الأربعاء، نوفمبر ٢٨، ٢٠٠٧

حكاية محل

هناك بعض المحلات التي يبدو أن لعنة ما حلت بها جاعلة منها محلات خاسرة تدفع بملاكها إلى الإفلاس. خطرت على بالي هذه الفكرة وأنا أتأمل محلاً بجوار منزلي مر برحلة طويلة تعاقب فيها عليه الملاك والمستأجرون وتم فيها تغيير النشاط ونوعية السلع المعروضة مرات عديدة.

أول ذكرى عندي لهذا المحل تعود إلى طفولتي عندما كان محل خردواتي تقليدي أشتري منه بعض الالعاب البسيطة أو الحلويات، وفي مرة أردت شراء سيف بلاستيكي لعبة لأحمله أثناء أدائي لدور صغير في مسرحية مدرسية تاريخية( لا زلت أذكر العبارة الوحيدة التي كنت سأقولها والتي تدربت مراراً على قولها: أهذا جزائي أني أنقذتك من القتل!). ذهبت إلى البائع العجوز وطلبت منه بكل أدب سيفاً لعبة، لأفاجئ به ينفجر غاضبا كعادة العجائز نافذي الصبر. أخذ البائع يصيح لاعنا الأيام السوداء التي يعيشها، ويتحسر على الذي حدث للبلد وللناس حتى يأتي طفل ليطلب شراء سيف ، ويرتكب شاب جريمة فظيعة، متوقعا أن القيامة ستقوم قريبا داعيا الله أن يأخذه حتى لا يرى ما الذي سيحدث أكثر من ذلك. عجزت عن الرد طبعا وعدت إلى البيت حزينا، لأؤدي دوري في المسرحية ولأقول "أهذا جزائي أني أنقذتك من القتل" دون سيف أتمنطق به. كان حينا وقتها قد روع بجريمة قتل بشعة ارتكبها شاب ضد زوجة والده ، ويبدو ان البائع قد ربط بين الجريمة وبين ميول إجرامية عنيفة ظهرت في المجتمع حتى لتدفع طفلا بريئاً لطلب سيف للعب به. أحب أحياناً أن أفكر أن اللعنة التي أصابت ذلك المحل قد بدأت في تلك اللحظة التي صرخ فيها البائع في وجه ذلك الطفل كاسراً قلبه حارما إياه من متعة قول "أهذ جزائي أني أنقذتك من القتل" بطريقة مناسبة.

الذكرى التالية هي للمحل عندما أصبح محلاً لبيع شرائط الكاسيت، اشتريت منه شريط الفرحة لمحمد منير، وهو شريط رديء جداً على فكرة. بعدها بدأ المحل مرحلة التغيير السريع للأنشطة والملاك والمستأجرين، فقرر أن يجاري الموجة الرائجة في المحلات دون مخاطرة ليصبح محلاً لبيع الدباديب والتذكارات، لكن فشله على الرغم من نجاح أقرانه دفعه إلى أن يجرب أكثر مشروع مضمون لمحل في نفس وضعه وهو أن يبيع الموبايلات واكسسواراتها وكروت الشحن..الخ، لكن تلك المحاولة فشلت دافعة به إلى اكتئاب جسيم -فترة إغلاق- خرج منه بعزيمة قوية وببائع ملتح يبيع البخور والعطور والشرائط الدينية ، لكن التزام المحل الديني لم يكن كافيا للتغلب على النحس، فشل المشروع وأغلق لفترة، وعلى بعد خطوات منه جلس البائع الملتح يبيع بنجاح نفس بضاعته من العطور والبخور خلف طاولة صغيرة نصبها في مدخل عمارة ، ولا زال يواصل تجارته حتى اليوم. عجز المحل عن مواجهة هزيمته أمام مدخل العمارة وظل مغلقا لفترة طويلة، لكن حلاوة الروح جعلته يحاول التحول لمحل لبيع الأحذية ، فعندما مررت بجواره منذ شهرين وجدت بائعا يرص الأحذية في الفاترينة. لكن ككل حلاوة روح كانت مجرد ارتعاشات قلب يحتضر، فشل المشروع قبل أن يبدأ، فلم يتم افتتاح المحل كمحل أحذية واختفت الأحذية من الفاترينة، ولا يزال المحل مغلقاً حتى اليوم.

الأحد، نوفمبر ٢٥، ٢٠٠٧

كوميديا طبقية




استكمالاً لأشباح طبقية

تامر وشوقية مسلسل كوميدي على طريقة الست كوم ، عرض الجزء الاول منه في رمضان العام الماضي، والجزء الثاني منه في رمضان هذا العام. يحكي المسلسل عن تامر (أحمد الفيشاوي) وهو محام شاب من أسرة غنية الذي يقع في حب - ويتزوج لاحقا- شوقية ( مي كساب) المدرسة التي تنتمي لأسرة فقيرة. الخط الرئيسي في المسلسل هو التناقض بين المستوى الاجتماعي -و الطبقي- بين الأسرتين، إضافة لخطوط درامية أخرى.

لاحظت على الفور - ولاحظ العديدون بالطبع- تشابهاً بين تامر وشوقية وبين دارما وجريج، وهو مسلسل ست كوم أمريكي عن جريج وهو محام - أيضا- و واسب من عائلة ثرية يقع في حب - ويتزوج - دارما الفتاة التي تنتمي لعائلة من الهيبيز.

سواء كان هذا التشابه اقتباسا أو مجرد تشابه لوقوع الحافر على الحافر، إلا أن مشاهدة حلقة من كل من المسلسلين في نفس اليوم أوضحت لي ما بدا كفارق أساسي بين المسلسلين.



في دارما وجريج يقدم المسلسل كوميديا تسخر من المحافظة والليبرالية -بالمقاييس الامريكية- لاعبة على التناقض بينهما في مواقف كوميدية. في الأسرة الثرية الأم متسلطة تكبت مشاعرها في تكبر ، تتحدث برسمية وتهتم بحفلات جمع المال لقضايا لا تهتم بها. الأب رجل ثري يخشى زوجته ويتعامل مع زواجه المفكك بالاغراق في الشراب والسخرية. في أسرة دارما - واسمها ذو دلالة دينية هندية مما يدل على اهتمام الأسرة بالديانات الشرقية- الأب من نشطاء الحرب على فيتنام ولا زال يحيا في عالم الستينات ويبدو كمدخن ماريجوانا ضائع يتحدث دائما في غضب عن المؤسسة والمجمع الصناعي العسكري، والأم نباتية تتحدث عن التوافق مع الطبيعة طوال الوقت ، والأم والأب غير متزوجان لعدم اعترافهما بمؤسسة الزواج.

يعني ، حتى لا أطيل، يقدم المسلسل صورا كاريكاتورية للجانبين دون انحياز لطرف على الآخر، لاعبا على التناقضات بين طريقتين للحياة مقدما فرص التلاقي والتجافي عندما ترتبط الأسرتان بالمصاهرة.

أما المسلسل المصري، فاختار جعل التناقض الرئيسي تناقضا طبقيا، بين أسرة تسكن حيا راقيا وأخرى تسكن حي العمرانية. ما لاحظته بعد مشاهدة المسلسلين معا، هو أن المسلسل المصري لم يفعل كنظيره الامريكي من تقديم صور كاريكاتورية للجانبين المتقابلين. اختار تامر وشوقية أن يسخر سخرية قاسية من الأسرة الفقيرة، مقدما بعض أفرادها في صورة أقرب للحيوانية: ارتفاع الصوت وحك الجسم والفشل في الجلوس على مقعد بطريقة لائقة والأكل بطرق مقززة والابتسامات البلهاء. بينما لم يسخر من الاسرة الغنية او يقدمها بصورة كاريكاتورية بنفس الدرجة، ولا بنفس الطريقة. ففي الدرجة: سخر بطريقة أقل، وفي الطريقة: أنه لم يسخر من غناها ومن طريقة حياة الأغنياء، بل من صفات جانبية لدى كل شخصية: حب شقيقة تامر للأكل، تكبر الوالدة، نسيان الوالد...الخ، كانت السخرية منهم كأفراد وليس منهم كأسرة (طبقة) على عكس الأسرة الفقيرة.

قدم المسلسل تفاصيل حياة الاسرة الفقيرة بمفرادتها المختلفة بصفتها شيئا مضحكا ( فضلا عن كونها تفاصيل غير دقيقة) ، بينما حياة الأسرة الغنية ومفرداتها هي الوضع الطبيعي الذي لا يستدعي السخرية ، إلا فقط السخرية من الأسرة الأفقر عندما تحتك بتلك المفردات الجديدة عليها. هكذا تتولد المواقف الساخرة عندما يتحدث شقيق شوقية عن الميكروباص الذي يملكه، وعندما تسمي شوقية البلاي ستيشن بالفلاي ستيشن أو تخطئ في نطق كلمة الكافيه، لكن ما الذي يستدعي السخرية في الكافيه نفسه؟ اليس الكافيه هو الوضع الطبيعي الذي يحاكم على أساسه الأسرة الفقيرة؟ ألا نذهب كلنا إلى الكافيه. أنا وأنت وتامر وصناع المسلسل والسادة المتفرجون؟

لا أعتقد أن هذا جاء اختيارا واعيا، لكنه معبر عن قناعات صناع المسلسل التي فشلوا في تجاوزها لتقديم عمل متوازن وساخر فعلا من الاختلافات الطبقية وفرص التلاقي والتجافي كما في المسلسل الأمريكي.

لا أعني مما سبق أنني لا أحب مشاهدة تامر وشوقية، فعلى العكس شاهدت الكثير من حلقاته على العكس من دارما وجريج الذي -على الرغم من توازنه- ظل ممثلوه وكوميديته ثقيلة الظل على قلبي. أكثر مواقف تامر وشوقية التي تنال إعجابي هي التي تركز على الخطوط الدرامية الأخرى (خاصة أحمد مكي ) وأثقلها ظلا هي التي تقدم هذه الرؤية الطبقية الفجة وغير المتوازنة.

الأربعاء، نوفمبر ٢١، ٢٠٠٧

منديل الحلو

منديل الحلو

منديل الحلو - فيلم قصير
بطولة: أحمد كمال ، حبيبة درويش
إخراج: أيمن الأمير

أيمن الأمير صديق وزميل. كلانا خريجو دفعة واحدة من كلية الطب، لكن حبه للسينما دفعه إلى الالتحاق بورشة التكوين السينمائي بمركز الجزويت منذ عامين، ومنديل الحلو هو فيلم تخرجه من الورشة.

قصة الفيلم "تشيكوفية" الطابع، عن مدرس ثانوي فقير يواجه في استكانة هجر زوجته التي تغادره بصحبة ابنتهما. يذهب المدرس إلى لجنة لمراقبة امتحان الثانوية العامة ليواجَه بطالبة تذكره بابنته، ويتابع الفيلم هذه المواجهة بين المدرس والطالبة في لجنة الامتحان.

أتذكر الآن أيمن منذ أكثر من عام وهو يفكر في فكرة لمشروع تخرجه. كنا نجلس على رمال شاطئ العجمي وهو يعرض عليَّ فكرة عن مدرس وطالبة، قلت له أنها :" همممم ، لا بأس بها". عرض عليَّ بعدها فكرة مُرَوِّعَة عن زوج يشك في زوجته مع الكثير من ماء النار المتطاير والتشويه والصراخ، فقلت له أن فكرة المدرس والطالبة ررررررائعة!( لكن إحقاقًا للحق ، اقترحت عليه بدوري أفكارا مبتسرة تصلح كقصص قصيرة بائسة،عاكساً مشكلتي المزمنة في محاولاتي الأدبية: تجاوز اللقطة إلى الحدوتة). اقترح عليه بقية الأصدقاء ساخرين أفكارًا تصلح لإلقاء أيمن في السجن، فتقبل أيمن السخرية في حكمة وهدوء. كانت هذه عادة أيمن عندما نسخر منه،أن ينظر للسماء في تبتل وهو يتمتم ما أتخيل أنه شيئ على غرار رب اغفر لهم فإنهم لا يعلمون و مرددا شيئا ما عن فيلليني الذي سخروا منه هو أيضاً.

أحمد كمال
في 25 أكتوبر الماضي ، كان موعد عرض أفلام خريجي تلك الدفعة من الورشة ، ومن بينها منديل الحلو. أعجبت بالفيلم الذي كان أفضل الأفلام المعروضة - في رأيي على الأقل- وأكثر فيلم حاز تصفيق الجمهور، وتفاعل الجمهور معه مصفقين مع لحن أغنية عبد العزيز محمود. منذ أن سمعت الفكرة، وخلال الإعداد للفيلم وقراءاتي للسيناريو وحضوري ليوم تصوير ، تخيلت الفيلم في صورة معينة، لكن تحول الفكرة إلى مشاهد بصرية كان كالسحر، لأعجب بالفيلم وأصفق متحمساً بعد انتهائه. أعجبني في الفيلم حرص أيمن على جمال الصورة، واختياراته الموفقة لزوايا التصوير المتوافقة مع الحالة النفسية للبطل، الموسيقى التصويرية*، وبصورة أهم -لأنني لا أعرف الكثير من الjargon السينمائية- نجاح أيمن في تقديم فيلم بسيط غير متكلف وممتع، وباعث على البسمة في هدوء في بعض الاحيان، ومؤثر وجاذب.

كان أكثر أداء لافت هو لأحمد كمال وهو واحد من ممثلي الشخصيات الموهوبين: سليمان الصايغ في الكيت كات، الضابط في مواطن ومخبر وحرامي، الدكتور في بحب السيما، شقيق جيهان فاضل المحافظ في سهر الليالي، المدرس الذي أحب طالبته حتى انهارت مهنته في أحلى الأوقات، المدير الوغد في أحلام حقيقية. وأدى دور البطولة باقتدار، ناقلا مشاعر المدرس المتقلبة عبر ملامح وجهه ونبرات صوته.

أيمن في تي شيرت رمادي يوجه المصور وأحمد كمال وحبيبة ينتظران، ويظهر أيضا الميكروفون صاحب العادة البذيئة في التحليق فوق رؤوس الممثلين أثناء التصوير، وهو أمر يحدث حتى مع فيلليني كما يؤكد أيمن

بقي أن أذكر ما رأيته من جوانب نقص في الفيلم، وكلها يمكن إرجاعه إلى الميزانية المحدودة التي أنتج بها الفيلم: عدم وضوح الصوت في بعض الأحيان -وهو عيب مشترك بين كل أفلام الورشة التي عرضت يومها- بسبب استخدام أجهزة ذات كفاءة منخفضة، إضاءة بعض اللقطات أسوء من بقية الفيلم، وبعض اللقطات تبدو كأنها أنتجت ب"دربكة" وعلى عجل، وذلك نتيجة توفر أماكن التصوير (المدرسة) لوقت محدود جدا.

حصل أيمن مؤخراً على منحة من وزارة الثقافة المصرية لإنتاج فيلم عن قصة الحكم لكافكا، لكن لم يظهر حتى الآن إن كانت نقود المنحة لفيلم أيمن وأفلام الفائزين الآخرين قد غرقت في أزمة ديكور سفينة صديق فاروق حسني.

بعد انتهاء عرض الفيلم، احتفلنا بأيمن -مؤكدين له أن اسكندرية تحبه في تلك الليلة- في سيد صواريخ . كان الأصدقاء قد ساعدوه في أمور كثيرة: الترجمة، الموسيقى*، مساعدات كمبيوترية متنوعة..الخ، وزملاؤه في الورشة قد ساهموا متطوعين في أغلب الوظائف المساعدة في الفيلم، ووجدت أنني قد اكتفيت بالفرجة والمتابعة من بعيد، ولذلك وعدت أيمن بإعلان تسجيلي غير مدفوع الأجر وها هو:

يعرض فيلم منديل الحلو لأيمن الأمير في المركز الثقافي البريطاني بالعجوزة ، يوم الجمعة الموافق 23 - 11 - 2007 ضمن مهرجان الأفلام المستقلة الثاني ، في الحادية عشرة مساءً.


*من إعداد د.محمود ياقوت

السبت، نوفمبر ١٠، ٢٠٠٧

فيرتيجو



فيرتيجو - أحمد مراد - رواية - ميريت


بعد حوار تليفوني طويل استعدت حماسي للقراءة إثر فترة توقف لانشغال بالعمل. ذهبت للمكتبة واشتريت فيرتيجو التي كنت قد شاهدت لقاءً مع مؤلفها أحمد مراد على مساءك سكر زيادة في OTV . لم أذكر من اللقاء سوى اسم الرواية الطبي اللافت، وأنها العمل الأول لمؤلفها طبيب الأسنان الشاب.( تصحيح : المصور الشاب!)


الرواية جاءت مفاجأة جميلة . لم أقرأ عملاً جيداً مثلها منذ شهور، ربما منذ واحة الغروب والتلصص. ورغم حجمها الكبير نسبيا - 400 صفحة- قرأتها كاملة في ليلة واحدة ، إذ بعد بداية بطيئة لصفحات معدودة، تجذبك الرواية لتجعل من الصعب عليك أن تتوقف عن القراءة.


تدور الرواية عن مصور شاب ( أحمد كمال) يتواجد بكاميرته في المكان والزمان الخاطئين، ليشهد جريمة دموية هي تصفية حسابات بين "الكبار". خط الكشف عن فساد وتلاعب "الكبار" خط رئيسي بالرواية، وهو إن بدا لأول وهلة تكرارًا - فجًا في اختيار الأسماء بعض الاحيان كالحديث عن الداعية عمر حامد والشيخ خالد العسكري والصحفي إبراهيم شافع..الخ- لفضائحية يعقوبيان الأسواني وأشباح ابراهيم عيسى الوطنية، إلا أنها تتجاوز الاكتفاء بالكشف عن المعلوم المسكوت عنه من حكايات الفساد إلى نسج ذلك في حبكة الرواية.


الرواية ليست سياسية بالضبط، أو لنقل ليست فقط سياسية . فهي سياسية تكشف عن وعي سياسي ثاقب للمؤلف، وبوليسية ذات إيقاع لاهث يدفعك للقراءة في أحيان أخرى، ورقيقة في مواضعها الرومانسية،وإنسانية في عرضها للظلم والقهر والقسوة التي تواجه الأبطال، وذات أسلوب ساخر هادئ في معظم المواضع. المؤلف موهوب أيضًا في رسم ملامح الشخصيات -وإن أطنب في وصفه التقديمي لبعضها بصورة تشتت الانتباه- وإن كانت ميزته الرئيسية هي الحوار الذي جاء واقعيًا جدًا يمكنك أن تتخيل الأبطال يرددونه في رأسك - مصحوبا بالمشاعر المناسبة بالطبع- بينما تقرؤه ( صدام أحمد مع جودة مثلاً).



لا أتذكر ملاحظات سلبية لي عن الرواية سوى قلقي في بداية القراءة من أن تكون مجرد رواية فضائحية أخرى ، وهو ما تبدد لاحقًا، و موضع بدا فيه اختلاط في شخص الراوي وبدا أن المؤلف يتحدث شخصيا ويعلق ويدلي بآرائه لكنه عاد لدور الراوي كلي المعرفة في بقية الرواية، وبعض المواضع التي استخدم فيها المؤلف الضمائر بكثافة بما يجعل التعرف على أي "هو" مقصود أمرًا صعبًا، كما أن الدقة النحوية والإملائية والجزالة اللغوية ليسوا بالضبط أفضل مميزات الرواية.


يستحق المؤلف التهنئة لنجاحه في أن يكون عمله الأول على هذه الدرجة من التميز، وللجهد المبذول في رسم شخصيات مركبة تعلق بالذهن، وللحوار الواقعي، وللحبكة المتقنة المثيرة، ولمعرفته بالتفاصيل الفنية لعوالم الأبطال وما يقومون به، وأيضًا للنهاية السعيدة -نوعًا ما- التي تكشف عن نزوع للتفاؤل رغم ما كل ما يدعو إلى التشاؤم.




يعني ببساطة يا اخوان: اقرؤوا فيرتيجو، إن لم تكونوا قد قرأتموها بالفعل...