مسعود حامد شاب سوري في السنة الثانية بكلية الاعلام بجامعة دمشق ، التقط صورا لمظاهرة سلمية قام بها أكراد أمام مقر اليونيسيف في دمشق ، و قام بوضعها على أحد مواقع الانترنت...
بعد شهر ( في يونيو 2003) و أثناء تأديته أحد الامتحانات بالجامعة تم اعتقاله...
في أكتوبر 2004 حكمت محمكة أمن الدولة عليه بالحبس لمدة ثلاثة أعوام بتهمة " الانتماء لمنظمة سرية" و "محاولة ضم أراض سورية لدولة أخرى"...
حسب مراسلين بلا حدود ، يتعرض مسعود للتعذيب بصورة مستمرة ، و يضرب على باطن قدميه باستمرار مما جعله غير قادر على استعمالهما ، و منع من ارتداء نظارته الطبية مما تسب في اصابته بالصداع و الدوار المستمرين كما يمنع من مقابلة محاميه ، و يسمح له بمقابلة أسرته لمدة عشرة دقائق كل شهر و يفصل بينهم القضبان...
وجهت مراسلون بلا حدود نداء الى عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بالتدخل لصالح مسعود....
لن يتدخل موسى طبعا...
سننتظر حتى تتحرر فلسطين و ساعتها فقط يمكننا الحديث ضد الدولة البوليسية...
آه...
كم هو رائع تفكير تيار "الصمود العربي".... و كم هي رائعة الدول الصامدة....
الأربعاء، يونيو ٢٩، ٢٠٠٥
فواكه
في عدد اليوم من المصري اليوم تصريح لوزير الزراعة عن أن مصر "مرتع" للمبيدات المحظورة و خصصوا صفحة داخلية للحديث عن العوامل المحتلفة التي تجعل فاكهة الصيف في مصر سامة و ضارة... ( المبيدات ، مياه الصرف ، الغش ، الطرح المبكر في الأسواق ، الرش...الخ)
القصة المتكررة كل عام...
تماما كالسحابة السوداء...
بعد ساعات أشعر بتقلص في معدتي ... نزلة معوية...
ألوم نفسي لأنني تناولت فاكهة بالأمس ناسيا أن "الطعام الصحي" في أي مكان آخر في العالم هو أكثر الأشياء بعدا عن الصحة في مصر...
و "عاتي" بقى...
القصة المتكررة كل عام...
تماما كالسحابة السوداء...
بعد ساعات أشعر بتقلص في معدتي ... نزلة معوية...
ألوم نفسي لأنني تناولت فاكهة بالأمس ناسيا أن "الطعام الصحي" في أي مكان آخر في العالم هو أكثر الأشياء بعدا عن الصحة في مصر...
و "عاتي" بقى...
في لاظوغلي - 2
بما أنني كتبت ما حدث بعد نهاية المظاهرة فمن الطبيعي أن أتحدث عن بدايتها...
و بما أن كل ما التقطته من صور قد ضاع مع سرقة الكاميرا على يد المغاوير فلن أضيف صورا لهذا الموضوع.
كانت هذه المظاهرة مرهقة للغاية... حرارة الجو ، حصار الأمن، التدافع ، ضيق المساحة المتزايد ... كانت المظاهرة عبارة عن تصاعد مستمر يصل لمشارف مرحلة "الخناقة" ثم يتم ايقافها لتهدأ الأمور ، فقط لتتصاعد من جديد...
كانت المظاهرة مختلفة جدا عن المظاهرات السابقة...و لذا ليس مناسبا وضع الصورة التقليدية ( هنا و هنا) لبحلقة مساكين الأمن المركزي في الاعلاميات...
حتى بالنسبة لي : من قضى معظم الوقت متنقلا حاملا الكاميرا باحثا عن صور أفضل و "منحشرا" وسط الصحفيين -ليخرج و يدخل من الكردون الأمني دون مضايقة- ، كدت أن أسقط اعياء بعد مرور نصف المظاهرة..
( لم يخل الامر من تدافع وسط حاملي الكاميرات ، فعندما كنا نلتقط الصور ، تعرضت للكثير من " حاسب ايدك" ، " وسع شوية" ، " ابعد راسك" من صحفيي "الاتجاه السائد"( ترجمتي الخاصة لكلمة mainstream ) و لكنني كنت أرد السماجة ، لأنني من "الصحافة البديلة" ... مفيش حد احسن من حد :) )
أبدأ القص اذن...
المظاهرة في ميدان لاظوغلي ، حيث يقع المقر الرئيسي - سيئ السمعة- لمباحث أمن الدولة ، و وزارتي الداخلية و العدل ، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا التعذيب... كفاية لم تنظم المظاهرة أو تتبناها و ان كان نشطاؤها و وجوه مظاهراتها التقليدية حاضرين... دعا مركز هشام مبارك للقانون للمظاهرة و غابت معظم مراكز حقوق الانسان الأخرى...
أقترب أنا و أحمد من مكان المظاهرة ، عربات الأمن المركزي الخضراء تملأ الشوارع المحيطة بالمنطقة ،
نتناقش في معنى اسم لاظوغلي... أقول لأحمد أن اللاظ هم جماعة اثنية تركية... فيحدثني عن أن اسم العائلة يسبق اسم الشخص في الأسماء الكورية... ألتقط صورة لمبنى وزارة العدل ، يقول لي أحمد أنه يرغب في اضافة "ي" الى نهاية كلمة العدل.......
كل ألوان الطيف كانت حاضرة بكميات مهولة : أبيض:شرطة ، أسود: أمن مركزي ، و ما بينهما من ألوان: مخبرون و رجال أمن الدولة في ملابس مدنية
كان التوتر ملموسا في الهواء ، سألني ضابط عند اقترابي من المظاهرة: " رايح فين يا أستاذ؟ ممكن تتفضل تمشي من هنا؟" أقول له : " رايح المظاهرة" ، يدفعني باتجاهها و يقول في غيظ : " طيب روحها"
كانت المظاهرة تقف في الشارع محاطة بدائرة كاملة من عدة طبقات من مجندي الأمن المركزي و أمام الصف الاول منهم حواجز معدنية...
بضع دقائق و رأيتهم يحملون فتاة فاقدة الوعي بعيدا ، فأطاردها مع الصحفيين و ألتقط لها بضع صور ؛ يهتف من يحملها :"ردي علي يا مريم! الحقونا! هاتوا اسعاف ! البنت حتروح مننا !"...
سأشاهد الفتاه ذاتها - مريم من شباب من أجل التغيير- تقود الهتافات بعد دقائق ، لن أعرف بصورة أكيدة ان كان ما قامت به فصلا تمثيليا ام لا ، و لكني سأحتفظ بشكوكي ...
أدور و ألتقط صورا للافتات : صورة لمجندي الأمن المركزي كتب تحتها "ارحمونا و ارحموهم " ، صورة لهم و هم يضربون متظاهرا اعزل كتب تحتها
"نطالب بحل جهاز الأمن المركزي" ، لوحة بأسماء شهداء التعذيب ، لوحة بأسماء ضباط متهمين بارتكاب جرائم تعذيب تحت عنوان "الجلادين" ، صورة لعينين واسعتين مذعورتين و تحتها مطالبة بتحقيق حجز خاص للأحداث منفصل عن البالغين ، "باي باي عادلي ، العيش والحلاوة علينا " ، "أقيلوه" و صورة العادلي،"حاكموا الباشوات" و صورة للواءات شرطة متهمين بتسهيل اعتداءات و لافتات أخرى لأوضاع تعذيب مختلفة ...
الهتافات كانت تقليدية للغاية .. ...تتردد الهتافات من خلف دائرة الجنود المتعددة الطبقات ... كان هناك متظاهرون خارج الدائرة .. يصاب المتظاهرون الشبان بالهياج ... يصرخون و يطالبون بفتح الحصار ، دفع و شد و جذب فهدوء... يقفز عدد من المنظاهرون الشبان - و معهم مريم - ليقفوا فوق حاجز معدني ليقودوا الهتاف... يدفعهم المجندون محاولين انزالهم فيفشلون...
بدأ الامن في "عصر" المظاهرة بتضييق الدائرة شيئا فشيئا ، عن طريق دفع الحواجز المعدنية الى الداخل .... يستند شباب بظهورهم الى الحواجز و يدفعون بدورهم محاولين منع الجنود من كسب المزيد من الأرض ... يدور حوار شبه ودي بين الجانبين اللذين يدفعان الحواجز
و يحاول الحنود التوصل لاتفاق "جنتلمان" : " متزقوش و احنا مش هنزق" ، يخطب فيهم متظاهر عن انهم فلاحون و أن آباءهم انتزعت منهم الاراضي و أن المتظاهرين تعرضوا للضرب و التعذيب عندما كانوا يدافعون عن قضايا الفلاحين...
بدأ كمال خليل في قيادة الهتافات.... نظرا لضيق المساحة فقد كنت قريبا للغاية منه... معظم "الهتيفة" يهتفون بغضب و حماس معتمدين على قوة صوتهم ، أما كمال فمختلف... ابتسامته لا تفارق و جهه ، يحرك ذراعيه ، يجذب ملابسه ، يقفز في الهواء ، يُنَغِّم صوته ، يلتفت ليواجه جوانب مختلفة ، يحيط وجهه بكفيه ، يشير ، يغمز ، يسخر ، يعبر عن صفات الشخصيات بيديه : يستخدم لغة جسده بامتياز... أعد عددا من الهتافات خصيصا للمناسبة: مطالبة بالافراج عن العريان و معتقلي الاخوان ، و هتاف عن هتلر و موسوليني و صداقتهم للعادلي ، و آخر لا أذكره بالضبط و ان كان قريبا من " العادلي يقول ... ده بيصلي؟.... زودله الفولت ... اديلوا فولتين .... العادلي يقول ... دولت مين؟ .... ناصريين؟؟؟ ... زودله الفولت ... اديلو ميتين..."
و هتافان اسمعهما للمرة الاولى: " حسني بيه يا حسني بيه ... كيلو العدس بستة جنيه" ... و " يا نظيف يا حبوب .... الشعب المصري بياكل طوب"
يدلي كمال خليل بتصريح أمام العديد من الميكروفونات أن هذا الحصار دليل على كذب دعاوى حرية التظاهر في مصر ، متحديا الامن بأن يتركوا هذه المظاهرة الصغيرة تمشي في حرية ليروا كم سيصل عددها..
يقود محمد عبد القدوس الشباب و يندفعون ليجذبوا حاجزا حديديا في الجانب الجنوبي من الدائرة... يجذبه رجال الأمن المركزي في الاتحاه الآخر ... يتبادل الجانبان الصراخ : " عااااااا" .... تنفتح ثغرة و يندفع منها عدد من المتظاهرين و هم يهتفون : " حرية ، حرية ، حرية" .... تختلط الصفوف و تسقط اللافتات على الأرض - سأشاهد لاحقا قائمة شهداء التعذيب تحت أحذية الجنود و سألتقط لها صورة- .... يسود الهرج و المرج ... وسط الشد و الجذب أشاهد حاجزا حديديا يرتفع في الهواء مشدودا بين الجانبين... أشاهد نورا يونس - من الشارع لنا- تقف فوق حاجز لا أعرف وسط هذه الفوضى كيف يرتفع نصفه في الهواء ، و تصرخ دون أن يلمسها أحد - على سبيل الحرب النفسية- : " آآآآآآآآآه" ثم تقفز لتواجه الجنود و تصرخ فيهم : " متلمسنيش ، اوعى حد يلمسني"... أمنع نفسي من الضحك بصعوبة... الصف الامامي من المظاهرة اختلط فيه الحابل بالنابل ... يهتف متظاهر مشيرا لي و لبقية حاملي الكاميرات : " صوروا ، بيضربوا البنات هنا!" ... و " الصحافة فين؟ الارهاب أهه"... بزيادة التجاذب و الدفع يرفع الصف الثالث من جنود الأمن المركزي في تلك الجهة الجنوبية من الدائرة متعددة الطبقات عصيهم و يبدؤون في الضرب... دقيقة و تهدأ الأمور...
هتافات معتادة و حمل لافتات لمدة عشرة دقائق ، ثم ، " حرية ، حرية ، حرية"... ألقي السيجارة قبل أن أكملها و اندفع للأمام لأصور... شد و جذب... تدافع و محاولة اختراق... رجل ذو شعر أبيض يهتف في أحد الحنود : " عيب يا ولد! أنا زي جدك!" فيرد الجندي: " لو زي جدي اقف مطرحك"... د.ليلى سويف تواجه الجنود مستغلة عدم اعتيادهم رؤية سيدة كبيرة في السن تواجههم... الفتيات يواجهن الجنود مستغلين ان فرصة مهاجمتهم للفتيات اقل من تلك للفتيان... الشباب يجذبون الحاجز و يدفعون الجنود مستغلين حماسهم و قوتهم البدنية...
لم أستطع تحديد رأيي فيما أراه ، فالجنود كانوا متوترين و يشعرون كانهم في ساحة حرب مأمورين بالسيطرة على مجموعة من الوحوش المسعورة غريبة الشكل... و المتظاهرون كانوا - نوعا ما - "مفترين" على الجنود بتعريضهم لصدمة ثقافية عندما واجههم مسنون و فتيات ، فضلا عن أن المتظاهرين كانوا البادئين بجذب الحواجز في كل مرة... كما أنهم يستغلون وجود الاعلام لينالوا احدى الحسنيين: اما اختراق الحصار أو التعرض للضرب على الهواء و التسبب في فضيحة مصورة للنظام ( على كل حال و على حد علمي لم تذع المحطات الفضائية أيا من صور "التدافع العظيم" بل أذاعت لقطات خاطفة للمظاهرة في صورة تقليدية)
و على الجانب الآخر ، فالمتظاهرون محاصرون في دائرة ضيقة تزداد ضيقا نتيجة "العصر" و من حقهم أن يتظاهروا بحرية... فضلا عن ان قوتهم تكمن في ضعفهم ، فبعددهم القليل واجهوا الجنود - دون أن يهاجموا أولئك الجنود بدنيا- متحدينهم أن يضربوهم ان استطاعوا...
عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....
ألمح خارج الدائرة خلف جنود الجهة الجنوبية لافتة كفاية مرفوعة في الهواء ، أقف على أطراف أصابعي و أصورها ، ثم أغادر الحصار مندسا وسط مجموعة من الصحفيين الاجانب لأفاجئ بأن هناك مظاهرة أخرى خلف تلك الجهة التي تشهد كل المواجهات... مظاهرة فيها من يهتف و من يحمل اللافتات و من يوزع الاوراق و هي بدورها محاصرة بدائرة من الجنود...
أعود للدائرة الأولى ... " حرية ، حرية ، حرية" ... أصور و أنا في غاية الارهاق... يظهر مصطفى و يعطيني زجاجة مياه.. أستند عليه قليلا ثم أشرب... وسط التجاذب الجديد أشاهد جنديا و متظاهرا يتبادلان الدفع.. يمسك به الجندي و يبدو على وجهه الشر و الغضب و الكراهية ... أيقنت أن ضربة عصا ذلك الجندي ستشج رأس المتظاهر ، فوقفت بينهما و ربت على كتف الجندي " خلاص ، خلاص ، معلش" و سحبت المتظاهر بعيدا - بمقاييس المظاهرة بعيدا تعني حوالي نصف متر-
يقول المتظاهر لي " مش قادر أدوس على رجلي ، رجلي اتكسرت" و يتعلق بي... أحاول أن أساعده في الخروج و أنا غير مقتنع بما يقوله ، تبدو ثغرة وسط الجنود فأدفعه عبرها نحو الرصيف و لا أخرج خلفه...
تدافع جديد و رأيت محمد عبد القدوس يتدحرج على الارض أمامي ، يتلوه "الجد" ذو الشعر الأبيض ... يقف عبد القدوس من جديد... و قبلها دفعوه فتلقفته بين ذراعيَّ و قلت له " حاسب يا أستاذ محمد"... كان حماسه كابن العشرين...
( محمد عبد القدوس -لمن لا يعرفه- صحفي مصري ابن الروائي الشهير احسان عبد القدوس و حفيد فاطمة اليوسف مؤسسة روز اليوسف ، صهر الشيخ الغزالي رحمه الله ، و نقيب الصحفيين المصريين سابقا ، و عضو مجلس النقابة الحالي ، من الاخوان المسلمين)
عسكري المرور يظهر من وسط "المطحنة" و هو يمسك قبعته بيديه ، يمسح عرقه و يلهث... يقف على الرصيف ، فتتحدث معه "الحاجة" و هي سيدة مسنة تلبس الخمار - و عليه شعار كفاية - و تبدو كأي أم مصرية تقليدية ، و أراها دائما في المظاهرات... يتقبل ما تقوله الحاجة و يؤمن على دعواتها على مبارك...
فوضى ، فوضى ، فوضى...
ضابط شاب من الأمن المركزي يعطي تعليمات لجنود وحدته : " محدش يرفع عصايته ، محدش فيكم يرفع عصايته ، فاهمين؟"
أستمع لمجند من الأمن المركزي يتمتع بحس دعابة يقول لزميله ساخرا مغيرا نغمة صوته : " لو مكناش في الأمن ، كان زمانا كنا معاهم"... أبتسم على سخريته الحادة من محاولات المتظاهرين البسيطة لاستمالة الجنود...
انفتحت ثغرة كبيرة أخيرا و اندفع المتظاهرون ليكسروا خط الجنود لتلتحم المظاهرتان المنفصلتان ببعضهما ، تدافع مريع ، أجد نفسي محمولا مع تيار بشري كبير الى الخلف فالى اليسار ، صراخ و أشخاص يتعثرون...
مريم تتقافز هنا و هناك ، تصعد على الحواجز و تقود الهتاف .... كانت ترتدي الحجاب في بداية المظاهرة ثم ربطته الآن كايشارب على رأسها... يسألني من يقف بجواري عنها فأقول له : " هيا دي اللي عاملة قلق في المظاهرة" فيوافقني بهزة من رأسه.
حسين عبد الغني مدير مكتب الجزيرة في القاهرة يرتدي بدلة متانقة دون ربطة عنق و يقف و يشير للعاملين معه بما يقومون به ، يجذبون الأسلاك و ينفذون ما طلبه موجهين خطابهم له ب" يا باشا".... يقدم متظاهر حلوى لحسين عبد الغني فأتعجب و أقول لمصطفى : "كأنه بابا فؤاد مثلا..."
أخرج لأجد المتظاهر المصاب في قدمه جالسا على الأرض و بجواره صحفي يكتب تقريرا على كمبيوتر لابتوب...
" انت كويس؟"
" كده تسيبني يا زميل؟"
أشعر بالخجل و ألوم نفسي على عدم تصديقي له و تركه بقدمه المكسورة وحيدا..
و ان كدت أضحك على كلمة "زميل" ، و حمدت الله على انه لم يقل "رفيق" اذ كنت سأشعر ساعتها أنني أعيش احدى روايات صنع الله ابراهيم - كما قال محمد من قبل-..
وجدته يقوم بتهجئة اسمه للمراسل لكي يذكره في تقريره ، و يقول له أنه من حزب التجمع ، ثم يحاول لفت انتباه الاعلاميين بأن يصرخ متألما و يقول " يسقط الحزب الواطي اللاديموقراطي"
ثم عندما اقترب منه الاعلاميون اتخذ pose نضالية و ضم قبضته في الهواء و اخذ يقول : " حتى لو قتلونا ، فسنظل نناضل حتى آخر قطرة من دمنا"
لمت نفسي على تصديقه ، و زفرت في ضيق...
أقف مع مصطفى و نقابل جوش و نبادله الحديث ، يقول أنه تلقى ضربة عصا على رأسه و يضحك و يقول : " كله في سبيل الديموقراطية"
المظاهرة تنتهي...
يرى علاء اللواء الذي أشرف على ضربه هو و والدته يوم الاستفتاء فيقف فوق الحاجز و ينادي عليه... يتردد هتاف " شايفينكم.. شايفينكم..." ( بعد الاستفتاء أعلن عن انشاء مجموعة تريد مراقبة التحرش بالنساء في الانتخابات القادمة تحت اسم شايفينكم ، الا أنني لم أسمع عنها شيئا بعد ذلك)
يلقي بعض المتفرجين من الأدوار العلوية زجاجة مياه لمريم التي أعادت ارتداء حجابها...
تقفز مريم فوق سور حديدي و تحاول الهتاف فتفقد توازنها و تسقط فتقوم من الأرض ضاحكة ... تحاول أن تهتف من جديد فيقول لها كمال خليل ضاحكا : " بت يا مريم ، اسكتي يا اما و الله هآجي أضربك"
يلاحظ عمرو اتجاه نظراتي فيضحك و يقول : " لقيت حد تكتب عنه النهاردة؟" ( آه يا عمرو! سأجد بعد دقائق الكثير لأكتب عنه!)
أحكي لمصطفى عن المتظاهر ذي القدم المكسورة - افتراضا- و اعبر له عن شكوكي فيقول لي أنه شاهد عربة اسعاف تنقله... آخ! لا أعرف ماذا أصدق!
نغادر سويا ، و يقول لنا ضابط : " اتفضل يا أستاذ ، اتفضل يا استاذ" مصمما أن نبتعد بسرعة عن مكان المظاهرة...
يسألنا رجل يمشي مع ابنه : " هوا في ايه في مصر؟"
نشرح له سبب المظاهرة و أقول له " بص ، طيب سيبك من السياسيين ، أي حد غلبان ملوش ضهر بيدخل القسم بيحصله ايه؟"
"بيتنفخ"
نتحدث قليلا عن "الحل" ، و لكنه يصمم أن لا فائدة و أنه بفرض أنه كأي مواطن آخر نزل و اشترك في مظاهرة ، و رمي في السجن .... ربت على شعر ابنه و قال : " العيال دول هيحصلهم ايه؟" ثم أضاف " و في الآخر أحمد زي الحاج أحمد"
نعبر بجوار حسين عبد الغني و يشير لنا عمرو ان نقترب...
(استطراد: أتذكر بينما أكتب الآن ما فكرت فيه منذ ما يقارب العام عندما قرأت في فترة متقاربة رواية حد الغواية لعمرو عافية و رواية الباذنجانة الزرقاء لميرال الطحاوي... تدور أحداث الروايتين في مجتمع الجامعة المصري في السبعينات في وقت انحسار اليسار و صعود الاسلاميين... الرواية الأولى تحكي حكاية تلك الفترة : حكاية الشباب المستنير المثقف المؤمن الوطني الواعي ، مقابل المتعصبين المنغلقين المتطرفين المكبوتين الحاقدين... لم تكن الرواية بهذا السوء و التحيز ، بل على العكس كانت جيدة جدا... ما أعنيه هنا هو أن أبطال تلك الرواية تصرفوا دوما وفق مبادئهم ... كانوا أبطالا و لم يكونوا بشرا... و بطلة الرواية هي الأم الرؤوم الحلم ... الرواية الثانية تروي حكايات الانكسار و الخيانة و الانفصال و الأحلام و العلاقات بين طرفي المواجهة و الصراع داخل نفوس الأبطال،الذين كانوا يرتكبون الاخطاء من المعسكرين... كان أبطال الرواية بشرا...
الحقيقة دوما مليئة بتفاصيل غير ضرورية يمكن تجاوزها لجعل الصورة لامعة و الألوان أزهى و أكثر اتساقا : الأبيض في مواجهة الأسود...
أتمنى أن يكون ما عنيته واضحا...)
اقرأ عن التعذيب في مصر:
وباء التعذيب في مصر
بدون حماية – استمرار التعذيب المنظم
خبرات نساء فى أقسام الشرطة
شهداء ضحايا و جلادين
شهادات من ضحايا التعذيب و ذويهم
شاهد:
أب يعترف بقتل ابنته التي لا زالت على قيد الحياة تحت التعذيب
و بما أن كل ما التقطته من صور قد ضاع مع سرقة الكاميرا على يد المغاوير فلن أضيف صورا لهذا الموضوع.
كانت هذه المظاهرة مرهقة للغاية... حرارة الجو ، حصار الأمن، التدافع ، ضيق المساحة المتزايد ... كانت المظاهرة عبارة عن تصاعد مستمر يصل لمشارف مرحلة "الخناقة" ثم يتم ايقافها لتهدأ الأمور ، فقط لتتصاعد من جديد...
كانت المظاهرة مختلفة جدا عن المظاهرات السابقة...و لذا ليس مناسبا وضع الصورة التقليدية ( هنا و هنا) لبحلقة مساكين الأمن المركزي في الاعلاميات...
حتى بالنسبة لي : من قضى معظم الوقت متنقلا حاملا الكاميرا باحثا عن صور أفضل و "منحشرا" وسط الصحفيين -ليخرج و يدخل من الكردون الأمني دون مضايقة- ، كدت أن أسقط اعياء بعد مرور نصف المظاهرة..
( لم يخل الامر من تدافع وسط حاملي الكاميرات ، فعندما كنا نلتقط الصور ، تعرضت للكثير من " حاسب ايدك" ، " وسع شوية" ، " ابعد راسك" من صحفيي "الاتجاه السائد"( ترجمتي الخاصة لكلمة mainstream ) و لكنني كنت أرد السماجة ، لأنني من "الصحافة البديلة" ... مفيش حد احسن من حد :) )
أبدأ القص اذن...
المظاهرة في ميدان لاظوغلي ، حيث يقع المقر الرئيسي - سيئ السمعة- لمباحث أمن الدولة ، و وزارتي الداخلية و العدل ، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا التعذيب... كفاية لم تنظم المظاهرة أو تتبناها و ان كان نشطاؤها و وجوه مظاهراتها التقليدية حاضرين... دعا مركز هشام مبارك للقانون للمظاهرة و غابت معظم مراكز حقوق الانسان الأخرى...
أقترب أنا و أحمد من مكان المظاهرة ، عربات الأمن المركزي الخضراء تملأ الشوارع المحيطة بالمنطقة ،
نتناقش في معنى اسم لاظوغلي... أقول لأحمد أن اللاظ هم جماعة اثنية تركية... فيحدثني عن أن اسم العائلة يسبق اسم الشخص في الأسماء الكورية... ألتقط صورة لمبنى وزارة العدل ، يقول لي أحمد أنه يرغب في اضافة "ي" الى نهاية كلمة العدل.......
كل ألوان الطيف كانت حاضرة بكميات مهولة : أبيض:شرطة ، أسود: أمن مركزي ، و ما بينهما من ألوان: مخبرون و رجال أمن الدولة في ملابس مدنية
كان التوتر ملموسا في الهواء ، سألني ضابط عند اقترابي من المظاهرة: " رايح فين يا أستاذ؟ ممكن تتفضل تمشي من هنا؟" أقول له : " رايح المظاهرة" ، يدفعني باتجاهها و يقول في غيظ : " طيب روحها"
كانت المظاهرة تقف في الشارع محاطة بدائرة كاملة من عدة طبقات من مجندي الأمن المركزي و أمام الصف الاول منهم حواجز معدنية...
بضع دقائق و رأيتهم يحملون فتاة فاقدة الوعي بعيدا ، فأطاردها مع الصحفيين و ألتقط لها بضع صور ؛ يهتف من يحملها :"ردي علي يا مريم! الحقونا! هاتوا اسعاف ! البنت حتروح مننا !"...
سأشاهد الفتاه ذاتها - مريم من شباب من أجل التغيير- تقود الهتافات بعد دقائق ، لن أعرف بصورة أكيدة ان كان ما قامت به فصلا تمثيليا ام لا ، و لكني سأحتفظ بشكوكي ...
أدور و ألتقط صورا للافتات : صورة لمجندي الأمن المركزي كتب تحتها "ارحمونا و ارحموهم " ، صورة لهم و هم يضربون متظاهرا اعزل كتب تحتها
"نطالب بحل جهاز الأمن المركزي" ، لوحة بأسماء شهداء التعذيب ، لوحة بأسماء ضباط متهمين بارتكاب جرائم تعذيب تحت عنوان "الجلادين" ، صورة لعينين واسعتين مذعورتين و تحتها مطالبة بتحقيق حجز خاص للأحداث منفصل عن البالغين ، "باي باي عادلي ، العيش والحلاوة علينا " ، "أقيلوه" و صورة العادلي،"حاكموا الباشوات" و صورة للواءات شرطة متهمين بتسهيل اعتداءات و لافتات أخرى لأوضاع تعذيب مختلفة ...
الهتافات كانت تقليدية للغاية .. ...تتردد الهتافات من خلف دائرة الجنود المتعددة الطبقات ... كان هناك متظاهرون خارج الدائرة .. يصاب المتظاهرون الشبان بالهياج ... يصرخون و يطالبون بفتح الحصار ، دفع و شد و جذب فهدوء... يقفز عدد من المنظاهرون الشبان - و معهم مريم - ليقفوا فوق حاجز معدني ليقودوا الهتاف... يدفعهم المجندون محاولين انزالهم فيفشلون...
بدأ الامن في "عصر" المظاهرة بتضييق الدائرة شيئا فشيئا ، عن طريق دفع الحواجز المعدنية الى الداخل .... يستند شباب بظهورهم الى الحواجز و يدفعون بدورهم محاولين منع الجنود من كسب المزيد من الأرض ... يدور حوار شبه ودي بين الجانبين اللذين يدفعان الحواجز
و يحاول الحنود التوصل لاتفاق "جنتلمان" : " متزقوش و احنا مش هنزق" ، يخطب فيهم متظاهر عن انهم فلاحون و أن آباءهم انتزعت منهم الاراضي و أن المتظاهرين تعرضوا للضرب و التعذيب عندما كانوا يدافعون عن قضايا الفلاحين...
بدأ كمال خليل في قيادة الهتافات.... نظرا لضيق المساحة فقد كنت قريبا للغاية منه... معظم "الهتيفة" يهتفون بغضب و حماس معتمدين على قوة صوتهم ، أما كمال فمختلف... ابتسامته لا تفارق و جهه ، يحرك ذراعيه ، يجذب ملابسه ، يقفز في الهواء ، يُنَغِّم صوته ، يلتفت ليواجه جوانب مختلفة ، يحيط وجهه بكفيه ، يشير ، يغمز ، يسخر ، يعبر عن صفات الشخصيات بيديه : يستخدم لغة جسده بامتياز... أعد عددا من الهتافات خصيصا للمناسبة: مطالبة بالافراج عن العريان و معتقلي الاخوان ، و هتاف عن هتلر و موسوليني و صداقتهم للعادلي ، و آخر لا أذكره بالضبط و ان كان قريبا من " العادلي يقول ... ده بيصلي؟.... زودله الفولت ... اديلوا فولتين .... العادلي يقول ... دولت مين؟ .... ناصريين؟؟؟ ... زودله الفولت ... اديلو ميتين..."
و هتافان اسمعهما للمرة الاولى: " حسني بيه يا حسني بيه ... كيلو العدس بستة جنيه" ... و " يا نظيف يا حبوب .... الشعب المصري بياكل طوب"
يدلي كمال خليل بتصريح أمام العديد من الميكروفونات أن هذا الحصار دليل على كذب دعاوى حرية التظاهر في مصر ، متحديا الامن بأن يتركوا هذه المظاهرة الصغيرة تمشي في حرية ليروا كم سيصل عددها..
يقود محمد عبد القدوس الشباب و يندفعون ليجذبوا حاجزا حديديا في الجانب الجنوبي من الدائرة... يجذبه رجال الأمن المركزي في الاتحاه الآخر ... يتبادل الجانبان الصراخ : " عااااااا" .... تنفتح ثغرة و يندفع منها عدد من المتظاهرين و هم يهتفون : " حرية ، حرية ، حرية" .... تختلط الصفوف و تسقط اللافتات على الأرض - سأشاهد لاحقا قائمة شهداء التعذيب تحت أحذية الجنود و سألتقط لها صورة- .... يسود الهرج و المرج ... وسط الشد و الجذب أشاهد حاجزا حديديا يرتفع في الهواء مشدودا بين الجانبين... أشاهد نورا يونس - من الشارع لنا- تقف فوق حاجز لا أعرف وسط هذه الفوضى كيف يرتفع نصفه في الهواء ، و تصرخ دون أن يلمسها أحد - على سبيل الحرب النفسية- : " آآآآآآآآآه" ثم تقفز لتواجه الجنود و تصرخ فيهم : " متلمسنيش ، اوعى حد يلمسني"... أمنع نفسي من الضحك بصعوبة... الصف الامامي من المظاهرة اختلط فيه الحابل بالنابل ... يهتف متظاهر مشيرا لي و لبقية حاملي الكاميرات : " صوروا ، بيضربوا البنات هنا!" ... و " الصحافة فين؟ الارهاب أهه"... بزيادة التجاذب و الدفع يرفع الصف الثالث من جنود الأمن المركزي في تلك الجهة الجنوبية من الدائرة متعددة الطبقات عصيهم و يبدؤون في الضرب... دقيقة و تهدأ الأمور...
هتافات معتادة و حمل لافتات لمدة عشرة دقائق ، ثم ، " حرية ، حرية ، حرية"... ألقي السيجارة قبل أن أكملها و اندفع للأمام لأصور... شد و جذب... تدافع و محاولة اختراق... رجل ذو شعر أبيض يهتف في أحد الحنود : " عيب يا ولد! أنا زي جدك!" فيرد الجندي: " لو زي جدي اقف مطرحك"... د.ليلى سويف تواجه الجنود مستغلة عدم اعتيادهم رؤية سيدة كبيرة في السن تواجههم... الفتيات يواجهن الجنود مستغلين ان فرصة مهاجمتهم للفتيات اقل من تلك للفتيان... الشباب يجذبون الحاجز و يدفعون الجنود مستغلين حماسهم و قوتهم البدنية...
لم أستطع تحديد رأيي فيما أراه ، فالجنود كانوا متوترين و يشعرون كانهم في ساحة حرب مأمورين بالسيطرة على مجموعة من الوحوش المسعورة غريبة الشكل... و المتظاهرون كانوا - نوعا ما - "مفترين" على الجنود بتعريضهم لصدمة ثقافية عندما واجههم مسنون و فتيات ، فضلا عن أن المتظاهرين كانوا البادئين بجذب الحواجز في كل مرة... كما أنهم يستغلون وجود الاعلام لينالوا احدى الحسنيين: اما اختراق الحصار أو التعرض للضرب على الهواء و التسبب في فضيحة مصورة للنظام ( على كل حال و على حد علمي لم تذع المحطات الفضائية أيا من صور "التدافع العظيم" بل أذاعت لقطات خاطفة للمظاهرة في صورة تقليدية)
و على الجانب الآخر ، فالمتظاهرون محاصرون في دائرة ضيقة تزداد ضيقا نتيجة "العصر" و من حقهم أن يتظاهروا بحرية... فضلا عن ان قوتهم تكمن في ضعفهم ، فبعددهم القليل واجهوا الجنود - دون أن يهاجموا أولئك الجنود بدنيا- متحدينهم أن يضربوهم ان استطاعوا...
عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....عشرة دقائق راحة... " حرية ، حرية ، حرية " .....
ألمح خارج الدائرة خلف جنود الجهة الجنوبية لافتة كفاية مرفوعة في الهواء ، أقف على أطراف أصابعي و أصورها ، ثم أغادر الحصار مندسا وسط مجموعة من الصحفيين الاجانب لأفاجئ بأن هناك مظاهرة أخرى خلف تلك الجهة التي تشهد كل المواجهات... مظاهرة فيها من يهتف و من يحمل اللافتات و من يوزع الاوراق و هي بدورها محاصرة بدائرة من الجنود...
أعود للدائرة الأولى ... " حرية ، حرية ، حرية" ... أصور و أنا في غاية الارهاق... يظهر مصطفى و يعطيني زجاجة مياه.. أستند عليه قليلا ثم أشرب... وسط التجاذب الجديد أشاهد جنديا و متظاهرا يتبادلان الدفع.. يمسك به الجندي و يبدو على وجهه الشر و الغضب و الكراهية ... أيقنت أن ضربة عصا ذلك الجندي ستشج رأس المتظاهر ، فوقفت بينهما و ربت على كتف الجندي " خلاص ، خلاص ، معلش" و سحبت المتظاهر بعيدا - بمقاييس المظاهرة بعيدا تعني حوالي نصف متر-
يقول المتظاهر لي " مش قادر أدوس على رجلي ، رجلي اتكسرت" و يتعلق بي... أحاول أن أساعده في الخروج و أنا غير مقتنع بما يقوله ، تبدو ثغرة وسط الجنود فأدفعه عبرها نحو الرصيف و لا أخرج خلفه...
تدافع جديد و رأيت محمد عبد القدوس يتدحرج على الارض أمامي ، يتلوه "الجد" ذو الشعر الأبيض ... يقف عبد القدوس من جديد... و قبلها دفعوه فتلقفته بين ذراعيَّ و قلت له " حاسب يا أستاذ محمد"... كان حماسه كابن العشرين...
( محمد عبد القدوس -لمن لا يعرفه- صحفي مصري ابن الروائي الشهير احسان عبد القدوس و حفيد فاطمة اليوسف مؤسسة روز اليوسف ، صهر الشيخ الغزالي رحمه الله ،
عسكري المرور يظهر من وسط "المطحنة" و هو يمسك قبعته بيديه ، يمسح عرقه و يلهث... يقف على الرصيف ، فتتحدث معه "الحاجة" و هي سيدة مسنة تلبس الخمار - و عليه شعار كفاية - و تبدو كأي أم مصرية تقليدية ، و أراها دائما في المظاهرات... يتقبل ما تقوله الحاجة و يؤمن على دعواتها على مبارك...
فوضى ، فوضى ، فوضى...
ضابط شاب من الأمن المركزي يعطي تعليمات لجنود وحدته : " محدش يرفع عصايته ، محدش فيكم يرفع عصايته ، فاهمين؟"
أستمع لمجند من الأمن المركزي يتمتع بحس دعابة يقول لزميله ساخرا مغيرا نغمة صوته : " لو مكناش في الأمن ، كان زمانا كنا معاهم"... أبتسم على سخريته الحادة من محاولات المتظاهرين البسيطة لاستمالة الجنود...
انفتحت ثغرة كبيرة أخيرا و اندفع المتظاهرون ليكسروا خط الجنود لتلتحم المظاهرتان المنفصلتان ببعضهما ، تدافع مريع ، أجد نفسي محمولا مع تيار بشري كبير الى الخلف فالى اليسار ، صراخ و أشخاص يتعثرون...
مريم تتقافز هنا و هناك ، تصعد على الحواجز و تقود الهتاف .... كانت ترتدي الحجاب في بداية المظاهرة ثم ربطته الآن كايشارب على رأسها... يسألني من يقف بجواري عنها فأقول له : " هيا دي اللي عاملة قلق في المظاهرة" فيوافقني بهزة من رأسه.
حسين عبد الغني مدير مكتب الجزيرة في القاهرة يرتدي بدلة متانقة دون ربطة عنق و يقف و يشير للعاملين معه بما يقومون به ، يجذبون الأسلاك و ينفذون ما طلبه موجهين خطابهم له ب" يا باشا".... يقدم متظاهر حلوى لحسين عبد الغني فأتعجب و أقول لمصطفى : "كأنه بابا فؤاد مثلا..."
أخرج لأجد المتظاهر المصاب في قدمه جالسا على الأرض و بجواره صحفي يكتب تقريرا على كمبيوتر لابتوب...
" انت كويس؟"
" كده تسيبني يا زميل؟"
أشعر بالخجل و ألوم نفسي على عدم تصديقي له و تركه بقدمه المكسورة وحيدا..
و ان كدت أضحك على كلمة "زميل" ، و حمدت الله على انه لم يقل "رفيق" اذ كنت سأشعر ساعتها أنني أعيش احدى روايات صنع الله ابراهيم - كما قال محمد من قبل-..
وجدته يقوم بتهجئة اسمه للمراسل لكي يذكره في تقريره ، و يقول له أنه من حزب التجمع ، ثم يحاول لفت انتباه الاعلاميين بأن يصرخ متألما و يقول " يسقط الحزب الواطي اللاديموقراطي"
ثم عندما اقترب منه الاعلاميون اتخذ pose نضالية و ضم قبضته في الهواء و اخذ يقول : " حتى لو قتلونا ، فسنظل نناضل حتى آخر قطرة من دمنا"
لمت نفسي على تصديقه ، و زفرت في ضيق...
أقف مع مصطفى و نقابل جوش و نبادله الحديث ، يقول أنه تلقى ضربة عصا على رأسه و يضحك و يقول : " كله في سبيل الديموقراطية"
المظاهرة تنتهي...
يرى علاء اللواء الذي أشرف على ضربه هو و والدته يوم الاستفتاء فيقف فوق الحاجز و ينادي عليه... يتردد هتاف " شايفينكم.. شايفينكم..." ( بعد الاستفتاء أعلن عن انشاء مجموعة تريد مراقبة التحرش بالنساء في الانتخابات القادمة تحت اسم شايفينكم ، الا أنني لم أسمع عنها شيئا بعد ذلك)
يلقي بعض المتفرجين من الأدوار العلوية زجاجة مياه لمريم التي أعادت ارتداء حجابها...
تقفز مريم فوق سور حديدي و تحاول الهتاف فتفقد توازنها و تسقط فتقوم من الأرض ضاحكة ... تحاول أن تهتف من جديد فيقول لها كمال خليل ضاحكا : " بت يا مريم ، اسكتي يا اما و الله هآجي أضربك"
يلاحظ عمرو اتجاه نظراتي فيضحك و يقول : " لقيت حد تكتب عنه النهاردة؟" ( آه يا عمرو! سأجد بعد دقائق الكثير لأكتب عنه!)
أحكي لمصطفى عن المتظاهر ذي القدم المكسورة - افتراضا- و اعبر له عن شكوكي فيقول لي أنه شاهد عربة اسعاف تنقله... آخ! لا أعرف ماذا أصدق!
نغادر سويا ، و يقول لنا ضابط : " اتفضل يا أستاذ ، اتفضل يا استاذ" مصمما أن نبتعد بسرعة عن مكان المظاهرة...
يسألنا رجل يمشي مع ابنه : " هوا في ايه في مصر؟"
نشرح له سبب المظاهرة و أقول له " بص ، طيب سيبك من السياسيين ، أي حد غلبان ملوش ضهر بيدخل القسم بيحصله ايه؟"
"بيتنفخ"
نتحدث قليلا عن "الحل" ، و لكنه يصمم أن لا فائدة و أنه بفرض أنه كأي مواطن آخر نزل و اشترك في مظاهرة ، و رمي في السجن .... ربت على شعر ابنه و قال : " العيال دول هيحصلهم ايه؟" ثم أضاف " و في الآخر أحمد زي الحاج أحمد"
نعبر بجوار حسين عبد الغني و يشير لنا عمرو ان نقترب...
(استطراد: أتذكر بينما أكتب الآن ما فكرت فيه منذ ما يقارب العام عندما قرأت في فترة متقاربة رواية حد الغواية لعمرو عافية و رواية الباذنجانة الزرقاء لميرال الطحاوي... تدور أحداث الروايتين في مجتمع الجامعة المصري في السبعينات في وقت انحسار اليسار و صعود الاسلاميين... الرواية الأولى تحكي حكاية تلك الفترة : حكاية الشباب المستنير المثقف المؤمن الوطني الواعي ، مقابل المتعصبين المنغلقين المتطرفين المكبوتين الحاقدين... لم تكن الرواية بهذا السوء و التحيز ، بل على العكس كانت جيدة جدا... ما أعنيه هنا هو أن أبطال تلك الرواية تصرفوا دوما وفق مبادئهم ... كانوا أبطالا و لم يكونوا بشرا... و بطلة الرواية هي الأم الرؤوم الحلم ... الرواية الثانية تروي حكايات الانكسار و الخيانة و الانفصال و الأحلام و العلاقات بين طرفي المواجهة و الصراع داخل نفوس الأبطال،الذين كانوا يرتكبون الاخطاء من المعسكرين... كان أبطال الرواية بشرا...
الحقيقة دوما مليئة بتفاصيل غير ضرورية يمكن تجاوزها لجعل الصورة لامعة و الألوان أزهى و أكثر اتساقا : الأبيض في مواجهة الأسود...
أتمنى أن يكون ما عنيته واضحا...)
اقرأ عن التعذيب في مصر:
وباء التعذيب في مصر
بدون حماية – استمرار التعذيب المنظم
خبرات نساء فى أقسام الشرطة
شهداء ضحايا و جلادين
شهادات من ضحايا التعذيب و ذويهم
شاهد:
أب يعترف بقتل ابنته التي لا زالت على قيد الحياة تحت التعذيب
الاثنين، يونيو ٢٧، ٢٠٠٥
في لاظوغلي
ستكون تغطية مظاهرة لاظوغلي مختلفة قليلا
اذ ستخلو من الصور
فضلا عن أن الوصف سيبدأ من عند نهاية المظاهرة ، لأعود الى المظاهرة ذاتها في وقت لاحق
***********
انتهت المظاهرة و بدأ المشاركون في المغادرة ، أمشي مع مصطفى ، نسمع حسين عبد الغني مدير مكتب الجزيرة في القاهرة يتحدث في الهاتف : " ايوه يا سعادة الباشا ، المظاهرة جنب وزارة الداخلية مظهر حضاري طبعا..... و طبعا حضرتك عارف المكانة العالمية للمحطة و تأثيرها" ، أتبادل أنا و مصطفى النظرات و يقول لي : " he's strucking a dirty deal!" نعبر الى الجانب الآخر من ميدان لاظوغلي ، يشير لنا عمرو أن نقترب. حاجز أمني يغلق ذلك الشارع الذي يضم وزارتي الداخلية و العدل. تشتبك د.ليلى سويف - من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات- في نقاش حاد مع رجال الأمن في ملابس الشرطة البيضاء و في الملابس العادية من مباحث أمن الدولة مصممة على المغادرة من ذلك الشارع. يزداد التوتر عندما يقول سيف الاسلام حمد - مدير مركز هشام مبارك للقانون- أنه شاهد شخصا يتعرض للاعتقال في نهاية ذلك الشارع ، يدفع علاء رجال الأمن و جنود الامن المركزي محاولا العبور ، صراخ و تدافع ، يدفع مخبر علاء في صدره فيصرخ علاء : "متزقنيش" و يدفعه بدوره ليسقط المخبر أرضا ، أبدأ في تصوير ذلك التدافع و عندها يقترب مني أحد عناصر أمن الدولة و يضع يده على الكاميرا و يجذبها للاسفل بمعنى توقف عن التصوير... يقول لواء شرطة أن أحدا لن يتعرض للاعتقال و يعد بذلك ... كانت مصورة صحفية تحمل كاميرا فيديو تقف الى جواري و صحفي أجنبي آخر... سينصرفان بعد ثوان و بذلك لن يتبقى أي من الاعلاميين..
مزيد من الشد و الجذب ، و أشاهد مخبرا يدعي أن عمرو تسبب في جرحه و اسالة دمه و أنه "مواطن عادي" و " حرام عليك كده".... تجذب عناصر الأمن في ملابس عادية عمرو الى اليسار ... أتجه ناحيته و أخلصه من أيديهم بمساعدة منال... أبحث عن أحمد لأفاجئ به يُدفع جهة اليمين و يصيحون فيه : " امش من هنا" و يتبادل الجدال و الدفع مع من يمسكون به.... يمسك عناصر في ملابس عادية بعمرو من جديد ، أحدهم يحيطه بذراعيه و آخر يضع يده حول رقبته و آخر يدفعه من الخلف ، أطاردهم في الشارع الأيمن و ألتقط عددا من الصور لذلك المشهد... يمد أحدهم يده ناحية الكاميرا فأتفاداه.. يدفعونني قليلا... ثم يحيطني خمسة منهم و يقولون : "هناخد الكاميرا"... أصرخ :"لأ".... ألف حبل الكاميرا حول معصمي و أتمسك بها بينما يجذبونها مني... أصرخ محاولا لفت انتباه من يقفون عند الميدان : " سيبوني... سيبوني يا ولاد ال..."... لم أكمل السباب ، و غلبني رفضي لاستخدام السباب في السياسة.... الأمر السوريالي بالفعل هو أن أحدهم قال لي بتقوى عندما سمع لفظة ولاد ال.. غير المكتملة - و هو و زملاؤه يمسكون بي ، و نحن جميعا نتصارع على الكاميرا- : " لأ ، عيب كده".... بينما أكتب الآن أجد أنه كان علي أن أفعل أشياء مختلفة في ذلك الموقف ، و لكن أثناءه توقف عقلي عن العمل تماما ، أصبح خاليا و كنت أتصرف برد الفعل فقط... تمزق الحبل و حصلوا على الكاميرا ، و بدأ أحدهم في دفعي في ظهري بعيدا و توجيه الركلات لي لما يقارب دقيقة ... دفعني بعيدا باتجاه نهاية الشارع مشيعا بالدفع و "الشلاليت" و السباب الموجه لي و لأهلي...
يظهر علاء و يسألني عن الذي حدث فأخبره ، يمسك محام بيدي و يسألني : " تعرف تطلع مين اللي خد الكاميرا؟" أجيبه بنعم ، نعود الى المكان فلا نجدهم ، اقابل مصطفى الذي قال لي أنه كان يقف خلفي و عندما بدؤوا في مهاجمتي فوجئ بمن يخطف الكاميرا من يده و أحاط به عدد من رجال الأمن في ملابس عادية - و احدهم يمسك لاسلكي- و قاموا بضربه...
نظالبهم باعادة الكاميرات ، و لكنهم يقولون :" الكاميرات راحت خلاص"... تصر د.ليلى على المشي من شارع وزارة الداخلية...يقول اللواء الذي ظهر على صورة "حاكموه" : "كبر دماغك يا علاء" مطالبا اياه بأن يغادر من طريق آخر.. يفتحون ذلك الشارع لمرور العربات و يحاصرنا الجنود في دائرة كاملة قطرها حوالي ثلاثة امتار.... سنبقى في داخل ذلك الحصار لما يقارب الساعة... نجلس على الرصيف و أجلس بجوار مصطفى و عقلي لا يزال عاجزا عن التفكير.... أرغب في أن ينتهي الموقف و أن أختلي بنفسي لأستعيد صفاء ذهني... أظل صامتا بينما يتناقش من في داخل الدائرة مع عناصر الأمن خارجها الذين يقولون: " مش وصلتوا الرسالة خلاص ، لازم تمشوا من الشارع ده؟" ، " احنا مش ضدكم يا جماعة" ... و وصل الأمر للسوريالية من جديد عندما تناقش الجانبان عن الديموقراطية والانتخابات الرئاسية المقبلة... أثناء المناقشة ، وعندما سُئِلوا عن الكاميرات ، قال أحدهم مبتسما ابتسامة عريضة نصف متخابثة نصف ساخرة: "عادي ، تعالوا القسم ، و اعملوا محضر و نوريكم صور المسجلين خطر " يقول مصطفى أنهم كانوا يمسكون بلاسلكي فيقول : " و ماله ؟ ممكن نصابين و منتحلين شخصية؟"
يجري من في داخل الدائرة العديد من الاتصالات التليفونية... يلفت مصطفى نظري الى ضابط شاب في ملابس الشرطة يلتقط صورا لنا بكاميرا صغيرة... لا أظن ان التقاطه الصور كان مرتبطا بعمله ، فمن يقوم بذلك عادة آخرون في ملابس مدنية .... فكرت أنه يلتقط الصور ليريها لخطيبته :" شايفة يا حياتي ازاي محاصر القلة المندسة؟"
يصل عدد من أعضاء كفاية الذين كانوا قد غادروا الى النقابة بعد الاتصال بهم... قوبلوا بتنهدات "أخيرا".... يوافق الامن على أن نغادر من ذلك الشارع بشرط أن لا نرفع اللافتات ... لم يقبلوا أبدا فكرة رفع لافتة " أقيلوه" فوق صورة وزير الداخلية العادلي أمام مبنى وزارتهم..
نمشي ، و بعد عدة دقائق نقرر أن نفترق ، يقول المحامي الشاب : " يا جماعة شوفوا انتم رايحين فين ، عشان أنا المحامي الوحيد فيكم و مقدرش أسيبكم" نؤكد له أننا سنغادر و ان اليوم انتهى... أمشي أنا و مصطفى... نتساند سويا...أحاول أن أبحث عن سبب لعدم ردي ضرباتهم... المفاجاة؟ عدم الاعتياد؟ أنني لم أشترك في مشاجرة منذ أن كنت طفلا؟ الخوف؟ ظني أنهم سيتوقفون عن الضرب اذا لم أقاوم؟ ربما تعجبي من أنهم يستهدفونني مع أنني كنت على طرف المشهد أصور و أراقب؟
نصل نقابة الصحفيين و نتجاهل المتظاهرين على السلالم و جحافل الأمن المحيطة، ندخل النقابة.. أجلس بجوار مصطفى في صمت.. يقول لي : " عارف ، هما أقويا قوي" .. أساله: " بدنيا؟" يقول :" لأ ، أقويا علينا" أؤيده : " بيتصرفوا كأن عندهم كل القوة" يقول لي:" مش بيتصرفوا و بس ،هما فعلا كده، يعني هما يقدروا يعملوا أي حاجة ، ممكن يعملوا اللي هما عايزينه فينا"
أحدث مصطفى عن شعوري بالاهانة ، و أنني للمرة الأولى في حياتي أعامل كشيئ معدوم القيمة...
ينصرف مصطفى ، و أبقى جالسا ، لا زلت عاجزا عن التفكير....
بعد قليل صعدت الى الدور الرابع حيث عقدوا مؤتمرا ضد التعذيب ... على الباب كانوا يوزعون أوراقا و كتيبات عن التعذيب..
على المنصة جلس محمد عبد القدوس و كمال خليل و سيف الاسلام حمد..
بدأ محمد عبد القدوس الحديث ، و تلاه كمال خليل ... على الرغم من أنني لم أكن في أفضل حالاتي لاحظت على الفور الكاريزمية الطاغية لكمال خليل، و الذي تحدث - و هو مدير مركز الدراسات الاشتراكية- بصورة أساسية و مطولة عن التعذيب الذي يتعرض له الاسلاميون ، راويا حكايات عن اعتقال الأشخاص بتهمة وحيدة هي تدينهم أو حرصهم على اداء الصلاة في الجامع... و حكى حكاية "طريفة" عن حلاق يقص له شعره في السجن و هو يدخن، فسأله عن سبب وجوده ، فأجاب الحلاق :" جماعة اسلامية ، عشر سنين حبس احتياطي"، فقال له كمال: " ازاي جماعة اسلامية و بتدخن؟" قال له: " انا لا جماعة اسلامية و لا حاجة ، كان في راجل عامل عقيقة " سبوع اسلامي" ، رحت عشان آكل ، و من ساعتها و أنا هنا"
انصرفت عاجزا عن مواصلة الاستماع ، و صعدت الى الطابق الاخير بالنقابة ( مطعم و كافيتيريا) ، و جلست محاولا تصفية ذهني ، كان هناك من يعزف على العود ، فأغلقت عينيَّ و استمعت له... كانوا يقيمون حفلة صغيرة للكاتب الناصري محمد عودة بمناسبة حصوله على جائزة تقديرية... و كان معظم طاقم جريدة العربي الناصرية موجودا....
أفكر أنني تعرضت للضرب و الاهانة و السرقة في قلب القاهرة في وضح النهار أمام مبنى وزارة "العدل" و مبنى وزارة " الداخلية"... و الطريف أن ذلك تم على يد رجال الأمن...
أشعر بالضعف و الاذلال ، و أفكر انني لا يجب أن أشعر بذلك لأن ما حدث لي كان بسيطا مقارنة بما حدث للفتيات في 25 مايو ، او بما يحدث في السجون و اقسام الشرطة... و لكنني لا أنجح في التخلص من ذلك الشعور...
أغادر و أعود للمنزل ، أحاول النوم فأفشل ، و كلما أغلقت عيني أشاهد ما حدث لي مرة أخرى ....
أحاول أن أقرأ و لكن عقلي يعجز عن ايصال الكلمات ببعضها لتكوين الجمل ... أتناول الطعام فيبعث فيَّ شعورا بالغثيان...
بعد ساعات... أنام..
اذ ستخلو من الصور
فضلا عن أن الوصف سيبدأ من عند نهاية المظاهرة ، لأعود الى المظاهرة ذاتها في وقت لاحق
***********
انتهت المظاهرة و بدأ المشاركون في المغادرة ، أمشي مع مصطفى ، نسمع حسين عبد الغني مدير مكتب الجزيرة في القاهرة يتحدث في الهاتف : " ايوه يا سعادة الباشا ، المظاهرة جنب وزارة الداخلية مظهر حضاري طبعا..... و طبعا حضرتك عارف المكانة العالمية للمحطة و تأثيرها" ، أتبادل أنا و مصطفى النظرات و يقول لي : " he's strucking a dirty deal!" نعبر الى الجانب الآخر من ميدان لاظوغلي ، يشير لنا عمرو أن نقترب. حاجز أمني يغلق ذلك الشارع الذي يضم وزارتي الداخلية و العدل. تشتبك د.ليلى سويف - من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات- في نقاش حاد مع رجال الأمن في ملابس الشرطة البيضاء و في الملابس العادية من مباحث أمن الدولة مصممة على المغادرة من ذلك الشارع. يزداد التوتر عندما يقول سيف الاسلام حمد - مدير مركز هشام مبارك للقانون- أنه شاهد شخصا يتعرض للاعتقال في نهاية ذلك الشارع ، يدفع علاء رجال الأمن و جنود الامن المركزي محاولا العبور ، صراخ و تدافع ، يدفع مخبر علاء في صدره فيصرخ علاء : "متزقنيش" و يدفعه بدوره ليسقط المخبر أرضا ، أبدأ في تصوير ذلك التدافع و عندها يقترب مني أحد عناصر أمن الدولة و يضع يده على الكاميرا و يجذبها للاسفل بمعنى توقف عن التصوير... يقول لواء شرطة أن أحدا لن يتعرض للاعتقال و يعد بذلك ... كانت مصورة صحفية تحمل كاميرا فيديو تقف الى جواري و صحفي أجنبي آخر... سينصرفان بعد ثوان و بذلك لن يتبقى أي من الاعلاميين..
مزيد من الشد و الجذب ، و أشاهد مخبرا يدعي أن عمرو تسبب في جرحه و اسالة دمه و أنه "مواطن عادي" و " حرام عليك كده".... تجذب عناصر الأمن في ملابس عادية عمرو الى اليسار ... أتجه ناحيته و أخلصه من أيديهم بمساعدة منال... أبحث عن أحمد لأفاجئ به يُدفع جهة اليمين و يصيحون فيه : " امش من هنا" و يتبادل الجدال و الدفع مع من يمسكون به.... يمسك عناصر في ملابس عادية بعمرو من جديد ، أحدهم يحيطه بذراعيه و آخر يضع يده حول رقبته و آخر يدفعه من الخلف ، أطاردهم في الشارع الأيمن و ألتقط عددا من الصور لذلك المشهد... يمد أحدهم يده ناحية الكاميرا فأتفاداه.. يدفعونني قليلا... ثم يحيطني خمسة منهم و يقولون : "هناخد الكاميرا"... أصرخ :"لأ".... ألف حبل الكاميرا حول معصمي و أتمسك بها بينما يجذبونها مني... أصرخ محاولا لفت انتباه من يقفون عند الميدان : " سيبوني... سيبوني يا ولاد ال..."... لم أكمل السباب ، و غلبني رفضي لاستخدام السباب في السياسة.... الأمر السوريالي بالفعل هو أن أحدهم قال لي بتقوى عندما سمع لفظة ولاد ال.. غير المكتملة - و هو و زملاؤه يمسكون بي ، و نحن جميعا نتصارع على الكاميرا- : " لأ ، عيب كده".... بينما أكتب الآن أجد أنه كان علي أن أفعل أشياء مختلفة في ذلك الموقف ، و لكن أثناءه توقف عقلي عن العمل تماما ، أصبح خاليا و كنت أتصرف برد الفعل فقط... تمزق الحبل و حصلوا على الكاميرا ، و بدأ أحدهم في دفعي في ظهري بعيدا و توجيه الركلات لي لما يقارب دقيقة ... دفعني بعيدا باتجاه نهاية الشارع مشيعا بالدفع و "الشلاليت" و السباب الموجه لي و لأهلي...
يظهر علاء و يسألني عن الذي حدث فأخبره ، يمسك محام بيدي و يسألني : " تعرف تطلع مين اللي خد الكاميرا؟" أجيبه بنعم ، نعود الى المكان فلا نجدهم ، اقابل مصطفى الذي قال لي أنه كان يقف خلفي و عندما بدؤوا في مهاجمتي فوجئ بمن يخطف الكاميرا من يده و أحاط به عدد من رجال الأمن في ملابس عادية - و احدهم يمسك لاسلكي- و قاموا بضربه...
نظالبهم باعادة الكاميرات ، و لكنهم يقولون :" الكاميرات راحت خلاص"... تصر د.ليلى على المشي من شارع وزارة الداخلية...يقول اللواء الذي ظهر على صورة "حاكموه" : "كبر دماغك يا علاء" مطالبا اياه بأن يغادر من طريق آخر.. يفتحون ذلك الشارع لمرور العربات و يحاصرنا الجنود في دائرة كاملة قطرها حوالي ثلاثة امتار.... سنبقى في داخل ذلك الحصار لما يقارب الساعة... نجلس على الرصيف و أجلس بجوار مصطفى و عقلي لا يزال عاجزا عن التفكير.... أرغب في أن ينتهي الموقف و أن أختلي بنفسي لأستعيد صفاء ذهني... أظل صامتا بينما يتناقش من في داخل الدائرة مع عناصر الأمن خارجها الذين يقولون: " مش وصلتوا الرسالة خلاص ، لازم تمشوا من الشارع ده؟" ، " احنا مش ضدكم يا جماعة" ... و وصل الأمر للسوريالية من جديد عندما تناقش الجانبان عن الديموقراطية والانتخابات الرئاسية المقبلة... أثناء المناقشة ، وعندما سُئِلوا عن الكاميرات ، قال أحدهم مبتسما ابتسامة عريضة نصف متخابثة نصف ساخرة: "عادي ، تعالوا القسم ، و اعملوا محضر و نوريكم صور المسجلين خطر " يقول مصطفى أنهم كانوا يمسكون بلاسلكي فيقول : " و ماله ؟ ممكن نصابين و منتحلين شخصية؟"
يجري من في داخل الدائرة العديد من الاتصالات التليفونية... يلفت مصطفى نظري الى ضابط شاب في ملابس الشرطة يلتقط صورا لنا بكاميرا صغيرة... لا أظن ان التقاطه الصور كان مرتبطا بعمله ، فمن يقوم بذلك عادة آخرون في ملابس مدنية .... فكرت أنه يلتقط الصور ليريها لخطيبته :" شايفة يا حياتي ازاي محاصر القلة المندسة؟"
يصل عدد من أعضاء كفاية الذين كانوا قد غادروا الى النقابة بعد الاتصال بهم... قوبلوا بتنهدات "أخيرا".... يوافق الامن على أن نغادر من ذلك الشارع بشرط أن لا نرفع اللافتات ... لم يقبلوا أبدا فكرة رفع لافتة " أقيلوه" فوق صورة وزير الداخلية العادلي أمام مبنى وزارتهم..
نمشي ، و بعد عدة دقائق نقرر أن نفترق ، يقول المحامي الشاب : " يا جماعة شوفوا انتم رايحين فين ، عشان أنا المحامي الوحيد فيكم و مقدرش أسيبكم" نؤكد له أننا سنغادر و ان اليوم انتهى... أمشي أنا و مصطفى... نتساند سويا...أحاول أن أبحث عن سبب لعدم ردي ضرباتهم... المفاجاة؟ عدم الاعتياد؟ أنني لم أشترك في مشاجرة منذ أن كنت طفلا؟ الخوف؟ ظني أنهم سيتوقفون عن الضرب اذا لم أقاوم؟ ربما تعجبي من أنهم يستهدفونني مع أنني كنت على طرف المشهد أصور و أراقب؟
نصل نقابة الصحفيين و نتجاهل المتظاهرين على السلالم و جحافل الأمن المحيطة، ندخل النقابة.. أجلس بجوار مصطفى في صمت.. يقول لي : " عارف ، هما أقويا قوي" .. أساله: " بدنيا؟" يقول :" لأ ، أقويا علينا" أؤيده : " بيتصرفوا كأن عندهم كل القوة" يقول لي:" مش بيتصرفوا و بس ،هما فعلا كده، يعني هما يقدروا يعملوا أي حاجة ، ممكن يعملوا اللي هما عايزينه فينا"
أحدث مصطفى عن شعوري بالاهانة ، و أنني للمرة الأولى في حياتي أعامل كشيئ معدوم القيمة...
ينصرف مصطفى ، و أبقى جالسا ، لا زلت عاجزا عن التفكير....
بعد قليل صعدت الى الدور الرابع حيث عقدوا مؤتمرا ضد التعذيب ... على الباب كانوا يوزعون أوراقا و كتيبات عن التعذيب..
على المنصة جلس محمد عبد القدوس و كمال خليل و سيف الاسلام حمد..
بدأ محمد عبد القدوس الحديث ، و تلاه كمال خليل ... على الرغم من أنني لم أكن في أفضل حالاتي لاحظت على الفور الكاريزمية الطاغية لكمال خليل، و الذي تحدث - و هو مدير مركز الدراسات الاشتراكية- بصورة أساسية و مطولة عن التعذيب الذي يتعرض له الاسلاميون ، راويا حكايات عن اعتقال الأشخاص بتهمة وحيدة هي تدينهم أو حرصهم على اداء الصلاة في الجامع... و حكى حكاية "طريفة" عن حلاق يقص له شعره في السجن و هو يدخن، فسأله عن سبب وجوده ، فأجاب الحلاق :" جماعة اسلامية ، عشر سنين حبس احتياطي"، فقال له كمال: " ازاي جماعة اسلامية و بتدخن؟" قال له: " انا لا جماعة اسلامية و لا حاجة ، كان في راجل عامل عقيقة " سبوع اسلامي" ، رحت عشان آكل ، و من ساعتها و أنا هنا"
انصرفت عاجزا عن مواصلة الاستماع ، و صعدت الى الطابق الاخير بالنقابة ( مطعم و كافيتيريا) ، و جلست محاولا تصفية ذهني ، كان هناك من يعزف على العود ، فأغلقت عينيَّ و استمعت له... كانوا يقيمون حفلة صغيرة للكاتب الناصري محمد عودة بمناسبة حصوله على جائزة تقديرية... و كان معظم طاقم جريدة العربي الناصرية موجودا....
أفكر أنني تعرضت للضرب و الاهانة و السرقة في قلب القاهرة في وضح النهار أمام مبنى وزارة "العدل" و مبنى وزارة " الداخلية"... و الطريف أن ذلك تم على يد رجال الأمن...
أشعر بالضعف و الاذلال ، و أفكر انني لا يجب أن أشعر بذلك لأن ما حدث لي كان بسيطا مقارنة بما حدث للفتيات في 25 مايو ، او بما يحدث في السجون و اقسام الشرطة... و لكنني لا أنجح في التخلص من ذلك الشعور...
أغادر و أعود للمنزل ، أحاول النوم فأفشل ، و كلما أغلقت عيني أشاهد ما حدث لي مرة أخرى ....
أحاول أن أقرأ و لكن عقلي يعجز عن ايصال الكلمات ببعضها لتكوين الجمل ... أتناول الطعام فيبعث فيَّ شعورا بالغثيان...
بعد ساعات... أنام..
الاثنين، يونيو ٢٠، ٢٠٠٥
من البحرين
في الأخبار تحدثوا عن تعرض متظاهرين بحرينيين للضرب على يد الأمن...
لجأت على الفور إلى المدونين البحرينيين عالما بأنني سأجد تغطية أفضل بكثير هناك...
و هو ما كان...
تحدث محمود اليوسف عن الموضوع
أما شنعد - من رُشِّح معي لجائزة مراسلين بلا حدود لأفضل مدونة تدافع عن حرية التعبير ، و خسرناها سوية :) - فقدم مصادر متنوعة للأخبار و منها موضوع في أحد أكثر المنتديات البحرينية شهرة ( انظر قضية بحرين أونلاين)
و عوض شنعد غيابه عن المظاهرة الصباحية بتواجده عند الافراج عن بعض المعتقلين مُقَدِّماً تقريرا مصورا..
التقط أفراد عاديون الصور التي شاهدتها منشورة عند محمود أو شنعد بكاميراتهم الرقمية أو بكاميرات هواتفهم المحمولة (و فيها جميعا يبدو أشخاص آخرون يواصلون التقاط الصور) ....
و وصلتني على بعد آلاف الأميال بعد ساعات من حدوث الحدث...
لم يعد بإمكانهم - في كل مكان من عالمنا العربي- التستر على جرائمهم و حماقاتهم بمثل البساطة القديمة...
و لم تعد قنوات الاعلام القديمة المسدودة و المعطوبة و المتحيزة في أحوال كثيرة هي المصدر الوحيد للمعرفة....
لجأت على الفور إلى المدونين البحرينيين عالما بأنني سأجد تغطية أفضل بكثير هناك...
و هو ما كان...
تحدث محمود اليوسف عن الموضوع
أما شنعد - من رُشِّح معي لجائزة مراسلين بلا حدود لأفضل مدونة تدافع عن حرية التعبير ، و خسرناها سوية :) - فقدم مصادر متنوعة للأخبار و منها موضوع في أحد أكثر المنتديات البحرينية شهرة ( انظر قضية بحرين أونلاين)
و عوض شنعد غيابه عن المظاهرة الصباحية بتواجده عند الافراج عن بعض المعتقلين مُقَدِّماً تقريرا مصورا..
التقط أفراد عاديون الصور التي شاهدتها منشورة عند محمود أو شنعد بكاميراتهم الرقمية أو بكاميرات هواتفهم المحمولة (و فيها جميعا يبدو أشخاص آخرون يواصلون التقاط الصور) ....
و وصلتني على بعد آلاف الأميال بعد ساعات من حدوث الحدث...
لم يعد بإمكانهم - في كل مكان من عالمنا العربي- التستر على جرائمهم و حماقاتهم بمثل البساطة القديمة...
و لم تعد قنوات الاعلام القديمة المسدودة و المعطوبة و المتحيزة في أحوال كثيرة هي المصدر الوحيد للمعرفة....
الأحد، يونيو ١٩، ٢٠٠٥
مجتبى
*محدًّث
*نشر المتن الاصلي في 8 يونيو 2005
حكم بالحبس لمدة عامين على مجتبى المدون الايراني بتهمة "اهانة المرشد الأعلى للثورة الايرانية" على صفحات مدونته....
لا يزال مجتبى ينتظر محاكمة أخرى بتهمة "اهانة الانبياء و الأئمة المعصومين" و هي تهمة قد تصل عقوبتها في حال ادانته الى الاعدام...
بدأت مشاكل مجتبى مع السلطات عندما تحدث عن اعتقال مدونين آخرين ، فتم اعتقاله لمدة ثلاثة شهور و عند الافراج عنه بعدها قام بانشاء مدونة اكثر صراحة تسببت في مشاكله الحالية....
تهتم مراسلون بلا حدود و لجنة حماية المدونين بقضية مجتبى ، و أنشأ مجموعة من المدونين الايرانيين مدونة للتضامن معه...
هل ضغوط المواقع الثلاثة و حملاتها للتضامن على الانترنت كافية للافراج عن مجتبى؟
أتمنى ذلك ، و ان كنت أعتقد أن الاهتمام الدولي قد يعمل بصورة عكسية في بعض الأحيان....
أتذكر هنا حالة الطالب الايراني أحمد باطبي ... الذي ظهرت صورته على غلاف مجلة الايكونوميست أثناء مظاهرة في الجامعة ضد منع صحيفة اصلاحية ايرانية يحمل قميصا ملطخا بالدم لزميل له بعد تعرض المتظاهرين للضرب...
تحولت صورة أحمد الى رمز للحركة الطلابية.... و ، تعرفت عليه السلطات و حاكمته ، و حكمت عليه بالاعدام بتهمة تشويه سمعة الثورة!
نتيجة ضغوط دولية تم تخفيف الحكم الى عشرة أعوام ، ثم تم الافراج عنه "افراجا مؤقتا" و هو ما يمكن السلطات من اعادة احتجازه و الافراج عنه عندما تريد( و هو ما قامت به عدة مرات)...
أتمنى ان يكون حظ مجتبى أفضل من حظ أحمد :
"تعرض أكبر محمدي وأحمد باطبي للتعذيب في مركز "توحيد" للاحتجاز. وقد أُغلق مركز "توحيد" الذي كانت تديره وزارة الاستخبارات في أغسطس/آب 2000 بأمر من السلطة القضائية. وقال أكبر محمدي إنه تعرض للجلد على باطن قدميه بأسلاك معدنية، وإنه عُلق من يديه وقدميه، وتعرض للضرب المتكرر. وقال أحمد باطبي إنه تعرض للضرب وهو معصوب العينين مقيد اليدين وأُمر بتوقيع اعتراف. وورد أنه كتب أن رأسه دُفعت في قناة صرف مليئة بالغائط وأُبقيت كذلك لإرغامه على استنشاق الغائط في أنفه وفي فمه. "
*تحديث بتاريخ 19 يونيو 2005:
ناقشت ما كتبته هنا مع صديقة ايرانية هي نيكيأخافان اخوان ، فرأيت أن ما كتبته يطرح جوانب أخرى تستحق الاهتمام..
( أنشر هنا ترجمة لرسالتها نقلا عن الانجليزية)
عزيزي محمد،
دعني أقدم لك أفكاري المبعثرة عن هذه القضية.
هناك بالطبع تحفظاتي المعتادة فيما يخص المجموعة التي تتحدث باسم مجتبى ، و لكن في الوقت ذاته أتفهم رؤيتك. لا يمكن أن يكون دعمك و دعم مجموعة المدونين الآخرين له - مع ملاحظة كونك مصرياً مسلماً - الا ذا نتيجة ايجابية ... طالما لم يستغلوا أصواتكم..
تقلبات السياسة الداخلية المحيطة بهذه القضية شديدة التعقيد و التناقض بصورة دفعتني إلى الابتعاد عنها كلية. في الواقع ، بقيت بعيدة عنها بصورة أساسية بسبب عوامل خارجية ( ايرانيو المهجر ، قوى خارجية تحاول فرض نفسهاعلى ايران) ، و لكن العوامل الداخلية لعبت دوراً أيضاً.
هل تتذكر المدون آراش سيجارشي و الحكم المروع الذي حصل عليه بالحبس لمدة ثلاثة عشر
عاما؟ أطلق سراحه دون تفسير ... أصبح حرا بهذه البساطة... بوجود هذه العوامل ، يبدأ الناس ( بما فيهم أنا) بفقد الاهتمام بعد مرور فترة الاعتقال /الاتها م/ الحكم ... يعلم الله وحده كيف حدث ما حدث في قضية سيجارشي...
بصراحة ، و على عكس ما يحاول ايرانيو المهجر و القوى الخارجية اقناعنا ، فان وضع المدونين في ايران ليس سيئا لهذه الدرجة ، و الأكيد أنه لا يصل لدرجة الوضع الطارئ. لا زالت هناك محاولات للتخويف و القمع و الرقابة ، و لكن عندما تنظر إلى المحيط التدويني الايراني بصورة شاملة ، فإنك لا ترى تغيراً تجاه الأسوء. عندما أنظر أنا ، فانني أرى المزيد من التحدي و التمرد ، المزيد من الوسائل لتجنب الرقابة على الانترنت ، المزيد من المواقف الجريئة ، و المزيد من المدونات. لا تزال السجون الايرانية مليئة بمعتقلين سياسيين من الطراز القديم ( من النوعية التي لا تستخدم الانترنت) أكثر من امتلائها بالمدونين. في الوقت الحالي ، فإن السجناء من أعضاء حزب مللي مذهبي أكثر عدداً من سجناء أي جماعة سياسية أخرى. و لكن تبني قضيتهم ليس أمراً جذاباً لأنهم و كما يتضح من اسمهم اسلاميون ، و لأن أغلبهم ليسوا شباناً و شابات حسني المظهر ، و لأن لهم برنامجاً سياسياً حقيقياً لا يمكن اختطافه و استغلاله. ما أريد قوله هو : أنه اذا أراد أناس داخل ايران أو خارجها ، سواء كانوا ايرانيين أو غير ايرانيين ، أن يعارضوا من حيث المبدأ الرقابة و القمع في ايران ، فأهلاً بهم و سهلاً . و لكن التركيز المتكرر و الحصري على المدونين و حسب ، سيؤدي على المدى البعيد الى نتائج أعتقد أن أشخاصا مثلي و مثلك يفضلون تفاديها... و لكن هذا حديث آخر.
أتمنى ان يكون ما قلته ذا معنى ...و الآن و بعد أن قلت كل ما سبق أعتقد أنك يجب أن تظل على تأييدك لقضية مجتبى.
*نشر المتن الاصلي في 8 يونيو 2005
حكم بالحبس لمدة عامين على مجتبى المدون الايراني بتهمة "اهانة المرشد الأعلى للثورة الايرانية" على صفحات مدونته....
لا يزال مجتبى ينتظر محاكمة أخرى بتهمة "اهانة الانبياء و الأئمة المعصومين" و هي تهمة قد تصل عقوبتها في حال ادانته الى الاعدام...
بدأت مشاكل مجتبى مع السلطات عندما تحدث عن اعتقال مدونين آخرين ، فتم اعتقاله لمدة ثلاثة شهور و عند الافراج عنه بعدها قام بانشاء مدونة اكثر صراحة تسببت في مشاكله الحالية....
تهتم مراسلون بلا حدود و لجنة حماية المدونين بقضية مجتبى ، و أنشأ مجموعة من المدونين الايرانيين مدونة للتضامن معه...
هل ضغوط المواقع الثلاثة و حملاتها للتضامن على الانترنت كافية للافراج عن مجتبى؟
أتمنى ذلك ، و ان كنت أعتقد أن الاهتمام الدولي قد يعمل بصورة عكسية في بعض الأحيان....
أتذكر هنا حالة الطالب الايراني أحمد باطبي ... الذي ظهرت صورته على غلاف مجلة الايكونوميست أثناء مظاهرة في الجامعة ضد منع صحيفة اصلاحية ايرانية يحمل قميصا ملطخا بالدم لزميل له بعد تعرض المتظاهرين للضرب...
تحولت صورة أحمد الى رمز للحركة الطلابية.... و ، تعرفت عليه السلطات و حاكمته ، و حكمت عليه بالاعدام بتهمة تشويه سمعة الثورة!
نتيجة ضغوط دولية تم تخفيف الحكم الى عشرة أعوام ، ثم تم الافراج عنه "افراجا مؤقتا" و هو ما يمكن السلطات من اعادة احتجازه و الافراج عنه عندما تريد( و هو ما قامت به عدة مرات)...
أتمنى ان يكون حظ مجتبى أفضل من حظ أحمد :
"تعرض أكبر محمدي وأحمد باطبي للتعذيب في مركز "توحيد" للاحتجاز. وقد أُغلق مركز "توحيد" الذي كانت تديره وزارة الاستخبارات في أغسطس/آب 2000 بأمر من السلطة القضائية. وقال أكبر محمدي إنه تعرض للجلد على باطن قدميه بأسلاك معدنية، وإنه عُلق من يديه وقدميه، وتعرض للضرب المتكرر. وقال أحمد باطبي إنه تعرض للضرب وهو معصوب العينين مقيد اليدين وأُمر بتوقيع اعتراف. وورد أنه كتب أن رأسه دُفعت في قناة صرف مليئة بالغائط وأُبقيت كذلك لإرغامه على استنشاق الغائط في أنفه وفي فمه. "
*تحديث بتاريخ 19 يونيو 2005:
ناقشت ما كتبته هنا مع صديقة ايرانية هي نيكي
( أنشر هنا ترجمة لرسالتها نقلا عن الانجليزية)
عزيزي محمد،
دعني أقدم لك أفكاري المبعثرة عن هذه القضية.
هناك بالطبع تحفظاتي المعتادة فيما يخص المجموعة التي تتحدث باسم مجتبى ، و لكن في الوقت ذاته أتفهم رؤيتك. لا يمكن أن يكون دعمك و دعم مجموعة المدونين الآخرين له - مع ملاحظة كونك مصرياً مسلماً - الا ذا نتيجة ايجابية ... طالما لم يستغلوا أصواتكم..
تقلبات السياسة الداخلية المحيطة بهذه القضية شديدة التعقيد و التناقض بصورة دفعتني إلى الابتعاد عنها كلية. في الواقع ، بقيت بعيدة عنها بصورة أساسية بسبب عوامل خارجية ( ايرانيو المهجر ، قوى خارجية تحاول فرض نفسهاعلى ايران) ، و لكن العوامل الداخلية لعبت دوراً أيضاً.
هل تتذكر المدون آراش سيجارشي و الحكم المروع الذي حصل عليه بالحبس لمدة ثلاثة عشر
عاما؟ أطلق سراحه دون تفسير ... أصبح حرا بهذه البساطة... بوجود هذه العوامل ، يبدأ الناس ( بما فيهم أنا) بفقد الاهتمام بعد مرور فترة الاعتقال /الاتها م/ الحكم ... يعلم الله وحده كيف حدث ما حدث في قضية سيجارشي...
بصراحة ، و على عكس ما يحاول ايرانيو المهجر و القوى الخارجية اقناعنا ، فان وضع المدونين في ايران ليس سيئا لهذه الدرجة ، و الأكيد أنه لا يصل لدرجة الوضع الطارئ. لا زالت هناك محاولات للتخويف و القمع و الرقابة ، و لكن عندما تنظر إلى المحيط التدويني الايراني بصورة شاملة ، فإنك لا ترى تغيراً تجاه الأسوء. عندما أنظر أنا ، فانني أرى المزيد من التحدي و التمرد ، المزيد من الوسائل لتجنب الرقابة على الانترنت ، المزيد من المواقف الجريئة ، و المزيد من المدونات. لا تزال السجون الايرانية مليئة بمعتقلين سياسيين من الطراز القديم ( من النوعية التي لا تستخدم الانترنت) أكثر من امتلائها بالمدونين. في الوقت الحالي ، فإن السجناء من أعضاء حزب مللي مذهبي أكثر عدداً من سجناء أي جماعة سياسية أخرى. و لكن تبني قضيتهم ليس أمراً جذاباً لأنهم و كما يتضح من اسمهم اسلاميون ، و لأن أغلبهم ليسوا شباناً و شابات حسني المظهر ، و لأن لهم برنامجاً سياسياً حقيقياً لا يمكن اختطافه و استغلاله. ما أريد قوله هو : أنه اذا أراد أناس داخل ايران أو خارجها ، سواء كانوا ايرانيين أو غير ايرانيين ، أن يعارضوا من حيث المبدأ الرقابة و القمع في ايران ، فأهلاً بهم و سهلاً . و لكن التركيز المتكرر و الحصري على المدونين و حسب ، سيؤدي على المدى البعيد الى نتائج أعتقد أن أشخاصا مثلي و مثلك يفضلون تفاديها... و لكن هذا حديث آخر.
أتمنى ان يكون ما قلته ذا معنى ...و الآن و بعد أن قلت كل ما سبق أعتقد أنك يجب أن تظل على تأييدك لقضية مجتبى.
من سرق المصحف اذن؟
قرأت مقالا لجلال أمين في جريدة الحياة عن حمى الحديث عن الاصلاح ، و أن الحكومات العربية ، و الحكومة الامريكية ، و الحكومات الغربية ، و المؤسسات الدولية ، و المثقفين عربا و أجانب ، يمينا و يسارا ، شرفاء و مشبوهين يتحدثون عن الاصلاح.... ختم مقاله قائلا:
"في هذا المناخ الصاخب من المناداة بالإصلاح والتأكيد بأعلى صوت على ضرورته يتذكر المرء القصة المشهورة عن عالم ديني جليل كان يجلس وسط تلاميذه في المسجد يشرح لهم بعض الآيات القرآنية، ثم اكتشف فجأة أن مصحفه الفاخر الذي كان إلى جانبه منذ لحظة اختفى، ولم يكن ثمة تفسير ممكن لهذا الاختفاء إلا أن أحد هؤلاء التلاميذ أعجبه المصحف فأخذه لنفسه. نظر الشيخ إلى تلاميذه وأخبرهم بما حدث، فإذا بهم ينخرطون جميعاً في البكاء حزناً وجزعاً من أن يحدث هذا لشيخهم الجليل، فإذا بالشيخ يخاطبهم قائلاً: «كلكم يبكي فأيكم سرق المصحف؟»، وأنا بدوري اسأل: «ليس هناك شخص واحد لا يتكلم الآن عن الإصلاح، فمن يا تُرى المسؤول عما نحن فيه؟»."
لو تأخرت كتابة جلال أيمن للموضوع يوما أو يومين لأضاف متحدثا جديدا عن الاصلاح....
كِملِت !
"في هذا المناخ الصاخب من المناداة بالإصلاح والتأكيد بأعلى صوت على ضرورته يتذكر المرء القصة المشهورة عن عالم ديني جليل كان يجلس وسط تلاميذه في المسجد يشرح لهم بعض الآيات القرآنية، ثم اكتشف فجأة أن مصحفه الفاخر الذي كان إلى جانبه منذ لحظة اختفى، ولم يكن ثمة تفسير ممكن لهذا الاختفاء إلا أن أحد هؤلاء التلاميذ أعجبه المصحف فأخذه لنفسه. نظر الشيخ إلى تلاميذه وأخبرهم بما حدث، فإذا بهم ينخرطون جميعاً في البكاء حزناً وجزعاً من أن يحدث هذا لشيخهم الجليل، فإذا بالشيخ يخاطبهم قائلاً: «كلكم يبكي فأيكم سرق المصحف؟»، وأنا بدوري اسأل: «ليس هناك شخص واحد لا يتكلم الآن عن الإصلاح، فمن يا تُرى المسؤول عما نحن فيه؟»."
لو تأخرت كتابة جلال أيمن للموضوع يوما أو يومين لأضاف متحدثا جديدا عن الاصلاح....
كِملِت !
الجمعة، يونيو ١٧، ٢٠٠٥
عند السيدة - 2
لمحت بين الحاضرين وجوه المظاهرات التقليدية ( أحمد تعلب)..
و وجوها طفولية...
و أخرى من بنات السيدة...
عند بدء المظاهرة ، سمعت سيدة من الشارع لنا تتناقش مع الفتاة في الصورة السابقة محاولة اقناعها أن المشاركين مصريون ، في حين صممت الفتاة على أننا اجانب... خاطبناها أنا و أفريكانو بالعربية لنثبت لها أننا مصريون... و لا أعرف ان كان هذا مؤثرا أم لا ، لأنني شاهدتها بعد قليل ترفع لافتات و تردد الهتافات...
كما شاهدت أيضا بثينة كامل ( صحفية و اعلامية) تصور المظاهرة كاملة بكاميرا فيديو...
بدأت المظاهرة صامتة ، و لكن سريعا ما ترددت الهتافات....
بغياب كمال خليل قاد الهتاف أعضاء من شباب من اجل التغيير ، و منهم الهتيفة الشابة التي شاهدتها في المظاهرة السابقة.
((الصورة نقلا عن العروبي- جوش
كانت الهتافات هي الهتافات المعتادة:
" يسقط يسقط حسني مبارك"
"عايزين حكومة حرة ، العيشة بقت مرة ، عايزين حكومة جديدة ، بقينا عالحديدة"
"آه يا حكومة هز الوسط ، بكره نجيب العيش بالقسط"
"كفاية...حرام...ارحل ...غور...الخ"
"يا ساكن قصر العروبة... احنا سكان مصر المنهوبة ...الخ"
" بنقولك يا مبارك لأ..."
" اكتب على حيطة الزنزانة ... حسني مبارك عار و خيانة ..."
"اللي عايز يحكم مصر ، لازم يسمع كلمة مصر..الخ"
" لو تعرف حكايتنا ، مصيبتنا و بلوتنا ، دي سياسة دولتنا...الخ"
" كفاية كفاية كفاية ، كل ظالم و له نهاية...الخ"
" الاستفتاء...باطل.. حسني مبارك ... باطل ... حبيب العادلي ... باطل ....الخ.."
، و ان زاد الى قائمة الأسماء هذه المرة تركيز على فتحي سرور - السيدة زينب هي دائرته الانتخابية- و ذكر سوزان مبارك ، و تردد لدقائق معدودة هتافان متسقان مع تيمة المظاهرة :
" مدد مدد مدد مدد ... شدي حيلك يا بلد"
" يا ست يا طاهرة ... غيتيني من القهرة"
و حاول أحد الهتيفة استمالة مجندي الأمن المركزي بهتاف عن الجنود الذين " ياكلوا عدس و يلبسوا خيش" ، و الذين قابلوا الهتاف بالابتسام.. ( سخرية ؟ خجل؟ اعجاب؟ موافقة ؟ "و احنا مالنا ، طلعونا من كلامكم"؟ )
كما انطلقت لمدة خمس دقائق هتافات اثبات موقف و نفي تهمة :
داون داون جورج بوش! داون داون توني بلير!داون داون حسني مبارك!
يسقط يسقط جورج بوش! يسقط يسقط جورج بوش!
و بالقرب من نهاية المظاهرة ، قام أحد الهتيفة بالقاء هتاف طويل أقرب لقصيدة ساخرة أسمعه للمرة الأولى عن مكالمة تليفونية بين مبارك و بوش ،
يتوجه فيها مبارك لبوش قائلا أشياء على غرار : "حقك يا مولاي عليا" و "اعمل ما بدالك فيا" و يعرض عليه أن يحصل على القدس و الجولان و بيروت و الاسكندرية و أسوان بالمرة...
بعد قليل من بدء المظاهرة ،و على الرصيف المقابل ظهر عدد محدود من المتظاهرين يحملون صورا متماثلة لمبارك...
(الصورتان نقلا عن العروبي - جوش)
كان عددهم أقل منا ، و لم يبد عليهم أنهم يحاولون الاقتراب من جانبنا ، و لذلك لم أشعر بالقلق من انقلاب الوضع لاشتباكات و تعرضنا للضرب من البلطجية... و ان واجه هؤلاء المتظاهرين هتاف : " الصحافة فين ؟ الارهاب أهو!" من جانبنا ...
كان علاء يوزع بيانا أعده عن الصحافة الشعبية ، و بعد قليل شاهدت مقشة صغيرة يحملها أحد المتظاهرون ، و علمت أنهم " بيوزعوا مقشات صغيرة ورا"
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
ثم ظهرت "الست مقشة" ، و هي المقشة الوحيدة من الحجم الطبيعي التي شاركت في المظاهرة...
(الصورتان نقلا عن العروبي - جوش)
اقتربت لتصويرها ، فوجدت من يحملها يزيح كم قميصه للاسفل و يشير الى الصليب المدقوق في باطن رسغه و يطلب مني التصوير ،
سألته عن اسمه فقال ان اسمه فيكتور من حزب الغد ،
و قال : " ان شاء الله ، المظاهرة الجاية في مار جرجس" ، بينما يقول لي الواقف بجواره في تحمس :" مسيحي و جاي يكنس السيدة"
على قمة الست مقشة وضعوا صورة من صحيفة الغد للرئيس مبارك و هو يمارس "الرياضة" ،
بينما شاهدت شابا يقص صورة من صحيفة الدستور لجمال مبارك و يكتب عليها كفاية ثم يضعها على مقشة صغيرة..
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
ْعند مرور نصف المظاهرة ظهرت نوال علي الصحفية
و رابعة فهمي المحامية
ضحيتا الاعتداء في يوم الاستفتاء...
استمعت الى من يحدث ناشطة من الشارع لنا و يعرض عليها و على مجموعتها الانضمام لحزبه ، حزب الغد ، اعتذرت و تحدثت عن الاستقلالية ، فرد عليها مؤكدا أهمية التلاحم في مثل هذا الوقت العصيب ، فاعتذرت بعدم معرفتها ببرنامج الحزب ، و لكنه طلب منها أن تشرفه و زميلاتها بزيارة لمقر الحزب في أي وقت تحبه للتعرف على البرنامج.
فجأة وجدت نفسي أقف مع عدد محدود من المتظاهرين بينما تحرك بقية المتظاهرين بضعة أمتار الى اليسار...
ظللت أنظر حولي محاولا الفهم ، و عرفت لاحقا أن متظاهري الحزب الوطني تحركوا تجاه المظاهرة ، مما دفع بالمتظاهرين الى الابتعاد تجنبا للاحتكاك... بعد عدة دقائق انصرف متظاهرو الوطني - أو طردتهم قوات الشرطة - فقالت نوال : "دول مشيوا يا جماعة ، العشرين جنيه خلصت و لا ايه؟"
التقط فيكتور الجملة فصاح : " العشرين جنيه خلصت ! و البلطجية مشيت!" و رددها الواقفون حوله...
في هذا الموقف ، و بينما فضل معظم المتظاهرين التحرك لتجنب أي اشتباك ، فان هناك سيدة ذات فائض حماسي كبير و من نوعية "مناضلي زمان"، وقفت تصيح : " يا جماعة البلطجية جايين علينا ! اقفوا صف واحد و امسكوا في ايد بعض" ،
(الصورة نقلا عن العروبي- جوش)
و شاهدتها لاحقا تقوم ب"استمالة" مجندي الامن المركزي : " نحن الواقفون خلف الحاجز أحرار ، أما انتم فلا!" و انصرفت ، فقال المجند لزميله : " مالها دي؟ و احنا مالنا؟" ، كما خطبت فيهم لاحقا بأنهم هم من سيقومون "بالثورة" ، و لم تتوقف عن الاشارة لنا بأن نرفع أصواتنا ،عندما رأتنا لا نردد هتافات معينة ، دون أن تدرك أن البعض قد لا يتفق مع هتافات معينة مليئة بالفاظ السباب أو تهدد بالقتل و قطع اليد ، و تشمت في الموتى...
و لكن على كل حال.. هكذا تكون المظاهرات.... عادة...
بالقرب من نهاية المظاهرة ظهر أيمن نور رئيس حزب الغد و بقي لعدة دقائق...
(الصورة نقلا عن الوعي المصري - وائل عباس)
حل الهرج و المرج و كأن نجما سينمائيا ظهر بيننا!
استقبلوه بهتاف : " حركة وطنية واحدة"
فملت على ألف و قلت له ساخرا : " يسقط يسقط أيمن نور" ، لم أستطع أبدا تقبل القدر المذهل من براجماتية أيمن نور حتى لو كان ليبراليا ... و حتى لو كانت هذه هي طريقة لعب السياسة "الصح" ... ربما اعتدت على السياسيين الأغبياء.... ربما ...
لم يبق الا أن أتحدث عمن تحدثت معهم من رواد المسجد أو من العابرين ، و لكن افريكانو كان حاضرا و كتب عنهم في لقطاته الجميلة ( هنا و هنا )...
و لذلك سأنتقل الى ما أراه من نواح ايجابية في هذه المظاهرة بعد أن بدأت الموضوع السابق بأوجه اعتراضي عليها...
أهم المكاسب هي البدء في التظاهر في "مناطق شعبية" ، و تعريف جمهور لا يقرأ الصحف - و ان قرأ لا يقرأ سوى أهرام الجمعة - و لا يشاهد غير أخبار الساعة التاسعة ، بأن هناك شيئا ما يحدث ، و أن هناك حركة معارضة في مصر... قالت الحملة الشعبية من أجل التغيير أنها تنوي التظاهر الأربعاء القادم في ميدان شبرا ، و هذا -على ما يبدو- بداية اتجاه جديد ، أتمنى أن لا تقمعه الدولة ، و لكن الامر يحتاج شجاعة كبيرة للنزول و التظاهر في مكان مفتوح على جميع الاحتمالات ...
سمع الألوف يوم الأربعاء في السيدة و رأوا ما لم يعتادوا رؤيته من قبل...
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
الواقفون للفرجة - الذين طردتهم الشرطة لاحقا- و ركاب الميكروباصات و الاوتوبيسات و الذين شاهدتهم يتدلون من أبوابها محاولين الاقتراب بأكبر قدر ممكن من "السيرك" المنصوب...
فتحت هذه المظاهرة أيضا شهية "الابداع" و الذي تبدى في موضوع رامي ، مما يعني المزيد من الأفكار الرمزية الغير تقليدية و التي تتجاوز الخلافات التي أثارتها هذه المحاولة...
نقطة اخرى هي أن هذه المظاهرة نظمها شباب لا يتعدون أصابع اليد الواحدة و لا ينتمون لأي حزب أو تجمع أو تنظيم و سوقوها بصورة رئيسية عن طريق الانترنت ، و هو ما يفتح آفاقا أوسع تعني امكانية أكثر سهولة لايصال الرسائل الاحتجاجية ( أيا كان محتواها: اقتصاديا ، سياسيا ، اجتماعيا ، ثقافيا..الخ) خارج الأطر التنظيمية القديمة أو الجديدة...
شكرا علاء ، شكرا نورا ، شكرا منال ، شكرا عمرو...
* الصور من التقاطي ، عدا تلك التي يتلوها ايضاح بالمصدر الذي نقلت عنه
و وجوها طفولية...
و أخرى من بنات السيدة...
عند بدء المظاهرة ، سمعت سيدة من الشارع لنا تتناقش مع الفتاة في الصورة السابقة محاولة اقناعها أن المشاركين مصريون ، في حين صممت الفتاة على أننا اجانب... خاطبناها أنا و أفريكانو بالعربية لنثبت لها أننا مصريون... و لا أعرف ان كان هذا مؤثرا أم لا ، لأنني شاهدتها بعد قليل ترفع لافتات و تردد الهتافات...
كما شاهدت أيضا بثينة كامل ( صحفية و اعلامية) تصور المظاهرة كاملة بكاميرا فيديو...
بدأت المظاهرة صامتة ، و لكن سريعا ما ترددت الهتافات....
بغياب كمال خليل قاد الهتاف أعضاء من شباب من اجل التغيير ، و منهم الهتيفة الشابة التي شاهدتها في المظاهرة السابقة.
((الصورة نقلا عن العروبي- جوش
كانت الهتافات هي الهتافات المعتادة:
" يسقط يسقط حسني مبارك"
"عايزين حكومة حرة ، العيشة بقت مرة ، عايزين حكومة جديدة ، بقينا عالحديدة"
"آه يا حكومة هز الوسط ، بكره نجيب العيش بالقسط"
"كفاية...حرام...ارحل ...غور...الخ"
"يا ساكن قصر العروبة... احنا سكان مصر المنهوبة ...الخ"
" بنقولك يا مبارك لأ..."
" اكتب على حيطة الزنزانة ... حسني مبارك عار و خيانة ..."
"اللي عايز يحكم مصر ، لازم يسمع كلمة مصر..الخ"
" لو تعرف حكايتنا ، مصيبتنا و بلوتنا ، دي سياسة دولتنا...الخ"
" كفاية كفاية كفاية ، كل ظالم و له نهاية...الخ"
" الاستفتاء...باطل.. حسني مبارك ... باطل ... حبيب العادلي ... باطل ....الخ.."
، و ان زاد الى قائمة الأسماء هذه المرة تركيز على فتحي سرور - السيدة زينب هي دائرته الانتخابية- و ذكر سوزان مبارك ، و تردد لدقائق معدودة هتافان متسقان مع تيمة المظاهرة :
" مدد مدد مدد مدد ... شدي حيلك يا بلد"
" يا ست يا طاهرة ... غيتيني من القهرة"
و حاول أحد الهتيفة استمالة مجندي الأمن المركزي بهتاف عن الجنود الذين " ياكلوا عدس و يلبسوا خيش" ، و الذين قابلوا الهتاف بالابتسام.. ( سخرية ؟ خجل؟ اعجاب؟ موافقة ؟ "و احنا مالنا ، طلعونا من كلامكم"؟ )
كما انطلقت لمدة خمس دقائق هتافات اثبات موقف و نفي تهمة :
داون داون جورج بوش! داون داون توني بلير!داون داون حسني مبارك!
يسقط يسقط جورج بوش! يسقط يسقط جورج بوش!
و بالقرب من نهاية المظاهرة ، قام أحد الهتيفة بالقاء هتاف طويل أقرب لقصيدة ساخرة أسمعه للمرة الأولى عن مكالمة تليفونية بين مبارك و بوش ،
يتوجه فيها مبارك لبوش قائلا أشياء على غرار : "حقك يا مولاي عليا" و "اعمل ما بدالك فيا" و يعرض عليه أن يحصل على القدس و الجولان و بيروت و الاسكندرية و أسوان بالمرة...
بعد قليل من بدء المظاهرة ،و على الرصيف المقابل ظهر عدد محدود من المتظاهرين يحملون صورا متماثلة لمبارك...
(الصورتان نقلا عن العروبي - جوش)
كان عددهم أقل منا ، و لم يبد عليهم أنهم يحاولون الاقتراب من جانبنا ، و لذلك لم أشعر بالقلق من انقلاب الوضع لاشتباكات و تعرضنا للضرب من البلطجية... و ان واجه هؤلاء المتظاهرين هتاف : " الصحافة فين ؟ الارهاب أهو!" من جانبنا ...
كان علاء يوزع بيانا أعده عن الصحافة الشعبية ، و بعد قليل شاهدت مقشة صغيرة يحملها أحد المتظاهرون ، و علمت أنهم " بيوزعوا مقشات صغيرة ورا"
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
ثم ظهرت "الست مقشة" ، و هي المقشة الوحيدة من الحجم الطبيعي التي شاركت في المظاهرة...
(الصورتان نقلا عن العروبي - جوش)
اقتربت لتصويرها ، فوجدت من يحملها يزيح كم قميصه للاسفل و يشير الى الصليب المدقوق في باطن رسغه و يطلب مني التصوير ،
سألته عن اسمه فقال ان اسمه فيكتور من حزب الغد ،
و قال : " ان شاء الله ، المظاهرة الجاية في مار جرجس" ، بينما يقول لي الواقف بجواره في تحمس :" مسيحي و جاي يكنس السيدة"
على قمة الست مقشة وضعوا صورة من صحيفة الغد للرئيس مبارك و هو يمارس "الرياضة" ،
بينما شاهدت شابا يقص صورة من صحيفة الدستور لجمال مبارك و يكتب عليها كفاية ثم يضعها على مقشة صغيرة..
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
ْعند مرور نصف المظاهرة ظهرت نوال علي الصحفية
و رابعة فهمي المحامية
ضحيتا الاعتداء في يوم الاستفتاء...
استمعت الى من يحدث ناشطة من الشارع لنا و يعرض عليها و على مجموعتها الانضمام لحزبه ، حزب الغد ، اعتذرت و تحدثت عن الاستقلالية ، فرد عليها مؤكدا أهمية التلاحم في مثل هذا الوقت العصيب ، فاعتذرت بعدم معرفتها ببرنامج الحزب ، و لكنه طلب منها أن تشرفه و زميلاتها بزيارة لمقر الحزب في أي وقت تحبه للتعرف على البرنامج.
فجأة وجدت نفسي أقف مع عدد محدود من المتظاهرين بينما تحرك بقية المتظاهرين بضعة أمتار الى اليسار...
ظللت أنظر حولي محاولا الفهم ، و عرفت لاحقا أن متظاهري الحزب الوطني تحركوا تجاه المظاهرة ، مما دفع بالمتظاهرين الى الابتعاد تجنبا للاحتكاك... بعد عدة دقائق انصرف متظاهرو الوطني - أو طردتهم قوات الشرطة - فقالت نوال : "دول مشيوا يا جماعة ، العشرين جنيه خلصت و لا ايه؟"
التقط فيكتور الجملة فصاح : " العشرين جنيه خلصت ! و البلطجية مشيت!" و رددها الواقفون حوله...
في هذا الموقف ، و بينما فضل معظم المتظاهرين التحرك لتجنب أي اشتباك ، فان هناك سيدة ذات فائض حماسي كبير و من نوعية "مناضلي زمان"، وقفت تصيح : " يا جماعة البلطجية جايين علينا ! اقفوا صف واحد و امسكوا في ايد بعض" ،
(الصورة نقلا عن العروبي- جوش)
و شاهدتها لاحقا تقوم ب"استمالة" مجندي الامن المركزي : " نحن الواقفون خلف الحاجز أحرار ، أما انتم فلا!" و انصرفت ، فقال المجند لزميله : " مالها دي؟ و احنا مالنا؟" ، كما خطبت فيهم لاحقا بأنهم هم من سيقومون "بالثورة" ، و لم تتوقف عن الاشارة لنا بأن نرفع أصواتنا ،عندما رأتنا لا نردد هتافات معينة ، دون أن تدرك أن البعض قد لا يتفق مع هتافات معينة مليئة بالفاظ السباب أو تهدد بالقتل و قطع اليد ، و تشمت في الموتى...
و لكن على كل حال.. هكذا تكون المظاهرات.... عادة...
بالقرب من نهاية المظاهرة ظهر أيمن نور رئيس حزب الغد و بقي لعدة دقائق...
(الصورة نقلا عن الوعي المصري - وائل عباس)
حل الهرج و المرج و كأن نجما سينمائيا ظهر بيننا!
استقبلوه بهتاف : " حركة وطنية واحدة"
فملت على ألف و قلت له ساخرا : " يسقط يسقط أيمن نور" ، لم أستطع أبدا تقبل القدر المذهل من براجماتية أيمن نور حتى لو كان ليبراليا ... و حتى لو كانت هذه هي طريقة لعب السياسة "الصح" ... ربما اعتدت على السياسيين الأغبياء.... ربما ...
لم يبق الا أن أتحدث عمن تحدثت معهم من رواد المسجد أو من العابرين ، و لكن افريكانو كان حاضرا و كتب عنهم في لقطاته الجميلة ( هنا و هنا )...
و لذلك سأنتقل الى ما أراه من نواح ايجابية في هذه المظاهرة بعد أن بدأت الموضوع السابق بأوجه اعتراضي عليها...
أهم المكاسب هي البدء في التظاهر في "مناطق شعبية" ، و تعريف جمهور لا يقرأ الصحف - و ان قرأ لا يقرأ سوى أهرام الجمعة - و لا يشاهد غير أخبار الساعة التاسعة ، بأن هناك شيئا ما يحدث ، و أن هناك حركة معارضة في مصر... قالت الحملة الشعبية من أجل التغيير أنها تنوي التظاهر الأربعاء القادم في ميدان شبرا ، و هذا -على ما يبدو- بداية اتجاه جديد ، أتمنى أن لا تقمعه الدولة ، و لكن الامر يحتاج شجاعة كبيرة للنزول و التظاهر في مكان مفتوح على جميع الاحتمالات ...
سمع الألوف يوم الأربعاء في السيدة و رأوا ما لم يعتادوا رؤيته من قبل...
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
الواقفون للفرجة - الذين طردتهم الشرطة لاحقا- و ركاب الميكروباصات و الاوتوبيسات و الذين شاهدتهم يتدلون من أبوابها محاولين الاقتراب بأكبر قدر ممكن من "السيرك" المنصوب...
فتحت هذه المظاهرة أيضا شهية "الابداع" و الذي تبدى في موضوع رامي ، مما يعني المزيد من الأفكار الرمزية الغير تقليدية و التي تتجاوز الخلافات التي أثارتها هذه المحاولة...
نقطة اخرى هي أن هذه المظاهرة نظمها شباب لا يتعدون أصابع اليد الواحدة و لا ينتمون لأي حزب أو تجمع أو تنظيم و سوقوها بصورة رئيسية عن طريق الانترنت ، و هو ما يفتح آفاقا أوسع تعني امكانية أكثر سهولة لايصال الرسائل الاحتجاجية ( أيا كان محتواها: اقتصاديا ، سياسيا ، اجتماعيا ، ثقافيا..الخ) خارج الأطر التنظيمية القديمة أو الجديدة...
شكرا علاء ، شكرا نورا ، شكرا منال ، شكرا عمرو...
* الصور من التقاطي ، عدا تلك التي يتلوها ايضاح بالمصدر الذي نقلت عنه
عند السيدة
*مقدمة لا بد منها:
عندما علمت بخبر المظاهرة للمرة الأولى ، لم أعجب بالفكرة ، و كان رأيي أن هذه فكرة تُفَرِِِّق و لا تُجَمِّع ، و أنها تفتح أبواب نقاش - قد تكون هامة - الا أن طابع حركة التغيير بمختلف فرقها هو البحث عن المشترك، و الهدف من أفكار التظاهر غير التقليدية هو "تسويق" الفكرة لقطاعات مختلفة. أرسلت رسالة الى عمرو و علاء موضحا أسباب اعتراضي (أعيد نشر مقاطع منها هنا بتصرف و تعديل):
((أعتقد ان كنس السيدة كفيل باثارة عدم التعاطف عند الطبقة الوسطى - الجمهور الأكبر لحركة التغيير- بصورة عامة لأنهم سيرون أن كنس السيدة - و هذا ليس رأيي على فكرة-:
*طبقيا:متخلف و شعبي و "بيئة"
*حداثيا: أنه غير مناسب لروح العصر.... مظاهرات برموز و شارات بيضاء و أوشحة برتقالية و
خضراء أكثر مناسبة لعصرنا في رأيهم...
*دينيا: يحمل شبهة "شركية" هي تأليه السيدة زينب ، و الاتجاه لغير الله بالتضرع و الطلب
اذن فنحن ننظر هنا الى المهمشين؟؟ الى القاعدة التي ينعدم فيها وجود حركة
التغيير المحصورة في القمة و بعض المتعاطفين من الوسط...
لا أدعي معرفة خاصة باتجاهات و آراء تلك الطبقة التي ابتعدت عن العين
فابتعدت عن العقل و القلب ، و لكنني أرى وسطها اهتماما بشيوخ الصراخ و
الزعيق... مثل الشيخ يعقوب.... شيوخ وهابيو التوجه تبسيطيون للغاية و
يطرحون رؤية متطرفة و مبسطة للعالم....
ربما لا زال هناك "تدين شعبي" في الريف ، و لكن هامش المدينة يقتات على
أفكار دينية عنيفة وهابية و يحاول الانسلاخ من تراثه التقليدي - دينيا كان أو غير ديني- و يحتقره و يحاول الابتعاد عنه ليخرج من عار الفقر و التخلف الى تحضر المدينة الذي يراه بعينه و يكاد يلمسه بيديه لكن تلك المدينة تنبذه و ترفض السماح له بالدخول ....
اذن فهذه الرمزية موجهة لمن؟
للمثقفين العلمانيين الذين سيرون الرمز في هذا و تجاوزت رؤيتهم عصبية بطل
قنديل أم هاشم في بداية القصة الى تقبله و تسامحه في
الجزء الأخير منها؟؟؟))
تلقيت ردودا من عمرو و علاء اللذان اتفقا على ضرورة تجريب أفكار جديدة ، و أن نقترب من أناس لم يقترب منهم أحد سابقا ، و أن نحترم معتقدات الآخرين التي تتعرض للقمع...
ظللت على رأيي من أن خسارة المتعاطفين مضمونة ، أما الربح فغير مضمون .... لماذا ذهبت اذن؟ على مستوى شخصي لم أكن مقتنعا بأي من حجج المعارضين التي تهاجم "تخلف" الحدث ، أو تتهم المشاركين فيه "بالشرك" في عجز عن ادراك الرمزية و السخرية فيه ، و أن المظاهرة - السياسية لا الدينية- كانت تكرارا لطقس مصري بالذهاب للسيدة - نصيرة المظلومين التي وقفت في وجه يزيد- عندما يتعرضون لظلم هائل ، و هكذا أقيمت مظاهرة السيدة للدلالة على أن حجم الظلم غير مسبوق و أن كل الطرق القانونية للاحتجاج سدت فلم يتبق الا "كنس السيدة" ، و ليس عن اقتناع بمعجزات تحل عند التظاهر عند السيدة مع رفع المقشات الصغيرة .... ستثير قضية الشرك هذه قضايا عديدة: التدين الشعبي و المؤسساتي ، الوهابية و التأثير السعودي ، الصوفية و التسنن ، و حتى الدين و السياسة... كنت أود أن أستطرد أكثر في نقطة الشرك لأنه يحزنني كمسلم - لا يؤمن أصلا بفائدة أي تضرع موجه للبشر- أن أوصف بالشرك ، بل و دعك مني ، أن أرى تهم الكفر تطير لتحلق فوق رؤوس الملايين - مصحوبة ربما بصكوك اعدام لتنفيذ حد الردة..( و هو ما حدث و يحدث في العراق و باكستان)
كنت أود الذهاب أيضا لأرى عن قرب أولى محاولات احتكاك المتظاهرين بالشارع بعيدا عن سلالم النقابات و المحاكم...
*******************
*عند السيدة:
نزلت أنا و أفريكانو من محطة مترو السيدة و مررنا بسوق شعبي و منه تهنا قليلا بين شوارع السيدة ، ثم رأينا الجامع يبدو عن بعد ، و تعجبت عندما لم أر أي وجود أمني ، الا أننا باقترابنا أكثر ، اكتشفت أن الجهة الأخرى من الجامع محاطة بعدد عجزت عن احصائه - صدقا!- من عربات الأمن المركزي الخضراء...
عند ضريح السيدة زينب - الذي أغلق بالضبة و المفتاح- كانت المظاهرة ، و التي ركزت اللافتات المرفوعة بها على الاحتجاج على ممارسات رجال الشرطة و القيادات الامنية ، مع تيمة مناسبة للمكان : "ادعوا على العادلي" وزير الداخلية ... " ادعوا على العزبي" مدير أمن القاهرة .. "ادعوا على العزازي" عقيد بالشرطة تتهمه كفاية بتسهيل اعتداءات 29 مايو ...
"ادعوا على حسني مبارك!"
و "ادعوا على ضباط جابر بن حيان" مقر مباحث أمن الدولة بالدقي ...
(الصورة نقلا عن الوعي المصري - وائل عباس)
"ادعوا على ماجد الشربيني" أمين شباب الحزب الوطني و متهم بالمسؤولية عن اعتداءات 25 مايو ...
" حاكموا البلطجية"
"بلدية" و هي المسؤولة عن ازالة ما يبيعه الباعة الجائلون على الرصيف....
"لو اتكلمت هنقتلك ، ديتك رصاصة بتلاتة صاغ"
" نكتب مخالفة ولا كل سنة و انت طيب؟" و هي اشارة لما قد يقوله ضابط مرور يطلب من سائق رشوة بديلا عن تحريره مخالفة ضده ....
و كرتونة تجمع الكثير من عبارات الاهانة التي يمكن أن يوجهها ضابط الشرطة للمواطن..
و .. " مدد يا مصر"
و ... " مدد يا ست"...
و عدد لا باس به من الكفايات ...
كانت معظم وجوه كفاية الشهيرة غائبة... كمال خليل ، محمد عبد القدوس ، عبد الحليم قنديل ، أبو العلا ماضي ، جورج اسحق... كلهم كانوا غائبين ، و السبب أن كفاية لم تتبن فكرة المظاهرة المستقلة و لم تؤيدها و لم تخرج المظاهرة باسمها - على عكس ما كتبته بعض وسائل الاعلام الخائبة هنا ، و هنا مثلا- ، و ان حضر عدد من أعضاء "شباب من أجل التغيير" -و هي مجموعة شبابية منضوية تحت لواء كفاية- و على صدورهم شارات كفاية و كان لهم الدور الاكبر في قيادة الهتاف ، و الذي خرج بطبيعة الحال "كفايويا" محضا... و كان هناك عدد من اعضاء كفاية الاكبر سنا و الذين حضروا بصفتهم الشخصية أيضا..
نظم المظاهرة علاء و منال و عمرو و نورا يونس من الشارع لنا ، و بدأ الأمر بما ظننته نكتة سمعتها من علاء في يوم 1 يونيو في مدخل نقابة الصحفيين :" احنا نكنس عليهم السيدة بقى" - الا أنه أكد لي لاحقا أنه كان جادا منذ البداية - و عزز الأمر قصيدة عمرو و لافتته....انضمت لاحقا رابطة الامهات المصريات - مما نتج عنه تواجد نسوي يضع شارات الشارع لنا - و الحملة الشعبية من اجل التغيير ، و بعض من نشطاء الغد ..
قدرت عدد المتظاهرين ما بين 300-400 متظاهر... و كان هناك تواجد مكثف للغاية لوسائل الاعلام ، و كالمظاهرة السابقة يبحلق في الاعلاميات مساكين الامن المركزي ،
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
و شاهدت علاء يدلي بحوار تلفزيوني ...
شاهدت كاميرات الجزيرة
و الحرة و العربية و سي ان بي سي عربية و أبو ظبي و ام بي سي ، و عددا كبيرا من مراسلي وكالات الانباء و الصحف...
استمعت للدكتورة ليلى سويف - من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات- و هي تحكي لمراسل صحفي عن أصل الفكرة، ذكرت كاريكاتير صلاح جاهين ،
و قالت أننا حاولنا كل شيئ مع الحكومة ، و ذهبنا الى النائب العام " و منفعش معاها حاجة ، قلنا خلاص مش باقي غير نكنس عليهم السيدة"
سأل الصحفي ان كان هناك كنس حقيقي سيتم ، فأجابته بابتسامة أنها تفضل أن يبقى الأمر في حدود الرمزية...
أمامنا و في الجهة المقابلة من الشارع ، و بعد أن تتجاوز عيناك صفوف الأمن المركزي ، لترتفع الى أعلى سترى العديد من لافتات التأييد لمبارك و سرور - السيدة زينب هي دائرته الانتخابية- ...
و منها لافتة تغطت بالسخام من جراء تلوث الجو - تظهر في الطرف الأيمن من خلفية الصورة التالية-
أعلى قليلا و ستواجهك كاميرا تصور من فوق عمارة ، و أخرى تصور من مشربية...
( الصورة نقلا عن الوعي المصري- وائل عباس)
" أمن دولة!" هكذا قال لي من وقف بجواري... في بداية المظاهرة سيدفع متظاهرون شبان بمصور يضع كاميرا فيديو على كتفه و يجوس وسط المظاهرة كبقية الصحفيين صائحين أنه أمن دولة... أفكر: " ده بتاع الكلوز أب بقى! " ... يجره متظاهر أكبر سنا بعيدا عن الغاضبين ، فيستمر في التصوير حتى نهاية المظاهرة من خلف صف جنود الامن المركزي.
أكمل في وقت لاحق...
*الصور من التقاطي عدا تلك المصحوبة بتنويه عن مصدرها...
* هامش: عرفت لاحقاً أن المشربية التي كان يصور منها رجال أمن الدولة هي سبيل مياه أثري من انشاء السلطان مصطفى الثالث ( 1172 ه - 1758 م )
عندما علمت بخبر المظاهرة للمرة الأولى ، لم أعجب بالفكرة ، و كان رأيي أن هذه فكرة تُفَرِِِّق و لا تُجَمِّع ، و أنها تفتح أبواب نقاش - قد تكون هامة - الا أن طابع حركة التغيير بمختلف فرقها هو البحث عن المشترك، و الهدف من أفكار التظاهر غير التقليدية هو "تسويق" الفكرة لقطاعات مختلفة. أرسلت رسالة الى عمرو و علاء موضحا أسباب اعتراضي (أعيد نشر مقاطع منها هنا بتصرف و تعديل):
((أعتقد ان كنس السيدة كفيل باثارة عدم التعاطف عند الطبقة الوسطى - الجمهور الأكبر لحركة التغيير- بصورة عامة لأنهم سيرون أن كنس السيدة - و هذا ليس رأيي على فكرة-:
*طبقيا:متخلف و شعبي و "بيئة"
*حداثيا: أنه غير مناسب لروح العصر.... مظاهرات برموز و شارات بيضاء و أوشحة برتقالية و
خضراء أكثر مناسبة لعصرنا في رأيهم...
*دينيا: يحمل شبهة "شركية" هي تأليه السيدة زينب ، و الاتجاه لغير الله بالتضرع و الطلب
اذن فنحن ننظر هنا الى المهمشين؟؟ الى القاعدة التي ينعدم فيها وجود حركة
التغيير المحصورة في القمة و بعض المتعاطفين من الوسط...
لا أدعي معرفة خاصة باتجاهات و آراء تلك الطبقة التي ابتعدت عن العين
فابتعدت عن العقل و القلب ، و لكنني أرى وسطها اهتماما بشيوخ الصراخ و
الزعيق... مثل الشيخ يعقوب.... شيوخ وهابيو التوجه تبسيطيون للغاية و
يطرحون رؤية متطرفة و مبسطة للعالم....
ربما لا زال هناك "تدين شعبي" في الريف ، و لكن هامش المدينة يقتات على
أفكار دينية عنيفة وهابية و يحاول الانسلاخ من تراثه التقليدي - دينيا كان أو غير ديني- و يحتقره و يحاول الابتعاد عنه ليخرج من عار الفقر و التخلف الى تحضر المدينة الذي يراه بعينه و يكاد يلمسه بيديه لكن تلك المدينة تنبذه و ترفض السماح له بالدخول ....
اذن فهذه الرمزية موجهة لمن؟
للمثقفين العلمانيين الذين سيرون الرمز في هذا و تجاوزت رؤيتهم عصبية بطل
قنديل أم هاشم في بداية القصة الى تقبله و تسامحه في
الجزء الأخير منها؟؟؟))
تلقيت ردودا من عمرو و علاء اللذان اتفقا على ضرورة تجريب أفكار جديدة ، و أن نقترب من أناس لم يقترب منهم أحد سابقا ، و أن نحترم معتقدات الآخرين التي تتعرض للقمع...
ظللت على رأيي من أن خسارة المتعاطفين مضمونة ، أما الربح فغير مضمون .... لماذا ذهبت اذن؟ على مستوى شخصي لم أكن مقتنعا بأي من حجج المعارضين التي تهاجم "تخلف" الحدث ، أو تتهم المشاركين فيه "بالشرك" في عجز عن ادراك الرمزية و السخرية فيه ، و أن المظاهرة - السياسية لا الدينية- كانت تكرارا لطقس مصري بالذهاب للسيدة - نصيرة المظلومين التي وقفت في وجه يزيد- عندما يتعرضون لظلم هائل ، و هكذا أقيمت مظاهرة السيدة للدلالة على أن حجم الظلم غير مسبوق و أن كل الطرق القانونية للاحتجاج سدت فلم يتبق الا "كنس السيدة" ، و ليس عن اقتناع بمعجزات تحل عند التظاهر عند السيدة مع رفع المقشات الصغيرة .... ستثير قضية الشرك هذه قضايا عديدة: التدين الشعبي و المؤسساتي ، الوهابية و التأثير السعودي ، الصوفية و التسنن ، و حتى الدين و السياسة... كنت أود أن أستطرد أكثر في نقطة الشرك لأنه يحزنني كمسلم - لا يؤمن أصلا بفائدة أي تضرع موجه للبشر- أن أوصف بالشرك ، بل و دعك مني ، أن أرى تهم الكفر تطير لتحلق فوق رؤوس الملايين - مصحوبة ربما بصكوك اعدام لتنفيذ حد الردة..( و هو ما حدث و يحدث في العراق و باكستان)
كنت أود الذهاب أيضا لأرى عن قرب أولى محاولات احتكاك المتظاهرين بالشارع بعيدا عن سلالم النقابات و المحاكم...
*******************
*عند السيدة:
نزلت أنا و أفريكانو من محطة مترو السيدة و مررنا بسوق شعبي و منه تهنا قليلا بين شوارع السيدة ، ثم رأينا الجامع يبدو عن بعد ، و تعجبت عندما لم أر أي وجود أمني ، الا أننا باقترابنا أكثر ، اكتشفت أن الجهة الأخرى من الجامع محاطة بعدد عجزت عن احصائه - صدقا!- من عربات الأمن المركزي الخضراء...
عند ضريح السيدة زينب - الذي أغلق بالضبة و المفتاح- كانت المظاهرة ، و التي ركزت اللافتات المرفوعة بها على الاحتجاج على ممارسات رجال الشرطة و القيادات الامنية ، مع تيمة مناسبة للمكان : "ادعوا على العادلي" وزير الداخلية ... " ادعوا على العزبي" مدير أمن القاهرة .. "ادعوا على العزازي" عقيد بالشرطة تتهمه كفاية بتسهيل اعتداءات 29 مايو ...
"ادعوا على حسني مبارك!"
و "ادعوا على ضباط جابر بن حيان" مقر مباحث أمن الدولة بالدقي ...
(الصورة نقلا عن الوعي المصري - وائل عباس)
"ادعوا على ماجد الشربيني" أمين شباب الحزب الوطني و متهم بالمسؤولية عن اعتداءات 25 مايو ...
" حاكموا البلطجية"
"بلدية" و هي المسؤولة عن ازالة ما يبيعه الباعة الجائلون على الرصيف....
"لو اتكلمت هنقتلك ، ديتك رصاصة بتلاتة صاغ"
" نكتب مخالفة ولا كل سنة و انت طيب؟" و هي اشارة لما قد يقوله ضابط مرور يطلب من سائق رشوة بديلا عن تحريره مخالفة ضده ....
و كرتونة تجمع الكثير من عبارات الاهانة التي يمكن أن يوجهها ضابط الشرطة للمواطن..
و .. " مدد يا مصر"
و ... " مدد يا ست"...
و عدد لا باس به من الكفايات ...
كانت معظم وجوه كفاية الشهيرة غائبة... كمال خليل ، محمد عبد القدوس ، عبد الحليم قنديل ، أبو العلا ماضي ، جورج اسحق... كلهم كانوا غائبين ، و السبب أن كفاية لم تتبن فكرة المظاهرة المستقلة و لم تؤيدها و لم تخرج المظاهرة باسمها - على عكس ما كتبته بعض وسائل الاعلام الخائبة هنا ، و هنا مثلا- ، و ان حضر عدد من أعضاء "شباب من أجل التغيير" -و هي مجموعة شبابية منضوية تحت لواء كفاية- و على صدورهم شارات كفاية و كان لهم الدور الاكبر في قيادة الهتاف ، و الذي خرج بطبيعة الحال "كفايويا" محضا... و كان هناك عدد من اعضاء كفاية الاكبر سنا و الذين حضروا بصفتهم الشخصية أيضا..
نظم المظاهرة علاء و منال و عمرو و نورا يونس من الشارع لنا ، و بدأ الأمر بما ظننته نكتة سمعتها من علاء في يوم 1 يونيو في مدخل نقابة الصحفيين :" احنا نكنس عليهم السيدة بقى" - الا أنه أكد لي لاحقا أنه كان جادا منذ البداية - و عزز الأمر قصيدة عمرو و لافتته....انضمت لاحقا رابطة الامهات المصريات - مما نتج عنه تواجد نسوي يضع شارات الشارع لنا - و الحملة الشعبية من اجل التغيير ، و بعض من نشطاء الغد ..
قدرت عدد المتظاهرين ما بين 300-400 متظاهر... و كان هناك تواجد مكثف للغاية لوسائل الاعلام ، و كالمظاهرة السابقة يبحلق في الاعلاميات مساكين الامن المركزي ،
(الصورة نقلا عن العروبي - جوش)
و شاهدت علاء يدلي بحوار تلفزيوني ...
شاهدت كاميرات الجزيرة
و الحرة و العربية و سي ان بي سي عربية و أبو ظبي و ام بي سي ، و عددا كبيرا من مراسلي وكالات الانباء و الصحف...
استمعت للدكتورة ليلى سويف - من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات- و هي تحكي لمراسل صحفي عن أصل الفكرة، ذكرت كاريكاتير صلاح جاهين ،
و قالت أننا حاولنا كل شيئ مع الحكومة ، و ذهبنا الى النائب العام " و منفعش معاها حاجة ، قلنا خلاص مش باقي غير نكنس عليهم السيدة"
سأل الصحفي ان كان هناك كنس حقيقي سيتم ، فأجابته بابتسامة أنها تفضل أن يبقى الأمر في حدود الرمزية...
أمامنا و في الجهة المقابلة من الشارع ، و بعد أن تتجاوز عيناك صفوف الأمن المركزي ، لترتفع الى أعلى سترى العديد من لافتات التأييد لمبارك و سرور - السيدة زينب هي دائرته الانتخابية- ...
و منها لافتة تغطت بالسخام من جراء تلوث الجو - تظهر في الطرف الأيمن من خلفية الصورة التالية-
أعلى قليلا و ستواجهك كاميرا تصور من فوق عمارة ، و أخرى تصور من مشربية...
( الصورة نقلا عن الوعي المصري- وائل عباس)
" أمن دولة!" هكذا قال لي من وقف بجواري... في بداية المظاهرة سيدفع متظاهرون شبان بمصور يضع كاميرا فيديو على كتفه و يجوس وسط المظاهرة كبقية الصحفيين صائحين أنه أمن دولة... أفكر: " ده بتاع الكلوز أب بقى! " ... يجره متظاهر أكبر سنا بعيدا عن الغاضبين ، فيستمر في التصوير حتى نهاية المظاهرة من خلف صف جنود الامن المركزي.
أكمل في وقت لاحق...
*الصور من التقاطي عدا تلك المصحوبة بتنويه عن مصدرها...
* هامش: عرفت لاحقاً أن المشربية التي كان يصور منها رجال أمن الدولة هي سبيل مياه أثري من انشاء السلطان مصطفى الثالث ( 1172 ه - 1758 م )
الأحد، يونيو ١٢، ٢٠٠٥
مقتطفان
بينما أجلس اليوم و أتناول طعام الغداء تذكرت فقرتين....
"هكذا بدا الانتظار أدعى للسلامة- لكن ما حدث بعد ذلك أن هو أن "الانتظار" تحول من سد فجوة الى طبيعة سياسة - كل شيئ فيها مؤجل و أي تغيير عليها لا داعي له. فاذا اشتدت المطالبات و زادت الضغوط فإن المسموح به يجيء حلا وسطا يكرس الانتظار أكثر مما يسمح بالانطلاق."
محمد حسنين هيكل - محاضرة بالجامعة الامريكية - أكتوبر 2002 - أعيد نشرها في وجهات نظر يونيو 2005
( Mubarak is an exceedingly cautious and plodding man whose best day, a Western ambassador once said to me, is "when he wakes up and goes to bed and nothing has happened.")
The Atlantic Monthly, October 2003
Pharaohs-in-Waiting
by Mary Anne Weaver
"هكذا بدا الانتظار أدعى للسلامة- لكن ما حدث بعد ذلك أن هو أن "الانتظار" تحول من سد فجوة الى طبيعة سياسة - كل شيئ فيها مؤجل و أي تغيير عليها لا داعي له. فاذا اشتدت المطالبات و زادت الضغوط فإن المسموح به يجيء حلا وسطا يكرس الانتظار أكثر مما يسمح بالانطلاق."
محمد حسنين هيكل - محاضرة بالجامعة الامريكية - أكتوبر 2002 - أعيد نشرها في وجهات نظر يونيو 2005
( Mubarak is an exceedingly cautious and plodding man whose best day, a Western ambassador once said to me, is "when he wakes up and goes to bed and nothing has happened.")
The Atlantic Monthly, October 2003
Pharaohs-in-Waiting
by Mary Anne Weaver
السبت، يونيو ١١، ٢٠٠٥
162/1958 طوارئ
قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة
بالقانون رقم 162 لسنة 1958
بشأن حالة الطوارئ ( 1 )
باسم الأمة
رئيس الجمهورية
بالقانون رقم 162 لسنة 1958
بشأن حالة الطوارئ ( 1 )
باسم الأمة
رئيس الجمهورية
بعد الإطلاع على الدستور المؤقت :
وعلى المرسوم التشريعي رقم 150 الصادر في الإقليم السوري بتاريخ 22 / 6 / 1949 المتضمن تنظيم الإدارة العرفية.
وعلى القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية الصادر في الإقليم المصري والقوانين المعدلة له ؛
قرر القانون الآتــي :
مادة 1 ـ يعمل بالقانون المرافق في شأن حالة الطوارئ.
مادة 2ـ يلغى المرسوم التشريعي رقم 150 الصادر في 22 / 6 / 1949 والقانون رقم 533 لسنة 1954 المشار إليهما وكذلك كل نص يخالف أحكام هذا القانون.
مادة 3 ـ ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية , ويعمل به في إقليمي الجمهورية من تاريخ نشره.
صدر برئاسة الجمهورية في 13 ربيع الأول سنة 1378 ( 27 سبتمبر سنة 1958 )
قانون بشأن حالة الطوارئ
مادة 1 ـ يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث إضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو إنتشار وباء.
مادة 2 ـ يكون إعلان حالة الطوارئ وإنتهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية ويجب أن يتضمن قرار إعلان حالة الطوارئ ما يأتــي:
أولاً : بيان الحالة التي أُعلنت بسببها.
ثانياً : تحديد المنطقة التي تشملها.
ثالثاً : تاريخ بدء سريانها.
مادة 3 ـ لرئيس الجمهورية متى أُعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتيــة :
1 ـ وضع قيود على حرية الأشخاص في الإجتماع والإنتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وإعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الغجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.
2 ـ الأمر بمراقبة الرسائل والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.
3. تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها, وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.
4. الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة.
5. سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.
6. إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة في أول اجتماع له.
مادة 3 مكرر (1)- يكون للشخص المعتقل وفقا للمادة السابقة أن يتظلم من أمر الاعتقال إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ صدوره دون أن يفرج عنه.
ويكون التظلم بطلب يقدم بدون رسوم إلى محكمة أمن دولة عليا تشكل وفقاً لأحكام هذا القانون وتفصل المحكمة في التظلم على وجه السرعة.
ولا يكون قرار المحكمة بالإفراج نافذاً إلا بعد التصديق عليه من رئيس الجمهورية.
مادة 3 مكرر(أ) (2)- يجوز لمن فرضت الحراسة على أمواله طبقاً للمادة ولكل ذي شأن أن يتظلم من أمر فرض الحراسة أو يتظلم من إجراءات تنفيذه.
ويكون التظلم بطلب يرفع بغير رسوم إلى محكمة أمن دولة عليا تشكل وفقاً لأحكام هذا القانون ويجب أن تختصم فيه الجهة الإدارية التي تتولى تنفيذ الأمر الصادر بفرض الحراسة, كما يجب أن يختصم فيه من فرضت الحراسة على أمواله إذا كان الطلب قد رفع من غيره.
وتفصل المحكمة في التظلم بتأييد الأمر أو إجراء تعديله.
ولا يكون قرار المحكمة بإلغاء أمر فرض الحراسة نافذاً إلا بعد التصديق عليه من رئيس الجمهورية. ويجوز لمن رفض تظلمه أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضت ستة أشهر من تاريخ الرفض.
مادة 4- تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف ابتداء من الرتبة التي يعينها وزير الحربية سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التي تقع لتلك الأوامر.
وعلى كل موظف أو مستخدم عام أن يعاونهم في دائرة وظيفته أو عمله على القيام بذلك ويعمل بالمحاضر المنظمة في استثبات مخالفات هذا القانون إلى أن يثبت عكسها.
مادة 5- مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها أو من يقوم مقامه من رئيس الجمهورية بها يعاقب كل من خالف الأوامر الصادرة بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الأوامر على ألا تزيد هذه العقوبة على الأشغال الشاقة المؤقتة ولا على غرامة قدرها أربعة آلاف جنيه أو 40 ألف ليرة وإذا لم تكن تلك الأوامر قد بينت العقوبة مع مخالفة أحكامها فيعاقب على مخالفتها بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز 50 جنيها أو خمسمائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
مادة 6- يجوز القبض في الحال على المخالفين للأوامر التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون والجرائم المحددة في هذه الأوامر.
ويجوز للمقبوض عليهم في غير الجرائم المضرة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي والجرائم الأخرى التي يصدر بتعيينها أمر من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أن يتظلم من أمر حبسه للمحكمة المختصة.
وللمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تصدر قراراً بالإفراج المؤقت عن المتهم أيا كانت الجريمة التي يحاكم من أجلها ويكون قرار المحكمة في جرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي أو الجرائم التي يصدر بتعيينها أمر من رئيس الجمهورية خاضعاً لتصديق رئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك.
مادة 7- تفصل محاكم أمن الدولة الجزئية والعليا في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه.
وتشكل كل دائرة من دوائر أمن الدولة الجزئية بالمحكمة الابتدائية من أحد قضاة المحكمة وتختص بالفعل في الجرائم التي يعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتشكل دائرة أمن الدولة العليا بمحكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين وتختص بالفصل في الجرائم التي يعاقب عليها بعقوبة الجناية وبالجرائم التي يعينها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أيا كانت العقوبة المقررة لها. ويقوم بمباشرة الدعوى أمام محاكم أمن الدولة عضو من أعضاء النيابة العامة.
ويجوز استثناء لرئيس الجمهورية أن يأمر بتشكيل دائرة أمن الدولة الجزئية من قاض واثنين من ضباط القوات المسلحة من رتبة نقيب أو ما يعادلها على الأقل وبتشكيل دائرة أمن الدولة العليا من ثلاثة مستشارين ومن ضابطين من الضباط القادة.
ويعين رئيس الجمهورية أعضاء محاكم أمن الدولة بعد أخذ رأي وزير العدل بالنسبة للقضاة والمستشارين, ورأي وزير الحربية بالنسبة إلى الضباط.
مادة 8- يجوز لرئيس الجمهورية في المناطق التي تخضع لنظام قضائي خاص أو بالنسبة لقضايا معينة أن يأمر بتشكيل دوائر أمن الدولة المنصوص عليها في المادة السابقة من الضباط وتطبق المحكمة في هذه الحالة الإجراءات التي ينص عليها رئيس الجمهورية في أمر تشكيلها.
وتشكل دائرة أمن الدولة العليا في هذه الحالة من ثلاثة من الضباط القادة ويقوم أحد الضباط أو أحد أعضاء النيابة بوظيفة النيابة العامة.
مادة 9- يجوز لرئيس الجمهورية أو لمن يقوم مقامه أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام.
مادة 10- فيما عدا ما هو منصوص عليه من إجراءات وقواعد في المواد التالية أو في الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية تطبق أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التي تختص بالفصل فيها محاكم أمن الدولة وإجراءات نظرها والحكم فيها وتنفيذ العقوبات المقضي بها.
ويكون للنيابة العامة عند التحقيق كافة السلطات المخولة لها ولقاضي التحقيق ولغرفة الاتهام (قاضي الإحالة) بمقتضى هذه القوانين.
مادة 11- لا تقبل الدعوى المدنية أمام محاكم أمن الدولة.
مادة 12- لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية.
مادة 13- يجوز لرئيس الجمهورية حفظ الدعوى قبل تقديمها إلى المحكمة، كما يجوز له الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهمين المقبوض عليهم قبل إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة.
مادة 14- يجوز لرئيس الجمهورية عند عرض الحكم عليه أن يخفف العقوبة المحكوم بها أو يبدل بها عقوبة أقل منها أو أن يلغي كل العقوبات أو بعضها أيا كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية أو أن يوقف تنفيذ العقوبات كلها أو بعضها, كما يجوز له إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى أو مع الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون القرار مسببا.
فإذا صدر الحكم بعد إعادة المحاكمة قاضيا بالبراءة وجب التصديق عليه في جميع الأحوال وإذا كان الحكم بالإدانة جاز لرئيس الجمهورية إلغاء العقوبة أو تخفيفها أو وقف تنفيذها وفق ما هو مبين في الفقرة الأولى أو إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى.
مادة 15- يجوز لرئيس الجمهورية بعد التصديق على الحكم بالإدانة أن يلغي الحكم مع حفظ الدعوى أو أن يخفف العقوبة أو أن يوقف تنفيذها وفق ما هو مبين في المادة السابقة, وذلك كله ما لم تكن الجريمة الصادرة فيها الحكم جناية قتل عمد أو اشتراك فيها.
مادة 16- يندب رئيس الجمهورية بقرار منه أحد مستشاري محكمة الاستئناف أو أحد المحامين العامين على أن يعاونه عدد كاف من القضاة والموظفين وتكون مهمته التثبت من صحة الإجراءات وفحص تظلمات ذوي الشأن وإبداء الرأي, ويودع المستشار أو المحامي العام في كل جناية مذكرة مسببة برأيه ترفع إلى رئيس الجمهورية قبل التصديق على الحكم.
وفي أحوال الاستعجال يجوز للمستشار أو المحامي العام الاقتصار على تسجيل رأيه كتابة على هامش الحكم.
مادة 17- لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها وفي كل أراضي الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة فيها.
مادة 18- لا يترتب على تنفيذ هذا القانون الإخلال بما يكون لقائد القوات العسكرية في حالة الحرب من الحقوق في منطقة الأعمال العسكرية.
مادة 19- عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها.
أما الجرائم التي يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها.
مادة 20- يسري حكم الفقرة الأولى من المادة السابقة على القضايا التي يقرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها طبقاً لأحكام هذا القانون.
ويبقى لرئيس الجمهورية كافة السلطات المقررة له بموجب القانون المذكور بالنسبة للأحكام التي تكون قد صدرت من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها والأحكام التي تصدر من هذه المحاكم طبقاً لما تقرره هذه المادة السابقة.
تاريخ إعلان حاله الطوارئ في مصر والظروف التي واكبت إعلانها وإلغائها .
1- ففي عهد الاحتلال الإنجليزي لمصر أعلنت الأحكام العرفية لأول مرة في نوفمبر 1914 إبان الحرب العالمية الأولى وتم إلغائها عام 1922 .
2- إبان الحرب العالمية الثانية أعيد إعلانها في سبتمبر عام 1939 وتم إلغائها في أكتوبر 1945 .
3- أعيد إعلانها في مايو 1948 ليتم إلغائها في إبريل 1950 مع استمرارها جزئيا ولكن في المناطق الحدودية مع فلسطين في محافظة سيناء والبحر الأحمر بمناسبة حرب فلسطين عام 1948 .
4- أعلنت الأحكام العرفية في يناير عام 1952 وكانت المناسبة هي حريق القاهرة واستمرت تلك الأحكام حتى عام 1956 لتلغي بسبب العدوان الثلاثي على مصر .
5- أعلنت في
( صحح ابو رمانة تاريخ الوحدة المصرية السورية الى فبراير 1958)
6- أعلنت في 5 يونيو عام 1967 بسبب العدوان الإسرائيلي على مصر ليتم إنهاؤها في 15 مايو 1980
7- أعلنت حاله الطوارئ في 6 أكتوبر عام 1981 عقب إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات واستمرت منذ ذلك التاريخ حتى وقتنا هذا .
أي ان منذ الثورة 1952 الى يومنا هذا تكون المدة هي 49 عاما استمر سريان قانون الطوارئ بفترات متقطعة قبل عام 1981 ومستمرة بدون انقطاع منذ 1981 الى وقتنا هذا . أي ان كل مائة يوم بها أكثر من 90 يوم طوارئ
المصدر : لام ألف ، و جمعية حقوق الانسان لمساعدة السجناء
شكراً "م"..
الجمعة، يونيو ١٠، ٢٠٠٥
بيقولك...
"بيقولك كل اللي عمله علاء انه اشترى شقتين واحدة في اسكندرية و التانية في أسوان و فتحهم على بعض"
" بيقولك مبارك فرك المصباح السحري طلعله منه علاء ، قاله بتعمل ايه هنا ، قاله: دخلت شريك مع العفريت"
" بيقولك علاء راح معرض عربيات و عايز يشتري عربية مرسيدس ، صاحب المعرض صمم يديهاله مجانا ، و هوا صمم يدفع ، صاحب المعرض قاله خلاص هات جنيه ، طلعله ورقة بعشرة ، صاحب المحل قاله معيش فكة، قاله خلاص هات بالباقي عربيات"
عشت سنوات مراهقتي الأولى و أنا أسمع "الكبار " يرددون أمثال هذه النكت عن علاء مبارك و يتناقلون حكايات عن مشاركته "بالعافية" للمستثمرين خاصة في منطقة البحر الأحمر أو يرددون في همس و نظرات توحي بالخطورة حكاية فولكلورية عن صاحب شركات بيجو الذي أصيب بسكتة قلبية عندما أراد علاء مشاركته....
كانت هذه الاشاعات شديدة الانتشار لدرجة تجعل من الصعب أن تجد من لم يسمعها أو من يضحك عندما تعيد عليه تلك النكت...
في 1 يونيو 2005 تردد هتاف في مظاهرة كفاية يقول : " يا بلدنا... يا وسية... يا تكية ... لعلاء و الحرامية ... "
و في عدد 8 يونيو من الدستور نشر تحقيق بعنوان بيزنيس عائلة الرئيس....
على حد علمي كان ما نشرته الدستور أول كسر لخط أحمر يتحدث عنه كل المصريين تقريبا و لكن سرا....
شعرت بالسعادة ، ليس لأن السدود تتهاوى سدا بعد آخر و فقط ، و لكن لأن اخراج مثل هذه القضايا الى النور هام للغاية... حتى لو بدأت بصورة زاعقة - اذ عادة لا يجرأ على الخرق سوى الاعلى صوتا-، و لكن تلاشي الخوف سيدفع الأكثر هدوءً و عقلانية الى المشاركة...فبدلا من "طق الحنك" على القهوة مع "مصمصة" الشفاه و "لعن سنسفيل دي بلد" ، فإن الطرح العلني يعني ليس فقط امكانية و لو ضئيلة لمعرفة ان كانت هذه الشائعات مجرد سعة خيال من المصريين في ظل غياب الشفافية أم فضيحة تنتظر الاكتشاف كقضية عصمت السادات الشهيرة ، بل أنها ستطرح مسألة الذمة المالية للرئيس و عائلته و صلاحياته و الشفافية في تلك المنطقة المظلمة تماما و امكانية الملاحقة القضائية لمن هم في قمة الهرم... سواء كان ذلك بالنسبة للرئيس مبارك او أي رئيس مصري قادم... ستجعلنا ننظر و نبحث في القانون و في الدستور متجاوزين حدوتة علاء و صاحب البيجو...
ما اتمناه هو أنه مهما كان شكل مصر في 2007 أن لا نتنازل عن مكتسباتنا في حرية التعبير و أن لا يعاد بناء سدود و اسوار و سقوف حمراء أو ان يتم رسم الخطوط الحمراء من جديد...
" بيقولك مبارك فرك المصباح السحري طلعله منه علاء ، قاله بتعمل ايه هنا ، قاله: دخلت شريك مع العفريت"
" بيقولك علاء راح معرض عربيات و عايز يشتري عربية مرسيدس ، صاحب المعرض صمم يديهاله مجانا ، و هوا صمم يدفع ، صاحب المعرض قاله خلاص هات جنيه ، طلعله ورقة بعشرة ، صاحب المحل قاله معيش فكة، قاله خلاص هات بالباقي عربيات"
عشت سنوات مراهقتي الأولى و أنا أسمع "الكبار " يرددون أمثال هذه النكت عن علاء مبارك و يتناقلون حكايات عن مشاركته "بالعافية" للمستثمرين خاصة في منطقة البحر الأحمر أو يرددون في همس و نظرات توحي بالخطورة حكاية فولكلورية عن صاحب شركات بيجو الذي أصيب بسكتة قلبية عندما أراد علاء مشاركته....
كانت هذه الاشاعات شديدة الانتشار لدرجة تجعل من الصعب أن تجد من لم يسمعها أو من يضحك عندما تعيد عليه تلك النكت...
في 1 يونيو 2005 تردد هتاف في مظاهرة كفاية يقول : " يا بلدنا... يا وسية... يا تكية ... لعلاء و الحرامية ... "
و في عدد 8 يونيو من الدستور نشر تحقيق بعنوان بيزنيس عائلة الرئيس....
على حد علمي كان ما نشرته الدستور أول كسر لخط أحمر يتحدث عنه كل المصريين تقريبا و لكن سرا....
شعرت بالسعادة ، ليس لأن السدود تتهاوى سدا بعد آخر و فقط ، و لكن لأن اخراج مثل هذه القضايا الى النور هام للغاية... حتى لو بدأت بصورة زاعقة - اذ عادة لا يجرأ على الخرق سوى الاعلى صوتا-، و لكن تلاشي الخوف سيدفع الأكثر هدوءً و عقلانية الى المشاركة...فبدلا من "طق الحنك" على القهوة مع "مصمصة" الشفاه و "لعن سنسفيل دي بلد" ، فإن الطرح العلني يعني ليس فقط امكانية و لو ضئيلة لمعرفة ان كانت هذه الشائعات مجرد سعة خيال من المصريين في ظل غياب الشفافية أم فضيحة تنتظر الاكتشاف كقضية عصمت السادات الشهيرة ، بل أنها ستطرح مسألة الذمة المالية للرئيس و عائلته و صلاحياته و الشفافية في تلك المنطقة المظلمة تماما و امكانية الملاحقة القضائية لمن هم في قمة الهرم... سواء كان ذلك بالنسبة للرئيس مبارك او أي رئيس مصري قادم... ستجعلنا ننظر و نبحث في القانون و في الدستور متجاوزين حدوتة علاء و صاحب البيجو...
ما اتمناه هو أنه مهما كان شكل مصر في 2007 أن لا نتنازل عن مكتسباتنا في حرية التعبير و أن لا يعاد بناء سدود و اسوار و سقوف حمراء أو ان يتم رسم الخطوط الحمراء من جديد...
الثلاثاء، يونيو ٠٧، ٢٠٠٥
الاستفساء و سنينه
كتبت جزءً من هذه السطور بعد عودتي مباشرة من اللجنة الانتخابية في الخامس و العشرين من مايو ، و قبل ان أكمل الكتابة بدأت أخبار ما حدث أمام ضريح سعد و نقابة الصحفيين في الظهور ، فعجزت عن مواصلة محاولتي الباس تجربتي الانتخابية ثوبا ساخرا ، و تملكني شعور بالغضب و الاشمئزاز و الصدمة و العجز و اليأس و الحزن.... لم أجرأ على الكتابة قبل أن اقوم باضعف الايمان من الاحتجاج على ما حدث. أحاول الاكمال الآن
*******************
*تجربة
كما قلت سابقا (هنا و هنا ) لم أكن مقتنعا بموضوع مقاطعة الاستفتاء ، و هكذا نزلت من منزلي متوجها الى أقرب مقر انتخابي.... عبرت أمامي عربة نصف نقل تحمل رجلا يهتف في ميكروفون متوجها الى الجماهير بكلام عن الديموقراطية و التعديل الدستوري و الوطن و السيد الرئيس.... مط عامل يحمل مفتاحا انجليزيا شفتيه و هو يهز رأسه في أسى ، بينما أشاحت امراة عجوز بيدها الحرة فيما يدها الأخرى تحمل كيسا فيه مشترياتها من الخضار و الفاكهة و هي تقول : " مفيش فايدة ، بلا كلام فاضي ، البلد خربانة و كل الناس الكبار حرامية ، حتى الوزرا بياخدوا رشاوي"
لم أجعل هذا يؤثر في معنوياتي ، و تجاهلت عن عمد أطنان اللافتات التي تملأ الشوارع تبايع و تؤيد و توافق و تهلل....الى بقية ذلك من أفعال الإذعان...
كلما ازددت قربا من المقر كلما أخذت في التقليل من فرصة أن أكتب كلمات أغنية السح الدح امبو على الورقة مع رسم قط سيامي بشنبات يعاكس امرأة تلبس المايوه مع وضع علامة صح أمام نعم و لا لابطال صوتي ، لصالح فكرة أن أبطل صوتي بوضع صح امام نعم و لا مع كتابة : " الديموقراطية الآن ، الديموقراطية أولا ، الديموقراطية دائما".... الجبن سيد الاخلاق كما تعلمون و قد خشيت ان يكون هناك قانون ما يعاقب من يسخر من بطاقة التصويت بجلالة قدرها....
وصلت الى المقر الانتخابي ، فرأيت أمامه شخصا ذا منظر شرس يجلس على كرسي ..... " شكله مخبر"... دخلت فوجدت جنودا بزيهم الأبيض المميز يتسكعون في المكان و ضابط على كتفه عدد من الأشياء ذهبية اللون يجلس في المكتب الرئيس بالمقر ، و بجوار الحائط رصت مقاعد يجلس عليها من لا يمكن أن يكونوا سوى مخبرين يتطلعون للعبد لله ... " ايه ده ، هوا أنا دخلت القسم؟ مصيبة لا يكون عندهم أوضة حجز!"
لم يكن هناك أي مواطن أتى للادلاء بصوته سواي. و في كل مكان كانت هناك صور للرئيس مع كلمة نعم ، و لفت نظري لوحات تأييد المعلمين مصحوبة بتوقيع للكهل الذي كان يرأس مجلس الشورى... دخلت أول غرفة صادفتني فكانت فارغة و بها صندوق كبير و دكة خشبية بجوار الحائط محاطة من جانبين بستارة...
دخل شاب يتناول ساندويتش فول ، فقلت له في ارتباك : " الاستفتاء هنا؟" .... طلب بطاقتي الانتخابية فقدمت البطاقة الوردية له ، فقال لي : " آه ، لجنتك في الدور العلوي" ، صعدت للدور العلوي لأواجه بذات المنظر صندوق و غرفة فارغة و دكة بستارة.... انتظرت قليلا ليظهر من يرتدي بنطلون جينز لم يغسل منذ وقت طويل و "تي شيرت" و يسألني ذات الأسئلة، ثم ينظر لبطاقتي الانتخابية في سماجة... ثم يقول لي : " حرف الميم ليس هنا" اشرت الى ورقة كتب عليها أنها للمغتربين أو لمن هم خارج المنطقة - التي أقيم بها - و سالته اذا كان من الممكن معاملتي على أنني لست من المنطقة ، و لكنه قال أن هذا غير ممكن... " اين أذهب اذن؟". في أريحية حدد لي أربعة لجان أخرى - شرقا و غربا و شمالا و جنوبا- من المحتمل أن أجد اسمي فيها....
شكرته و انصرفت ....
***************************
سأحدِّث هذا الموضوع لاحقا ان شاء الله....
*******************
*تجربة
كما قلت سابقا (هنا و هنا ) لم أكن مقتنعا بموضوع مقاطعة الاستفتاء ، و هكذا نزلت من منزلي متوجها الى أقرب مقر انتخابي.... عبرت أمامي عربة نصف نقل تحمل رجلا يهتف في ميكروفون متوجها الى الجماهير بكلام عن الديموقراطية و التعديل الدستوري و الوطن و السيد الرئيس.... مط عامل يحمل مفتاحا انجليزيا شفتيه و هو يهز رأسه في أسى ، بينما أشاحت امراة عجوز بيدها الحرة فيما يدها الأخرى تحمل كيسا فيه مشترياتها من الخضار و الفاكهة و هي تقول : " مفيش فايدة ، بلا كلام فاضي ، البلد خربانة و كل الناس الكبار حرامية ، حتى الوزرا بياخدوا رشاوي"
لم أجعل هذا يؤثر في معنوياتي ، و تجاهلت عن عمد أطنان اللافتات التي تملأ الشوارع تبايع و تؤيد و توافق و تهلل....الى بقية ذلك من أفعال الإذعان...
كلما ازددت قربا من المقر كلما أخذت في التقليل من فرصة أن أكتب كلمات أغنية السح الدح امبو على الورقة مع رسم قط سيامي بشنبات يعاكس امرأة تلبس المايوه مع وضع علامة صح أمام نعم و لا لابطال صوتي ، لصالح فكرة أن أبطل صوتي بوضع صح امام نعم و لا مع كتابة : " الديموقراطية الآن ، الديموقراطية أولا ، الديموقراطية دائما".... الجبن سيد الاخلاق كما تعلمون و قد خشيت ان يكون هناك قانون ما يعاقب من يسخر من بطاقة التصويت بجلالة قدرها....
وصلت الى المقر الانتخابي ، فرأيت أمامه شخصا ذا منظر شرس يجلس على كرسي ..... " شكله مخبر"... دخلت فوجدت جنودا بزيهم الأبيض المميز يتسكعون في المكان و ضابط على كتفه عدد من الأشياء ذهبية اللون يجلس في المكتب الرئيس بالمقر ، و بجوار الحائط رصت مقاعد يجلس عليها من لا يمكن أن يكونوا سوى مخبرين يتطلعون للعبد لله ... " ايه ده ، هوا أنا دخلت القسم؟ مصيبة لا يكون عندهم أوضة حجز!"
لم يكن هناك أي مواطن أتى للادلاء بصوته سواي. و في كل مكان كانت هناك صور للرئيس مع كلمة نعم ، و لفت نظري لوحات تأييد المعلمين مصحوبة بتوقيع للكهل الذي كان يرأس مجلس الشورى... دخلت أول غرفة صادفتني فكانت فارغة و بها صندوق كبير و دكة خشبية بجوار الحائط محاطة من جانبين بستارة...
دخل شاب يتناول ساندويتش فول ، فقلت له في ارتباك : " الاستفتاء هنا؟" .... طلب بطاقتي الانتخابية فقدمت البطاقة الوردية له ، فقال لي : " آه ، لجنتك في الدور العلوي" ، صعدت للدور العلوي لأواجه بذات المنظر صندوق و غرفة فارغة و دكة بستارة.... انتظرت قليلا ليظهر من يرتدي بنطلون جينز لم يغسل منذ وقت طويل و "تي شيرت" و يسألني ذات الأسئلة، ثم ينظر لبطاقتي الانتخابية في سماجة... ثم يقول لي : " حرف الميم ليس هنا" اشرت الى ورقة كتب عليها أنها للمغتربين أو لمن هم خارج المنطقة - التي أقيم بها - و سالته اذا كان من الممكن معاملتي على أنني لست من المنطقة ، و لكنه قال أن هذا غير ممكن... " اين أذهب اذن؟". في أريحية حدد لي أربعة لجان أخرى - شرقا و غربا و شمالا و جنوبا- من المحتمل أن أجد اسمي فيها....
شكرته و انصرفت ....
***************************
سأحدِّث هذا الموضوع لاحقا ان شاء الله....
الاثنين، يونيو ٠٦، ٢٠٠٥
ذكر ما جرى - 4
أتسكع و أذخن و أتحدث مع الأصدقاء....
جاء شاب من كفاية و قال أن الأمن انصرف و اقترح القيام بمظاهرة ثانية!
كانت هذه المظاهرة مظاهرة لكفاية بنسبة 100% فيما كانت الاولى و الاكبر ، مظاهرة احتجاج اوسع و أشمل ركزت على الاعتداء على النساء في الأسبوع الماضي...
كان كمال خليل قد انصرف ، و لذلك قادت الهتافات "هتيفة" شابة تهتف من القلب ...
( الصورة نقلا عن الوعي المصري)
ترددت هتافات كفاية التقليدية:
(يا ساكن قصر العروبة...احنا سكان مصر المنهوبة... كفاية .. ارحل ...غور ...طهقنا ... زهقنا...
كفاية كفاية كفاية...احنا وصلنا للنهاية..
اتحكمنا بالاستبداد ... و اتكوينا بالفساد...و اتداينا للبلاد... كل ظالم و له نهاية..
عايزين حكومة حرة ، العيشة بقت مرة... عايزين حكومة جديدة ، بقينا على الحديدة...
يا حكومات عربية جبانة...اما ثورة و اما خيانة...
كل دول عساكر ليه؟...احنا في سجن ولا ايه..؟
الاستفتاء...عار و خيانة ... تعديل الدستور ... عار و خيانة ... الحزب الوطن ي... عار و خيانة ... التمديد ... عار و خيانة ... التوريث ... عار و خيانة .. حسني مبارك ...عار و خيانة ...الخ ...الخ...الخ)
بدأت تشكيلات الأمن المركزي في الظهور من جديد ، و قابلها المتظاهرون بالهتاف:
اديها كمان حرية.. و ابعت هات مليون عربية...
و ابعت هات ميت الف شاويش.... يا حكومة وسخة متختشيش...
الطريف أنني سمعت كهلا متظاهرا يردد هذا الهتاف بطريقته الخاصة غير عابئ بأن الهتاف الجماعي يغطي على صوته و أن هتافه غير موزون و لا مقفى و أن أحدا لن يسمعه... اذ كلما تردد الهتاف ، هتف بمرارة و غضب: " ابعت هات ميت ألف **** **** ابن*****"
داخل النقابة تحلقت مجموعة حول التلفاز لتشاهد موجز الجزيرة ،و صفقوا في حماس عندما شاهدوا خبر التظاهرة... و قال احدهم :" نجحنا في ايصال الرسالة الاحتجاجية"
تهيئت للانصراف مع الاصدقاء ، و كنت أفكر في ما حدث في اجتماع الصحفيين ، اذ بدا واضحا وجود تيارين داخل النقابة... تيار قد يوصف بالعقلانية من جانب البعض او بالتخاذل من البعض الآخر ، و هو يرى ما حدث يوم الأربعاء الاسود "اعتداء على صحفية على سلالم نقابتها" ، و يضغط من أجل حقوق تلك العضوة ، و يرى أن تصعيد الطلبات يضر بالقضية أكثر مما يخدمها... التيار الآخر الذي قد يوصف بالانفعالية من البعض و بالتواصل مع الشعب من البعض الآخر، يرى ما حدث يوم الأربعاء الأسود جزءً من قمع السلطة المستمرة للشعب و فصلا من قصول الصدام مع الديكتاتورية ، و يرى بشاعة في ما حدث لنوال و زميلاتها ، الا أنه ينظر اليهن كجزء من مجموعة واسعة من المصريين و المصريات الذين يتعرضون للاهانة و الانتهاك ، و يرى ضرورة في انضمام الصحفيين الى اساتذة الجامعات و القضاة الذين طالبوا بالاستقلال بدلا من المساومة على مكاسب قليلة محدودة...
كان هذا قصا مصورا لما حدث و ذكرا لما جرى دون تحليل....
ربما في وقت لاحق...
بس...
جاء شاب من كفاية و قال أن الأمن انصرف و اقترح القيام بمظاهرة ثانية!
كانت هذه المظاهرة مظاهرة لكفاية بنسبة 100% فيما كانت الاولى و الاكبر ، مظاهرة احتجاج اوسع و أشمل ركزت على الاعتداء على النساء في الأسبوع الماضي...
كان كمال خليل قد انصرف ، و لذلك قادت الهتافات "هتيفة" شابة تهتف من القلب ...
( الصورة نقلا عن الوعي المصري)
ترددت هتافات كفاية التقليدية:
(يا ساكن قصر العروبة...احنا سكان مصر المنهوبة... كفاية .. ارحل ...غور ...طهقنا ... زهقنا...
كفاية كفاية كفاية...احنا وصلنا للنهاية..
اتحكمنا بالاستبداد ... و اتكوينا بالفساد...و اتداينا للبلاد... كل ظالم و له نهاية..
عايزين حكومة حرة ، العيشة بقت مرة... عايزين حكومة جديدة ، بقينا على الحديدة...
يا حكومات عربية جبانة...اما ثورة و اما خيانة...
كل دول عساكر ليه؟...احنا في سجن ولا ايه..؟
الاستفتاء...عار و خيانة ... تعديل الدستور ... عار و خيانة ... الحزب الوطن ي... عار و خيانة ... التمديد ... عار و خيانة ... التوريث ... عار و خيانة .. حسني مبارك ...عار و خيانة ...الخ ...الخ...الخ)
بدأت تشكيلات الأمن المركزي في الظهور من جديد ، و قابلها المتظاهرون بالهتاف:
اديها كمان حرية.. و ابعت هات مليون عربية...
و ابعت هات ميت الف شاويش.... يا حكومة وسخة متختشيش...
الطريف أنني سمعت كهلا متظاهرا يردد هذا الهتاف بطريقته الخاصة غير عابئ بأن الهتاف الجماعي يغطي على صوته و أن هتافه غير موزون و لا مقفى و أن أحدا لن يسمعه... اذ كلما تردد الهتاف ، هتف بمرارة و غضب: " ابعت هات ميت ألف **** **** ابن*****"
داخل النقابة تحلقت مجموعة حول التلفاز لتشاهد موجز الجزيرة ،و صفقوا في حماس عندما شاهدوا خبر التظاهرة... و قال احدهم :" نجحنا في ايصال الرسالة الاحتجاجية"
تهيئت للانصراف مع الاصدقاء ، و كنت أفكر في ما حدث في اجتماع الصحفيين ، اذ بدا واضحا وجود تيارين داخل النقابة... تيار قد يوصف بالعقلانية من جانب البعض او بالتخاذل من البعض الآخر ، و هو يرى ما حدث يوم الأربعاء الاسود "اعتداء على صحفية على سلالم نقابتها" ، و يضغط من أجل حقوق تلك العضوة ، و يرى أن تصعيد الطلبات يضر بالقضية أكثر مما يخدمها... التيار الآخر الذي قد يوصف بالانفعالية من البعض و بالتواصل مع الشعب من البعض الآخر، يرى ما حدث يوم الأربعاء الأسود جزءً من قمع السلطة المستمرة للشعب و فصلا من قصول الصدام مع الديكتاتورية ، و يرى بشاعة في ما حدث لنوال و زميلاتها ، الا أنه ينظر اليهن كجزء من مجموعة واسعة من المصريين و المصريات الذين يتعرضون للاهانة و الانتهاك ، و يرى ضرورة في انضمام الصحفيين الى اساتذة الجامعات و القضاة الذين طالبوا بالاستقلال بدلا من المساومة على مكاسب قليلة محدودة...
كان هذا قصا مصورا لما حدث و ذكرا لما جرى دون تحليل....
ربما في وقت لاحق...
بس...
ذكر ما جرى - 3
سأكون شاهدا في ذلك اليوم و في تلك القاعة على ما لم أشهده من قبل...
قلت من قبل أن هناك خطا أحمر تم خرقه على مدى الشهور الماضية ، و لكن هناك كان لدي شعور بالخفة كأنني في حلم ، عندما كنت أرى و أسمع ما قيل في نقابة الصحفيين ذلك اليوم... لم أعتد أن أكون في مكان أتمتع فيه بالحرية في أن أقول ما أريد قوله دون ان أبالي بمن يقف جواري أو خلفي أو ربما يكون يتصنت على ما أقوله... لم يكن لدي رد فعل تلقائي بأن أنظر للخلف كلما " لبخت" في الكلام... لم اشاهد من قبل مكانا يتمتع بشيئ أقرب ما يكون لحرية التعبير كتلك القاعة... في تلك القاعة لم يصفق الجمهور عندما يتحدث من على المنصة حديثا مملا ، بل صفقوا عندما ووجهت المنصة... لم أر أبدا في بلادنا المحروسة جمهورا ينجح في فرض رؤاه الأكثر راديكالية على من يعتلي المنصة... و لا يمكن لاحد أن يمنع احدا من أي اتجاه من التحدث... توالوا جميعا على التحدث : الأكاديمي و اليساري و الناصري و الليبرالي و الاسلامي و البتنجاني و الخنفشاري..... و لم يمنع أحد ، حتى من عرفوا عنه انه قنبلة " تلبيخ" بشرية....
سألت صديقا صحفيا : " هل هذه الجلسة استثنائية في الجدال و اشتباك الآراء و الخلاف؟" فأجابني:" لأ ، عادة لو فيه قضية بيبقى الوضع كده"
عذرا ، فأخوكم محدث حرية تعبير ....
المهم ، أعود للقص....
حل الدور على يحيى قلاش و كان حديثه مماثلا لحديث النقيب تقريبا ، و ان ركز بصورة قوية على رد حقوق الصحفيات ، و دعا كل من يمتلك أدلة صورا أو شرائط فيديو تقديمها للنيابة...
هنا بدأ صلاح بديوي في النهوض من مقعده و توجيه الانتقادات و الاتهامات و الاهانات للرئيس مبارك بمعدل مرة كل ثلاث دقائق... يجذبه من يجلس بجواره ليجلس ، و تنطلق من حوله رجاءات ضاحكة :" اقعد يا صلاح ، اقعد يا صلاح"
حل الدور على نوال التي بدأت حديثها بشكر زملائها الصحفيين و قالت انها كانت في أسوء حال نفسية ممكنة بعد تعرضها للاعتداء الا ان دعم زملائها كما تبدى في اتصالاتهم الهاتفية و مقالاتهم رد اعتبارها ، ثم عادت لتقول : و لكن رد اعتباري ليس مطلوبا منكم بالطبع... قالت نوال أنها تعرف من اعتدى عليها و أن الأمر ليس اتهاما مفتوحا ضد مجهولين كما "يحاولون ان يقولوا"... قالت نوال بعدها أنها تعرضت للاعتداء عدة مرات ، مرة على سلالم نقابتها ، و مرة عندما قال "زميل" لها أنها مزقت ملابسها بنفسها.... صفق الجمهور عند سماعه ذلك... ستكون قضية أحمد موسى الصحفي بالاهرام و عضو مجلس النقابة و الذي نشر خبرا يقول أن نوال مزقت ملابسها بنفسها لتتهم متظاهري الحزب الوطني بذلك أحد أكثر النقاط التي أثارت الجدال في ذلك اليوم.... حاولت المنصة الدفاع عنه قائلة أن "الزميل" خرج من اجتماع مجلس النقابة موافقا على كل قراراته بما فيها المطالبة باستقالة وزير الداخلية...
الا أن جموع الصحفيين نجحت في الدفع بجمع توقيعات الصحفيين في ذلك الاجتماع ( و الذي بدأ كمؤتمر صحفي و انتهى باعتباره جمعية عمومية طارئة ذات قرارات ملزمة)للمطالبة باقالة احمد موسى...
مما قيل في ذلك اليوم عن أحمد موسى و لا أذكر قائله بالضبط بسبب عدد المتحدثين الكبير :
" يا جماعة لا تلوموا أحمد موسى ، أحمد موسى مخبر من صغره ، حتى عندما كان طفلا في المدرسة كان "يفتن" على زملائه عند المدرسين"
" أحمد موسى عميل الداخلية في الأهرام"
" أطالب ليس باقالته من المجلس و حسب ، بل و شطبه نهائيا"
" يا جماعة ، الداخلية لم تات بأحمد موسى ، بل نحن الصحفيون من انتخبه ، و لن يمكننا غسل ذلك العار الا بالتوقيع لاقالته"
أعود لما قالته نوال بعدها اذ قالت أن " سليمان عواد ( المتحدث باسم رئاسة الجمهورية و الذي قال أن التغطية الاعلامية الغربية لما حدث يوم الاستفتاء مبالغ فيها و غير عادلة)بالنسبة لي لا يتكلم سوى عن نفسه ، و لا زلت أنتظر ما سيقوله الرئيس ، بالنسبة لي لم يقل الرئيس رأيه فيما حدث، أنتظر رأيه في أن يعتدى على ابنته"
همهمة و ضجة و اعتراض من الجمهور ، و امراة متشحة بالسواد من الخلف : " يا نوال ، هو اللي قالهم يعملوا كده فيكي"
قالت نوال بعدها انها تطلب من الحضور الذي تشكره لوجوده ان يستمر في التجمع كل يوم اربعاء حتى يتم تنفيذ مطالبها...
و ختمت أقوالها بأنها لن تتنازل عن مطلبها باستقالة وزير الداخلية...
( الصورة من الأسوشيتد برس نقلا عن مدونة بهية ، و التي تظهر فيها عيون نوال ممتلئة بالتصميم على مطلبها)
توالى بعدها المتحدثون على الميكروفون و ميزت منهم محمد السيد سعيد و محمد السعيد ادريس الذي تحدث في توازن عن ضرورة استقلال الصحفيين عن سلطة النظام و صلاح بديوي و محمد رضا ( اللذان يستحقان استطرادا منفصلا) و كارم يحيى الذي قدم مشروعا لاستقلال الصحافة عن السلطة ( المؤسسات الصحفية القومية )....
تعاقب الكثيرون ممن لم أميزهم على الميكروفون... سأكتب هنا ما أتذكره مما قالوه دون ترتيب...
*المطالبة بأن يكون شارع عبد الخالق ثروت الذي يضم نقابتي المحامين و الصحفيين و نادي القضاة حرما لا يدخله رجال الأمن و أن يغير اسمه الى شارع الحرية...
*" مجلس الوزراء قال امبارح انه بيؤمن بحرية التعبير ، طبعا مش بيؤمنوا بكده ، قالوا كده عشان أمريكا ادتهم بالجزمة"
*" فاكرين مين النايب اللي وقف في مجلس الشعب و قال ان احنا مش عايزين مصالحة وطنية؟" يرد الجمهور زاعقا:" زكريا عزمي!!" ، " و زكريا عزمي ده تبع رئاسة الجمهورية"
*" هتقولوا المسؤول عن اللي حصل مسؤولين الأمن؟ مين اللي فوقهم؟ حبيب العادلي؟ مين اللي فوقه؟ حسني مبارك!"
*" الحزب الواطي عمل..." يقاطعه جلال عارف محتجا ، فيؤكد" لأ ، هوا فعلا واطي ، و كويس أوي اني وصفته بالكلمة دي"
*"أدعو لانشاء حركة كفاية في نقابة الصحفيين"
*" الزميلة نوال ، لم أصفق لكِ مع من صفقوا لأن كلي خجل مما حدث ... لو أنه عند الانتهاك الأول لحرمنا أو حتى الانتهاك الثاني قمنا و قام النقيب بالاحتجاج ، ما حدث لكِ ما حدث"
*" فلنستمر في موقفنا حتى تنفذ المطالب أو ليستقل النقيب!"
*" كلكم بتقولوا أحمد موسى أحمد موسى ، و هل كان عمل ما عمله الا بوجود ابراهيم نافع في الاهرام؟"
*" يجب أن تظل نقابة الصحفيين ملجأ و ملاذا لكل التيارات و لكل المظلومين.... يجب ان نكون على اتصال مع الامة... و في اللحظة التي تمد فيها الأمة يدها الينا لا يجب أن نتركها... كان خطأ أن تغلق أبواب النقابة في وجه المتظاهرين منذ أسبوع و أن يتركوا للضرب"
*" لا أقلل مما حدث للزميلة نوال ، و لكن العديد من المصريين رجالا و نساء تنتهك أعراضهم من الاسكندرية لأسوان ، و نحن لأننا صحفيون يمكننا أن نوصل أصواتنا و أن ندافع عن انفسنا ، فمن لبقية المظلومين؟"
*"يعني ايه نجيب الأدلة للأمن ، أمال ايه شغلة الأمن و البوليس؟ هم من يجب أن يبحثوا عن الجناة"
*" قدمتم القضية للنائب العام ، فهل ستدفن كما حدث لمثيلاتها؟ تقولون ان النائب العام سيستدعي الصحفيين للشهادة ، و انا أقول أن هذا لن يحدث، في مارس 2003 في مظاهرات ضد الحرب على العراق و التي اعتدى فيها الامن علىالمتظاهرين بما فيها ضرب نائب بمجلس الشعب حمدين صباحي لم يستدعنا النائب العام للشهادة حتى الآن"
*" الرئيس قال انه ببضعة جنيهات يستطيع أن يجلب بلطجية ليتظاهروا باسمه و هو ما حدث.. أي أن الرئيس يعترف بمسؤوليته!"
*"فلتكن هذه جلسة قرارت و أفعال بدلا من ان تكون جلسة انفعالات و هتافات"
حل الدور على محمد رضا و أعلن جالس على المنصة أسماء من سيتحدثون بعده و قال بابتسامة عريضة و روح مرحة : " و الاستاذ صلاح بديوي هيكون مسك الختام"...
محمد رضا صحفي بجريدة آفاق عربية الاخوانية ، و قد كان معتقلا و تم الافراج عنه منذ وقت قريب... حياه الجمهور بالتصفيق... بدأ محمد رضا في الحديث عن تجربة الحبس ، و عن حبسه مع المحبوسين الجنائيين الذين تم تحريضهم ضده ، و عن حدث يبلغ من العمر ستة عشر عاما كان مقيدا و اياه بأغلال واحدة و عن محاولة اعضاء النقابة الافراج عن ذلك الطفل الطالب في الثانوية العامة و المعتقل لأسباب سياسية... تحدث عن معاناته الشخصية و عن تهديد ضباط أمن الدولة له و عن معاناة الاخوان و الاعتقالات التي تعرضوا لها ، و ذكًّر بانتهاك أعراض الرجال في المعتقلات و تخويفهم بتعرية نسائهم أمامهم أو ما هو اكثر... تحدث عن أن ما حدث أمام النقابة منذ أسبوع ليس تكتيكا جديدا و ان الامن لجأ اليه في انتخابات الرمل التشريعية بالاسكندرية من استخدام لبلطجية و نساء متهمات في قضايا آداب أو " من المدبح" ( توصف هذه الانتخابات في تلك الدائرة بأنها واحدة من اكثر الانتخابات عنفا في انتخابات مجلس الشعب الحالي) و في مظاهرات الاخوان كل جمعة في الجامع الازهر... ضمن ما قاله محمد رضا كان: " الواحد بيبقى هاين عليه يروح اي سفارة و يجيب أي جواز سفر ، بدل ما ينتهك في بلده ، بلده اللي ملهوش فيها كرامة و اللي مش بتحترمه كانسان".. شاهدت نوال تضع يدها على وجهها عند سماعها ذلك ، و تمسح دموعها...
حل الدور على صلاح بديوي فملت على صديق يجلس بجواري لا يعرف شيئا عن بديوي و لم يحضر الاجتماع منذ بدايته و قلت له : " ما رأيته من قبل شيئ و ما ستراه و تسمعه الآن شيئ آخر تماما"
بدأ صلاح الحديث بصورة تقليدية عن الانتهاك و الاعتداء...الخ... نظر لي صديقي نظرة متسائلة بمعنى :" فين يا عم ؟"
بعد ثوان انطلق صلاح ، و لم يتوقف الجمهور عن التصفيق و الصفير و الضحك في ذهول و عدم تصديق...
قال صلاح: " مبارك... هذا انسان يتنفس كذبا! منذ اكثر من عام في هذه القاعة وعدونا أنه سيوقف حبس الصحفيين ، و هو ما لم يحدث حتى الآن... هذا انسان يتنفس كذبا.. يومها وقفت و صحت : يسقط العميل حسني مبارك! و جاء أحمد موسى و ضربني.."
" مبارك محاصر في شرم الشيخ و لا يستطيع الخروج منها لانه لو خرج سينقلب عليه رجال الجيش المصري! و أنا من موقعي هذا أدعو الشرفاء في الجيش المصري للانقلاب على هذا الطاغية!"
جلال عارف يدمدم و ضجة و تصفيق و ضحك ... يقول له جلال عارف أن وقته انتهى و يطلب منه ترك الميكروفون ، فيأتي من الخلف صياح "الكفاياوية" -الذين أنهوا تظاهرتهم فبدؤوا في الدخول للقاعة للفرجة- بالهتاف الذي يستخدمونه عندما يمسك الامن بمتظاهر : "سيبه! سيبه! سيبه!" ، فيصمت جلال عارف على مضض...
واصل صلاح الحديث و توجه الى نوال قائلا أنه يقدر و يفهم ما حدث لها لأن زوجته صحفية و كان من الممكن ببساطة أن تكون مكانها....
تقول صحفية جالسة خلفي: " و لو مش صحفية برضه ممكن يحصل لها!"
اتهم صلاح مبارك بالعمالة و صب غضبه على يوسف والي و قال أن مبارك حبسه و صحفيين آخرين من الشعب للتستر و الدفاع عمن سرطن المصريين لصالح اسرائيل....
كادوا يضطرون لجره جرا بعيدا عن الميكروفون و كانت آخر كلماته هي رجاء أن لا تتعرض "الشعب" للنسيان..
نظرت لصديقي و قلت له ضاحكا : " مش قلتلك؟"
غادرت القاعة بعدها و وقفت في الردهة الامامية أدخن و أتحدث مع الأصدقاء....
أكمل الجزء الرابع و الأخير لاحقا ان شاء الله...
الصور من التقاط الصديق "م" عدا صورة نوال المنقولة عن بهية...
قلت من قبل أن هناك خطا أحمر تم خرقه على مدى الشهور الماضية ، و لكن هناك كان لدي شعور بالخفة كأنني في حلم ، عندما كنت أرى و أسمع ما قيل في نقابة الصحفيين ذلك اليوم... لم أعتد أن أكون في مكان أتمتع فيه بالحرية في أن أقول ما أريد قوله دون ان أبالي بمن يقف جواري أو خلفي أو ربما يكون يتصنت على ما أقوله... لم يكن لدي رد فعل تلقائي بأن أنظر للخلف كلما " لبخت" في الكلام... لم اشاهد من قبل مكانا يتمتع بشيئ أقرب ما يكون لحرية التعبير كتلك القاعة... في تلك القاعة لم يصفق الجمهور عندما يتحدث من على المنصة حديثا مملا ، بل صفقوا عندما ووجهت المنصة... لم أر أبدا في بلادنا المحروسة جمهورا ينجح في فرض رؤاه الأكثر راديكالية على من يعتلي المنصة... و لا يمكن لاحد أن يمنع احدا من أي اتجاه من التحدث... توالوا جميعا على التحدث : الأكاديمي و اليساري و الناصري و الليبرالي و الاسلامي و البتنجاني و الخنفشاري..... و لم يمنع أحد ، حتى من عرفوا عنه انه قنبلة " تلبيخ" بشرية....
سألت صديقا صحفيا : " هل هذه الجلسة استثنائية في الجدال و اشتباك الآراء و الخلاف؟" فأجابني:" لأ ، عادة لو فيه قضية بيبقى الوضع كده"
عذرا ، فأخوكم محدث حرية تعبير ....
المهم ، أعود للقص....
حل الدور على يحيى قلاش و كان حديثه مماثلا لحديث النقيب تقريبا ، و ان ركز بصورة قوية على رد حقوق الصحفيات ، و دعا كل من يمتلك أدلة صورا أو شرائط فيديو تقديمها للنيابة...
هنا بدأ صلاح بديوي في النهوض من مقعده و توجيه الانتقادات و الاتهامات و الاهانات للرئيس مبارك بمعدل مرة كل ثلاث دقائق... يجذبه من يجلس بجواره ليجلس ، و تنطلق من حوله رجاءات ضاحكة :" اقعد يا صلاح ، اقعد يا صلاح"
حل الدور على نوال التي بدأت حديثها بشكر زملائها الصحفيين و قالت انها كانت في أسوء حال نفسية ممكنة بعد تعرضها للاعتداء الا ان دعم زملائها كما تبدى في اتصالاتهم الهاتفية و مقالاتهم رد اعتبارها ، ثم عادت لتقول : و لكن رد اعتباري ليس مطلوبا منكم بالطبع... قالت نوال أنها تعرف من اعتدى عليها و أن الأمر ليس اتهاما مفتوحا ضد مجهولين كما "يحاولون ان يقولوا"... قالت نوال بعدها أنها تعرضت للاعتداء عدة مرات ، مرة على سلالم نقابتها ، و مرة عندما قال "زميل" لها أنها مزقت ملابسها بنفسها.... صفق الجمهور عند سماعه ذلك... ستكون قضية أحمد موسى الصحفي بالاهرام و عضو مجلس النقابة و الذي نشر خبرا يقول أن نوال مزقت ملابسها بنفسها لتتهم متظاهري الحزب الوطني بذلك أحد أكثر النقاط التي أثارت الجدال في ذلك اليوم.... حاولت المنصة الدفاع عنه قائلة أن "الزميل" خرج من اجتماع مجلس النقابة موافقا على كل قراراته بما فيها المطالبة باستقالة وزير الداخلية...
الا أن جموع الصحفيين نجحت في الدفع بجمع توقيعات الصحفيين في ذلك الاجتماع ( و الذي بدأ كمؤتمر صحفي و انتهى باعتباره جمعية عمومية طارئة ذات قرارات ملزمة)للمطالبة باقالة احمد موسى...
مما قيل في ذلك اليوم عن أحمد موسى و لا أذكر قائله بالضبط بسبب عدد المتحدثين الكبير :
" يا جماعة لا تلوموا أحمد موسى ، أحمد موسى مخبر من صغره ، حتى عندما كان طفلا في المدرسة كان "يفتن" على زملائه عند المدرسين"
" أحمد موسى عميل الداخلية في الأهرام"
" أطالب ليس باقالته من المجلس و حسب ، بل و شطبه نهائيا"
" يا جماعة ، الداخلية لم تات بأحمد موسى ، بل نحن الصحفيون من انتخبه ، و لن يمكننا غسل ذلك العار الا بالتوقيع لاقالته"
أعود لما قالته نوال بعدها اذ قالت أن " سليمان عواد ( المتحدث باسم رئاسة الجمهورية و الذي قال أن التغطية الاعلامية الغربية لما حدث يوم الاستفتاء مبالغ فيها و غير عادلة)بالنسبة لي لا يتكلم سوى عن نفسه ، و لا زلت أنتظر ما سيقوله الرئيس ، بالنسبة لي لم يقل الرئيس رأيه فيما حدث، أنتظر رأيه في أن يعتدى على ابنته"
همهمة و ضجة و اعتراض من الجمهور ، و امراة متشحة بالسواد من الخلف : " يا نوال ، هو اللي قالهم يعملوا كده فيكي"
قالت نوال بعدها انها تطلب من الحضور الذي تشكره لوجوده ان يستمر في التجمع كل يوم اربعاء حتى يتم تنفيذ مطالبها...
و ختمت أقوالها بأنها لن تتنازل عن مطلبها باستقالة وزير الداخلية...
( الصورة من الأسوشيتد برس نقلا عن مدونة بهية ، و التي تظهر فيها عيون نوال ممتلئة بالتصميم على مطلبها)
توالى بعدها المتحدثون على الميكروفون و ميزت منهم محمد السيد سعيد و محمد السعيد ادريس الذي تحدث في توازن عن ضرورة استقلال الصحفيين عن سلطة النظام و صلاح بديوي و محمد رضا ( اللذان يستحقان استطرادا منفصلا) و كارم يحيى الذي قدم مشروعا لاستقلال الصحافة عن السلطة ( المؤسسات الصحفية القومية )....
تعاقب الكثيرون ممن لم أميزهم على الميكروفون... سأكتب هنا ما أتذكره مما قالوه دون ترتيب...
*المطالبة بأن يكون شارع عبد الخالق ثروت الذي يضم نقابتي المحامين و الصحفيين و نادي القضاة حرما لا يدخله رجال الأمن و أن يغير اسمه الى شارع الحرية...
*" مجلس الوزراء قال امبارح انه بيؤمن بحرية التعبير ، طبعا مش بيؤمنوا بكده ، قالوا كده عشان أمريكا ادتهم بالجزمة"
*" فاكرين مين النايب اللي وقف في مجلس الشعب و قال ان احنا مش عايزين مصالحة وطنية؟" يرد الجمهور زاعقا:" زكريا عزمي!!" ، " و زكريا عزمي ده تبع رئاسة الجمهورية"
*" هتقولوا المسؤول عن اللي حصل مسؤولين الأمن؟ مين اللي فوقهم؟ حبيب العادلي؟ مين اللي فوقه؟ حسني مبارك!"
*" الحزب الواطي عمل..." يقاطعه جلال عارف محتجا ، فيؤكد" لأ ، هوا فعلا واطي ، و كويس أوي اني وصفته بالكلمة دي"
*"أدعو لانشاء حركة كفاية في نقابة الصحفيين"
*" الزميلة نوال ، لم أصفق لكِ مع من صفقوا لأن كلي خجل مما حدث ... لو أنه عند الانتهاك الأول لحرمنا أو حتى الانتهاك الثاني قمنا و قام النقيب بالاحتجاج ، ما حدث لكِ ما حدث"
*" فلنستمر في موقفنا حتى تنفذ المطالب أو ليستقل النقيب!"
*" كلكم بتقولوا أحمد موسى أحمد موسى ، و هل كان عمل ما عمله الا بوجود ابراهيم نافع في الاهرام؟"
*" يجب أن تظل نقابة الصحفيين ملجأ و ملاذا لكل التيارات و لكل المظلومين.... يجب ان نكون على اتصال مع الامة... و في اللحظة التي تمد فيها الأمة يدها الينا لا يجب أن نتركها... كان خطأ أن تغلق أبواب النقابة في وجه المتظاهرين منذ أسبوع و أن يتركوا للضرب"
*" لا أقلل مما حدث للزميلة نوال ، و لكن العديد من المصريين رجالا و نساء تنتهك أعراضهم من الاسكندرية لأسوان ، و نحن لأننا صحفيون يمكننا أن نوصل أصواتنا و أن ندافع عن انفسنا ، فمن لبقية المظلومين؟"
*"يعني ايه نجيب الأدلة للأمن ، أمال ايه شغلة الأمن و البوليس؟ هم من يجب أن يبحثوا عن الجناة"
*" قدمتم القضية للنائب العام ، فهل ستدفن كما حدث لمثيلاتها؟ تقولون ان النائب العام سيستدعي الصحفيين للشهادة ، و انا أقول أن هذا لن يحدث، في مارس 2003 في مظاهرات ضد الحرب على العراق و التي اعتدى فيها الامن علىالمتظاهرين بما فيها ضرب نائب بمجلس الشعب حمدين صباحي لم يستدعنا النائب العام للشهادة حتى الآن"
*" الرئيس قال انه ببضعة جنيهات يستطيع أن يجلب بلطجية ليتظاهروا باسمه و هو ما حدث.. أي أن الرئيس يعترف بمسؤوليته!"
*"فلتكن هذه جلسة قرارت و أفعال بدلا من ان تكون جلسة انفعالات و هتافات"
حل الدور على محمد رضا و أعلن جالس على المنصة أسماء من سيتحدثون بعده و قال بابتسامة عريضة و روح مرحة : " و الاستاذ صلاح بديوي هيكون مسك الختام"...
محمد رضا صحفي بجريدة آفاق عربية الاخوانية ، و قد كان معتقلا و تم الافراج عنه منذ وقت قريب... حياه الجمهور بالتصفيق... بدأ محمد رضا في الحديث عن تجربة الحبس ، و عن حبسه مع المحبوسين الجنائيين الذين تم تحريضهم ضده ، و عن حدث يبلغ من العمر ستة عشر عاما كان مقيدا و اياه بأغلال واحدة و عن محاولة اعضاء النقابة الافراج عن ذلك الطفل الطالب في الثانوية العامة و المعتقل لأسباب سياسية... تحدث عن معاناته الشخصية و عن تهديد ضباط أمن الدولة له و عن معاناة الاخوان و الاعتقالات التي تعرضوا لها ، و ذكًّر بانتهاك أعراض الرجال في المعتقلات و تخويفهم بتعرية نسائهم أمامهم أو ما هو اكثر... تحدث عن أن ما حدث أمام النقابة منذ أسبوع ليس تكتيكا جديدا و ان الامن لجأ اليه في انتخابات الرمل التشريعية بالاسكندرية من استخدام لبلطجية و نساء متهمات في قضايا آداب أو " من المدبح" ( توصف هذه الانتخابات في تلك الدائرة بأنها واحدة من اكثر الانتخابات عنفا في انتخابات مجلس الشعب الحالي) و في مظاهرات الاخوان كل جمعة في الجامع الازهر... ضمن ما قاله محمد رضا كان: " الواحد بيبقى هاين عليه يروح اي سفارة و يجيب أي جواز سفر ، بدل ما ينتهك في بلده ، بلده اللي ملهوش فيها كرامة و اللي مش بتحترمه كانسان".. شاهدت نوال تضع يدها على وجهها عند سماعها ذلك ، و تمسح دموعها...
حل الدور على صلاح بديوي فملت على صديق يجلس بجواري لا يعرف شيئا عن بديوي و لم يحضر الاجتماع منذ بدايته و قلت له : " ما رأيته من قبل شيئ و ما ستراه و تسمعه الآن شيئ آخر تماما"
بدأ صلاح الحديث بصورة تقليدية عن الانتهاك و الاعتداء...الخ... نظر لي صديقي نظرة متسائلة بمعنى :" فين يا عم ؟"
بعد ثوان انطلق صلاح ، و لم يتوقف الجمهور عن التصفيق و الصفير و الضحك في ذهول و عدم تصديق...
قال صلاح: " مبارك... هذا انسان يتنفس كذبا! منذ اكثر من عام في هذه القاعة وعدونا أنه سيوقف حبس الصحفيين ، و هو ما لم يحدث حتى الآن... هذا انسان يتنفس كذبا.. يومها وقفت و صحت : يسقط العميل حسني مبارك! و جاء أحمد موسى و ضربني.."
" مبارك محاصر في شرم الشيخ و لا يستطيع الخروج منها لانه لو خرج سينقلب عليه رجال الجيش المصري! و أنا من موقعي هذا أدعو الشرفاء في الجيش المصري للانقلاب على هذا الطاغية!"
جلال عارف يدمدم و ضجة و تصفيق و ضحك ... يقول له جلال عارف أن وقته انتهى و يطلب منه ترك الميكروفون ، فيأتي من الخلف صياح "الكفاياوية" -الذين أنهوا تظاهرتهم فبدؤوا في الدخول للقاعة للفرجة- بالهتاف الذي يستخدمونه عندما يمسك الامن بمتظاهر : "سيبه! سيبه! سيبه!" ، فيصمت جلال عارف على مضض...
واصل صلاح الحديث و توجه الى نوال قائلا أنه يقدر و يفهم ما حدث لها لأن زوجته صحفية و كان من الممكن ببساطة أن تكون مكانها....
تقول صحفية جالسة خلفي: " و لو مش صحفية برضه ممكن يحصل لها!"
اتهم صلاح مبارك بالعمالة و صب غضبه على يوسف والي و قال أن مبارك حبسه و صحفيين آخرين من الشعب للتستر و الدفاع عمن سرطن المصريين لصالح اسرائيل....
كادوا يضطرون لجره جرا بعيدا عن الميكروفون و كانت آخر كلماته هي رجاء أن لا تتعرض "الشعب" للنسيان..
نظرت لصديقي و قلت له ضاحكا : " مش قلتلك؟"
غادرت القاعة بعدها و وقفت في الردهة الامامية أدخن و أتحدث مع الأصدقاء....
أكمل الجزء الرابع و الأخير لاحقا ان شاء الله...
الصور من التقاط الصديق "م" عدا صورة نوال المنقولة عن بهية...
الجمعة، يونيو ٠٣، ٢٠٠٥
ذكر ما جرى - 2
دخلت مبنى النقابة متجنبا من وقف على الباب يطالب بكارنيه النقابة، و دلفت الى المسرح ، و جلست...
على المنصة جلس جلال عارف نقيب الصحفيين و يحيى قلاش سكرتير النقابة...بعد وقت قصير صعد صلاح عبد المقصود الى المنصة ، فصاحت امراة من الحضور: " عايزين نوال!"
جاءت نوال اخيرا مرتدية ثيابا سوداء و معطفا أسود ، فقوبلت بعاصفة من التصفيق و وقف الجمهور لتحيتها... همست الصحفية الجالسة بجواري لي قائلة أن زوج نوال عضو في الحزب الوطني... أبديت دهشتي و لم أتمكن من التأكد...
بدأ جلال عارف الحديث فكان ما قاله على غرار : " جريمة...يوم اسود.. البلطجة ... الاعتداء... الصحفيين..النائب العام..الخ" أصبت بالملل و حلق عقلي بعيدا و فكرت في االمغادرة و الخروج للسلالم الا أن النقيب قال : " أن الصحفيين و الدولة ضد البلطجة " و هنا سرى تيار كهربائي في الحضور ، قام صلاح بديوي الصحفي بالشعب من مقعده محتجا ،
و تلاه حسام تمام الصحفي باسلام اونلاين ،
و ساد نوع من الفوضى ، همهمات و صرخات: " الدولة هي المسؤولة عن البلطجة" ، " يا سيادة النقيب لا يجب تعويم الكلام و يجب تحديد ما تقوله"...
رد من على المنصة محاولين تهدئة الحاضرين : " كلنا معا في هذا ، و لا يجب المزايدة"
صياحات احتجاجية من مختلف أنحاء القاعة:" ايه الكلام ده" ، " مش معقول كده" ، "عضو مجلس النقابة محدش بيعمله حاجة و بتحابوه" ، "شوفوا أحمد موسى!"
يرد يحيى قلاش في عصبية نافيا أي محاباة...
يقف أحمد تعلب عضو كفاية مرتدي الكوفية الفلسطينية و الذي ملأ ملابسه السوداء بملصقات كفاية و شعار " لا لمبارك" و الذي شاهدته يهتف بحماس يصعب تصديقه على سلالم النقابة حتى تنفر عروق رقبته ..
يقول له يحيى قلاش في لهجة شبه مهينة: " لو سمحت انت قلت رأيك برة على السلالم و كلنا سمعناك" يهاجم تعلب يحيى : "انت حزب وطني!" يرد عليه يحيى في سخرية " ماشي طيب انا حزب وطني و انت ايه بقى" ينتفض تعلب من مقعده و يقول " انا مع لا اله الا الله و مصر!" يبتسم يحيى في سخرية و يقول : " ماهو باين"
من أقصى الصفوف الخلفية ينطلق صوت صحفي شاب غاضب: " يا أستاذ يحيى ، احترم نفسك ، مش من حقك انك تهين حد ، و مش عشان مختلف معاه في الرأي يبقى تسخر منه"
ارتجت القاعة بالتصفيق و صمت يحيى... غيرت رأيي و قررت البقاء...
أكمل لاحقا...
الصور من التقاط الصديق "م" ، و استعرت من موقع العروبي صورا التقطها جوش ..
على المنصة جلس جلال عارف نقيب الصحفيين و يحيى قلاش سكرتير النقابة...بعد وقت قصير صعد صلاح عبد المقصود الى المنصة ، فصاحت امراة من الحضور: " عايزين نوال!"
جاءت نوال اخيرا مرتدية ثيابا سوداء و معطفا أسود ، فقوبلت بعاصفة من التصفيق و وقف الجمهور لتحيتها... همست الصحفية الجالسة بجواري لي قائلة أن زوج نوال عضو في الحزب الوطني... أبديت دهشتي و لم أتمكن من التأكد...
بدأ جلال عارف الحديث فكان ما قاله على غرار : " جريمة...يوم اسود.. البلطجة ... الاعتداء... الصحفيين..النائب العام..الخ" أصبت بالملل و حلق عقلي بعيدا و فكرت في االمغادرة و الخروج للسلالم الا أن النقيب قال : " أن الصحفيين و الدولة ضد البلطجة " و هنا سرى تيار كهربائي في الحضور ، قام صلاح بديوي الصحفي بالشعب من مقعده محتجا ،
و تلاه حسام تمام الصحفي باسلام اونلاين ،
و ساد نوع من الفوضى ، همهمات و صرخات: " الدولة هي المسؤولة عن البلطجة" ، " يا سيادة النقيب لا يجب تعويم الكلام و يجب تحديد ما تقوله"...
رد من على المنصة محاولين تهدئة الحاضرين : " كلنا معا في هذا ، و لا يجب المزايدة"
صياحات احتجاجية من مختلف أنحاء القاعة:" ايه الكلام ده" ، " مش معقول كده" ، "عضو مجلس النقابة محدش بيعمله حاجة و بتحابوه" ، "شوفوا أحمد موسى!"
يرد يحيى قلاش في عصبية نافيا أي محاباة...
يقف أحمد تعلب عضو كفاية مرتدي الكوفية الفلسطينية و الذي ملأ ملابسه السوداء بملصقات كفاية و شعار " لا لمبارك" و الذي شاهدته يهتف بحماس يصعب تصديقه على سلالم النقابة حتى تنفر عروق رقبته ..
يقول له يحيى قلاش في لهجة شبه مهينة: " لو سمحت انت قلت رأيك برة على السلالم و كلنا سمعناك" يهاجم تعلب يحيى : "انت حزب وطني!" يرد عليه يحيى في سخرية " ماشي طيب انا حزب وطني و انت ايه بقى" ينتفض تعلب من مقعده و يقول " انا مع لا اله الا الله و مصر!" يبتسم يحيى في سخرية و يقول : " ماهو باين"
من أقصى الصفوف الخلفية ينطلق صوت صحفي شاب غاضب: " يا أستاذ يحيى ، احترم نفسك ، مش من حقك انك تهين حد ، و مش عشان مختلف معاه في الرأي يبقى تسخر منه"
ارتجت القاعة بالتصفيق و صمت يحيى... غيرت رأيي و قررت البقاء...
أكمل لاحقا...
الصور من التقاط الصديق "م" ، و استعرت من موقع العروبي صورا التقطها جوش ..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)