الاثنين، أبريل ٢٥، ٢٠١١

قطع الطرق كوسيلة احتجاج

بينما يقطع مواطنون في قنا الطريق السريع ويمنعون حركة القطارات، ويقطع آخرون في أسوان الطريق احتجاجًا على خطف عمدة قرية، ويبدي الكثير من المعلقين دهشتهم من هذه الظاهرة داعين إلى قمعها باستخدام العنف - يسمونه الحزم- قد يكون مفيداً أن نتذكر حوادث مماثلة في السنوات القليلة الماضية، عندما لجأ الكثير من المواطنين في أقاليم مصر إلى قطع الطرق الرئيسية القريبة منهم كوسيلة للاحتجاج والضغط، وكوسيلة "خشنة" لإيصال صوتهم إلى المسئولين في ظل غياب تمثيل أو تأثير سياسي لهم. رد الفعل الحكومي عادة تراوح بين عصيان الأمن المركزي وقنابل الغاز المسيل للدموع، أو الإسراع للتفاوض والوعود بحل المشكلات.

كثير من هذه الأحداث كان احتجاجًا على حادث مروري ينتج عنه وفاة، مثلا:

عرب الرمل في المنوفية - أغسطس 2007: حولت جنازة ضحايا حادث التصادم بقرية عرب الرمل في المنوفية إلى مظاهرة ضد تجاهل إنشاء كوبري علوي أو حفر نفق أمام القرية لحمايتهم من الموت على طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعي. اتهم الأهالي المحافظ والمسؤولين بقتل ضحايا نقطة الموت، الذي راح ضحيتها مزارع وابنته عصر الثلاثاء الماضي. وأكدوا أنهم طالبوا بإنشاء كوبري علوي أو حفر نفق أمام القرية واستطاع أعضاء مجلس الشعب الحصول علي موافقة وزير النقل والمواصلات بحفر نفق سيارات أمام القرية إلا أن المحافظ اللواء حسن حميدة رفض تنفيذ الحفر وتوجه علي رأس حملة من قوات الأمن لإقامة كوبري مشاه أمام القرية.

بركة السبع في المنوفية 7/2008 : شهد أمس طريق مصر- الإسكندرية الزراعي مصادمات دامية بين أهالي احدي القري الواقعة علي الطريق، وقوات الأمن المركزي التي تدخلت لإعادة فتح الطريق الذي أغلقه الاهالي عقب حادث مروري. بدأت المصادمات فور وقوع حادث بين سيارة صدمت اثنين من قرية طوخ طنبشا التابعة لمركز بركة السبع بالمنوفية، وقام الأهالي علي أثرها بقطع الطريق احتجاجا علي استمرار غياب التواجد المروري، وإزهاق أرواح الأهالي بسبب الحوادث المتكررة أمام القرية. تم اخطار مديرية أمن المنوفية وانتقلت قوة أمنية من الأمن المركزي الي موقع الحادث واشتبكت مع الاهالي المتظاهرين والذين قاموا برشق الجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة، وقامت قوات الأمن المركزي بتفريق »المتظاهرين« واطلاق قنابل »مسيلة« للدموع، واقتحام القرية، وفرض كردون أمني لمنع وقمع المتظاهرين من العودة لإغلاق الطريق.

ميت غمر في الدقهلية 3/2009: للمرة الثانية خلال شهرين يغلق أهالي مركز ميت غمر طريق ميت غمر القاهرة بسبب حوادث السير أمام قري المركز التى تقع على الطريق السريع .حيث صدمت سيارة ب ثلاثة من أسره واحدة أمام قرية ميت ناجى مركز ميت غمر أثناء محاولتهم عبور الطريق ولقي الثلاثة مصرعهم تباعا عقب نقلهم إلى المستشفي .تجمهر الأهالي أمام القرية وعلى امتداد الطريق وقاموا بحرق إطارات السيارات وقطع الطريق من الاتجاهين من بداية مركز ميت غمر وحتى نهاية بنها , الأمر الذي أدي إلى إصابة المرور علي الطريق السريع بشلل تام .انتقل إلى مكان الحادث سيارة شرطة العميد محمد سعيد وعدد من الضباط إلا أن الأهالي اعتدوا على الضباط وحطموا سيارة الشرطة وحاولوا إشعال النار بها بينما لم يصب أحد من الضباط .

كفر الحصة في القليوبية 12/2009: عاد الهدوء إلى قرية كفر الحصة مركز بنها عقب أحداث التجمهر التى شهدتها القرية بعد حادثى تصادم خلال أسبوع واحد، مما دعا الأهالى إلى قطع الطريق الزراعى السريع مرتين. وبدأ أمس تنفيذ مطالب أهالى القرية وبدأت هيئة الطرق والمحافظة فى التنفيذ على أرض الواقع وبدأ بالفعل فى تعديل الطريق السريع من أمام القرية، بحيث يكون الطريقان متساويين، ويتم حاليا نقل الأعمدة الكهربائية على جانبى الطريقين، وعمل مطبات صناعية بطريقة فنية تساعد فى تهدئة سرعة السيارات أمام القرية، وكذا عمل رصيف فى جانبى الطريق وذلك لمنع الحوادث، كما تقرر تعيين خدمة مرورية على مدار الـ24ساعة وعمل وحدة مرورية فى هذه المنطقة.

القوصية في أسيوط 7/2010: قام أهالي مركز القوصية بمحافظة أسيوط بقطع طريق أسيوط القاهرة الزراعي احتجاجاً على عدم اهتمام السائقين بحياة المواطنين والسرعة الجنونية وتكرار حوادث الطرق التي كان آخر ضحاياها مصرع طفل وإصابة أخرى.

المنيب في الجيزة 9/2010 : قام المئات من أهالي منطقة المنيب بالجيزة بقطع طريق مصر أسيوط الزراعي، بعد أن صدم أمين شرطة كان يقود دراجته البخارية، صبي، مما أحدث به إصابات بالغة. وتجمهر الأهالي على الطريق، واندهشوا من تصرف سيارة الأسعاف التي قامت بنقل أمين الشرطة، وتركت المصاب ينزف دون أن تقوم بإسعافه. وتوقفت حركة سير السيارات المتجهة إلى محافظات الصعيد، عبر طريق مصر أسيوط الزراعي، بسبب قطع الأهالي للطريق. وطالب الأهالى المسئولين بضرورة عمل مطبات بالطريق لتجنب مثل تلك الحوادث، مؤكدين أنها ليست المرة الأولى التى تقع فيها مثل هذه الحوادث.

قرية رحيم في الفيوم وعمر أغا في المنيا 10/2010: جددت أمس ظاهرة قيام المواطنين بقطع الطرق السريعة بسبب حوادث مرورية في‮ ‬محافظتي‮ ‬الفيوم والمنيا‮. ‬قطع أهالي‮ ‬قرية رحيم والقري‮ ‬المجاورة لها طريق الفيوم‮- ‬القاهرة لمدة ساعتين في‮ ‬أعقاب حادث مروري‮ ‬وقع أمام القرية،‮ ‬وأسفر عن مصرع‮ ‬2‮ ‬واصابة‮ ‬15‮ ‬من العاملين في‮ ‬المدينة الصناعية بكوم أوشيم‮. ‬كما قام الأهالي‮ ‬باستخدام حمولة السيارة التي‮ ‬تسببت في‮ ‬الحادث من البلاط في‮ ‬قطع الطريق،‮ ‬طالب الأهالي‮ ‬بإقامة مطبات مرورية لكبح جماح السائقين المتهورين‮.‬ وتجمهر أكثر من‮ ‬500‮ ‬مواطن من أهالي‮ ‬عزبة عمر اغا التابعة لمجلس قروي‮ ‬تلة مركز المنيا،‮ ‬وقطعوا الطريق الرئيسي‮ ‬المؤدي‮ ‬لقري‮ ‬مركز المنيا المعروف بطريق المطار،‮ ‬احتجاجا علي‮ ‬مصرع طفل واصابة عمه في‮ ‬حادث مروري،‮ ‬وقام الاهالي‮ ‬باغلاق الطريق بالحجارة وجذوع الاشجار،‮ ‬وطالبوا بإنشاء مدرسة لمنع تعرض أطفالهم لخطر الموت علي‮ ‬الأسفلت‮.‬

بني هلال في سوهاج 10/2010: قالت مصادر أمنية وشهود عيان ان ثلاثة رجال شرطة أصيبوا يوم الاثنين وحطمت سيارات عديدة في أعمال شغب على طريق سريع خارج قرية بمحافظة سوهاج في جنوب مصر. وقال مصدر ان مئات من سكان قرية بني هلال قذفوا رجال الشرطة بالحجارة في الساعات الاولى من الصباح احتجاجا على اصابة ثلاثة رجال وامرأة في حادث مروري على طريق القاهرة أسوان أطول طريق سريع في مصر.وأضاف أن السكان الغاضبين أغلقوا الطريق لساعات بجذوع النخيل واطارات السيارات التي أشعلوا فيها النيران.

طريق المطار في الاسكندرية 11/2010: نظم العشرات من طلاب الجامعة العمالية وقفة احتجاجية، على الطريق السريع بمنطقة المطار؛ اعتراضاً على ما وصفوه بـ«إهمال الجامعة»، عقب وفاة زميلتهم نهى محمود، فى حادث سيارة. تسببت الوقفة التي استمرت نحو الساعة، فى قطع الطريق السريع، وإحداث شلل بحركة المرور، فيما وصل رجال الأمن إلى مكان الوقفة بعد 40 دقيقة تقريباً من بدئها. طالب الطلاب المسؤولين بإنشاء كوبرى أو تثبيت عسكرى مرور على طريق المشاة، لتأمين حياتهم من «السرعة الجنونية» للسيارات التى تهدد حياتهم.

كوم أوشيم في الفيوم 11/2010: قطع أهالي منطقه كوم اوشيم والعزب المجاورة طريق مصر الفيوم الصحراوي اليوم وتسببوا في وقف حركة المرور على الطريق لساعات إثر دهس سيارة لام وطفلها مما نتج عنه وفاة الطفل وإصابة الأم بإصابات خطيرة ..وندد الأهالي بعدم وجود أي علامات مرورية ولا عسكري مرور على الطريق وطالبوا بوجود رادار لضبط السرعات وضبط المخالفين .. وحرق الأهالي ومعهم أهالي العزب المجاورة “الغرورى والباشا ” إطارات السيارات وأشعلوا النيران وقذفوا بها السيارات العابرة ثم قاموا بإخفاء جثه الطفل في احد المنازل ورفضوا تسليمه للإسعاف لنقله للمشرحة لتشريحه .

في قلما في القليوبية 12/2010: ألقت أجهزة الأمن بالقليوبية القبض على ٤٨ مواطنا بتهم الشغب ومقاومة السلطات وإتلاف المال العام، على خلفية الأحداث التى شهدها طريق «مصر - الإسكندرية الزراعى» السريع مساء أمس الأول، بسبب تصادم أسفر عن مصرع ٢ وإصابة ١٥ آخرين من قرية «قلما» أثناء عبور إحدى السيارات للطريق السريع متجهة إلى القرية، وقطع الأهالى الطريق واشعلوا النيران فى «الكاوتش» وحاولوا إحراق نقطة المرور ومنعوا عبور السيارات فى الاتجاهين لمدة ٥ ساعات.

كما قام المواطنون بالتهديد بقطع الطرق احتجاجاً على نقص مياه الشرب في القليوبية 7/2010: هدد 40 ألف مواطن بقرية قلما مركز قليوب محافظة القليوبية بقطع طريق مصر إسكندرية، بسبب انقطاع المياه لمدة ثلاثة أيام متواصلة حتى الآن، مؤكدين أن الأجهزة التفيذية بالقليوبية لتزمت الصمت التام تجاه هذه الأزمة.

و احتجاجا على أزمة المياه في عدة محافظات أخرى 8/2010: تباينت أسعار «جراكن» المياه فى المحافظات، وتراوحت بين جنيه وأربعة جنيهات، فى ظل أزمة «عطش» طاحنة ضربت عددا كبيرا من القرى والمدن بسبب انقطاع المياه لفترات طويلة، وهو ما يتزامن مع حالة من الغضب بلغت حد التهديد بقطع الطريق الزراعى فى القليوبية، والطريق السريع فى المنيا.

كما قاموا بقطع الطريق احتجاجاً على عدم توافر مياه الري في كفر الشيخ 5/2010 : تظاهر عدد كبير من أهالي القرى التابعة لمراكز الحامول والرياض التابعة لمحافظة كفر الشيخ، حيث قاموا بقطع الطريق الدولي الساحلي الواصل من كفر الشيخ إلى بلطيم. ويأتي قطع الاهالي للطريق احتجاجا على عدم وصول مياه الري إلى أراضيهم منذ فترة كبيرةوانحصارها عن مساحات كبيرة مما يهدد بتلفها. ورفض الأهالى مرور السيارات وطالبوا بحضور المسئولين عن قطاع الري بالمحافظة لحل مشكلتهم.

وفيكفر الشيخ أيضاً في 7/2010: شهدت قرية الترزى التابعة لمجلس قروى الجرايدة التابعة لمركز بيلا وقفة احتجاجية ل100من فلاحى القرية على طريق الحامول بلقاس الذى يربط بين كفرالشيخ والدقهلية حيث تسبب مهندس رى مخلفة غرب الجرايده وليد محمد ورى الدقهلية من خروج أهالى قرية لقطع طريق الحامول بلقاس بسبب نقص فى مياه الرى منذ 10أيام

أو احتجاجاً على تزوير انتخابي كما في أبوتيج في أسيوط 11/2010: قطع أنصار مرشحين مستقلين بأبو تيج الطريق الزراعي أمام مدخل المدينة بسبب تسويد البطاقات الانتخابية في بعض اللجان بقرى الزرابي وباقور وبني وبني خنيئة على حد قولهم. وكان اللواء احمد جمال الدين مدير امن أسيوط قد تلقى إخطاراً من غرفة عمليات المديرية يفيد قيام عدد من أنصار المرشحين المستقلين بأبوتيج بقطع الطريق الزراعي واستيقاف السيارات المارة بالطريق بالإضافة إلى رشقها بالحجارة وعرقلة حركة المرور .. وعلى الفور قامت قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب بتفريق المتجمهرين وتسيير حركة المرور والقبض على بعض المتجمهرين تحرر محضر بالواقعة وجاري العرض على النيابة

ونقلاً عن تقرير مفصل لاخوان أونلاين بعنوان "الاحتجاجات بقطع الطرق.. انفجار الصامتين" في 8/2010 :
"

وخرج عمال شركة سالمكو بالعاشر من رمضان على طريق القاهرة الإسماعيلية ومعهم أسرهم؛ احتجاجًا على عدم صرف رواتبهم منذ فبراير الماضي؛، بالإضافة إلى قطع عشرات العاملين بشركة المعدات التليفونية "كويك تل" في وقت سابق، طريق الكورنيش بمنطقة المعصرة بمحافظة حلوان؛ احتجاجًا على ممارسات مسئولي وزارة القوى العاملة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر حيال حل مشاكلهم المالية.

كما قام في نفس اليوم أكثر من 50 شخصًا من أهالي سيدتين لقيتا مصرعهما، بعد أن صدمتهما طبيبة على طريق الكورنيش في المعادي.

وكانت أولى عمليات قطع الطريق حدثت عندما تظاهر نحو ١٥٠٠ من أهالي قرية برج البرلس في منتصف عام 2008م، وقطعوا الطريق الساحلي الدولي؛ احتجاجًا على قرار المحافظة بمنع توزيع الدقيق المدعم على البطاقة التموينية.

وامتدت هذه الظاهرة لتشمل الاحتجاجات على الممارسات السياسية؛ حيث قام عشرات المواطنين بمدينتي طما وطهطا بسوهاج بقطع طريق القاهرة - أسوان الزراعي، ما بين قريتي الخذندرية وشطورة؛ احتجاجًا على ما أسموه بالممارسات الأمنية ضد مرشحهم لمجلس الشورى لإجباره على التنازل عن الترشح.

وفي منشأة ناصر قام الأهالي بقطع الطريق عند مدخل المقطم، وأشعلوا النيران في إطارات الكاوتش، وقُطع الطريق لمدة 5 ساعات كاملة، بعد أن وقعت اشتباكات بين الأهالي والأمن بالأعيرة النارية والرشق بالحجارة؛ بسبب اعتراضهم على قرار نقل الخنازير إلى المجزر الآلي؛ لذبحها، والتي أدَّت إلى إصابة 25 شخصًا من بينهم 4 من ضباط الشرطة.

وعلى نفس الصعيد قطع أهالي قريتي "جزيرة محمد و"طناش" على الطريق الدائري في المسافة بين مخرجي الوراق والقومية العربية؛ احتجاجًا على قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بضم جزء من "جزيرة محمد" و"طناش" لـ 6 أكتوبر بدلاً من الجيزة، وقام الأهالي عقب الخروج من صلاة الجمعة بالجلوس على الطريق الدائري حاملين الفئوس، ومنعوا السيارات من المرور.

فيما لجأ أعداد غفيرة من البدو المسلحين إلى قطع طريق (العريش- العوجة) والطرق المؤدية إلى معبر العوجة بوسط سيناء لمدة 3 ساعات؛ احتجاجًا على الحملات الأمنية لضبط الهاربين والمطلوبين ببعض القرى بمركز الحسنة بوسط سيناء.

ودفعت أزمة الأحوال السيئة التي عانى منها المتضررون من السيول في جنوب سيناء، إلى قطع نحو ٥٠٠ من بدو رأس سدر الطريق الدولي (رأس سدر- شرم الشيخ)؛ احتجاجًا على نقص المساعدات والمعونات التي كانت تأتي من المحافظة إليهم.""


انظر أيضاً تقرير جريدة الدستور في 5/2010 بعنوان "حوادث قطع الطرق أسرع وسيلة تلفت انتباه الحكومة للاحتجاج".


اليوم بينما تراجعت قدرة الدولة على استخدام العصي والغاز، فإنها تواجه أقاليم لا زالت غاضبة من ظروفها الحياتية كما كانت قبل 25 يناير، ولا زالت مهمشة وتعاني من غياب التمثيل السياسي . سيستمر "هتاف الصامتين" حتى يصبح لهم صوت.

الاثنين، يونيو ١٤، ٢٠١٠

A Series of Unfortunate Events



حسب روايات الأمن والمدافعين عنه: فإن خالد محمد سعيد ابتلع "ورقة مفضضة بداخلها كيس من البلاستيك يحوى نباتاً جافاً يشبه البانجو"، فاختنق. "ولما حاول رجال الشرطة إسعافه هرب منهم وهو شبه فاقد الوعي فصدمته سيارة مسرعة"، فأعاده رجال الشرطة إلى مكان ضبطه حتى لا تقع عليهم مسؤولية . ثم تم طلب الإسعاف، ولكن خالد "سقط من على تروللي عربة الإسعاف ". لينتهي به الأمر على طاولة التشريح، حيث تعرض للتشوه .

الأحد، نوفمبر ١٥، ٢٠٠٩

المباراة


في تصفيات كأس العالم 2024 ، وقبل مباراة فاصلة مع الجزائر، سيجلس ابني بجواري. سأكون حريصاً على ألا أتفوه بألفاظ بذيئة خلال المباراة كما اعتدت. وسأواجه صعوبة بالغة في ألا أظهر انفعالات زائدة عن الحد أمام الطفل كما توصيني زوجتي. لأن الاطفال يتعلمون بالتقليد كما تصر هي. لكن الصعوبة الأكبر ستكون في أن أشرح له من هو الشخص الذي تركز عليه الكاميرا في مباراة العام 2010، والتي يعرضون مقتطفات منها قبل المباراة. سألاقي صعوبة هائلة وأنا أوازن الخيارات: هل أشرح له من هو ذو الوجه المتبلد المخيف الذي تركز الكاميرا على سحنته بعد الأهداف، وأعرضه لحكاية شنيعة - خاصة عند الحديث عن مشاهد النهاية! يا إلهي! كل هذه الدماء!- ؟أم أجنبه هذا الخدش لبراءته؟ "ده واحد كده، مش مهم خالص، ابن حد كان مهم وقتها، الله يرحمه بقى"

الثلاثاء، يناير ٢٧، ٢٠٠٩

فيصل .... تحرير: أيام الديسك والميكروباص


فيصل .... تحرير: أيام الديسك والميكروباص – حمدي عبد الرحيم – مكتبة مدبولي

يضم الكتاب يوميات المؤلف في النصف الأول من عام 2007، إذ يحكي عن عمله في ديسك ثلاث جرائد ( نهضة مصر، العالم اليوم، الكرامة) وذهابه وعودته من عمله مستقلاً ميكروباص خط فيصل تحرير. يبدأ الكتاب بتقديم، ثم تأريخ لصعود – دون هبوط- الميكروباص : عندما رفعت الحكومة يدها عن قطاع النقل ، تاركة خدمات النقل تنهار ليملأ القطاع الخاص -ممثلاً في الميكروباص - الفراغ الناتج . منذ ذلك اليوم الذي وقف فيه ميكروباص وحيد في ميدان التحرير ، يجمع في خجل – تلاشى سريعاً- الركاب، انتهاء بقضائه النهائي على المنافسين. يقدم المؤلف بعدها قائمة بالمصطلحات التي سيستخدمها لاحقاً في الكتاب، إذ يقدم قوائم بأنواع السائقين والركاب والديسكاوية. وهي مصطلحات ساخرة ، لكنها مضبوطة يكفي ذكرها لاحقًا لترى أمامك الشخص المذكور متجسدًا بكل صفاته. فمن السائق السني – بشرائط أبو إسحق واللحية والجلباب الأبيض- إلى المتطرف – الذي لا ترغب أبداً في الدخول في مشاجرة معه- إلى الدجاجي – وهو ليس جباناً كما قد يتبادر إلى الذهن، بل كالدجاج يجلب الخراء بقدميه- مروراً بالمعاشي والروش....إلخ، والركاب إما ذاهلون أو عاديون أو ثقلاء...إلخ.

يشرع المؤلف بعدها في قص يومياته الموزعة بين الديسك والميكروباص. الديسك " هو المطبخ الصحفي حيث يجري إعداد المواد الصحفية للنشر". يكشف المؤلف عن خبايا هذا المطبخ الصحفي، الذي أصبح العمل فيه يتجاوز إصلاح خطأ إملائي أو نحوي هنا وهناك، أو إعداد مقدمة موضوع، ليصل – في أحيان كثيرة- لإعادة بناء لركاكة ورثاثة مذهلة، بل وحتى فك رموز ما يكشف عن عجز الكاتب عن التعبير المنطقي عن الأفكار وما قد يقارب حدود الثغاء أو سلطة الكلمات. نقرأ عمن يعتقد أن العزوف معناه العزم، وأن بعض تعني بعد، ومن يتحدث عن شروط الالتحاق ب"السيرك" الدبلوماسي، ومن كتبت " كان المتهم يبكي فقال له الضابط هذا وتعود وقائع الجريمة إلى وكان فريق من الأمن بقيادة اللواء قد حاصر المتهم"....إلخ.

أما يوميات الميكروباص، فهي الجزء الأكثر جذباً والأكثر مسخرة! ستتذكر ربما تاكسي الخميسي ، حيث الكتاب محاولة – بورجوازية من كرسي الراكب، لكنها حقيقية - لفهم ذلك الكائن – سائق التاكسي- والاستماع إليه وتقديم حكايات عديدة عنه ، وبلسانه، في كتاب سهل وجذاب. أما كتاب عبد الرحيم ، فهو وصف لمن عايشهم المؤلف من ركاب وسائقين من فيصل إلى التحرير وبالعكس. فردية وسيلة مواصلات كالتاكسي، يقابلها الميكروباص كفضاء اجتماعي يتقاسمه مجموعة من البشر لفترة من الوقت. نرى في اليوميات أمثلة على الصراع على المجال العام، واختراق المجال الخاص، وتنوع القيم الحاكمة والمرجعيات التي يلجأ إليها الأشخاص لفض الخلاف أو لحسمه، والاختلافات في طرق التعامل والطباع بين الأشخاص – وفي أحيان أخرى بين الطبقات أو الأجيال- . نرى طيبة وبلطجة، وقاحة وتهذيباً، تضامنًا وسفالة.

يقدم الكتاب صورة لمصر من الميكروباص في 2007، مستخدمًا حكايات جذابة ومسلية ومضحكة أحياناً، وباعثة على التأمل أحياناً أخرى، يعجز أي أسلوب أدبي غير اليوميات عن تقديمها. وهكذا نقابل مشاجرات الركاب مع السائق الأرعن، أو حل الركاب لمشاكل زوجين متخاصمين، أو مشاركتهم في عزاء أو تطييب خاطر. نقابل وصلات السباب بين السائق والتباع، وصلات الرقص والغناء الخارج ، والكلام الفضائحي عن أدق التفاصيل الشخصية. نستمع إلى مناقشات سياسية ، وأخرى عن الكرة، وغيرها تبحث عن حل لمشكلة مصر. نتلصص أحيانًا على حوار شخصي.، وأحياناً نرسم صورة عن حياة راكب ، مكملين القدر القليل الذي وصلنا منها بينما يتحدث في هاتفه المحمول. نقابل من يتحدث بحكمة وليدة السنين، ومن رأسه في خواء الربع الخالي.

يقول المؤلف أن الجامع بين اختياره للديسك والميكروباص ليجعلهما محور يومياته هو العشوائية التي طبعتهما بطبعها، لكنني أرى أن الجامع الرئيسي بينهما هو أنهما يشغلان الجزء الأكبر من حياة المؤلف نفسه ، حياة مصري يناضل ليعيش في مصر 2007. يمضي المؤلف معظم ساعات يومه في عمل مرهق لا يحتمل – ككثير من المصريين- مع الديسك ومساخره و "مجعزاته" ، أو معذبًا بقراءة أخبار وتحقيقات مروعة عن مصر والفساد والتلوث والديكتاتورية – تدور الأحداث في مطلع 2007 ، حيث تم تعديل الدستور ليصبح في إمكان السلطات التعامل مع أي مواطن كإرهابي بلا حقوق- والبحث عن أمل حيث لا نقطة نور تبدو في الأفق، أو – ككثير من المصريين أيضًا- معذبًا في رحلة الذهاب إلى ذلك العمل والعودة منه. لكنه يتعزى بقراءة كتاب، أو بلقاء صديق، أو بانتقام صغير يدبره لمسؤول حكومي منافق، أوبموقف يثبت له أن "الدنيا لسه بخير"، أوبابتسامة طفل نائم في حضن والده.

وبالمثل، كان كتاب حمدي أحد عوامل التعزية.....على الأقل بالنسبة لي.

الخميس، يناير ٢٢، ٢٠٠٩

الاختيار


جهاد عودةعبد المنعم سعيد
مجدي حسين


" حالة ثنائية مطلقة بين أصوليين وقوميين من جهة، ونيوليبراليين من جهة أخرى. لدينا موقفان مسنقطبان: موقف مبدئي متمسك بثوابت قومية ووطنية ودينية للعمل السياسي، لكنه إما غيبي أو ملتجئ إلى ثوابت فوق تاريخية لحماية الموقف ووقف التدهور، وموقف غير مبدئي قياسًا بمبادئ العدالة والإنصاف في القضايا الوطنية والاجتماعية والسياسية، ولكنه يطرح نفسه بشكل عقلاني."

عزمي بشارة - في المسألة العربية؛ مقدمة لبيان ديمقراطي عربي

الجمعة، سبتمبر ٢٦، ٢٠٠٨

نص (نوعاً ما)

في مواجهة سؤال عدائي عن سبب اختياره لها بالذات
هز كتفيه وقال ما اعتبره إجابة واضحة: لأنها هي!

قوبل رده بالاستغراب والدهشة
-ممتزجين بالسخرية-
فاضطر للإيضاح
باذلاً مجهوداً ضخمًا
- ومستخدماً يديه كوسيلة شرح مساعدة-
لأنها
-قال-
هي!

لأنها عندما تحضر تنصرف فجأة كل الشياطين والعفاريت وأغلب كائنات عالم الهو السفلي -والأنا العليا أحياناً!-
ويحل الصمت على العالم.

ويحس بأنه يمكنه أن ينام بعينين مغمضتين، لأنها حتماً ستسهر لتحرسه.


ولأنها عندما حضرت
عاد- بعد طول غياب-
المذاق للطعام
والفتنة للعطور
والحنين للأغاني
والبهجة لعيون الاطفال
والغرور للقطط.

عادت الألوان للعالم، وأصبحت الأماكن أماكن.
وأمام العيون المغمضة ظهرت -أخيراً- الأحلام.
ولم تعد الدنيا أرضاً معادية.


توقف للحظة - ليرى وقع كلامه عليهم-
ثم أردف:

لأنه يحس أنها شريكته في ...
صمت باحثاً عن التعبير المناسب.
استبعد ألعاباً زوجية كالتنس الأرضي وتنس الطاولة
- وهو يتخيل نفسه يلهث بلياقة منعدمة-
وكاد أن يقول شريكة في جريمة قتل!
تقارب الرأسين، تبادل التفاصيل الصغيرة، السر الذي لا يعلمه أحد، ومصير مشترك.
لكن تحفزهم ، جعله يقول ببساطة:
شريكته في رحلة اسمها الحياة.

ثم قال ببطء:
ولأنني الآن عندما أفكر في الموت
-ولأول مرة!-
أصبح عندي سبب للحياة، أفاوض به رسل الميلانكوليا المعتادين.

باخت حماسته ، ولم يحب كل ذلك البوح بدخيلته
فأنهى كلامه بغمغمة - حاول أن يخفي الخجل بها-
قال أنه... اختصاراً يعني... يحبها...
وبطبعه المعهود، أعقب ذلك الإعلان بقوله.... نوعاً ما