الأربعاء، يناير ٠٤، ٢٠٠٦

ع.ن.ص.ر.ي.ة

أبدء هذه التدوينة باقرار أنه يعيش في مصر أعداد كبيرة من السودانيين دون مضايقات من المجتمع وبتقبل لا بأس به خاصة للمتحدثين بالعربية. عندما بطش الأمن بالمعتصمين في ميدان مصطفى محمود، انطلقت آلة الدعاية الحكومية في تشويه صورة اللاجئين لنزع التعاطف عنهم مستخدمة خطابا مغرقا في العنصرية. لا أدري إذا ما كان ذلك هو السبب في ردود أفعال بعض المصريين المتسمة باللامبالاة في بعض الاحيان و السعادة و الشماتة في أحيان أخرى و تعليقاتهم المشبعة بالعنصرية، أم أنها غذت شيئا موجودا بالفعل.

كان هناك سيل من التهم التي رمي بها اللاجئون لتشويه صورتهم، و اشمئزاز لا مبالي بعدد القتلى كاد أن يبصق عليهم بعد أن قتلوا.
( أخبرني صديق لاحقا أنه شاهد ضابطا يبصق على الأوتوبيس بعد أن تحرك مبتعدا حاملا اللاجئين ) - من شهادة نورا يونس
( في بغداد 1989 قُتِل عدد - غير محدد بدقة- من العمال المصريين في بغداد، فيما سمي لاحقا بالتوابيت الطائرة إشارة إلى الجثث القادمة من بغداد. كتب فهمي هويدي مقالا قرأته في أحد كتبه، وأذكر منه قوله تعقيبا على تشويه صورة القتلى: "أسوأ ما قيل في هذه القضية أن بين المصريين الذين سافروا من كانوا لصوصا ونشالين وأصحاب سوابق في اشارة ضمنية إلى أنهم ربما استحقوا القتل فعلا.")

كانت هناك تعليقات عنصرية صرفة تسخر من لون البشرة الأسود، وتحتقر هذا الصنف من البشر ببساطة.
(ـ شفت اللي حصل لاصحابك "الزناجرة"؟ * يا عم بلاش قرف .) - من مقال نبيل شرف الدين

وكان هناك الحديث عن المنظر الحضاري لمنطقة المهندسين الذي كان به قدر مذهل من الطبقية. قرأت تعليقات وسمعت أشخاصا يتحدثون عن الكارثة التي تستوجب القتل وهي غزو أناس أدنى لحدود منطقة طبقة أعلى. أصبحت هذه الحدود من الثوابت والأعراف، وعلى من يتخطاها أن يتحمل ما يصيبه. ذهلت لقراءة تعليق سيدة تؤيد تصرف الأمن وتُشهِد الناس على معاناتها: في يوم من الأيام شاهدت أحد أطفال اللاجئين يموت، مما سبب لها ضيقا ، وضررا نفسيا لأطفالها. هذا هو كل ما أحست به عندما شاهدت طفلا يموت في ظروف بائسة ، ويخبرها بأن هناك حياة من نوع مختلف خارج الفقاعة التي تحيا بها.
( ما دامت هذه هي القاعدة ، فمن موقعي هذا أعلن ضيقي بالباعة الذين يملؤون شارعي، ومن مرور عربات الكارو التي تتبرز الحمير التي تجرها دون خجل، ومن تجمع لمجموعة من الأشخاص يحرسون خرافا أعدت للبيع بمناسبة عيد الأضحى. كل ذلك كما لا يخفى عليكم يضر بالمنظر الحضاري و يحمل مخاطر انتشار الأوبئة. أرغب في أن أرى قوات الأمن المركزي تجمع كل هؤلاء الأشخاص وتنهال عليهم ضربا وتسحلهم وتجرجرهم حتى الموت، وأعدكم أنني سأقف ساعتها في الشرفة لأشجع وأصفق كأي مواطن صالح ذي حس وطني يدافع عن حضارية المنطقة التي يسكنها)

وكان هناك من عبر عن خوفه من هؤلاء الغرباء غريبي المنظر الذين يسرقون فرص العمل ويفسدون المجتمع .
( الزينزوفوبيا: الخوف من الاجانب. " الأجانب سيخربوننا ويغزوننا وسيفوقوننا في العدد و سينامون مع نسائنا وبناتنا وأبنائنا." - جان ماري لوبان)

و كان هناك من قال أنهم غير مرحب بهم وأنهم تجاوزوا أصول الضيافة ( هم يريدون المغادرة إلى دولة ثالثة أصلا) وأن للصبر حدودا وأنهم تحملوهم بما فيه الكفاية . كتب معلق متظارف "يا بخت من زار وخفف". يا بخت من زار وخفف وإلا قتلناه.
( أتذكر التعليقات التي اعتدت سماعها في أحد دول الخليج حيث عشت لفترة: عودوا إلى بلدكم. أنتم غير مرحب بكم هنا وهذه بلدنا ونحن أحرار بها. أليس كافيا أننا نتحملكم؟ ما الذي يريده "المصاروة" منا؟)


كتبت الصحف أن وزارة الصحة حذرت من تفشي الأوبئة وسط اللاجئين. لا أعرف على أي أساس أصدرت وزارة الصحة ذلك التحذير. هل تلوثت مصادر المياه التي يشربون منها؟ هل ظهرت حالات من أمراض وبائية كالتيفوئيد وسطهم؟ هل ذهب أطباء من وزارة الصحة لفحص اللاجئين؟ تحول ذلك التحذير الهلامي إلى مبرر للقتل وإلى نظرة عنصرية تستقذرهم وتعدهم من سود البشرة كريهي الرائحة معدومي النظافة الذين تقفز منهم الميكروبات.
( تجمع عدد من المدنيين للمراقبة من بعيد وأغلبيتهم مستمتعة بما تشاهده. استمعت متألمة لتعليقات مثل :" دعوهم يستحموا ليصبحوا نظيفين"...“إنهم مقرفون” وتخلل تلك التعليقات بعض الضحكات في الوقت الذي كان السودانيون فيه يرشون بالمياه.... قال أحد ضباط الأمن لواحد من الأصدقاء وبابتسامة عريضة على وجهه أنهم في حاجة ماسة الى الاستحمام بعد ثلاث شهور من الاعتصام.) - من شهادة نورا يونس
(" كان منظرهم مقرف جدا و ما كنتش قادرة أعدي من جنب الميدان من الريحة ...نعيش ازاي كده" دينا - عضو هيئة تدريس باحدي الجامعات - تسكن في حي المهندسين)- عمرو عزت
( استخدام كلمة nigger كان يعني التوكيد على الصورة النمطية عن الكائن الطفيلي الكسول القذر الغبي عديم القيمة)- من مقال عن الكاريكاتيرات العنصرية ضد الأمريكيين الافارقة.

وحرصت وسائل الإعلام الرسمية على اللعب على الاوتار الأخلاقية والدينية بالحديث عن زجاجات الخمر وأوردها المسؤولون في كل تصريح لهم مقدمين صورة لمعسكر المخمورين السكارى المعربدين. هذا في التصريحات للداخل فقط بالطبع.
( كان هناك خمسة لاجئين في أحد أوتوبيسات النقل العام ، بينما يتعرض لاجئ سادس للضرب على يد عناصر أمن الدولة. من حيث وقفت بجوار الأوتوبيس، كان بإمكاني أن أشاهده وأسمعه وهو يصرخ بينما كانوا يضربونه على رأسه وظهره بأيديهم وعصيهم، ويركلونه، ويلوون ذراعه خلفه بينما يتعالى صوت صراخه أكثر فأكثر. شرح لنا ضابط يقف بجوارنا أنه يحاول كسر النافذة والهروب لأنه سكران. هنا فتح أحد الجالسين في الاوتوبيس النافذة و صرخ بينما يمسك بطفلته التي يبلغ عمرها عدة أشهر :" لسنا سكارى. لست سكرانا ، و هذه الطفلة ليست سكرانة. لقد ماتت والدتها هنا في هذه الحديقة". ضربوه هو أيضا حتى صمت ثم واصلوا ضرب اللاجئ السادس)- من شهادة نورا يونس
(من بين لوائح تنظيم المعسكر أن أي شخص يأتي للمعسكر في حالة سكر يتم ربطه 3 ساعات و تتدرج العقوبات لأي مخالفة – بما فيها الخروج للشوارع القريبة بالمهندسين - حتى الطرد من الاعتصام ،كان يدير المعسكر لجان عدة مثل لجنة الإعلام و لجنة الأمن و غيرها ، و كان هناك عملية تنوير يومي لمرتين أو ثلاث للاجئين فيما يشبه الحوار العام و توعيتهم.)- تجمع يد
( "المهاجرون يهددون القيم (الأخلاق البريطانية" - ديفيد ديفيس ، حزب المحافظين.
"يعمد منتقدو المهاجرين إلى تصويرهم على أنهم مجموعة من لصوص السيارات ومهربي المخدرات معدومي الاخلاق " من مقال لآب أرياس - كاتب أمريكي)


ورفض البعض الاعتراف بقيمة عدد القتلى والأطفال قائلا أن المسؤول عن ذلك هم آباؤهم الذين وضعوهم في ذلك المكان وأن قوات الأمن -الأمن المركزي المشهور بعملياته الإنسانية- تجنبت القتل ولم يكن أمامها مفر من العنف- مع 100% مدنيين ، لاحظ-.
( " الآباء الفلسطينيون هم المسؤولون عن مقتل أطفالهم بإرسالهم ليموتوا وتعريضهم للخطر. هذا هو سبب ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال"- مقال في موقع بنيامين نيتانياهو)


التهمة الأوضح في عنصريتها بالنسبة لي كانت اتهامهم بالإصابة بالايدز. تلاحق مريض الايدز وصمة مجتمعية معروفة، وأراد الخطاب الرسمي تشويه اللاجئين بإضافة تلك الوصمة إليهم. لا يمكن التعرف على حامل فيروس اتش آي في إلا من تحليل الدم - وهو على فكرة،لا ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي و بالتالي لا يشكل خطرا على سكان المنطقة الحضارية الراقية- ولكن الاتهام المثير للغثيان اعتمد على لون بشرتهم وعرقهم، على كونهم أفارقة سودا. وبما أن افريقيا - جنوب الصحراء خاصة- تعاني من وباء ايدز مريع، فإن هؤلاء الأفارقة السود بالتالي حاملون للمرض ولا يستحقون أي تعاطف.
(كل أجنبي يخضع لفحص الإيدز قبل دخول البلاد، السودانيون بصفة خاصة يطلب منهم شهادة خلاء من مرض الحمى الصفراء و الملاريا و سابقا كان يطلب منهم التطعيم بأمصال مختلفة حتى لأمراض غير متوطنة بالسودان . مصر ترحل مباشرة كل من تثبت إصابته بالإيدز وكذلك حاملي الفيروس) - تجمع يد
(أتذكر الفيروس الوبائي الخاص بالمصريين: فيروس سي. أتذكر أحد الادوية المتوفرة في السوق لمرضى الفيروس، وهو في الواقع لا يعالج شيئا بل يعمل على تخفيض الانزيمات الدالة على المرض في الدم لتخرج نتيجة الفحص سلبية. يستخدمه المصريون المسافرون لدول ترفض دخول المصابين بالمرض ليحملوا أكبادهم المتليفة ويواصلوا بحثهم المضني عن لقمة العيش)


قال البعض في سياق التبرير أنهم ليسوا لاجئين وأنهم مهاجرون لأسباب اقتصادية فقط. لست معنيا هنا بمناقشة تفاصيل المشكلة بين المفوضية واللاجئين ونهاية الحرب الاهلية أو بقاء الاضطهاد والبطاقات الصفراء والزرقاء. لكن الغريب أن يعد الهرب من الفقر المدقع والحلم بحياة أفضل جريمة.
( أفكر في بحث المصريين طوال العقود السابقة عن حياة أفضل وسفرهم خارج مصر. أتذكر مشاهد العمال المصريين الفقراء الجالسين في بؤس أمام سفارات الدول الخليجية. أتذكر مدونة خليجية وضعت هذه الصورة الساخرة.
أتذكر الشباب المصري الذي غرق في البحر المتوسط حالما بفرصة عمل في أوروبا أو مختنقا تحت الأقدام في عربة ترحيلات بعد فشل تلك الرحلة. أتذكر الإذلال والظروف غير المواتية اللتان يتحملهما فقراء المصريين في الدول العربية . أتذكر العمال المصريين مرتدي الجلاليب البلدية متكدسين على أحد نقاط الحدود البرية محتضنين أمتعتهم الفقيرة)



كنت أتوقع أن يتعاطف المصريون مع مجموعة من الأشخاص الضعفاء الذين اعتصموا في ظروف صعبة. كنت أتوقع أن يتعاطف المصريون مع من يحيون في الهواء الطلق في جو شديد البرد. كنت أتوقع ألا يصفق المصريون للماء المنهمر عليهم في ذلك الجو. كنت أتوقع أن يتعاطفوا مع من ضُرِب و قُتِل. كنت أتوقع من المصريين الذين جربوا ذل البحث عن لقمة العيش أن يقدروا بؤس الفقير الباحث عن حياة أفضل. كنت أتوقع أن يتعاطفوا مع صور حيوات مبعثرة تحت الأقدام.

لكنني أعود لأفكر أن " الطبيعي" أن يشك الناس في المختلفين عنهم ويتقبلوا التهم التي تلصق بهم، وأن ينظروا للأجنبي على أنه مصجر خطر وذو طباع غريبة جاء ليشاركهم في الرزق. أم أنه الإعلام الذي غذى تلك المشاعر مع غياب الرأي الآخر؟

في موقع سودانيز أونلاين أحد أهم المواقع السودانية على الانترنت أقرأ كتابات تعبر عن الغضب والحزن والأسى و الشعور بالمهانة. وسط كل هذا يلفت نظري كتابتان.

(عايز احكى ليكم عن حادثة مؤلمة تعرضت لها عقب صلاة الجمعة. بعد الصلاة مباشرة أفصحت للحضور عن ما حدث بالقاهره لاهلنا وما نخطط لعلمه فى الإسبوع القادم. صاح أحدهم بإحتقار " ديل جنوبيين ساى" وصاح الأخر "هم الوداهم مصر شنو" وآخر خجل قليلا ثم قال "هم ما يحترمو قوانين البلد الفيها، يستاهلوا".
قلبى يعتصر ألما واحاول أن لا تخنقنى عبرتى وانا أحكى لكم ما حدث. وأنا أصارع الجميع من أجل فرصة فى التعبير لاقول " إذا صح كل ما ذكرتموه، فهل يستحقون الموت " وهنا تتلعثم الحناجر ولا أسمع غير الهمهمة والكلام المخجل قوله إلإ للنفس.)

(نعم منظر ميادين أحياء بلادي ( أحياء الخرطوم الراقية: العمارات والرياض وكافوري) أهم لي من ان يأتي أريتري وحبشي يعيث فيها فساداً مالي انا ومالهم وبعيداً عن أجواء الإنسانية وعادات السودانيين وطيبتهم ووووووو لا يهمني أن يأتي غريب كائن من كان ليفسد في الحي الذي أسكن فيه)

أجد نفسي مدفوعا لتذكر العبارة التالية، التي لا أذكر بالضبط قائلها أو كاتبها، ولكنني أتذكر ارتباطها في ذهني بكتابة عن الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي( فرانتز فانون ربما؟).
"الفرنسي يبصق على الأسباني، والأسباني يبصق على الايطالي، والايطالي يبصق على المالطي، والمالطي يبصق على اليهودي، واليهودي يبصق على العربي، والعربي يبصق على الزنجي"

هناك ١٩ تعليقًا:

غير معرف يقول...

واحد قال لي من كام يوم انه مبسوط من اللي حصل علشان كان نفسه ولو مره واحده بس يحس انه عنصري و انه ممكن يتجبر على حد بدل ما بياخد على قفاه علشان حامل للجنسيه المصريه.

كلمة بالرغم من سذاجتها إلا انها خليتني أحزن أكتر على حالنا و حالهم

حسبي الله و نعم الوكيل

R يقول...

رائع يا محمّد...
رائع رائع..
التسلسل والكلام وكلّ حاجة..
مش عارف أقول غير إنّه رائع لا يُكتب مقال بعده

R يقول...

فعلاً "طبيعي":
أنا وابن عمّي على الغريب..
مشي الغريب؟
أنا وأخويا على ابن عمّي..
راح ابن عمي؟
يبقى أنا على أخويا!
أخويا غار...
أنا على مييين؟

R يقول...

معلش.. إنت أثّرت فيّ قوي..

ورغم إنّي ما بعملهاش كتير، بس ده اللي افتكرته جداً، وحاسس إني لازم أكتبه:

"٤١ ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته .
٤٢ لاني جعت فلم تطعموني .عطشت فلم تسقوني .
٤٣ كنت غريبا فلم تأووني .عريانا فلم تكسوني .مريضا ومحبوسا فلم تزوروني .
٤٤ حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رأيناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا ولم نخدمك .
٤٥ فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الاصاغر فبي لم تفعلوا"
(متى ٢٥: ٤١-٤٥)...

معقول بعد كده ما ارجعش مصر؟

غير معرف يقول...

*Sigh*
A racist community that needs to wake up :(.
An Egyptian outside the box

حـدوتـة يقول...

أحييك بشدة يا محمد على التدوينة دي

mahmoud يقول...

السلام عليكم
تدوينة حلوة يا محمد , للصدفة أنا كنت لسه كاتب تدوينة عن نفس الجزئية " وجهة نظر الشارع المصرى" بس من زاوية مختلفة شوية و هى التغيّر فى الشخصية المصرية, ممكن التدوينتين يكملوا بعض و لو حد يحب يقرأها حيلاقيها على
http://benhoz.blogspot.com/2006/01/blog-post_04.html

ممكن تعتبر تدوينتى تعليق على تدوينتك , مع انى كاتبها قبلك :) ء

غير معرف يقول...

يعيش ملايين من المصريين في الشوارع و العشش و الخيام و المقابر، بيمارسه "حياتهم الطبيعية" على الملأ و هما عشرين في حرة واحدة، يعيش ملايين من المصريين بأوبئة و أمراض معدية متفشية ، يعيش ملايين المصريين بفرص قليلة جدا للاستحمام، يعيش ملايين المصريين بفرص قليلة للتبرز في أي مكان غير الشارع يعيش ملايين المصريين بلا عمل ولا أمل و لا يعتبرهم أحد عالة (مش من باب الانسانية لكن من باب أن مفيش أي معونات و مساعدات بتقدم لهم أصلا عشان يبقواعالة).

بغض النظر عن انطباق الكلام ده على اللاجئين السودانيين، و ايه يعني ما أحنا عيشيتنا كده.

لكن المشكلة طبعا أن احنا عيشيتنا كده بس بنسكت و لا يمكن نتجرأ نقرب أصلا من المهندسين.

مش بس بيستفزني اللي طلعت عنصريته و طبقيته و مبقاش قادر يستحملهم، يستفزني من يتعاطف مع اللاجئين عشان ظروف معيشتهم كأنها استثنائية و يفشل في التعاطف أو حتى ملاحظة معدومي الوطن اللي بيعانوا نفس المعاناة (عدا معاناة الحرب ذاتها طبعا اللي مؤكد أفظع من اي حاجة مرينا بيها في مصر).

وحنا واقفين في المظاهرة جالي شاب مستريح جدا يناقشنا بغضب بالانجليزي أن ايه دخل مبارك و العادلي بالموضوع دول لاجئين و مشكلتهم كذا و كيت و المفروض نركز عليها، الباشا تصور أن اللاجئين فقط اللي بيقتلوا، الباشا تصور أن الأمم المتحدة فقط اللي بتاخد قرار القتل.

مش عارف أنا بحاول أقول ايه، أنا مسافر قلب أفريقيا السوداء رغم رفضي لأني أحس بالخجل أو تأنيب الضمير بسبب أفعال حكومة غاشمة و بسبب أقوال مواطني أنا مليش دخل بيها لأول مرة هسافر و أحس أني محسوب على البيض.

African Doctor يقول...

الله عليك
مقال رائع فعلاً
يسلم قلمك

Abu-Joori يقول...

محمد

الله يخلي لك روحك الإنسانية النظيفة كما قرأتها في هذه التدوينة

المشكلة أننا كعرب نتهم الغرب بأنهم عنصريين معنا .. مع ذلك .. لا نتأخر لحظة في إبراز عنصريتنا ضد أصحاب البشرة السوداء خصوصاً

ما حصل لم يكن مجرد عنصرية .. كانت جريمة .. و دليل على أن السلطات المصرية لا تجيد إسلوب التعامل مع مشاكل ليست بذلك الحجم الكبير .. فكيف لو حصلت بلاوي حقيقية .. كم من الضحايا سيقع؟
أما محاولة تبرير الجريمة .. فهى إمتداد لها .. لكن المثير للقرف في رأيي أكثر .. هو الكلام الذي قالته شؤون اللاجئين .. و رمي الكرة في ملعب اللاجئين

Raed Jarrar يقول...

مقالة ممتازة يا محمد باشا
وكل عام وانت بخير

سؤراطة يقول...

رائعة وانسانية كالعادة

هل كنا طول الزمن عنصريين إلى هذا الحد أم أن أمراً ما طرأ علينا؟

في مظاهرة الخميس الماضي كانت الناس تدافع عن العسكر المصري كأنهم مثلاً لا يتعرضون للاهانة على يد رجال الداخلية كل يوم، لم أفهم، أخذت أسأل من بجانبي: "بأمارة إيه؟ بأمارة إيه بس؟"

رامي: تعليقك جميل جداً

Aladdin يقول...

نعم نحن عنصريون حتى النخاع - ذكرت ذلك مرارا (خارج الفضاء السيبري) وداخله تعليقا عند رامي. لطالما كنت أشمئز من تعليقات المصريين "السخيفة" عن ذلك "النيجر" nigger أو تلك الفتاة "الشوكولاته"!!! دهشت - وسعدت - بمقولة فانون (الصوت الأوضح - برأيي - في مناهضة العنصرية).

أرجح أن تقرأ شعر محمد الفيتوري (الذي كان أسمر البشرة) وهو يتناول قضية عنصريتنا ضد أصحاب البشرة السمراء في الثقافة العربية ... ويا ريت بقى نبطل تريأة على الأمريكان "العنصريين" ضد السود ونشوف نفسنا أحسن!!

7ader يقول...

انا ممكن اكون مش بعرف اكتب بجمال كتابتكم لكن احب اناقشكم واجادلكم
WWW.EL-MAGNOON.BLOGSPOT.COM

ahmad يقول...

جدة صديق لي، متيسرة نسبيا، و بالكاد تغادر البيت،و اعتادت (تطلع حاجة) للغلابة من وقت لىخرن زارها صديقي - حفيدها - ليسألها ان تشاركه حملة تبرعات لتوفير الكساء للسودانيين النائمين في العراء، طبعا كان قبل أحداث الامن المركزي،ففوجيء بالجدة تقف موقفا معاديا، مؤكدة انها لن تساعد في نشر الأوبئة في البلاد، و حينما سالها صديقي عما جعلها تظن أنهم موبوئين، قالت انها تسمع هذا دائما في الراديو! و بالتالي، كان صديقي هذا يواجه حملة ضارية إعلامية ضد السودانيين، لم يكن يتخيل حتى انها موجودة.. و هذا يجعلنا نرى إلى اي مدى أثرت الحكومة في الشعب قبل ما تعمل عملتها..
و لا اذكر - بعد الأحداث - انني قد قابلت مصري واحد - و أؤكد (صفر) - يتعاطف مع ما حدث للسودانيين، طبعا باستثناء النخب المثقفة، و الناشطين، و لكن سواقين التاكسي، البياعين في الشارع، و البوابين في المنطقة، (أسكن قريبا من مكان الحادث) الكل شمتااااان!

فهل هو الإعلام؟ أم اننا عنصريون فعلا؟

Unknown يقول...

أخى محمد على
لك التحية
رغم اننى سودانى ولكننى ارى ان للسلطات المصرية كل الحق فى ما اقدمت عليه فلاهى عنصرية ولا هو الاعلام هو الواقع المرير إذ تخطى هؤلاء الناس كل الاعراف وكل الحدود فانا ذهبت الى مصر كثيرا وعشت هنالك فلم اجد مضايقة من السلطات ولا من المواطنين بل بالعكس احس بأننى مدلل اكثر من اهل البلد رغم اننا نعتبر ان مصر هى وطننا الثانى ولكن اولئك امتطوا صهوة العناد والعنف وسببوا حرجا لوطنهم السودان اولا ولمصر ثانيا ولكن يبقى ان الكل سواسية امام القانون وليس مبررا لانسان ان يخالف القانون وينتظر ان يطيب خاطره فنحن لا نعيش فى غابة حتى يجبروا السلطات على منحهم حق اللجوء الى امريكا او بريطانيا وهذا ليس فى مقدور الحكومة المصرية ايضا..
الصورة كانت مخذية عزيزى وارجو ان لا تتكرر ولكن مصر براءة من العنصرية يا سيدى
يعطيك العافية

أحمد فؤاد الدين يقول...

موضوع حلو قوي ربنا يوفقك

غير معرف يقول...

تبرىء الكلمات في القلوب

ثم همس الرب في قلوبنا...
الكلمات تصل حيث لا يقدر السلاح

سألنا حكيم قريتنا، كيف ينزل الدفء
على النفوس والشيطان
قد ألقى بسمومه المفضلة
خوفاً ويأساً وكراهية
على القلوب البريئة
كما الرماد من محرقة السعادة

كيف تنام عيون الايمان
وسرير الأمل
تفترشه ملاءة القنوط الشاحب
وعيون الحنث الفاسدة
تنتهك حرمة الكلمات المقدسة
وتسعد باغتيال هدايا السماء

وسألنا :كيف يبتسم الخير
ويصفع الكره الفضيلة من وجه الخجل
و أتباعه يشوهون ويحرفون فى نفوس ضحاياهم
حتى يصل الاعتقاد
بأن الإثم فضيلة والقتل عدالة والكره هو الحب

تحدث الحكيم
بصوته الخفيض وقال
أن للشيطان أتباع
يغتسلون في أنهار النبيذ في حادي*
وبعشق السخرية الفارغ
يحصدون نفوساً مغشوشة جنيت بمنجل الانتحار

مستحيل أن يكون الطريق إلى الفردوس مرصوفاً
بجثث الأبرياء - عبر نهرٍ من الدم
اعتنقوا مد الحق وجزره الرائع في قلوبكم
تقبّلوا الشك والعار أينما كانوا
لكي تدركوا أن النفس تسعد بالعطف وليس بالانتقام

سطع صوته كالضوء وقال:
ابحثوا بشجاعة في أعماق قلوبكم
بلا نفاق ولا خداع ولا إجحاف
وحين تلمسوا الايمان هناك
ستنزل الكلمات الالهيه دواءً للقلوب
مثل مطر أبدي يجذبه البحر دائماً
حتى يرتفع ليملأ حرم النفوس
بودٍ عميق هادىء ويغدو سلاماً
على شواطىء العزم الالهي.


[أرض الموتى في الأساطير الاغريقية*

أبريل 2006

غير معرف يقول...

رئيسية الموقع :
مصر اليوم
اخر مواضيع منتديات مصر اليوم :
ترددات قنوات النايل سات الجديدة بعد التعديل
اهلا بكم , اضع لكم موقعى لتتطلعوا عليه

منتديات مصر اليوم هى منتديات عامة تهتم بالكثير من الاشياء المصرية . منتديات مصر اليوم هى منتديات عربية عموما مصرية خصوصا و هى منتديات عامة تهتم بكل ما يهتم به الشباب المصرى من الحوار او النقاش او اخر الاخبار او جديد الصور و الاغانى و الالبومات و الكليبات و الافلام و النكت و الفيديوهات و الموبايلات و تحتوى على اقسام مميزة مثل قسم اللغة الانجليزية و قسم اصحاب المواقع و المنتديات و قسم البرامج و القسم الاسلامى و قسم المرأة و قسم الرومانسية و الرياضة المصرية و الكثير ....
شاهد اقسام المنتدى :
اخبار مصر صور نكت مصرية اغانى قنوات و ترددات اخبار الرياضة المصرية مشاهدة مباريات بث مباشر اسعار السيارات