السبت، مايو ٣١، ٢٠٠٨

الخميس، مايو ٠١، ٢٠٠٨

تلك النظرة

على المحور، وفي المنطقة التي ينحصر فيها الاتجاهان في طريق واحد، كانت هناك عربة متوقفة. خلف العربة، وقف شاب لا يتجاوز عمره الخامسة عشر يشير بيده للعربات لتهدئ من سرعتها ولتتجاوز العربة. بمجرد تجاوزك العربة تلمح رجلاً في منتصف العمر جالساً على الأرض منكمشاً بجسده لأقصى حد ليبتعد عن الطريق الضيق ، وهو يعمل بسرعة على فك عجلة العربة. أمام العربة وقفت سيدة تنظر للعربات التي تعبر على بعد سنتيمترات من الرجل. على وجهها ظهر ألم وقلق، ومدت يدها كأنما لتبعد العربات عنه، ثم نظرت له. لمحتُ نظرتها لثانية، قبل أن أتجاوزهم. حنان؟ لهفة؟ خوف؟

قبلها بأيام كانوا يتحدثون عن كتاب رجلٍ في وجوده. وعندما بدؤوا في كيل المديح له، ابتسم في خجل وتمتم بأنه لا يستحق ما يقال. بجواره كانت تجلس زوجته، بمجرد أن بدؤوا في كيل المديح له، أشرق وجهها واتسعت ابتسامتها، رفعت رأسها ونظرت له لثانية، قبل أن تنظر للأرض من جديد. فخر؟ تقدير ؟ ثقة؟

في العمل، وسط زحام من المتكلمين والغادين والرائحين ، وَقَفَت زميلةٌ تنظر بثبات إلى نقطة ما خلف ظهري. أدرت رأسي وأنا أتوقع أن أراه - خطيبها- هناك. بالفعل، كان يقف هناك، يبتسم ويبادلها النظر عبر المكان المزدحم بكل هؤلاء الأشخاص. شيئ ما في نظرتها جعلني متأكداً من وجوده. اطمئنان؟ سعادة؟ تفاهم؟

كانوا يجلسون يستمعون إليها، وكانت تتحدث بحماس وتدفق، عندما دخل المكان وجلس. كان دخوله مفاجئاً، فتاه منها الكلام. حاولت جاهدة أن تكمل ما تقوله، ونجحت في ذلك، لكنها نظرت له نظرة قصيرة - بعينين تلمعان - قبل أن تواصل. فرح؟ شكر؟ عرفان؟

مهما كانت المعاني المختلفة التي تبدو من تلك النظرات التي ألمحها لثوانِ معدودة، إلا أنها ، كلها ، لا يمكن إلا أن أصفها ب "تلك النظرة".