الجمعة، يناير ٠٧، ٢٠٠٥

ذات صيف حار


كنت طفلا في ذلك الصيف... و بينما اقضي أجازتي السنوية مع أسرتي في مصر ، سمعت أحد اقربائي يشير الى شاشة التلفاز و يتحدث الى والدي باعتبارهما مقيمين في دولة الكويت يفهمان هذه الأمور... كان التلفاز بعرض لقاء ما و لقطات لا أذكرها.... اناس يرتدون البدلات و الملابس العربية التقليدية...
"الظاهر عندكم توتر هناك..."
هز والدي رأسه في استخفاف.....

*****************************

في 28 مايو 1990 عقدت اعمال القمة العربية في بغداد .....
سأل الملك فهد الرئيس صدام حسين عن العلاقات مع الكويت فاجابه :" غير قابلين بشيئ حتى الآن ، لا حصص البترول ، و لا تخطيط الحدود ، و هم الآن يخربون الداخل عندنا"

في اجتماع لوزراء الخارجية العرب لبحث هجرة اليهود السوفيت الى اسرائيل... قدم العراق ورقة اتهمت الكويت و الامارات العربية المتحدة باغراق الأسواق النفطية مما أدى لخسائر عراقية و بسرقة البترول العراقي من حقل الرميلة ، معتبرة ذلك عدوانا على العراق...

احتجت وزارة الخارجية الكويتية على الاتهامات موجهة اتهاما الى العراق بأنه هو من سرق البترول الكويتي....

في يوليو 1990 التقى الرئيس العراقي صدام حسين بالرئيس المصري مبارك في بغداد.... و يقول الرئيس مبارك أن صدام تعهد بعدم الجوء الى الحل العسكري.... أما صدام فيقول أنه تعهد بالانتظار الى اللقاء بين نائبه و بين ولي العهد الكويتي قبل اللجوء الى ذلك الخيار....

في جدة في آخر يوليو التقى عزة ابراهيم مع الشيخ سعد الصباح....

لم يكن اللقاء مثمرا

***********************

اقتربت المدارس و كنت أستمتع جدا بالأجازة الصيفية و أكره كراهية مطلقة المدارس و الاستيقاظ مبكرا ، فتمنيت أن لا اذهب الى المدرسة هذا العام....
كان هذا أول مرة أتعلم فيها معنى مقولة : " كن حريصا مما تتمناه"....

***********************

القادة العرب نائمون و يتم ايقاظهم فجر الخميس الثاني من أغسطس... و اخبارهم بما حدث....
التساؤل الجماعي: " هل هي عملية محدودة على الحدود ؟ هل احتلوا الجزر فقط؟" و الجواب : " كلا ، لقد دخلوا المدينة"

أرسل الأدميرال بيل أوينز الى تشيني رسالة قصيرة تقول : " العراقيين اخترقوا"....

نجت العائلة الحاكمة الكويتية من مصير كان مخططا لها عندما تم تنفيذ خطة الطوارئ مبكرا لتنتقل الى السعودية ، و لم ينج منهم رئيس الجنة الاولمبية الكويتية فهد الصباح....

**********************

استيقظت صباح ذلك الخميس و كان والدي قد ذهب للعمل...
فتحت التلفزيون كي أشاهد الرسوم المتحركة اليومية... لكن التلفزيون كان يعرض خطوطا ملونة طولية...
" أين الكارتون؟؟؟؟"
سمعت والدتي تتحدث عن غزو و حرب او شيئ من هذا القبيل...
انتظرت قليلا ثم سالت والدتي ان كان بامكاني النزول الى مدخل البيت الذي نسكنه و أعود للصعود بسرعة. سمحت لي بذلك...
نزلت مسرعا و وقفت أشاهد الشارع الذي نقطن به و هو خال من المارة كالمعتاد ، بضع عربات متوقفة ، و شمس حارة....
أصبت بالاحباط لانني توقعت ان أشاهد حربا حقيقية تجري أمامي في الشارع ... دبابات تتبادل اطلاق النار و جنود يقفون في صفين متقابلين و يتقدمون من بعضهم حاملين البنادق... تماما كالجنود الدمى البلاستيكيين الذين أحب اللعب بهم....
صعدت لوالدتي حزينا و قلت لها : " مفيش حرب تحت ..."

يتبع....

*الصورة :صورة تجمع بين أمير الكويت، مقلداً وسام الرافدين من الدرجة الأولى، ومن النوع المدني، والرئيس العراقي مقلداً قلادة مبارك الكبير في 25 سبتمبر 1989- المصدر : موقع مقاتل من الصحراء

هناك تعليقان (٢):

R يقول...

في ١ أغسطس ١٩٩٠ كنت عائدةاً من معسكر عمل بالنوباريّة (مساعدة الخريجين في استصلاح الأراضي)، وكنت أنتظر نتيجة الثانويّة العامّة.
لم أكُن أعرِف أنّ هناك خلافات أصلاً بين العراق والكويت.
وفي يناير ١٩٩١، في أولى أعوام الجامعة، فرحت أيضاً بالأجازة التي أخذناها لبداية الحرب الأمريكيّةالخليجيّة الأولى. كنت فرحاً بالفرجة عى أوّل حرب إليكترونيّة مصوّرة. لم أكن أفهم سرّ سخط طلبة الجامعة وقتذاك، ولم أفهم معنى كلام اليساريّين: لو دخلوا المنطقة مش هيخرجوا منها. لم أكن أفهم شيئاً في السياسية وفي الألعاب الاستراتيجيّة.
الآن أنا بلا شكّ أكثر ثقافةً واطّلاعاً وشعفاً بفهم ألعاب السياسة. ولكنّني لا أزال لا أفهم.
وصورتك تؤكّد عدم فهمي.
ماهم كانوا "حلوين مع بعض"؟ حصل إيه؟

abderrahman يقول...

أتمنى ان تكمل شهادتك حول تلك الفترة..فاليوم نستطيع أن نرى ذلك الحدث بعيون مختلفة .
تحياتي لك
وسأنتظر التتمة :)