا هتاف :" اسقط مبارك!" او " لا لمبارك!" ، و أخذت الجراة في الازدياد ..... تم رفع سقف ما هو تقليدي...... ما كان غير متصور منذ بضعة شهور، نقرؤه اليوم باستمرار : في العربي المثابرة ، و الدستور المتشيطنة ، و الغد البراجماتية..... أما المظاهرات فقد أصبحت حدثا يبعث على التثاؤب ، و الهتافات تزداد سخونتها و طرافة هتافاتها التي تسخر من النظام و تشرح مواقفه في الوقت ذاته...

بعدها تم الانتقال تدريجيا الى المستوى الثاني :
شحنة من الكهرباء سرت في جسد المجتمع فأدت لتنشيط قطاعات من المجتمع طال صمتها حتى أن أدوراها القديمة النشطة قد تم نسيانها... كنا نفاجئ كما يفاجئ النظام بأناس عدوا محايدين و "في حالهم" ، يقفون ليرفعوا أصواتهم مسببين له المشاكل...

القضاة يتحدون النظام
أساتذة الجماعات يطالبون باستقلال الجامعات
محلل سياسي يقف متحديا الرئيس و مطالبا بتعديل الدستور
الجماعة التي اعتادت لسنين مهادنة النظام تصعد من تحديها له
محاولات لكفاية لم تكتمل لتنشيط القطاعات المهنية و العمالية

المستوى الثالث ( و الذي لم نصل له بعد ، و لا أعرف ان كنا سنصل له أم لا) هو الانتقال من فعل الحراك و اعلان المعارضة سواء من القطاعات المعارضة المعتادة او الجديدة الى العصيان المؤثر ...

ليست هناك تعليقات: