الاثنين، نوفمبر ٠٨، ٢٠٠٤
مشية الحجل
مقال يستحق القراءة لعزمي بشارة بعنوان: كمن أراد ان بقلد مشية الحجل...
بينت الانتخابات الأمريكية أن المجتمع الأمريكي يعيش حالة شرخ وانقسام حقيقيين جغرافيا طبقيا وثقافة.
فمصوتو كيري جاءوا من المدن الكبري ومن الشواطئ الغربية والشرقية والشمالية المتطورة صناعيا وجاء مصوتو بوش من الريف والمدن الصغيرة والمتوسطة ومن الجنوب والوسط, في حين دعمت غالبية الطبقة الوسطي والمثقفين المرشح الديمقراطي ودعمت غالبية الفلاحين الساحقة جورج بوش.
وقد انقسم المجتمع الأمريكي ثقافيا في الانتخابات علي محاور النقاش التي فرضها المحافظون: الـ ثلاثة جيgod,guns,gays مسألة التدين, وحرية حمل السلاح وحقوق المتماثلين جنسيا, بما فيها حقهم بالزواج.
هكذا صممت هوية المعسكر الليبرالي في التداعيات العقلية التي تثيرها كلمة المعسكر الديمقراطي في الثقافة الشعبية الأمريكية بعيدا عن المواضع الأساسية التي تهم المجتمع الأمريكي, خاصة قضايا الحرب والاقتصاد.
وأصبحت كلمة ليبرال كلمة تثير تداعيات سلبية إلي درجة أن الليبرالي ينكرها بدل أن يؤكدها ويهاجم المحافظين أو الرجعيين الخ.
وكلنا يذكر كيف أنكر المرشح الديمقراطي دوكاكيس تهمة ليبراليته فبدا شاحبا امام المرشح الجمهوري.
أما هوية المعسكر المحافظ فتضمنت الحرية بالمعني التقليدي في الولايات المتحدة والتي تشمل حرية حمل السلاح وبقيت هويته الثقافية, فبقيت تتراوح حول الدين والتدين بحيث دعمت غالبية المؤمنين بوش في صناديق الاقتراع.
وحتي لو لم تعكس استطلاعات الرأي العام أماني من أجروها من المؤسسات الصحفية, فقد اساءت تقدير قوة القوي الدينية المحافظة في الكنائس الانجيلية وقدرتها علي التعبئة, فهؤلاء ليسوا مجرد مصوتين بل مصوتون فاعلون مجندون.
كما تسيء الاستطلاعات توقع تصرف الناس اذا تعرضوا للتخويف, ففي مرحلة استطلاع الرأي العام مع المواطن وهو مسترخ في البيت قد يغلب العقل, خاصة ان اداء إدارة بوش كان فضيحة في جميع المجالات, فلذلك تسهل الإجابة ضد بوش.
ولكن أمام صندوق الاقتراع بعد حملة التخويف من العدو في حالة الحرب لايميل المواطن إلي المجازفة ويتغلب الخوف علي العقل.
لوحظت أزمة الهوية علي معسكر الديمقراطيين فهم في حالة دفاع عن النفس علي مستوي الثقافة الشعبية البيضاء الأكثر تماثلا مع الجمهوريين.
ويحاول الديمقراطيون نفي التهمة بتأكيد عكسها, فتصور الدعاية الديمقراطية كيري وهو يحمل بندقية صيد لكي يظهر رجوليا, فيبدو سخيفا منجرا وراء مفهوم المحافظين للرجولة والأنثوية, وبالتالي مؤكدا إياه.
واذ يؤكد التصرف الديمقراطي القيم الجمهورية بدلا من تقديم منظومة بديلة فإنه ينقل الصراع إلي حلبة القيم الجمهورية, ولابد أن يخسر هناك.
من غير الواضح كيف يمكن أن تقاد حملة انتخابية علي قضايا مثل حق المتماثلين جنسيا في الزواج في أي مجتمع وحمل البنادق تأكيدا للرجولة دون التعرض إلي السخرية.
لاحق المتماثلين جنسيا في الزواج مسألة مصيرية, ولاتقاس رجولة مرشح بحمل البندقية, ولايفترض أن يتظاهر المرشح اصلا بالرجولة إلا إذا أراد أن يخسر المعركة لصالح الجمهوريين, هكذا يضطر الذي يفاخر بخدمته العسكرية في فيتنام أن يدافع عن رجولته أمام الحربجي الذي هرب بالواسطة من الخدمة العسكرية, يعتبر الأخير رجلا لأنه يتبع الزعرنة السياسية ومظاهرها, ولأنه لايتقن الكلام ويسخر من المثقفين في حين يوضع في خانة المشكوك بشجاعته ورجولته ذلك الذي يخدم في فيتنام واستبسل في القتال هناك لأنه ينتمي إلي منظومة قيمية أنثوية.
هذه مشكلة, وسوف يتضح للديمقراطيين أن لديهم مشكلة حقيقية عاجلا أم آجلا, هكذا يعاني حزب العمل في المجتمع الإسرائيلي من عقدة شبيهة إذ يضطر جنرالات أن يدافعوا عن شجاعتهم وعدم تراجعهم أمام الإرهاب الفلسطيني أمام قادمين جدد لم يخدموا حتي في الجيش, فهم من ناحية يؤكدون وطنيتهم بزيادة منسوب التحريض علي الفلسطينيين مع ضرورة التسوية معهم كأعداء, وهنا بالضبط يخسرون العالمين: لايقدمون السلام كقيمة بديلة للحرب ولايقومون بأنسنة الفلسطينيين كقيمة مقابل شيطنتهم ولايكسبون المعركة الانتخابية في الوقت ذاته.
ولو خسر كيري المعركة ولكن علي أساس منظومة قيم ضد الحرب والحروب الاستباقية وضد التحريض علي الاسلام والعرب, وضد المس بالديمقراطية في أمريكا لخسر الجولة ولاستمرت المعركة بين عالمين قيميين.
حاليا يطرح اليمين هوية ومعني ومنظومة قيم تشمل الاستعداد للحرب وتشمل الأمن وما يترتب عليه, أي الشرح للمجتمع ان عليه أن يقبل متطلبات الأمن.
في حين يبدو المعسكر الآخر دون منظومة بديلة ويتميز فقط بأنه أقل استعدادا للدفاع عن الأمن.
ويبدو أن التخويف والتحريض والتهويل من الخطر المحدق وشيطنة الآخر تلعب دورا كبيرا في تحشيد وتعبئة الجمهور إلي درجة اعتبار عدم التصويت لمن يؤكد علي الأمن مجازفة حقيقية.
في الوقت الذي يبدو اليمين صاحب مشروع وهو برمته فضيحة كبري يبدو المعسكر الليبرالي منشغلا باللغة ومتطلبات اللياقة السياسية والسخرية السياسية للاذعة وغير ذلك من متطلبات حياة الطبقة الوسطي, هكذا تحصد جوائز للأفلام في كان, ولكن تخسر المعركة الانتخابية للرئاسة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
رئيسية الموقع :
مصر اليوم
اخر مواضيع منتديات مصر اليوم :
ترددات قنوات النايل سات الجديدة بعد التعديل
اهلا بكم , اضع لكم موقعى لتتطلعوا عليه
منتديات مصر اليوم هى منتديات عامة تهتم بالكثير من الاشياء المصرية . منتديات مصر اليوم هى منتديات عربية عموما مصرية خصوصا و هى منتديات عامة تهتم بكل ما يهتم به الشباب المصرى من الحوار او النقاش او اخر الاخبار او جديد الصور و الاغانى و الالبومات و الكليبات و الافلام و النكت و الفيديوهات و الموبايلات و تحتوى على اقسام مميزة مثل قسم اللغة الانجليزية و قسم اصحاب المواقع و المنتديات و قسم البرامج و القسم الاسلامى و قسم المرأة و قسم الرومانسية و الرياضة المصرية و الكثير ....
شاهد اقسام المنتدى :
اخبار مصر صور نكت مصرية اغانى قنوات و ترددات اخبار الرياضة المصرية مشاهدة مباريات بث مباشر اسعار السيارات
إرسال تعليق