خالد معتقل..
كان هذا أول ما عرفته عندما استيقظت صباح السبت
أعدت قراءة المكتوب مرارا...
أرسلت عدة رسائل الكترونية الى أصدقاء محتواها يعبر عن الصدمة
مرة أخرى ، و مع المفاجاة يتجمد عقلي
أول ما يخطر على بالي هو محادثة دارت بيني و بينه منذ زمن
حكيت له عن :"(ن) و هي صديقة ذات اصول ايرانية
عقدت معها صفقة ضاحكة... اذا تعرضت هي للاعتقال سأبدأ حملة تضامن على الانترنت تنادي باطلاق سراحها ، و اذا تعرضت أنا في أي يوم للاعتقال يكون عليها أن تبدأ حملة تضامن مماثلة لصالحي.." فاحتج :" لماذا لم تعقد معي هذه الصفقة!!!"
قلت له :" يا خالد أنت في العراق ، حيث يعجز رجال الأمن و الحكومة أصلا عن حماية انفسهم ، و يخوضون حربا حقيقية ضد اناس يحملون السلاح ، و لذلك لا أتوقع على الاطلاق أن لديهم روقان البال ليهتموا بكتابات معارضة على الانترنت هنا و هناك ، على كل انتظر حتى تستقر الاوضاع و يصبح عندك حكومة ديكتاتورية محترمة ، و أنا موجود!"
وافقني و حكى لي أنه عندما يزور الأردن يكون قد اعتاد على أن لا أحد يهتم بالسماع و أنه لا مخابرات تعد انفاس المواطنين ، فيقوم بنقد مسؤولين أردنيين أثناء حديثه ليفاجئ بارتسام الذعر على وجه من يحدثهم و الصمت ظنا منهم أنه مخابرات يحاول دون شك استدراجهم في الكلام.
و ها هو غير المعقول قد حدث
اختفى خالد الخميس الماضي دون أثر
مما فتح الباب أمام احتمالات عديدة و مرعبة أبسطها هو خطفه على يد عصابة تطالب بفدية ( و هو أمر شائع للأسف في العراق بعد الغزو الامريكي)
و لكنه اتصل بعائلته بعد يومين ليخبرهم أنه لا يزال على قيد الحياة
أو كما قال شقيقه رائد : أنه بخير في سجن المخابرات بعد اختطافه من الجامعة
و أنه ذكر في اتصاله شيئا ما عن الكتابة و عن مدونته
قيل أنه سيتم توجيه تهم اليه يوم الأحد و لكن هذا لم يحدث
ثم قيل أن هذا سيحدث يوم الاثنين و لكن لم يحدث
اليوم الثلاثاء و لا جديد
أن يتم القبض على خالد من اجل ما يكتب أمر في غاية الجنون
و أن يعتقد من قبض عليه أنه قام بارتكاب جريمة أمر لا يقل سخافة
و لكن على كل حال أضم صوتي لعائلة خالد و اصدقائه في مطالبتهم بتوجيه اتهام له و محاكمته في وضح النهار ان كان متهما بشيئ و الا فليفرجوا عنه بدل الاعتقال التعسفي
خالد طالب في كلية الهندسة جامعة بغداد
عمل لفترة مع منظمة ايطالية غير حكومية تقوم بتوفير نظم تنقية المياه للمناطق الفقيرة في العراق
كما شارك مع شقيقه رائد و بقية أفراد العائلة في حملة لجمع التبرعات لشراء مستلزمات طبية لمساعدة المناطق المحرومة منها
بسبب شهرة رائد ( أين رائد؟ مدونته المشتركة مع سلام باكس) و مدونة عائلة في بغداد تعامل خالد كثيرا مع الاعلام ، كما تعاون مع قناة تلفزيونية كندية بتصويره افلاما عن الحياة في بغداد و ارساله للمخرجة لتقوم باختيار المناسب منها لصناعة الفيلم ( بعد أن أصبحت بغداد غير آمنة للأجانب)
أتشارك أنا و خالد في تفضيل البيبسي على الكوكاكولا و في تقدير معنى وجبة شهية و في حب القطط و في المرور بقصص حب فاشلة لدرجة كوميدية ... في حين كان هو بمعجزة ما لا يزال بامكانه الضحك على مسرحية "شاهد مشفش حاجة" مسرحيته المفضلة - لدرجة الهوس -، و التي توقفت عن الضحك عند مشاهدتها بعد أن شاهدتها للمرة الألف، ، في حين ينعكس الموقف فيما يخص نكات سعدي الحلي التي تلقيني أرضا من شدة الضحك بينما هي بالنسبة له أقدم من القدم.
يستطيع من يقرأ مدونة خالد : أسرار في بغداد ( و عبارة خالد المفضلة على فكرة هي : أخبرني سرا!) أن يعرف آراءه السياسية بوضوح. يعارض الاحتلال و يؤيد حق الشعوب المحتلة في الدفاع عن أرضها و يرفض الارهاب و استهداف الأبرياء... كثيرا ما كتب بنقائه المميز بعد أن قابل أفرادا من جنسيات مختلفة أنه اكتشف " أننا كلنا بشر. كلنا لدينا ذات الأحلام و الآمال. كلنا لنا نفس التطلعات. كلنا نضحك و نبكي . كلنا نريد تربية أبنائنا. نريد السلام و نريد أن نشعر بالأمان. نريد أن نُحِب و نُحَب" و لذلك تعاطف مع الجنود الذين رآهم شبابا دفعت بهم السياسة الى المكان الخطأ في حين كان من المفروض أن يكونوا يمارسون حياتهم الطبيعية في مكان آخر.
حكى خالد كثيرا عن عجائبية الحياة في بغداد: اعتياد الموت و الانفجارات و الرصاص و الحطام. عن أن يقتحم رجال مسلحون الجامعة أو أن يذهب للدراسة يوما ليجد قاعة المحاضرات خالية فيسأل عن السبب ليعرف أن طالبا تضايق من استاذ ففتح النار على مكتبه. أن يتعرض منزله للسرقة و يقوم اللصوص بالجلوس في المنزل للراحة و تناول الكباب الذي يجد بقاياه فيما بعد ، ان يتعرض أحد اقربائه للخطف على يد عصابة و بعد دفع الفدية و عندما أفرجت العصابة عن قريبه احتضنه خاطفه و سلم عليه في حرارة (لأن العشرة متهونش غير على ابن الحرام كما هو واضح)
و ها هي العجائبية تستمر ، طالب في كلية الهندسة صاحب مدونة على الانترنت يختفي في أقبية سجون المخابرات.
أصيبت فائزة (والدة خالد) بالذعر عندما عرفت أن الكتابة المعارضة قد تكون سببا في اطالة زمن غياب ابنها فقامت بمسح كتاباتها العربية من المدونة حسب ما حكى رائد.
أحاول أن احكي و أطيل ما أكتب محاولا أن أمحي من ذهني صور السجناء المتعرين أو المعصوبي الأعين أو المحاطة رؤوسهم باكياس سوداء و حكايات التعذيب و سوء المعاملة.
عد بالسلامة يا خالد....
*تحديث: السبت 23 يوليو : أفرج عن خالد اليوم. الحمد لله!
الثلاثاء، يوليو ١٩، ٢٠٠٥
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك ٣ تعليقات:
لا أعرفه، ولم أحاول أن أقرأ لرائد. إلا أن الخبر لا شك حزين. هل عرفت من يسانده بجانب لجنة حماية المدونين؟
باستثناء اللجنة لا أحد تقريبا
اقترح جوان كول تنظيم حملة ارسال رسائل الى السفارة العراقية في امريكا تمخضت عن هذه العريضة
http://www.thepetitionsite.com/takeaction/820522461
و فقط
قسم الانترنت في مراسلون بلا حدود صامت على
غير العادة
He had an interesting blog. Crazy world today..THis is not "liberation"!
إرسال تعليق