السبت، أكتوبر ٣٠، ٢٠٠٤
عالمنا العربي الذي يفيض بالكراهية
ايهاث فقدت قوميتها ....
فتروي لنا - و هي العراقية- صدمتها بمشاعر الحقد الموجهة تجاه الكويت :
((الصدمه الحقيقيه جاءت عندما إكتشفت أن الكثير من أصدقاءي العرب الساكنين هنا في كندا كانوا سعدين لهذا التطور في الشرق الأوسط.... وكانوا محتفلين وكأنه العيد.
" الكويتين يستاهلوا لأنهم شايفين حالهم.
تيوس ولقوا فلوس
صدام بطل العروبه ورح يصلح الأمه العربيه
صدام رح يحرر فلسطين
صدام رح ينتصر علي أمريكا"))
و تحكي لنا عند دفاعها عن الكويت و حقها في الحياة رغم ادراكها لعيوب الكويت ، الا أن ذلك لا يبرر الغاءها من الوجود....
أو كما كتب موقع يهتم بالعلاقات العربية العراقية:
((في ذلك الوقت، تكون موقف نفسي عراقي عام ينظر للكويتيين بصفتهم مجموعة خاملة من الشيوخ الأثرياء الفاسدين الشهوانيين الذين تركوا العراقيين يبذلون أثمن ما في الوجود - دمائهم - مقابل أرخص شيئ في الوجود - المال- و حتى هذا قاموا بسرقته و أثروا على حساب الشعب العراقي.
اشتبك القانونيون الكويتيون و العراقيون في نقاشات حادة جداً حول حقل النفط محل الخلاف ، و لن أناقش هذه النقطة لأن هناك إجماعاً عاماً على خطأ الخطوة التي قام بها العراق بغزوه الكويت. و لكن سأناقش الصورة الذهنية للكويتيين لأنها باقية حتى الآن و لأن الهدف من المقال هو مناقشة العلاقات العربية-العراقية.
هل كان الكويتيون بالفعل على هذه الصورة البشعة؟
كان الكويتيون أثرياء ، نعم ، و لكن الكويت في تلك الفترة احتضنت تجربة صحفية رائدة و ضمت العديد من التيارات الفكرية و السياسية العربية و العديد من القمم الثقافية العربية : فلاسفة، مفكرون، رساموا كاريكاتير ، شعراء..الخ التي لم تجد لها مكاناً في أوطانها و أنفقت لدعم مشاريع ثقافية عربية هامة و مختلف مشاريع العمل العربي المشترك، و شكلت العديد من لجان العمل الخيري الإسلامي النشطة في جميع أنحاء العالم ، و حتى بجيشها الصغير شاركت بقوة رمزية في حرب أكتوبر 1973 و بدا بوضوح أن الكويت إمارة تقدمية - إذا كان هذا ممكناً!- و فضلاً عن ذلك فقد شكلت الوطن الثاني للفلسطينيين ، حيث عاش آلاف الفلسطينيين متمتعين بحقوق متميزة و شكلت تحويلاتهم المصرفية الداعم الرئيسي لحركة فتح ثم للإنتفاضة الفلسطينية الأولى( و هو ما سيخسرنه لاحقاً) و من أشهر الفلسطينيين ممن عمل في الكويت ياسر عرفات و من أشهر من نشأ فيها منهم خالد مشعل. و لكن الكويتيين كانوا أثرياء ، و للثراء تلك الخاصية التي تجعل بعض أصحابه يسيئون استخدام نقودهم في ترف و بذخ و لا مبالاة و فساد في أوروبا و آسيا و أمريكا...
و لكن ، مرة أخرى ، هل قام صدام حسين بغزو الكويت تحت عباءة اشتراكية لينشر العدل و المساواة و ينتصر للبروليتاريا و يعيد توزيع الثروات و يحدد الحد الأعلى للأجور و يلغي الطبقات ؟ ألم يكن نظامه هو ذاته أكبر مستهتر بقيم العدالة و المساواة و اللاطبقية بل نموذجاً للدولة الفاشية بامتياز؟ و لماذا اذن عاث في الكويت فساداً و استباح نهبها و سرقتها؟ و إذا نزعنا عنه عباءة الأيديولوجية فهل يبقى أمامنا سوى الحقد؟ لكنه مع ذلك نشر هذه الدعاية الكريهة في عقول جنوده ليقودهم ليحتلوا الكويت .و تجلى المشهد البائس ، بؤساء من هذا الجانب يهاجمون دولة بمعدات مليونية و لكنها لم تستخدم حتى في صدهم ، و يمارسون أعمال تخريب دائماً ما صاحبت الحروب و لكن زادتها الظروف سوءاً، ثم يشردون البؤساء العرب الذين هاجروا إلى الكويت بحثاً عن قروش إضافية أو هرباً من اضطهاد سياسي و البؤساء الآسيويين الذين قنعوا بأن يعيشوا في ظروف مذلة و لكن بدا أنهم فقدوا حتى تلك الظروف لينتهي المطاف بالبؤساء الأولين بعد عدة أشهر متفحمين في طريق هروبهم في حين يحتفل العالم يمولد نظام عالمي جديد بايقاده أضواء " شجرة الكريسماس" فوق بغداد.)))
رائع ، اذن ما المشكلة...؟
لا شيئ سوى انني أحب أن أضيف جانبا أراه قد يساعد على فهم طبيعة هذه الكراهية...
تخيل معي ، دول عربية عريقة الحضارة ، يحمل مواطنوها حسا قويا بالذات و بتاريخ وطنهم في العراق و سوريا و مصر .... و دول... أو ما قبل دول... فقيرة للغاية و صحراوية و فقيرة في الموارد ، تتلقى مساعدة من الدول العريقة في مجالات التعليم و الصحة و الموارد البشرية... و يتلقى مواطنوها الترحيب... حسنا... الترحيب مع نظرة اشمئزاز باعتبارهم غير متحضرين في الدوال العريقة... و لكن بما أن الموضوع لم يكن بارزا او مطروحا على الساحة ، فانه لم يوجد اهتمام كبير بها ليكون هناك كراهية أو مشاعر سلبية ، و بالتالي عطت مشاعر "الأخ الأكبر" عليها....
ثم حدث الحراك الاجتماعي...
فجأة يكتشف مواطنوا الدول العريقة ، ان مكانتهم الاجتماعية و السياسية داخل النظام العربي باعتبارها قبلة العرب قد اهتزت... صحيح أنها لم تفقد ، و لكن عصر تهميش الأطراف قد انقضى....
و لكن لم يكن هذا فقط على الجانب النظري...
فقد اضطر الكثير من ابناء هذه الدول أن يرحلوا للعمل في هذه الدول الصاعدة
اما من بقي منهم في وطنه ، فقد اكتشف التضخم و هبوطه في السلم الاجتماعي ، و حصول سائح الدول الجديدة على كل الخدمات و تسببه في رفع الأسعار.... و شعوره بالاستباحة عندما يقوم السائح الخليجي بالوصول لوطنه و البحث عن نساء ليضاجعهم اما لليلة واحدة او ليتزوجهم مؤيدا بنقوده....
و هذه النقطة بالذات لعب صدام على وترها بقوة و خبث عندما تحدث عن الماجدة العراقية التي يريد الكويتيون أن يشتروها بعشرة دنانير.... فقد يبدو الكلام مضحكا و تبريرا واهيا... الا ان البصرة شهدت بالفعل مظاهر هذه الاستباحة و انطبعت تلك الكراهية في نفوس الكثير من العراقيين...
و لذلك فان هذه الكراهية و الحقد تراها دوما تجنح لمهاجمة أصول الغير و سوء تعامله مع النقود و الاعتزاز بالأصل العريق و الوزن و القيمة في مواجهة تحدي النقود...
هل سيبقى طويلا جدا؟؟؟
لا أعتقد...
اذ بمجرد ان يمضي وقت على الحراك الاجتماعي و يستقر الوضع التراتبي داخل النظام العربي و تستعيد الدول العريقة عافيتها فان هذه الكراهية ذات الطابع "الطبقي" ستنحسر...
لا داعي لفقد المثالية يا ايهاث... قليل من الواقعية و ادراك للظروف التي تفرض اوضاعا غير مثالية سيقوم بحمايتها....
أما بخصوص :"أشعر بالرغبه في الضحك الهيستيري كلما سمعت أحداً يقول "أمه عربيه واحده, من المحيط إلي الخليج". فهو - صدقيني - شعور جماعي :
الكاريكاتير لشريف عرفة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليقان (٢):
أوافقك الرءئ يا محمد. أنا اليوم تطرقت إلى حكايتي مع قوميتي أيضا
رئيسية الموقع :
مصر اليوم
اخر مواضيع منتديات مصر اليوم :
ترددات قنوات النايل سات الجديدة بعد التعديل
اهلا بكم , اضع لكم موقعى لتتطلعوا عليه
منتديات مصر اليوم هى منتديات عامة تهتم بالكثير من الاشياء المصرية . منتديات مصر اليوم هى منتديات عربية عموما مصرية خصوصا و هى منتديات عامة تهتم بكل ما يهتم به الشباب المصرى من الحوار او النقاش او اخر الاخبار او جديد الصور و الاغانى و الالبومات و الكليبات و الافلام و النكت و الفيديوهات و الموبايلات و تحتوى على اقسام مميزة مثل قسم اللغة الانجليزية و قسم اصحاب المواقع و المنتديات و قسم البرامج و القسم الاسلامى و قسم المرأة و قسم الرومانسية و الرياضة المصرية و الكثير ....
شاهد اقسام المنتدى :
اخبار مصر صور نكت مصرية اغانى قنوات و ترددات اخبار الرياضة المصرية مشاهدة مباريات بث مباشر اسعار السيارات
إرسال تعليق