الثلاثاء، يونيو ٠٧، ٢٠٠٥

الاستفساء و سنينه

كتبت جزءً من هذه السطور بعد عودتي مباشرة من اللجنة الانتخابية في الخامس و العشرين من مايو ، و قبل ان أكمل الكتابة بدأت أخبار ما حدث أمام ضريح سعد و نقابة الصحفيين في الظهور ، فعجزت عن مواصلة محاولتي الباس تجربتي الانتخابية ثوبا ساخرا ، و تملكني شعور بالغضب و الاشمئزاز و الصدمة و العجز و اليأس و الحزن.... لم أجرأ على الكتابة قبل أن اقوم باضعف الايمان من الاحتجاج على ما حدث. أحاول الاكمال الآن
*******************


*تجربة
كما قلت سابقا (هنا و هنا ) لم أكن مقتنعا بموضوع مقاطعة الاستفتاء ، و هكذا نزلت من منزلي متوجها الى أقرب مقر انتخابي.... عبرت أمامي عربة نصف نقل تحمل رجلا يهتف في ميكروفون متوجها الى الجماهير بكلام عن الديموقراطية و التعديل الدستوري و الوطن و السيد الرئيس.... مط عامل يحمل مفتاحا انجليزيا شفتيه و هو يهز رأسه في أسى ، بينما أشاحت امراة عجوز بيدها الحرة فيما يدها الأخرى تحمل كيسا فيه مشترياتها من الخضار و الفاكهة و هي تقول : " مفيش فايدة ، بلا كلام فاضي ، البلد خربانة و كل الناس الكبار حرامية ، حتى الوزرا بياخدوا رشاوي"


لم أجعل هذا يؤثر في معنوياتي ، و تجاهلت عن عمد أطنان اللافتات التي تملأ الشوارع تبايع و تؤيد و توافق و تهلل....الى بقية ذلك من أفعال الإذعان...


كلما ازددت قربا من المقر كلما أخذت في التقليل من فرصة أن أكتب كلمات أغنية السح الدح امبو على الورقة مع رسم قط سيامي بشنبات يعاكس امرأة تلبس المايوه مع وضع علامة صح أمام نعم و لا لابطال صوتي ، لصالح فكرة أن أبطل صوتي بوضع صح امام نعم و لا مع كتابة : " الديموقراطية الآن ، الديموقراطية أولا ، الديموقراطية دائما".... الجبن سيد الاخلاق كما تعلمون و قد خشيت ان يكون هناك قانون ما يعاقب من يسخر من بطاقة التصويت بجلالة قدرها....

وصلت الى المقر الانتخابي ، فرأيت أمامه شخصا ذا منظر شرس يجلس على كرسي ..... " شكله مخبر"... دخلت فوجدت جنودا بزيهم الأبيض المميز يتسكعون في المكان و ضابط على كتفه عدد من الأشياء ذهبية اللون يجلس في المكتب الرئيس بالمقر ، و بجوار الحائط رصت مقاعد يجلس عليها من لا يمكن أن يكونوا سوى مخبرين يتطلعون للعبد لله ... " ايه ده ، هوا أنا دخلت القسم؟ مصيبة لا يكون عندهم أوضة حجز!"


لم يكن هناك أي مواطن أتى للادلاء بصوته سواي. و في كل مكان كانت هناك صور للرئيس مع كلمة نعم ، و لفت نظري لوحات تأييد المعلمين مصحوبة بتوقيع للكهل الذي كان يرأس مجلس الشورى... دخلت أول غرفة صادفتني فكانت فارغة و بها صندوق كبير و دكة خشبية بجوار الحائط محاطة من جانبين بستارة...
دخل شاب يتناول ساندويتش فول ، فقلت له في ارتباك : " الاستفتاء هنا؟" .... طلب بطاقتي الانتخابية فقدمت البطاقة الوردية له ، فقال لي : " آه ، لجنتك في الدور العلوي" ، صعدت للدور العلوي لأواجه بذات المنظر صندوق و غرفة فارغة و دكة بستارة.... انتظرت قليلا ليظهر من يرتدي بنطلون جينز لم يغسل منذ وقت طويل و "تي شيرت" و يسألني ذات الأسئلة، ثم ينظر لبطاقتي الانتخابية في سماجة... ثم يقول لي : " حرف الميم ليس هنا" اشرت الى ورقة كتب عليها أنها للمغتربين أو لمن هم خارج المنطقة - التي أقيم بها - و سالته اذا كان من الممكن معاملتي على أنني لست من المنطقة ، و لكنه قال أن هذا غير ممكن... " اين أذهب اذن؟". في أريحية حدد لي أربعة لجان أخرى - شرقا و غربا و شمالا و جنوبا- من المحتمل أن أجد اسمي فيها....
شكرته و انصرفت ....
***************************

سأحدِّث هذا الموضوع لاحقا ان شاء الله....

ليست هناك تعليقات: