الجمعة، ديسمبر ٣٠، ٢٠٠٥
وحشية
نفس الوحشية والقسوة والطاعة العمياء وانعدام الإنسانية والتعامل الحربي مع المدنيين...
غدا مظاهرتا احتجاج وإدانة في نفس المكان 12 ظهرا و خمسة مساء...
الثلاثاء، ديسمبر ٢٠، ٢٠٠٥
يا مجلس شعب صباح الخير
كنت أبحث عن المناقشات التي جرت عند إقرار قانون معين فلجأت إلى موقع مجلس الشعب المصري الذي يضم مضابط جلسات برلمان 2000. قرأت تلك المضبطة فالتالية لها فالسابقة عليها ، ثم بدأت في التجول و قراءة المزيد.
أمر محزن فعلا ، فالحكومة لا تستخدم أغلبية موافقون - موافقة الشهيرة في اقرار و تمرير ما ترغب فيه من تشريعات فحسب ، بل و في اسكات الاصوات المعارضة ( غلق باب المناقشة ، تحديد الموعد الذي ترغب فيه لبعض الاستجوابات التي لم ير بعضها النور) و إغلاق الباب أمام أي جدل داخل المجلس ، و رفض حتى أبسط يالتعديلات. حكومة بائسة فعلا ، تعرف جيدا أنها لا مكن أن تقنع أحدا ، و لا تملك إلا مطاردة و إخراس الصوت المخالف لها محتمية بأغلبية تريحها ممن يحاسبها أو يطرح رؤية مخالفة لها و متهربة من حاجتها إلى تقديم تنازلات إذا لم تملك تلك الأغلبية، جاعلة إياي أستغرب من عدد محدود من النواب واصل بذل الجهد الجدي على الرغم من أن الأمر دون كيشوتي للغاية.
على الرغم من الملل الأولي إلا أنه بمرور الوقت ، بدأت في الاستمتاع بما أقرأ على عكس الجلسات المختصرة التي تذاع على القناة الأولى الحكومية ، فالجلسات الكاملة أكثر إثارة. و غياب الصوت و الصورة يفتح الباب للخيال لإضافة مؤثرات صوتية مناسبة و تخيل المشاعر المناسبة من كل متحدث...
ما يلي هو مختارات برلمانية كما فهمتها مع بعض التحابيش لا كما وردت نصيا في المضابط.
******
يقدم نائب معارض استجوابا ، فيرد عليه الوزير المختص و تأخذه الحمية فيقول في النهاية " هذا الاستجواب ساقط ساقط ساقط"
و يأتي دور نواب الوطني الذين يتتابعون على الحديث: " نشكر السيد ... و السيد... و السيد... و السيد... أما مقدم الاستجواب فأقول له : خسئت! كيف تجرؤ يا كلب!"
" نشكر و نشكر و نشكر و نشكر. و أنت يا مقدم الاستجواب فأقول لك خسئت يا كلب!"
" نشكر و نشكر و نشكر. و لا داعي للوم مقدم الاستجواب يا جماعة. اعتبروه عيل و غلط"
نائب من الاخوان : " أنا أؤيد ما قاله السيد العضو مقدم الاستجواب"
رئيس المجلس: " ماشي يا حبيبي.. good for you .. اقعد بقى يا أخويا"
************
بعد اعتداءات 25 مايو . أيمن نور و 22 عضو آخر يريدون أن يشكلوا لجنة تحقيق . يعرض أيمن لما حدث. يرد زعيم الأغلبية : " ما هذا الذي يحدث في البلد. حرام عليكم. بلبلتم الناس. هذا إلقاء للكلام على عواهنه. كل حاجة الأمن عمل،الأمن سوى. حرام عليكم اللي بتعملوه في مصر" أيمن يقول أنه يريد أن تكون اللجنة مشكلة من أعضاء المجلس و يرأسها عادل عيد. رئيس المجلس " لأ ده بيتشرط كمان! سيبوه سيبوه. ماشي يا حبيبي. منفسكش في حاجة كمان؟
لأ و النبي؟ خلاص كده؟
حد موافق على الطلب ده يا جماعة؟ أقلية. اتنيل اقعد بقى يا روح ستك"
*********
أبو العز الحريري يقول لائحة. و يطالب بأن يوزع نسخة على كل عضو من البيان الذي سيناقش بعد قليل. رئيس المجلس : " مين قال ان مفروض يتوزع على كل عضو" " ما ده المفروض. صوروه و ادوا كل واحد نسخة. هوا ده المفروض" " لأ لأ ، اوعى حاسب. أنا أستاذ قانون. المفروض تاخدوا بيانات و اللي عايز يطَّلع يطَّلع بس مفيش في القانون اللي انت بتقول عليه" " بس.. " مفيش بس! متيجي تقعد مكاني أحسن؟ يللا يا حبيبي اقعد مطرحك . و بعدين ما كده كده هيتوافق عليه ، متتحمقش قوي ليجيلك البواسير"
************
حمدين صباحي يقف ليقول كلاما تقرأ مثله في كل مقالات صحف المعارضة ، فيقوم الموهوب كمال الشاذلي ليتحدث " ليه كده بس يا حمدين يا حبيبي ، ده أنا بحبك. أي و الله بحبك و بتمنالك التوفيق في الحزب بتاعك" و يتكلم لفترة قصيرة عن الناصرية و عن دائرة حمدين و عما قاله حمدين. بضع جمل و ينقلب الموقف و يضطر حمدين للوقوف في موقف دفاعي ليدافع عن الناصرية و عما قام به لدائرته و عن موقفه من القضاة و من الوطن.
*************
نواب الاخوان الغلابة ال17 ( 15 فيما بعد) و الذين يدخلون كمستقلين فلا يمكنهم تشكيل هيئة برلمانية.
" احنا عايزين نتكلم"
رئيس المجلس : " انتم مين؟ انتم ملكوش صفة"
" أي حد فينا يتكلم"
" ما قلنا ملكوش صفة"
" طيب واحد طيب"
" بص يا بابا في 52 واحد من الوطني اتكلموا و 2 من كل حزب و 2 مستقلين و انا مش فاضي و ورانا حاجات تانية"
" مليش دعوة عايز أتكلم"
" اسكت يا حاج و اقعد انتف دقن اللي جنبك و متعمليش صداع"
*************
نائب معارض : " أنا بقالي سنتين مقدم طلب عشان استجواب يوسف والي
"ماشي ماشي هنحددله ميعاد بعد ما يطرح شجر المشمش. انت مبتسمعش وجيه ولا ايه؟"
************
الجلسة الاكثر إثارة للتسلية هي جلسة تعديل المادة 76 من الدستور..
بحر من : " الليلة دي عيد"
" سير يا مبارك سير ، و احنا وراك في التعمير"
" الشروط دي عشان مش أي واحد ابن كلب هلفوت ماشي في الشارع يرشح نفسه للمنصب الرفيع ده"
" مبارك صاحب الضربة الجوية و صاحب الضربة الديموقراطية ( الضربة الديموقراطية دي بجد ، مش اضافة كوميدية من عندي) "
" الله عليك يا ريس. بنحبك و بنموت فيك"
" أنا مش عارف ليه ناس بتشتم في الريس. ده واحد بيقولكم تعالوا و نافسوني و خشوا معايا في الحكم تقوموا تشتموه؟"
و بضع قطرات من :
" افراغ المبادرة من معناها.. شروط تعجيزية.. لن نتقدم بمرشح للرئاسة"
تحمس عبد العظيم المغربي فقال في نهاية كلمته : " كفاية! كفاية!"
تعليق الأعضاء : " لأ ، مش كفاية" و " يا بتوع ليبيا و العراق. قابضين من ليبيا و العراق"
رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الناصري حيدر بغدادي يقرر فجأة أن يؤيد مبارك فيتحدث عن كونه قائدا عظيما لا يختلف عليه مواطن واحد من 72 مليون ، و عن مبادرته التاريخية. حمدين صباحي يقول: " ايه ده؟ مين ده؟ ايه اللي بيحصل ده؟ ايه اللي أنا شايفه ده؟ انت عامل صفقة مع مين؟ ده بتاعكم ، ده بتاع الحكومة" بينما يوجه حيدر رسالة إلى الفئران و الخفافيش العملاء الذين يتسولون من أمريكا و الأمراء : "كفاية قرف ، كفاية إذلال و مهانة ، كفاية بلبلة للأمن و إثارة للمجتمع". ينقل عادل عيد خبر فصل حيدر من الحزب الناصري كما تلقاه على الهاتف من أحد قيادات الناصري و يحتج حيدر : " متقدرش ، متقدرش. فيه اجراءات".
كانت مسخرة.
( في مجلس شعب 2005 دخل حيدر المجلس مرة أخرى مستقلا و يده في يد مرشح الوطني فئات عن نفس الدائرة - وزير الإسكان- ثم قبل الجلسة الأولى للمجلس انضم للوطني،بينما لم ينجح أي مرشح للحزب الناصري..دنيا!)
نائب مستقل يوجه الشتائم: " ما يجري هنا رسالة إلى بوش. ارفع يدك عنا. ملعون أبو أمريكا" و ما إلى ذلك.
تصفيق حاد
" كما أطالب بتعديل الشروط التي تعوق ترشح المستقلين"
رئيس المجلس : " انت عشان البقين و الناس اللي سقفت صدقت؟ عموما حد موافق؟ أقلية. يللا يا بابا. اللي بعده"
محمد مرسي نائب الاخوان : " انتم بتقولوا انه مش يوم عصيب. بل هو يوم عصيب..."
ينتهي كلام العضو هنا و بخط صغير تحتها ( صوت من النائب محمد مرسي: عيب كده متقطعش الميكروفون)
في المضبطة تسجيل لانسحاب بعض نواب المعارضة و المستقلين قبل اقرار التعديل
يشيعهم رئيس المجلس : " مفيش فايدة من اللي بتعملوه و من انسحابكم. و التعديل هيتم اقراره. و مبارك عمكم و حابس دمكم. و حريف و بلعب كورة كفر. مبارك بي... نفر نفر"
يواصل رئيس المجلس القراءة بينما يقاطعه السيد حزين : لائحة!، فيما بدا لي محاولة يائسة لإيقاف سيل لا يمكن إيقافه ، و جاء رد رئيس المجلس حاسما : " لن أسمح لأحد أن يقاطع المجلس دون وجه حق" و يكمل القراءة. مبروك على مصر المادة 76.
************
محمد مرسي نائب الاخوان : " المواطن المصري يستحق أن ينال حريته كاملة فهو مواطن وصل سن النضج"
كمال الشاذلي : " لا لا مسمحلكش. المواطن يعيش في حرية كاملة. كيف تجرؤ على أن تقول كلاما كهذا تحت قبة البرلمان؟"
" المواطن مثلا لا يدلي برأيه في الانتخابات بحرية"
" أوبا. اوعى! طيب ازاي جاء هؤلاء الأعضاء المحترمون إلى المجلس؟ انظر إلى وجوههم الكريمة البشوشة و قل لو كنت تجرؤ انهم جاؤوا بطريقة كده و كده ، غير شرعية يعني. يعني معقول يكون الاخوة القاعدين دول مزورين معندهمش ضمير و جايين في انتخابات غير حرة. اتكلم و اتهمهم كلهم بالتزوير عشان أخبط دماغي في الحيط و أسيح دمي و ألقح جتتي عليك و ألبسك جناية و أبعتك لجنة القيم"
*********
عادل عيد بخبرته البرلمانية و القانونية يقوم بتصحيح القوانين المعروضة و يقترح استبدال كلمات و تصحيحات نحوية أخرى، فضلا عن اقتراحاته السياسية.
رئيس المجلس : " فعلا الكلمة دي مفروض تكون منصوبة ، تصحيح نحوي مزبوط، مزبووووط يا ولاد. ها؟ رأيكم ايه؟ أغلبية"
" آه طيب... السيد العضو عايز يضيف كلمة العربية عشان اسرائيل و بتاع ، حد موافق على الكلام ده؟ أقلية"
و في بعض الأحيان يأتي دور تصحيح يبدو مما اعتادوا الموافقة عليه... وضع كلمة الهيئة " طيب ده تعديل استبدال كلمة بكلمة" ينظر لعيونهم فيرى أنهم اعتادوا الموافقة على مثل هذه الأمور ، أو ربما رأى الحيرة ، فالأمر ليس بوضوح استبدال كلمة مرفوعة بكلمة منصوبة مما يوافقون عليه، أو بتعديل ذي دلالة سياسية مما يرفضونه ، فيقرر رئيس المجلس مساعدتهم " طيب نسمع رأي الحكومة" يقول الوزير المختص : " تبقى على ما هي عليه" يتردد في المجلس تنهيدة راحة و يقول رئيس المجلس " أظن الراجل كده حللكم السؤال أهو، مفيهاش مشاكل. رأيكم ايه؟ أقلية"
*************
نائب معارض : " أنا ليا بيان يا ريس"
رئيس المجلس: " موصلنيش حاجة. هيا دي بس البيانات اللي قدامي"
" بس أنا قدمته"
" قبل ولا بعد؟"
" قبل"
" آه عشان كده. كان مفروض تقدمه بعد"
يتدخل نائب مستقل غلس : " بس أنا قدمته قبل و قلت بياني"
رئيس المجلس : " متقول كلمة عدلة يا تسكت انت كمان. عموما هوا ده اللي قدامي. و هوا كده. و يللا كادوه من عندي لو عاوز ، تصحح واقعة"
********
وداعا لنواب الشعب : عادل عيد ، أيمن نور ، أبو العز الحريري ، محمد مرسي ، السيد حزين ، البدري فرغلي.
و ليرحل مجللا بالعار: محمد موسى ترزي القوانين ، فايدة كامل صاحبة قانون الهوانم ، السيد راشد محب الرئيس الأول ، يوسف والي أكثر الشخصيات تمتعا بكراهية شعبية حقيقية ، حازم حمادي ضابط أمن الدولة ذي التاريخ المشرف في التعذيب.
أتمنى أن يكون مجلس شعب 2005 أفضل من سابقه، و إن كان سيف الأغلبية لا يزال مرفوعا.
الخميس، نوفمبر ٢٤، ٢٠٠٥
البلطجة هي الحل - 2
يتعرف محمود على شابين في القسم فنجلس جميعا على مقهى بجوار القسم. نتبادل حديثا عاما و إن شاركونا بعض تفاصيل تجربتهم الانتخابية. أميل إلى تصديق ما قالوه رغم عدم قدرتي على التأكد منه ، لأنني سمعته من كثير من المصادر. تحدثوا عن شراء الأصوات و الذي يتم التأكد فيه من تصويت الناخب للمرشح الراشي بحلف المواطن على المصحف ( قرأت أمرا مماثلا في المصري اليوم ، و سمعت من مدير حملة مرشح الجبهة في باب شرق أنه قد قالت له سيدة من المشحونات جماعة عندما حاول ابعادها عن المرشح الراشي : يا بني مقدرش ، متحمليش ذنب الحلفان عالمصحف ) . و تحدث أحدهما عن إغلاق باب مدرسة ببلطجية يحملون السيوف في رأس التين ( و هو مماثل لما شاهدته بعيني في الجمرك) و أن البلطجي قال أن الحكومة هي التي جلبته هنا ( أمر مماثل لاعتراف البلطجي لهيثم في الجمرك ، و لاتهام سأسمعه لاحقا من الكثير من أهالي كرموز) و أنه سيصدر له أمر اعتقال ان لم يقم بما يقوم به. و قال أحد الشابين أن الإخوان مظلومون و أن الحكومة تمنعهم لأنهم " ناس نضيفة" و هي لا تريد سوى اللصوص. و قال أن بعض من يأخذون 100 جنيه يدخلون و يعلموا على " الإسلام هو الحق" . يقول أن الناس التي تاخد النقود لا تفكر سوى في يومها ، أما الناس التي تنظر للمستقبل فترى حال الفقر و عدم توفر فرص عمل و المعاملة في الميري فتختار من سيصلح حال البلد.
نعود إلى نقابة المحامين و نسلمهم ما حصلنا عليه من معلومات و نستمع لتفاصيل أخبار الساعات الماضية : أستاذ جامعي مراقب تم الإعتداء عليه و هو الآن محاصر داخل اللجنة عاجز عن الخروج ، حوادث في مجمع التدريب المهني بالساعة ، مجمع المدارس بالرمل ، مدرسة الفلوجة ، قيد جماعي ، نظام التعارف ، صندوق تحطم ، اعتداءات ...الخ
وسط ضجيج المتحدثين في الهواتف لم تتردد سوى كلمات : طعن ، اطلاق نار ، مصاب ، ضرب ، قتيل ، اعتقال مندوبين ، بلطجة ، نقل لمستشفى.
قلت لمحمود : أحس أن هذه تغطية حرب و ليست تغطية انتخابات.
آخر المعلومات المتوفرة لديهم أنه في الوقت الحالي فإن الهدوء عاد لدوائر الرمل و باب شرق و المنتزه و تستمر العملية الانتخابية بعد أن تراجع البلطجية. كرموز لا زالت تشهد أحداث عنف.
نغادر و نتجه إلى كرموز.ننزل عند كوبري كرموز الذي يمر فوق ترعة المحمودية. لا نعرف أين نتجه بالضبط ، فنتصل بمرشح الغد في كرموز و الذي يحضر لاصطحابنا إلى مقره القريب. بمجرد وصولنا و معرفة الناس أن بيننا صحفيين حتى أحاط بنا جمع كبير يحكي و يشير و يكشف عن أذرعه و أقدامه الجريحة و يرفع أوراقا.
حكوا عن المرشح المستقل سيف القباري الذي تعرض للطعن . جاء قريب أحد مرشحي الفئات المستقلين ( شبارة) ليروي أن أخاه تعرض لإطلاق نار في قدمه ، إذ قام أحد البلطجية بضرب مناصر للإخوان فسقط على الأرض فاقترب منه البلطجي بسلاح ناري فتدخل الأخ لإنقاذه و اشتبك مع البلطجي فانطلقت رصاصة استقرت في ساقه. رجل أراني توكيلا عاما عن مرشح الغد يسمح له بدخول أي لجنة و يقول أنه لم يتمكن من دخول أي لجنة. رجل يكشف عن ساقه الجريحة و يقول أنه تعرض للضرب من البلطجية. يحكون عن هجوم كاسح للبلطجية منذ الصباح استهدف منع الناخبين و إرهابهم و عن امتناع الأمن عن التدخل و رددوا بغضب كبير اسم رئيس مباحث كرموز مدحت عوض محملينه مسؤولية احضار البلطجية و سمعت منهم و من غيرهم في مختلف أنحاء كرموز مقولة - لا يمكن التأكد منها و إن كانت متواترة -أن الأمن جمع المسجلين خطر من قبل يوم الإنتخاب و قام بإعطائهم نقودا و أطلقهم صباح يوم الإنتخابات. شاب يرينا كدمة في وجهه. يروي الكثير من الناس أن الأمن كان يقف بجوار البلطجية دون أن يتحرك و يرفض الإستجابة للمستنجدين بهم. يقول شاب من الغد أنه التقط مجموعة من الصور للبلطجية فأوصيه بأن يحرص على كاميرته. يروي لي الشاب نفسه أنه شاهد مجموعة من مرتدي ملابس مدنية ( يرجح أنهم أمن دولة) يمسكون بشابين من الإخوان و لكن عبرت عربة للتلفزيون فتركوهما و انطلقوا هاربين ، يضحك و يقول أنهم ظنوها الجزيرة و لكن اتضح أنها عربة للقناة الخامسة.
يطلب مرشح مستقل آخر مقابلتنا و يروي لنا نفس التفاصيل : البلطجية و الاعتداءات و اتهام للأمن ليس باللامبالاة فقط بل بجمع و إطلاق البلطجية. الناس مشتعلة غضبا ضد مرشح الوطني فئات محمد البلشي الذي كان كل هذا الترويع لصالحه. يحكون عن قريب لمحمود عطية مرشح الإخوان فئات تعرض لإصابة جسيمة. كان التعاطف مع الإخوان كبيرا جدا " يعني أنا لو ماشي في الشارع و لقيت ناس بلطجية ملمومين على واحد غلبان و بيضربوه هعمل ايه يعني؟ هما فاكرين انهم هينجحوا كده؟ ده بعدهم ، كل الناس بقى صوتت للإخوان و محدش صوت للبلشي" . أما موضوع رد الإخوان على العنف فيبدو مما سمعته منهم أن الإخوان دافعوا عن انفسهم ما أمكنهم و رفض كل من حدثتهم بقوة أن يكون الإخوان بلطجية و قال البعض أن الإخوان حملوا السلاح فقط ليردوا به ضربات البلطجية ، و قال آخرون أن بعض الاهالي و بعض من يحتفظون بسلاح تدخلوا حاملين السلاح تعاطفا مع مناصري الإخوان.
نعود لمقر الغد و أتناول مع محمود غداء من عربة تقف بجواره فيقترب مني شخص و يحكي لي أنه بينما كان يمشي في الشارع منذ شهور أمسك به ضابط و نقله للقسم و خلع ملابسه و انهالوا ضربا على قدمه بالشوم ثم أدخلوا عصا في " حتة و لا مؤاخذة". أذهل. يضيف هذا إلى شعوري بالسوريالية في كرموز حيث " تتكعبل" في حالات التعذيب. "هل لهذا علاقة بنشاطك السياسي؟" يقول أنه لم يكن قد انضم للغد يومها و لم يكن له أي نشاط سياسي. أسأله عما فعل فلا يبدو أنه فعل شيئا. يقول أن " الموضوع ده مأثر على نفسيتي و بتعالج في المستشفى دلوقتي" . أعطيه رقم أحد محامي حقوق الإنسان و أوصيه بمكالمته.
هيثم و سكوت ينطلقان لمشاهدة المدارس التي يقف أمامها البلطجية. يريد محمود مقابلة أبو العز الحريري ( مرشح عمال الجبهة / تجمع) فيقرر رجل و شاب من أهالي المنطقة و أعضاء بالغد مصاحبتنا لأن المنطقة خطرة هناك. نركب عربة ميكروباص صغيرة و عندما نقترب من شارع النيل حيث مقر أبو العز و قسم شرطة كرموز و متفرع منه شارع حيث مدرسة يغلقها البلطجية حتى ذلك الوقت ، تقول لنا سيدة مسنة " يا ولادي متدخلوش هناك ، الدنيا متدغدغة . دي مش انتخابات دي صياعة و قلة أدب" . نترجل و نمشي باتجاه ذلك الشارع . عربة نصف نقل بزجاج محطم. ندخل الشارع فيواجهنا القسم و حوله أعداد كبيرة من رجال الشرطة و الرتب و الجنود و عربات الشرطة واقفين في أماكنهم . نمشي من أمامه و بعده بامتار تواجهنا مسيرة من أشخاص يتقدمهم حاملو السيوف و يليهم حاملو العصي و الشوم متجهة نحو القسم. أترك الشارع و أقف على الرصيف مذهولا و خائفا بينما يعبرون أمامي . يتجهون نحو القسم. أحاول أن أفهم من هم هؤلاء فيقول البعض أن الشرطة قبضت على فتى لا علاقة له بالبلطجة و أن هؤلاء ذاهبون للقسم للمطالبة بالإفراج عنه. في شارع جانبي على بعد أمتار من القسم مدرسة ابراهيم نجيب حيث يحيط تجمع كبير من الناس بالمدرسة و بعض الأسلحة البيضاء مرفوعة في الهواء . يبدأ جمع كبير في الإحاطة بمحمود بمجرد معرفة أنه صحفي و يروون حكاياتهم المماثلة لما سمعناه من قبل. شخص يمسكه و يطلب منه الذهاب معه للمنزل. لا أشعر بالاطمئنان من هذا التجمع الملفت للنظر وسط كل هذه الأسلحة. يقول لي الرجل الذي يصطحبنا " هات محمود ، كده مينفعش". أمسك بذراع محمود و أجذبه. نتوقف عند مقر أبو العز. ليس موجودا الآن. تجمع جديد و الناس تحكي عن البلطجية و الأسلحة. " عمر ما في ناس شايلة السيوف تمشي كده في وسط الشارع و تروح القسم. ده حمل السلاح الأبيض ياخد عقوبة لحد 3 سنين" و " أنا شاهد ، مستعد أشهد ان الصبح واحد كان ماسك سيفين ، رحت للضابط اللي واقف قلتله : يا باشا اعمل حاجة. قاللي: امشي من هنا ياد ، انت مش شايف انه مجنون؟". " ما هوا يطلق البلطجية و في الآخر يقولك ، ده الشعب بياكل في بعضه ، خلليهم ياكلوا في بعض . و هما يقفوا يتفرجوا". الرجل الذي يصطحبنا يعيد التأكيد على قلقه فأقول لمحمود أن وراءنا موعدا - وهميا- و أضطر لسحبه. نغادر الشارع أخيرا بصعوبة.
طوال الطريق يقابلنا أشخاص يحكون عن البلطجة و العنف و يتهمون الشرطة إما بعدم التدخل فقط أو بأنها هي من جمعت البلطجية و أطلقتهم. نتصل بأبو العز و نقابله عند كوبري كرموز. يجري معه محمود حوارا تقليديا عن المعارضة و النظام و الانتخابات و الإرادة الشعبية. بينما نتحدث معه عند طرف من الكوبري يشير أحد المتجمعين حولنا و يقول : "أهم البلطجية عالناحية التانية يا ريس" . أكاد أن أضحك و أقول look over your shoulder . مسيرة تعبر الشارع على الجانب الآخر من الكوبري. يغادر أبو العز و كالعادة يحيط بنا أهالي غاضبون يروون ما شاهدوه من بلطجة و عنف. يهاجم آخر الصحافة التي لم تأت للاستماع للناس أو تهتم بتصوير ما حدث .
يأتي هيثم و سكوت. سكوت مصفر الوجه. يروي هيثم أنه أمام مدرسة على ترعة المحمودية شاهد مجموعة من الناخبين معظمهم من النساء مرتديات الخمار مما يرجح أنهن من الإخوان بينما يقف أمامهم مجموعة من البلطجية المسلحين مانعينهم من الدخول. فقاموا بدفع البلطجية محاولين الدخول و نجحت محموعة من السيدات في الدخول بالفعل ،و هنا بدأ الضرب و جاءت مجموعة أخرى من البلطجية لتطارد النسوة الواقفين بالخارج بينما بدأ البلطجية في ضرب النسوة بالداخل بالعصي و بظهر السيف ( و ليس بحده) فقامت النسوة بالدفاع عن أنفسهن و رد الضرب بأيديهن و أرجلهن و خمشا و ركلا ما استطاعوا. شاهد هيثم سيدة تصاب بجرح قطعي في رقبتها.
نجلس على مقهى لوقت قليل و نمشي مسافة ثم نركب تاكسي. أتنفس الصعداء أخيرا. كرموز كانت منطقة غاب فيها القانون . رُوِّع أهلها بصورة إجرامية. أحمد الله على أننا خرجنا منها سليمين. أتذكر ما قاله لي الكثيرون ممن تحدثوا معنا : " هتنقلوا اللي قلناه؟" " الناس برة هتعرف اللي حصل؟". " دي أمانة في رقبتكم قدام ربنا انكم تقولوا اللي شفتوه"
نتجه بعدها إلى مقر حملة عادل عيد مرشح الجبهة فئات / مستقل باب شرق . تمطر السماء فأقول لهيثم اكليشيها مبتذلا : " السماء تبكي على ما حدث" و نضحك. نسمع من العاملين بالمقر عن تفاصيل شراء أصوات علني ، و عن مقاه تبيع الأصوات ، دخل إحداها المستشار عادل عيد أثناء تجواله بالدائرة و قال لمن فيها ساخرا : " فين الخمسين جنيه بقى عشان أنتخب مصيلحي". و على ما يبدو فإن حوادث البلطجة و التخويف بباب شرق انحصرت بفترة الصباح ثم هدأت الامور بعدها بينما استمر بيع الأصوات حتى نهاية الانتخابات. يقول أحد المندوبين أنه اضطر للإحتماء بمبنى المدرسة هربا من البلطجية ثم اتصل بصديق له ، و الذي أرسل العاملين عنده لإنقاذه و تهريبه خارج مبنى المدرسة.
بينما نجلس في المقر ، يقول مراسل التلفزيون المصري بالإسكندرية مبتسما و لامعا أن العملية الانتخابية شهدت بعض الاشتباكات بين أنصار المرشحين نتج عنها إصابات طفيفة و قام الأمن بفض الإشتباكات و السيطرة على الموقف. أفقد التحكم في اعصابي و أصرخ : " كداب يا ابن ال..."
نحاول الإلتقاء بعادل عيد و لكن كان قد حان موعد الفرز. يحصل محمود على لقاء سريع معه. نفترق أنا و سكوت و محمود.
من مرشح الغد في اللبان و العطارين أعرف في اليوم التالي أنه طرد و بقية المرشحين من لجنة الفرز لمدة ساعة. و أسمع منه و من أعضاء حملته حكايات عن إطلاق نار و بلطجة و " مية نار" و قيد جماعي و صندوق محطم ، و عن أوراق مسودة لصالح خالد خيري ( فئات وطني) و كمال أحمد ( عمال مستقل - معارض افتراضا) و أنهم أثبتوها في محضر اللجنة.
أبقى طوال الليل أمام لجنة الفرز في باب شرق. و لكن هذه حكاية أخرى كما هي حكايتي المتأخرة التي لم أروها عن مشاركتي في حملة انتخابية.
أعود للمنزل و أنام.
نعود إلى نقابة المحامين و نسلمهم ما حصلنا عليه من معلومات و نستمع لتفاصيل أخبار الساعات الماضية : أستاذ جامعي مراقب تم الإعتداء عليه و هو الآن محاصر داخل اللجنة عاجز عن الخروج ، حوادث في مجمع التدريب المهني بالساعة ، مجمع المدارس بالرمل ، مدرسة الفلوجة ، قيد جماعي ، نظام التعارف ، صندوق تحطم ، اعتداءات ...الخ
وسط ضجيج المتحدثين في الهواتف لم تتردد سوى كلمات : طعن ، اطلاق نار ، مصاب ، ضرب ، قتيل ، اعتقال مندوبين ، بلطجة ، نقل لمستشفى.
قلت لمحمود : أحس أن هذه تغطية حرب و ليست تغطية انتخابات.
آخر المعلومات المتوفرة لديهم أنه في الوقت الحالي فإن الهدوء عاد لدوائر الرمل و باب شرق و المنتزه و تستمر العملية الانتخابية بعد أن تراجع البلطجية. كرموز لا زالت تشهد أحداث عنف.
نغادر و نتجه إلى كرموز.ننزل عند كوبري كرموز الذي يمر فوق ترعة المحمودية. لا نعرف أين نتجه بالضبط ، فنتصل بمرشح الغد في كرموز و الذي يحضر لاصطحابنا إلى مقره القريب. بمجرد وصولنا و معرفة الناس أن بيننا صحفيين حتى أحاط بنا جمع كبير يحكي و يشير و يكشف عن أذرعه و أقدامه الجريحة و يرفع أوراقا.
حكوا عن المرشح المستقل سيف القباري الذي تعرض للطعن . جاء قريب أحد مرشحي الفئات المستقلين ( شبارة) ليروي أن أخاه تعرض لإطلاق نار في قدمه ، إذ قام أحد البلطجية بضرب مناصر للإخوان فسقط على الأرض فاقترب منه البلطجي بسلاح ناري فتدخل الأخ لإنقاذه و اشتبك مع البلطجي فانطلقت رصاصة استقرت في ساقه. رجل أراني توكيلا عاما عن مرشح الغد يسمح له بدخول أي لجنة و يقول أنه لم يتمكن من دخول أي لجنة. رجل يكشف عن ساقه الجريحة و يقول أنه تعرض للضرب من البلطجية. يحكون عن هجوم كاسح للبلطجية منذ الصباح استهدف منع الناخبين و إرهابهم و عن امتناع الأمن عن التدخل و رددوا بغضب كبير اسم رئيس مباحث كرموز مدحت عوض محملينه مسؤولية احضار البلطجية و سمعت منهم و من غيرهم في مختلف أنحاء كرموز مقولة - لا يمكن التأكد منها و إن كانت متواترة -أن الأمن جمع المسجلين خطر من قبل يوم الإنتخاب و قام بإعطائهم نقودا و أطلقهم صباح يوم الإنتخابات. شاب يرينا كدمة في وجهه. يروي الكثير من الناس أن الأمن كان يقف بجوار البلطجية دون أن يتحرك و يرفض الإستجابة للمستنجدين بهم. يقول شاب من الغد أنه التقط مجموعة من الصور للبلطجية فأوصيه بأن يحرص على كاميرته. يروي لي الشاب نفسه أنه شاهد مجموعة من مرتدي ملابس مدنية ( يرجح أنهم أمن دولة) يمسكون بشابين من الإخوان و لكن عبرت عربة للتلفزيون فتركوهما و انطلقوا هاربين ، يضحك و يقول أنهم ظنوها الجزيرة و لكن اتضح أنها عربة للقناة الخامسة.
يطلب مرشح مستقل آخر مقابلتنا و يروي لنا نفس التفاصيل : البلطجية و الاعتداءات و اتهام للأمن ليس باللامبالاة فقط بل بجمع و إطلاق البلطجية. الناس مشتعلة غضبا ضد مرشح الوطني فئات محمد البلشي الذي كان كل هذا الترويع لصالحه. يحكون عن قريب لمحمود عطية مرشح الإخوان فئات تعرض لإصابة جسيمة. كان التعاطف مع الإخوان كبيرا جدا " يعني أنا لو ماشي في الشارع و لقيت ناس بلطجية ملمومين على واحد غلبان و بيضربوه هعمل ايه يعني؟ هما فاكرين انهم هينجحوا كده؟ ده بعدهم ، كل الناس بقى صوتت للإخوان و محدش صوت للبلشي" . أما موضوع رد الإخوان على العنف فيبدو مما سمعته منهم أن الإخوان دافعوا عن انفسهم ما أمكنهم و رفض كل من حدثتهم بقوة أن يكون الإخوان بلطجية و قال البعض أن الإخوان حملوا السلاح فقط ليردوا به ضربات البلطجية ، و قال آخرون أن بعض الاهالي و بعض من يحتفظون بسلاح تدخلوا حاملين السلاح تعاطفا مع مناصري الإخوان.
نعود لمقر الغد و أتناول مع محمود غداء من عربة تقف بجواره فيقترب مني شخص و يحكي لي أنه بينما كان يمشي في الشارع منذ شهور أمسك به ضابط و نقله للقسم و خلع ملابسه و انهالوا ضربا على قدمه بالشوم ثم أدخلوا عصا في " حتة و لا مؤاخذة". أذهل. يضيف هذا إلى شعوري بالسوريالية في كرموز حيث " تتكعبل" في حالات التعذيب. "هل لهذا علاقة بنشاطك السياسي؟" يقول أنه لم يكن قد انضم للغد يومها و لم يكن له أي نشاط سياسي. أسأله عما فعل فلا يبدو أنه فعل شيئا. يقول أن " الموضوع ده مأثر على نفسيتي و بتعالج في المستشفى دلوقتي" . أعطيه رقم أحد محامي حقوق الإنسان و أوصيه بمكالمته.
هيثم و سكوت ينطلقان لمشاهدة المدارس التي يقف أمامها البلطجية. يريد محمود مقابلة أبو العز الحريري ( مرشح عمال الجبهة / تجمع) فيقرر رجل و شاب من أهالي المنطقة و أعضاء بالغد مصاحبتنا لأن المنطقة خطرة هناك. نركب عربة ميكروباص صغيرة و عندما نقترب من شارع النيل حيث مقر أبو العز و قسم شرطة كرموز و متفرع منه شارع حيث مدرسة يغلقها البلطجية حتى ذلك الوقت ، تقول لنا سيدة مسنة " يا ولادي متدخلوش هناك ، الدنيا متدغدغة . دي مش انتخابات دي صياعة و قلة أدب" . نترجل و نمشي باتجاه ذلك الشارع . عربة نصف نقل بزجاج محطم. ندخل الشارع فيواجهنا القسم و حوله أعداد كبيرة من رجال الشرطة و الرتب و الجنود و عربات الشرطة واقفين في أماكنهم . نمشي من أمامه و بعده بامتار تواجهنا مسيرة من أشخاص يتقدمهم حاملو السيوف و يليهم حاملو العصي و الشوم متجهة نحو القسم. أترك الشارع و أقف على الرصيف مذهولا و خائفا بينما يعبرون أمامي . يتجهون نحو القسم. أحاول أن أفهم من هم هؤلاء فيقول البعض أن الشرطة قبضت على فتى لا علاقة له بالبلطجة و أن هؤلاء ذاهبون للقسم للمطالبة بالإفراج عنه. في شارع جانبي على بعد أمتار من القسم مدرسة ابراهيم نجيب حيث يحيط تجمع كبير من الناس بالمدرسة و بعض الأسلحة البيضاء مرفوعة في الهواء . يبدأ جمع كبير في الإحاطة بمحمود بمجرد معرفة أنه صحفي و يروون حكاياتهم المماثلة لما سمعناه من قبل. شخص يمسكه و يطلب منه الذهاب معه للمنزل. لا أشعر بالاطمئنان من هذا التجمع الملفت للنظر وسط كل هذه الأسلحة. يقول لي الرجل الذي يصطحبنا " هات محمود ، كده مينفعش". أمسك بذراع محمود و أجذبه. نتوقف عند مقر أبو العز. ليس موجودا الآن. تجمع جديد و الناس تحكي عن البلطجية و الأسلحة. " عمر ما في ناس شايلة السيوف تمشي كده في وسط الشارع و تروح القسم. ده حمل السلاح الأبيض ياخد عقوبة لحد 3 سنين" و " أنا شاهد ، مستعد أشهد ان الصبح واحد كان ماسك سيفين ، رحت للضابط اللي واقف قلتله : يا باشا اعمل حاجة. قاللي: امشي من هنا ياد ، انت مش شايف انه مجنون؟". " ما هوا يطلق البلطجية و في الآخر يقولك ، ده الشعب بياكل في بعضه ، خلليهم ياكلوا في بعض . و هما يقفوا يتفرجوا". الرجل الذي يصطحبنا يعيد التأكيد على قلقه فأقول لمحمود أن وراءنا موعدا - وهميا- و أضطر لسحبه. نغادر الشارع أخيرا بصعوبة.
طوال الطريق يقابلنا أشخاص يحكون عن البلطجة و العنف و يتهمون الشرطة إما بعدم التدخل فقط أو بأنها هي من جمعت البلطجية و أطلقتهم. نتصل بأبو العز و نقابله عند كوبري كرموز. يجري معه محمود حوارا تقليديا عن المعارضة و النظام و الانتخابات و الإرادة الشعبية. بينما نتحدث معه عند طرف من الكوبري يشير أحد المتجمعين حولنا و يقول : "أهم البلطجية عالناحية التانية يا ريس" . أكاد أن أضحك و أقول look over your shoulder . مسيرة تعبر الشارع على الجانب الآخر من الكوبري. يغادر أبو العز و كالعادة يحيط بنا أهالي غاضبون يروون ما شاهدوه من بلطجة و عنف. يهاجم آخر الصحافة التي لم تأت للاستماع للناس أو تهتم بتصوير ما حدث .
يأتي هيثم و سكوت. سكوت مصفر الوجه. يروي هيثم أنه أمام مدرسة على ترعة المحمودية شاهد مجموعة من الناخبين معظمهم من النساء مرتديات الخمار مما يرجح أنهن من الإخوان بينما يقف أمامهم مجموعة من البلطجية المسلحين مانعينهم من الدخول. فقاموا بدفع البلطجية محاولين الدخول و نجحت محموعة من السيدات في الدخول بالفعل ،و هنا بدأ الضرب و جاءت مجموعة أخرى من البلطجية لتطارد النسوة الواقفين بالخارج بينما بدأ البلطجية في ضرب النسوة بالداخل بالعصي و بظهر السيف ( و ليس بحده) فقامت النسوة بالدفاع عن أنفسهن و رد الضرب بأيديهن و أرجلهن و خمشا و ركلا ما استطاعوا. شاهد هيثم سيدة تصاب بجرح قطعي في رقبتها.
نجلس على مقهى لوقت قليل و نمشي مسافة ثم نركب تاكسي. أتنفس الصعداء أخيرا. كرموز كانت منطقة غاب فيها القانون . رُوِّع أهلها بصورة إجرامية. أحمد الله على أننا خرجنا منها سليمين. أتذكر ما قاله لي الكثيرون ممن تحدثوا معنا : " هتنقلوا اللي قلناه؟" " الناس برة هتعرف اللي حصل؟". " دي أمانة في رقبتكم قدام ربنا انكم تقولوا اللي شفتوه"
نتجه بعدها إلى مقر حملة عادل عيد مرشح الجبهة فئات / مستقل باب شرق . تمطر السماء فأقول لهيثم اكليشيها مبتذلا : " السماء تبكي على ما حدث" و نضحك. نسمع من العاملين بالمقر عن تفاصيل شراء أصوات علني ، و عن مقاه تبيع الأصوات ، دخل إحداها المستشار عادل عيد أثناء تجواله بالدائرة و قال لمن فيها ساخرا : " فين الخمسين جنيه بقى عشان أنتخب مصيلحي". و على ما يبدو فإن حوادث البلطجة و التخويف بباب شرق انحصرت بفترة الصباح ثم هدأت الامور بعدها بينما استمر بيع الأصوات حتى نهاية الانتخابات. يقول أحد المندوبين أنه اضطر للإحتماء بمبنى المدرسة هربا من البلطجية ثم اتصل بصديق له ، و الذي أرسل العاملين عنده لإنقاذه و تهريبه خارج مبنى المدرسة.
بينما نجلس في المقر ، يقول مراسل التلفزيون المصري بالإسكندرية مبتسما و لامعا أن العملية الانتخابية شهدت بعض الاشتباكات بين أنصار المرشحين نتج عنها إصابات طفيفة و قام الأمن بفض الإشتباكات و السيطرة على الموقف. أفقد التحكم في اعصابي و أصرخ : " كداب يا ابن ال..."
نحاول الإلتقاء بعادل عيد و لكن كان قد حان موعد الفرز. يحصل محمود على لقاء سريع معه. نفترق أنا و سكوت و محمود.
من مرشح الغد في اللبان و العطارين أعرف في اليوم التالي أنه طرد و بقية المرشحين من لجنة الفرز لمدة ساعة. و أسمع منه و من أعضاء حملته حكايات عن إطلاق نار و بلطجة و " مية نار" و قيد جماعي و صندوق محطم ، و عن أوراق مسودة لصالح خالد خيري ( فئات وطني) و كمال أحمد ( عمال مستقل - معارض افتراضا) و أنهم أثبتوها في محضر اللجنة.
أبقى طوال الليل أمام لجنة الفرز في باب شرق. و لكن هذه حكاية أخرى كما هي حكايتي المتأخرة التي لم أروها عن مشاركتي في حملة انتخابية.
أعود للمنزل و أنام.
الثلاثاء، نوفمبر ٢٢، ٢٠٠٥
البلطجة هي الحل
الثامنة صباحا يرن المنبه. أطفئه و أحاول أن أنام دقائق اضافية. في الخلفية أصوات الميكروفونات تصرخ بالدعاية الانتخابية. أستيقظ و أتحدث مع محمود توفيق. نتفق على التقابل. يحدثني صديق صحفي و يخبرني أنه سمع بوجود " قلق" في الجمرك أمام باب عشرة. أخبره أنني سأقابله هناك. أتوجه مبكرا لمقر انتخابي و أتجاهل موزعي أوراق الدعاية ( وطني و مستقلين و شابان من الاخوان . سيكتسح البلطجية ما هو أمام هذه اللجنة بعد ساعات ). أدخل رأسا إلى لجنتي و أقدم لرئيس اللجنة بطاقتي الشخصية و الانتخابية. يتعامل معي بسماجة غير مبررة. ألاحظ أن كل الاجراءات صحيحة فلا أهتم بسماجته. أدلي بصوتي خلف الستار و أثني الورقة و أضعها في الصندوق الشفاف و أستعيد بطاقتي. كل اللجان مغمورة بمناصري مرشح الوطني. أقلق و لكن أتذكر ما قاله أحد الأهالي يوما لعادل عيد مرشح الجبهة أثناء جولة انتخابية : " و لا يهمك من كل الدوشة دي يا أستاذ ، اللي في القلب ، في القلب" . في محل بينما أشتري سجائر ، كان عصام العريان يتحدث في التلفزيون و تحته خبر عن اعتقال 300 من الاخوان. أغادر لأصطحب محمود و نتجه إلى الجمرك. ننزل أمام باب عشرة ، لجنة بالشركة المصرية للملاحة البحرية. زحام و تجمهر أمام الباب . و بجوار باب الشركة شادر يحمل اسم المحاسب أحمد عزت مرشح الوطني عمال رمز الجمل. تتضح الرؤية شيئا فشيئا : صف من الرجال يمنعون أي شخص من الدخول بينما يقف أمامهم - بعد مسافة مناسبة- مجموعة من مناصري المرشحين ( خاصة الاخوان المسلمين) في بؤس و عجز. فجأة ألمح سكينا مهولة الحجم في يد أحد الواقفين على الباب. أصاب بصدمة " ايه الفُجر ده!". على بعد أمتار من اللجنة تتوقف الميكروباصات حاملة السيدات ليُقَدن عبر شادر أحمد عزت و خلال صف البلطجية. بسبب صفة محمود الصحفية و كوننا من غير ناخبي الجمرك ، نستطيع الدخول عبر صف البلطجية و نصعد لمقابلة رئيس اللجنة. وكيل مرشح مستقل يصرخ و هو يقول لرئيس اللجنة عما يحدث ، فيرد عليه في عنف : اتكلم بصوت واطي. انت عارف القانون ، أنا حدود سلطاتي المقر الانتخابي. يقول الوكيل: يا باشا أنا بستنجد بيك. فيرد رئيس اللجنة في غضب : مش سلطتي ، روح لرئيس اللجنة العليا .
في الدور الأرضي و خلف البلطجية بنصف متر تقريبا يقف رجال الشرطة في هدوء و معهم رجال أمن الشركة. سألهم محمود عن دورهم فقال كل منهم أن حدوده هي اللجنة / الشركة على الترتيب. و هكذا وقفوا مسترخين على بعد أقل من متر من بلطجية مسلحين. بدأ عدد من الاخوان في التوافد و بدؤوا في تبادل الصراخ مع البلطجية طالبين السماح لهم بالدخول كما يسمح لحاملي بطاقات الوطني بالدخول. هددهم واحد من البلطجية " يللا امشوا من هنا لا تحصل مجزرة". أخرج عبر صف البلطجية بينما كان البلطجي حامل السكينة يسأل ناخبا : "ايه ، عايز ايه؟"
" أنتخب"
" مفيش انتخابات"
و آخر يقول :" متدخلش حد من الاسلام هو الحل"
ثم فتحوا اللجنة لوقت قصير و صاح البلطجية في تسامح أن اللجنة مفتوحة لمن يريد الدخول و لكن معظم الناخبين ممن شاهدوا الأسلحة البيضاء انصرفوا بالفعل. يعيدون الغلق بعد خمس دقائق.
أتلقى تليفونا من واحدة مصرية تخبرني فيها بحادثة بلطجة في عبد السلام عارف - باب شرق. فجأة يتعالى الضجيج فيرفع كل البلطجية الواقفين على الباب أسلحتهم : الأسلحة البيضاء و الشوم. يركض الواقفون بعيدا . يسرع شابان من الإخوان إلى عربة نصف نقل و يحملان عصيا خشبية بائسة تستخدم لرفع أوراق الدعاية. وقفوا على مسافة آمنة من البلطجية رافعين العصي الخشبية. تعاطفت معهم بشدة ، إذ بدوا ضعفاء لا يقنعون أحدا بامتلاكهم قوة مماثلة لمجموعة من البلطجية المسلحين أو حتى قوة كافية للدفاع عن أنفسهم ، و لكنهم ثبتوا في موقعهم طيلة الوقت. هدأ الموقف و أنزل البلطجية أسلحتهم و إن أبقوا باب اللجنة مغلقا في وجه أي شخص من غير ناخبي أحمد عزت.
يصل صديقي الصحفي و معه صحفي آحر. يحكي لي أنه بعد أن أدلى بصوته في المندرة و خرج من اللجنة ، شاهد عربات تحمل رجالا مسلحين بسيوف يرفعونها في الهواء تدور في المنطقة. اتصل على الفور بقريب له من الاخوان يقف عند احدى اللجان محذرا اياه من البلطجية القادمين و طالبا منه الانصراف. فرد الآخر مؤكدا الثبات على المبدأ و الموقف. اتصل به بعد قليل ففتح الموبايل نتيجة التدافع و سمع هو صوت صراخ و سباب و تدافع و عويل. لم يصب قريبه بأذى و الحمد لله. يشير الصحفي الآخر إلى لافتة متعدد المواهب أحمد عزت . كتب عليها أنه إمام و خطيب . هو إذن محاسب و عامل " أسقط القضاء الإداري عنه الصفة منذ أيام ، و لكنه طعن أمام محكمة غير مختصة" و إمام و خطيب و عضو بالحزب الوطني الديموقراطي و مستخدم للبلطجية و راشي ( كما سأكتشف لاحقا). بارك الله فيه.
بينما نقف يتصل بالصحفي محام صديق يراقب الانتخابات في المندرة و يخبره أن عربته حطمت و سرق المسجل. نقابل مراقبتين و صحفيا أجنبيا و نتبادل المعلومات . شاهدت المراقبة شابا من الإخوان مصابا بجروح في وجهه و ذراعه في مدرسة برأس التين. يتطوع الواقفون من الاخوان بإخبارنا أن الأوضاع أسوء في مدرسة أحمد عبود في بحري. شيئا فشيئا أحس أن الأمر يبدو منتشرا و متسعا بصورة تتجاوز الحالات الفردية إلى السياسة العامة. نقرر الذهاب إلى نقابة المحامين بمبنى الحقانية ، حيث غرفة عمليات لجنة المراقبة التابعة لنقابة المحامين.
نشاط متواصل داخل المكتب ، يتلقى المحامون الموجودون اتصالات و يقومون بأخرى مع المحامين القائمين بعملية المراقبة. نستمع لأنواع التجاوزات منهم : شراء أصوات ، موقف سلبي للأمن ، بلطجية بأدوات ترهب الناخبين ، عدد كبير من الاصابات ، قيد جماعي ، استحداث لجان غير قانونية . و نستمع لتفاصيل بعض الحالات : اشتباكات بين البلطجية و ناخبي الاخوان و الأمن يتدخل بالقاء قنابل مسيلة للدموع في الرمل على ناخبي الإخوان عند مجمع المدارس و اغلاق اللجنة . مرشح الوطني يقوم بشراء أصوات واسع النطاق في مينا البصل. هجوم للبلطجية على مدرسة عبد السلام عارف - باب شرق : رجال و نساء محملون في عربات يهاجمون مناصري الإخوان على باب اللجنة فيقوم الأمن بداخل المدرسة بإغلاق الباب . بعض أهالي المنتزه يتظاهرون ضد مرشح الوطني عبد اللاه احتجاجا على استخدام البلطجة و يهتفون " لا إله إلا الله ، عبد اللاه عدو الله". و تقارير أولية عن عنف في كرموز. مقتل سائق المرشح المستقل - وطني حسن حسين بالجمرك.
نغادر و نبدأ في التفكير . الخيارات أمامنا : مينا البصل ، كرموز ، المنتزه ، الرمل.
يغادر الصحفيان إلى مينا البصل ، و أتلقى اتصالا من هيثم ، يقول أنه مع صحفي أمريكي يدعى سكوت . نتقابل أمام المحكمة . يقول هيثم أن أحد البلطجية اعترف له باسم ضابط قام بتوزيع الأسلحة البيضاء عليهم ، لأنه متعاطف مع الاخوان " الناس بتوع ربنا المظلومين" . نتفق أن نذهب إلى كرموز بعد أن نمر على لجان أخرى في الجمرك. نمر على لجنة الشركة أمام باب عشرة مرة أخرى. كان الوضع لا زال كما هو عليه ، و لكن جاءت امدادات اخوانية متمثلة في سيارة بميكروفون تقود الهتاف مشكلة مظاهرة احتجاج صغيرة ، بينما يواصل البلطجية اغلاق اللجنة في لا مبالاة. ألمح شخصا يهمس في أذن هيثم . ننصرف فيقول هيثم أنه أخبره بمكان مقهى يبيعون فيه الأصوات : مقهى مسعد رومة بحارة اليهود.
ننحرف إلى شارع جانبي و منه إلى حارة ضيقة حيث يواجهنا تجمع كبير من المواطنين. على اليمين مجموعة من الطاولات بها كشوف انتخابية حيث يتأكد الجالسون خلف الطاولات من تسجيل المواطن بالكشف و يعطونه ورقة مماثلة للصورة مسجل بها رقم لجنته و رقم قيده،
ليعبر بها على ما يبدو من صف البلطجية. و يصعد إلى اللجنة ليدلي بصوته للمركب و الجمل.
يعود لهم و يبرز لهم اصبعه الملوث بالحبر الفوسفوري ليدخل داخل المقهى مغلق الباب. يسمع هيثم من يقول لآخر : " انتخبت؟ طب يللا ادخل جوة خد المية جنيه". نقف بالقرب من باب المقهى المغلق. " انتم مصريين؟" . " انتم مين؟" . يتوترون و يفتحون الباب بسرعة ليخرج شخص واحد ثم يعيدون غلقه بسرعة . نحاول التلصص أو الدخول فنفشل. أشاهد سيدة تخرج سعيدة من الداخل و يدها مقبوضة بقوة ، ثم تدسها في حقيبتها. يخرج مواطن منتش. يتواصل دخول المتوترين و خروج المنتشين. يأتي النموذج المميز الذي يبعث فيَّ الغثيان كل مرة : من يلعبون بثقافتهم النسبية دور السمسار أو منظم حركة القطيع. يأتي اثنان من الأفندية : " و خير يا جماعة ؟ في حاجة؟" يقول محمود " انا عايز أدخل القهوة" يرد أحدهما :
" أصل القهوة للعاملين بالقهوة بس"
" بص ، انت عارف و أنا عارف ايه اللي بيحصل هنا ، و ده مش حاجة مزبوطة"
" طب تعالى اقعد الأول ، هات كرسي يا واد"
نجلس جانبا و يبدأ أحدهما في الحديث : " اوعى تفتكروا حاجة يعني ، انا معايا بكالريوس تجارة و هوا معاه ليسانس حقوق. و الناس دي من المنطقة أمية و هما جيرانا و اهالينا، و احنا بنساعدهم يعرفوا أماكن اللجان ، بس قولولنا الأول انتوا مين؟"
" صحافة"
" ممكن الكارنيه؟"
" انت بصفتك ايه تطلب الكارنيه ؟ طلعلي كارنيهك انت بقى"
ابتسامة لزجة و " طيب و أنا مش مضطر أرد"
" بص ريح نفسك ، احنا جايين نغطي الانتخابات و نقول انها نزيهة و زي الفل و ده اللي شفناه قدامنا هنا ، مش كده برضه؟"
هيثم و سكوت يقفان في الشارع . ازداد عدد الواقفين حولهما . يقول رجل لهيثم : "انت تجمع ، صح؟ تبع جلال أحمد ، طيب انا بقى وطني" يصفق و يرفع صوته : " وطني ، وطني". يبدو على هيثم التعجب لأنه لم يقل أنه من حزب التجمع. أحاول ان أدفعه للحركة و الانصراف بسرعة لأنني بدأت أشعر بالقلق. يظهر رجل ضخم و يصيح بصوت غليظ : " يللا يا كابتن انت و هوا انجروا من هنا ، لندور فيكم الضرب". نبدأ في مغادرة الحارة. فيصرخ الرجل مشيعا إيانا بالسباب : " يا شيوعي يا ابن الوسخة! شوف عاملين زي اليهود ازاي! يا يهودي يا ابن الوسخة ! يا شيوعي يا ابن الوسخة ! يا يهودي يا ابن الوسخة!"
نواصل المشي دون أن ننظر إلى الوراء ، و أنا أدرك أنه ليس بإمكاني أن أفعل شيئا. أتذكر شعور المشي مشيعا بالسباب من يوم آخر. يبدو أن أحد الشباب أخذته النخوة و الحماس من تحريض الرجل ففوجئت به يركض بجواري على الرصيف و يقفز في الهواء مادا ذراعه إلى أبعد ما يمكن و هاويا بها على قفا هيثم بكل قوته. يمسك الرجال الآخرين به و يمنعونه من مواصلة الضرب. كانوا يريدون طردنا دون مشاكل. يواصلون السباب و نغادر أخيرا دون أن نلتفت للخلف . أحاول أن أطيب خاطر هيثم ، و لكنه يبدو متحمسا و مصمما على استعادة حقه بتحرير محضر في القسم. بينما نمشي باتجاه قسم الجمرك أفكر أننا حاولنا التدخل في علاقة ثرية و غنية لتلاحم قوى الشعب : المرشح الراشي و السماسرة و المواطنون المرتشون ، أصحاب القهوة و البلطجية أمام اللجنة و الأمن الذي لا يتدخل. كلهم يتعاونون في علاقة نادرة ، و نحاول نحن أن نعكر صفو هذه العلاقة و نتطفل على خصوصيتها؟ في قسم الجمرك ندخل إلى مكتب نائب المأمور ، و يحكي هيثم للضابط الجالس ما حدث فيشير بيده لضابط أن حرر له محضرا عندما يسمع بالضرب ، و عندما سمع بموضوع شراء الأصوات قال في استهانة : " و فيها ايه؟ خللي الناس تنبسط ! و بعدين ما كل الناس بتقبض. انت كمان بتقبض ، كلكم بتقبضوا ، مش كده؟" ننصرف دون أن نرد لدواع مفهومة. عند مكتب استخراج البطاقات الانتخابية زحام مريع. " عشان ياخدوا زيت و صابون" كما يقول شاويش في تبسط. يحرر هيثم المحضر و نتأكد من خبر مقتل سائق المرشح حسن حسين.
أكمل لاحقا..
في الدور الأرضي و خلف البلطجية بنصف متر تقريبا يقف رجال الشرطة في هدوء و معهم رجال أمن الشركة. سألهم محمود عن دورهم فقال كل منهم أن حدوده هي اللجنة / الشركة على الترتيب. و هكذا وقفوا مسترخين على بعد أقل من متر من بلطجية مسلحين. بدأ عدد من الاخوان في التوافد و بدؤوا في تبادل الصراخ مع البلطجية طالبين السماح لهم بالدخول كما يسمح لحاملي بطاقات الوطني بالدخول. هددهم واحد من البلطجية " يللا امشوا من هنا لا تحصل مجزرة". أخرج عبر صف البلطجية بينما كان البلطجي حامل السكينة يسأل ناخبا : "ايه ، عايز ايه؟"
" أنتخب"
" مفيش انتخابات"
و آخر يقول :" متدخلش حد من الاسلام هو الحل"
ثم فتحوا اللجنة لوقت قصير و صاح البلطجية في تسامح أن اللجنة مفتوحة لمن يريد الدخول و لكن معظم الناخبين ممن شاهدوا الأسلحة البيضاء انصرفوا بالفعل. يعيدون الغلق بعد خمس دقائق.
أتلقى تليفونا من واحدة مصرية تخبرني فيها بحادثة بلطجة في عبد السلام عارف - باب شرق. فجأة يتعالى الضجيج فيرفع كل البلطجية الواقفين على الباب أسلحتهم : الأسلحة البيضاء و الشوم. يركض الواقفون بعيدا . يسرع شابان من الإخوان إلى عربة نصف نقل و يحملان عصيا خشبية بائسة تستخدم لرفع أوراق الدعاية. وقفوا على مسافة آمنة من البلطجية رافعين العصي الخشبية. تعاطفت معهم بشدة ، إذ بدوا ضعفاء لا يقنعون أحدا بامتلاكهم قوة مماثلة لمجموعة من البلطجية المسلحين أو حتى قوة كافية للدفاع عن أنفسهم ، و لكنهم ثبتوا في موقعهم طيلة الوقت. هدأ الموقف و أنزل البلطجية أسلحتهم و إن أبقوا باب اللجنة مغلقا في وجه أي شخص من غير ناخبي أحمد عزت.
يصل صديقي الصحفي و معه صحفي آحر. يحكي لي أنه بعد أن أدلى بصوته في المندرة و خرج من اللجنة ، شاهد عربات تحمل رجالا مسلحين بسيوف يرفعونها في الهواء تدور في المنطقة. اتصل على الفور بقريب له من الاخوان يقف عند احدى اللجان محذرا اياه من البلطجية القادمين و طالبا منه الانصراف. فرد الآخر مؤكدا الثبات على المبدأ و الموقف. اتصل به بعد قليل ففتح الموبايل نتيجة التدافع و سمع هو صوت صراخ و سباب و تدافع و عويل. لم يصب قريبه بأذى و الحمد لله. يشير الصحفي الآخر إلى لافتة متعدد المواهب أحمد عزت . كتب عليها أنه إمام و خطيب . هو إذن محاسب و عامل " أسقط القضاء الإداري عنه الصفة منذ أيام ، و لكنه طعن أمام محكمة غير مختصة" و إمام و خطيب و عضو بالحزب الوطني الديموقراطي و مستخدم للبلطجية و راشي ( كما سأكتشف لاحقا). بارك الله فيه.
بينما نقف يتصل بالصحفي محام صديق يراقب الانتخابات في المندرة و يخبره أن عربته حطمت و سرق المسجل. نقابل مراقبتين و صحفيا أجنبيا و نتبادل المعلومات . شاهدت المراقبة شابا من الإخوان مصابا بجروح في وجهه و ذراعه في مدرسة برأس التين. يتطوع الواقفون من الاخوان بإخبارنا أن الأوضاع أسوء في مدرسة أحمد عبود في بحري. شيئا فشيئا أحس أن الأمر يبدو منتشرا و متسعا بصورة تتجاوز الحالات الفردية إلى السياسة العامة. نقرر الذهاب إلى نقابة المحامين بمبنى الحقانية ، حيث غرفة عمليات لجنة المراقبة التابعة لنقابة المحامين.
نشاط متواصل داخل المكتب ، يتلقى المحامون الموجودون اتصالات و يقومون بأخرى مع المحامين القائمين بعملية المراقبة. نستمع لأنواع التجاوزات منهم : شراء أصوات ، موقف سلبي للأمن ، بلطجية بأدوات ترهب الناخبين ، عدد كبير من الاصابات ، قيد جماعي ، استحداث لجان غير قانونية . و نستمع لتفاصيل بعض الحالات : اشتباكات بين البلطجية و ناخبي الاخوان و الأمن يتدخل بالقاء قنابل مسيلة للدموع في الرمل على ناخبي الإخوان عند مجمع المدارس و اغلاق اللجنة . مرشح الوطني يقوم بشراء أصوات واسع النطاق في مينا البصل. هجوم للبلطجية على مدرسة عبد السلام عارف - باب شرق : رجال و نساء محملون في عربات يهاجمون مناصري الإخوان على باب اللجنة فيقوم الأمن بداخل المدرسة بإغلاق الباب . بعض أهالي المنتزه يتظاهرون ضد مرشح الوطني عبد اللاه احتجاجا على استخدام البلطجة و يهتفون " لا إله إلا الله ، عبد اللاه عدو الله". و تقارير أولية عن عنف في كرموز. مقتل سائق المرشح المستقل - وطني حسن حسين بالجمرك.
نغادر و نبدأ في التفكير . الخيارات أمامنا : مينا البصل ، كرموز ، المنتزه ، الرمل.
يغادر الصحفيان إلى مينا البصل ، و أتلقى اتصالا من هيثم ، يقول أنه مع صحفي أمريكي يدعى سكوت . نتقابل أمام المحكمة . يقول هيثم أن أحد البلطجية اعترف له باسم ضابط قام بتوزيع الأسلحة البيضاء عليهم ، لأنه متعاطف مع الاخوان " الناس بتوع ربنا المظلومين" . نتفق أن نذهب إلى كرموز بعد أن نمر على لجان أخرى في الجمرك. نمر على لجنة الشركة أمام باب عشرة مرة أخرى. كان الوضع لا زال كما هو عليه ، و لكن جاءت امدادات اخوانية متمثلة في سيارة بميكروفون تقود الهتاف مشكلة مظاهرة احتجاج صغيرة ، بينما يواصل البلطجية اغلاق اللجنة في لا مبالاة. ألمح شخصا يهمس في أذن هيثم . ننصرف فيقول هيثم أنه أخبره بمكان مقهى يبيعون فيه الأصوات : مقهى مسعد رومة بحارة اليهود.
ننحرف إلى شارع جانبي و منه إلى حارة ضيقة حيث يواجهنا تجمع كبير من المواطنين. على اليمين مجموعة من الطاولات بها كشوف انتخابية حيث يتأكد الجالسون خلف الطاولات من تسجيل المواطن بالكشف و يعطونه ورقة مماثلة للصورة مسجل بها رقم لجنته و رقم قيده،
ليعبر بها على ما يبدو من صف البلطجية. و يصعد إلى اللجنة ليدلي بصوته للمركب و الجمل.
يعود لهم و يبرز لهم اصبعه الملوث بالحبر الفوسفوري ليدخل داخل المقهى مغلق الباب. يسمع هيثم من يقول لآخر : " انتخبت؟ طب يللا ادخل جوة خد المية جنيه". نقف بالقرب من باب المقهى المغلق. " انتم مصريين؟" . " انتم مين؟" . يتوترون و يفتحون الباب بسرعة ليخرج شخص واحد ثم يعيدون غلقه بسرعة . نحاول التلصص أو الدخول فنفشل. أشاهد سيدة تخرج سعيدة من الداخل و يدها مقبوضة بقوة ، ثم تدسها في حقيبتها. يخرج مواطن منتش. يتواصل دخول المتوترين و خروج المنتشين. يأتي النموذج المميز الذي يبعث فيَّ الغثيان كل مرة : من يلعبون بثقافتهم النسبية دور السمسار أو منظم حركة القطيع. يأتي اثنان من الأفندية : " و خير يا جماعة ؟ في حاجة؟" يقول محمود " انا عايز أدخل القهوة" يرد أحدهما :
" أصل القهوة للعاملين بالقهوة بس"
" بص ، انت عارف و أنا عارف ايه اللي بيحصل هنا ، و ده مش حاجة مزبوطة"
" طب تعالى اقعد الأول ، هات كرسي يا واد"
نجلس جانبا و يبدأ أحدهما في الحديث : " اوعى تفتكروا حاجة يعني ، انا معايا بكالريوس تجارة و هوا معاه ليسانس حقوق. و الناس دي من المنطقة أمية و هما جيرانا و اهالينا، و احنا بنساعدهم يعرفوا أماكن اللجان ، بس قولولنا الأول انتوا مين؟"
" صحافة"
" ممكن الكارنيه؟"
" انت بصفتك ايه تطلب الكارنيه ؟ طلعلي كارنيهك انت بقى"
ابتسامة لزجة و " طيب و أنا مش مضطر أرد"
" بص ريح نفسك ، احنا جايين نغطي الانتخابات و نقول انها نزيهة و زي الفل و ده اللي شفناه قدامنا هنا ، مش كده برضه؟"
هيثم و سكوت يقفان في الشارع . ازداد عدد الواقفين حولهما . يقول رجل لهيثم : "انت تجمع ، صح؟ تبع جلال أحمد ، طيب انا بقى وطني" يصفق و يرفع صوته : " وطني ، وطني". يبدو على هيثم التعجب لأنه لم يقل أنه من حزب التجمع. أحاول ان أدفعه للحركة و الانصراف بسرعة لأنني بدأت أشعر بالقلق. يظهر رجل ضخم و يصيح بصوت غليظ : " يللا يا كابتن انت و هوا انجروا من هنا ، لندور فيكم الضرب". نبدأ في مغادرة الحارة. فيصرخ الرجل مشيعا إيانا بالسباب : " يا شيوعي يا ابن الوسخة! شوف عاملين زي اليهود ازاي! يا يهودي يا ابن الوسخة ! يا شيوعي يا ابن الوسخة ! يا يهودي يا ابن الوسخة!"
نواصل المشي دون أن ننظر إلى الوراء ، و أنا أدرك أنه ليس بإمكاني أن أفعل شيئا. أتذكر شعور المشي مشيعا بالسباب من يوم آخر. يبدو أن أحد الشباب أخذته النخوة و الحماس من تحريض الرجل ففوجئت به يركض بجواري على الرصيف و يقفز في الهواء مادا ذراعه إلى أبعد ما يمكن و هاويا بها على قفا هيثم بكل قوته. يمسك الرجال الآخرين به و يمنعونه من مواصلة الضرب. كانوا يريدون طردنا دون مشاكل. يواصلون السباب و نغادر أخيرا دون أن نلتفت للخلف . أحاول أن أطيب خاطر هيثم ، و لكنه يبدو متحمسا و مصمما على استعادة حقه بتحرير محضر في القسم. بينما نمشي باتجاه قسم الجمرك أفكر أننا حاولنا التدخل في علاقة ثرية و غنية لتلاحم قوى الشعب : المرشح الراشي و السماسرة و المواطنون المرتشون ، أصحاب القهوة و البلطجية أمام اللجنة و الأمن الذي لا يتدخل. كلهم يتعاونون في علاقة نادرة ، و نحاول نحن أن نعكر صفو هذه العلاقة و نتطفل على خصوصيتها؟ في قسم الجمرك ندخل إلى مكتب نائب المأمور ، و يحكي هيثم للضابط الجالس ما حدث فيشير بيده لضابط أن حرر له محضرا عندما يسمع بالضرب ، و عندما سمع بموضوع شراء الأصوات قال في استهانة : " و فيها ايه؟ خللي الناس تنبسط ! و بعدين ما كل الناس بتقبض. انت كمان بتقبض ، كلكم بتقبضوا ، مش كده؟" ننصرف دون أن نرد لدواع مفهومة. عند مكتب استخراج البطاقات الانتخابية زحام مريع. " عشان ياخدوا زيت و صابون" كما يقول شاويش في تبسط. يحرر هيثم المحضر و نتأكد من خبر مقتل سائق المرشح حسن حسين.
أكمل لاحقا..
الثلاثاء، نوفمبر ١٥، ٢٠٠٥
شباب الإخوان يتعدون الطبيعي
في مظاهرة لطلاب الإخوان المسلمين في جامعة القاهرة احتجاجا على التدخل الأمني و شطب طلابهم من قوائم مرشحي الاتحادات الطلابية ، رفع المتظاهرون "الكوسة" للدلالة على الفساد و المحاباة. رفعوا أيضاً المصاحف و التي يمثل رفعها نقطة تماس بين الفكر القديم و الفكر الجديد ، بمطالبة أبو الفتوح المتظاهرين بانزالها في مظاهرة سابقة.
* الصورة من المصري اليوم - أحمد المصري
اقرأ أيضا في نفس الموضوع:
الدين لله و المليطة للجميع
ما بعد المعارضيزم
الاحتجاج السلميّ على الطريقة البعد-طبيعيّة
كفاية تتعدّى الطبيعيّ
ملاحظات على هامش مشهد المظاهرات المصرية
الاثنين، نوفمبر ١٤، ٢٠٠٥
يتردد هذه الأيام
أجزاء من محادثات كنت طرفا مشاركا فيها أو مجرد مستمع . أكتبها بصورة عشوائية دون ترتيب لأسجل مشاعرا و أفكارا ترددت في هذه الفترة لأعود لها فيما بعد.
( تنويه : في هذه التدوينة بعض الألفاظ التي قد تخدش حياء البعض)
- يا نهار اسود. احنا اتفشخنا
- متوقع ايه يعني؟ اذا أصلا أغلبية مرشحين "الجبهة" من الوفد و التجمع. و دول أصلا خدولهم 10 كراسي المرة اللي فاتت و نازلين بأعداد كبيرة فوق المية. المرشحين الاضافيين دول ولا بينزلوا الشارع و لا حتى بيحطوا ملصقات و لا بيتكلموا بالجرأة المفروضة أصلا ، و لا حد يعرف انهم نازلين. نيجي احنا نقعد و نستغرب ان مرشح الوفد في دايرة كذا منجحش؟ كان ممكن يبقى فيه نتيجة أحسن لو كانوا اتجمعوا كلهم بجد في جبهة واحدة حقيقية بما فيهم الغد و الاخوان ، بس ده محصلش و نزلوا كلهم مع بعض بشعار واحد و رمز واحد و كلام واحد ، ان اللي مش عاجبه الوطني ينتخب المرشح الفلاني. بس ده متحققش على الأرض. بس اللي يديك أمل ان الناس اللي عملت كده بجد جابت نتايج مش بطالة بالنسبة لناس تنزل انتخابات أول مرة و بكلام سياسي بعيد عن التربيطات.
*************
- الظروف الحالية انك ممكن لو معاك فلوس و عندك تنظيم و ناس كافية تشتغل ممكن تحقق نتيجة كويسة. يا راجل ده احنا حالتنا بائسة على الآخر. يعني الحملة الانتخابية لمرشح المعارضة اللي كنت شغال معاه معانا فلوس نطبع ورق بالعافية ، و أفكار كتير عن ازاي نوصل للناخبين بس مش قادرين نعملها عشان معناش ناس كفاية ولا فلوس. مفيش تنسيق و لا حد بيصب أي فلوس في الحملة ، كلنا على بعض مجموعة شباب يكملوا تمانية بالعافية بنعمل كل حاجة و صرفنا كام ألف بالعافية و اللي ضدنا صرفوا ملايين. مكانش عندنا مندوبين يغطوا كل اللجان. و صدقني لما أقولك ان الواحد حس من شغله في الدايرة ان لو اتعملت حملة ناجحة و عندها امكانات ، تنقد الاوضاع المزرية اللي الناس عايشة فيها و تقدملهم برنامج يديهم أمل و تحسسهم بقوة انهم يتحركوا و يقوموا بدورهم ، و توريهم تجارب توريهم ان ده ممكن. ممكن كنا ناخد نتايج كويسة. كتر الكلام عن التزوير ممكن يحفظ ماء الوجه ، بس على المدى الطويل بيقضي على أمل خروج الناس من السلبية و اليأس. متنساش ان معظم الناس مشاركتش. كل اللي جابهم الاخوان و بتوع الحزب و اللي شاريينهم بمية جنيه و اللي جايين عشان ياخدوا البطانية و البلطجية و الموظفين المشحونين في أوتوبيسات و المتضافين زورا و بتوع العائلات و التربيطات و بتوع المصالح ، كل دوول أقلية صغيرة قوي عليها كل الخناق. انت عايز أغلبية الناس تحس ان فيه أمل و فايدة و تنزل تختار حد و ترجع تحاسبه بعد كدة.
*************
- ملعون أبو الوفد و الغد و التجمع و الناصري و الكرامة و الوسط و كفاية و الجبهة و الحملة و ملعون أبو أم النخبة...
- هيا طالعة موضة ان كله يشتم في النخبة و كله يقولك النخبة بعيدة عن الشارع و معرفش ايه. على الأقل دي نخبة بتحاول. عايزين يعني النخبة دي ترجع زي ما كانت من تلات سنين مش هاممها حاجة و مبتحاولش تعمل أي حاجة؟
- نخبة ايه و خرا ايه. انت صدقت أصلا ان فيه حاجة اسمها نخبة ولا في حاجة اسمها حكومة و لا معارضة و لا وطن أصلا
************
- أنا حاسس ان الطرق اتسدت . معدش فيه أمل خالص في أي حاجة كويسة تيجي ما دام النظام ده ماسك البلد. مجلس الشعب ده مش هيبقى خطوة لقدام هيبقى خطوة لورا و هيمرروا كل اللي عايزين يمرروه.
- و بعدين؟
- و لا قبلين ، نمشي من هنا قبل ما كله ينزل طحن في كله. و الفوضى تاخدلها أي صورة. حاجة طائفية زي محرم بك أو حتى ماتش كورة بين الاهلي و الزمالك. المهم ان في انفجار جاي.
- بس على الأقل ادينا شفنا في يوم واحد عرض شامل متكامل للحزب اللي اسمه وطني و اللي اسمه ديموقراطي. شفنا انه من غير الفلوس و ابتزاز الفقرا و الغلابة و البلطجة و استغلال جهاز الدولة و التزوير يطلع و لا حاجة. ولا حاجة فعلا.
************
- نفسي أعرف احنا ايه اللي نيلنا خلانا نبقى واقفين في حاجة فيها نعمان و رفعت السعيد؟
- أم الجبهة. كان مفروض ان المنطقي ان يبقى الناخب قدامه خيار بين واحد من الحزب الوطني و واحد من تحالف الناس الرافضة للوضع الحالي
- آدي آخرة اللي يمشي ورا حبة العواجيز اللي يتنيلوا يقعدوا في أوضة مقفولة و يتخانقوا. احنا ليه نسينا اننا أصلا طلعنا في حركة غير تقليدية عشان احباطنا جزء منه كان من الاحزاب الزفت الورق دي. يعني احنا مش عارفين الاحزاب دي ولا ايه ؟ و في الآخر نربط نفسنا بيهم.
***********
- الا صحيح فين القضاة. القضاء الشريف عمل أحلى شغل و سلملي على الشموخ
- ما هو برضه هتلاقي فيهم و فيهم ، غير ان كان في كتير مش قضاة أساسا. غير اللي عايزين يربوا عيالهم
- يعني احنا اللي ولاد كلب معندناش عيال؟
***********
- أنا عايز أقول اذا كان الناس خايفة و راضية و بتاخد الكام جنيه من الوطني و بتقول أهو مين هييجي غيره و ربنا يغير من عنده بقى و أدينا عايشين و بتقول ده شبعان و مش هيسرق من أول رئيس الجمهورية لحد المليونيرات مرشحين مجلس الشعب. فأنا حمار و ابن ستين كلب اني حاولت أغير أي حاجة في البلد دي. أنا آسف فعلا و مقر بخطئي. أنا آسف فعلا اني قلت لأ للفساد و الفقر و الجهل و التخلف و الذل و البهدلة و البطالة و الاستبداد و المعتقلات و التعذيب . الأغلبية معاها حق و أنا غلطان اني افتكرت اني ممكن أعمل حاجة. أوعدكم اني مش هزعجكم تاني
- مش عارف أقولك ايه. معاك حق. بس مين قال ان في أغلبية حد عارف رأيها
*********
- احنا ايه اللي عملناه غلط؟ هل كانت كل تحركاتنا احتجاجية و مقدمناش البديل؟ ما اهتميناش تماما بموضوع التنظيم و القواعد؟ مكانش في استراتيجية واضحة للي بنعمله؟ كنا رد - فعليين ؟ هل كل اللي عملناه ملوش فايدة
- احنا على الأقل نقدر نقول ان احنا كسرنا تابوهات و خلينا عدد من الناس يبقى عايز يتحرك و وسعنا مساحة الحركة السياسية و رجعنا الجدل حوالين السياسة لناس كتير قوي
- عموما دي فرصة نراجع فيها نفسنا و نفكر
********
- مفتكرش انك هتقدر تبطل العمل العام و الاهتمام. أصل الحكاية مكانتش ترف فكري. مش انت قاعد قلت يللا أعمل حاجة كده من غير سبب و خلاص. فيه أسباب خلتك تبقى كده. انت مقتنع بان اللي بيحصل في البلد غلط و بتشوف اثبات لده كل يوم و في كل مكان. عمرك ما هتبقى زي نموذج الموظف أبو جرنان و بطيخة و مش هامك حاجة في الدنيا
- عارف
- و انا عارف انك عارف
********
- والدي كان بيقوللي كل ما انزل مظاهرة ، انت فاكر اللي بتعملوه ده هيعمل نتيجة. و أهو فعلا طلع ملوش نتيجة
- صوت الحكمة المغلف باليأس يخرج ليتشفى فيمن حاول
- يعني هوا في فايدة؟
- لأ طبعا
********
- انت ناسي؟ ناسي أول مرة وقفت فيها و قلت لأول مرة في حياتك بعلو صوتك يسقط مبارك؟ ناسي حسيت بايه ساعتها؟ ناسي لما كنت بتعمل باي باي لمصورين أمن الدولة بعد ما كان بيجيلك اسهال من الكلمة؟ ناسي الشعور اللي كان بيجيلك انك بتحرر البلد شارع شارع و ميدان ميدان من مبارك و حزبه و الأمن بكل شارع أو ميدان وقفت فيه و قلت رأيك؟
- لأ مش ناسي.
********
- كان عندنا أمل و ده غلط
- مين قال ان احنا كان عندنا أمل كبير. بس يعني مش بس مناخدش كراسي زيادة ، الناس اللي كان عندها كراسي تخسرها
- ده كان اذلال لما المعارضة ما تاخدش ولا كرسي. أيمن نور كان طالع في التلفزيون متحطم. قضوا عليه خلاص.
********
- حسني عدا من النفق. خلاص عدا استفتاء الدستور و انتخابات الرياسة و مجلس الشعب. خد الشرعية خلاص
- تفتكر أول ما ياخد الشرعية دي هينزل ضرب فينا؟
- بلا نيلة. على ايه يوجع دماغه؟ هوا احنا كان لينا تأثير يعني. يا ريت يلمنا حتى نخلص من القرف اللي الواحد عايش فيه.
********
- مفروض تحط عينك انك تشوف أول حاجة ايجابية بعد خمسين سنة. يعني ولادك أو ولاد ولادك.
- يا سلام على الحكمة. يتحرق ولادي و ولاد ولادي. ده أسلوب انسحابي.
********
- هيا الناس مش عايزة تشارك في أي حاجة ليه؟ عندها طبقات متتالية من الخوف و الانكار و اليأس و التسليم بالأمر الواقع؟
- متلومش الناس. ده وضعك و لازم تتعامل معاه. مترميش خيبتك عالناس. هما عندهم أسبابهم و تجربتهم و اللي شافوه و اتعرضوله طول حياتهم يخليهم كده. و تقريبا هما بيعتبرونا احنا اللي بنفرغ الشحنة اللي عندهم من غير ما هما يخاطروا.
********
- قال ايه كفاية عايزة تعمل مظاهرة ضد التزوير. يروحوا يولعوا في نفسهم أحسن . بلا خيبة. حجة البليد مسح السبورة.
- و الاخوان برضه احتجوا على التزوير في الدقي بمظاهرة كبيرة
- حقهم. ابو اسماعيل ده كسب و اتزور ضده عيني عينك. أما الباقيين فكده كده كانوا هيخسروا ما عدا الناس الكبيرة اللي اتسقطت عند. بلاش خيبة و تغطية للأخطاء. مفروض يتعلموا من الدرس بدل ما يعملوا انهم كانوا هيكتسحوا لولا التزوير.
*******
- أنا حاسس ان الاخوان لعبوا فينا و بينا
- ازاي؟
- يعني حاسس اننا فضلنا نكسر التابوهات و نتحدى و نصعد و نواجه و نكسب مساحات و نعبد الطريق و النظام خسر هيبته و جزء كبير من سلطاته القمعية و الاخوان مبتسمين بيهزولنا روسهم مشجعين من ورا و بياكدوا انهم معنا و بعدين مشيوا على الطريق اللي عبدته كفاية بكل ثقة
فكرت في ده و انا بسمع عربية شايلة ميكروفون بتدور في الشارع و تطالب الناس بتأييد مرشح الاخوان المسلمين حاجة مكانتش حد يتصورها من سنتين بس
- و انت زعلان ليه ، حقهم بصراحة أن يكونوا براجماتيين و ما يمدوش لا ايد و لا رجل للمعارضة الجديدة و هما بيعدوا. هما بيشوفوا ايه اللي ممكن الجماعة تكسبه من كل خطوة و كل تغير ، كسبوا دلوقتي استخدام لاسمهم علنيا و انتخابات من غير اعتقالات و وضعهم كأقوى بديل للنظام بعد ما عدى عليهم فترة مان صوتهم واطي و صورتهم بهتانة قصاد المعارضة الجديدة. مش منطقي انك تطلب منهم انهم يشاركوا في حاجة ليها هدف معين و هما هدفهم الرئيسي انتشار الجماعة و دعوتها وصولا لان تقوم دولة بتطبق تعاليم الاسلام. و بعدين لو انت فاكر الجدل اللي كان في بدايات دعوات التغيير لما الناس قالت احنا نؤيد مبارك عشان الدعوة للديموقراطية معناها الاخوان ، و احنا قلنا ان احنا مؤمنين بحق الناس تختار اللي هيا عايزاه و تحاسبه . احنا كل اللي بنعمله كان بيفتح الباب قدام الناس اللي ليها وجود قوي انها تاخد التمثيل اللي تستحقه بدل ما هيا مقموعة. و ده هوا الأحسن و الأفضل.
- أيوه بس تقريبا فاضل شوية و يطلعولنا لسانهم. و اللي بيبضني اني ألاقيهم بيتكلموا ان هما القوة اللي جابت التغيير في مصر و انهم هما المحرك للاصلاح و معرفش ايه. أحة يعني. طيب استنوا شوية لحد ما الناس تنسى يعني. أحة ده أي واحد شارك في حركة الاحتجاج شاف و عارف.
- خللي اللي يقول يقول. هتفرق ايه مين قال ايه و مين عمل ايه. المهم انك تعمل اللي انت شايفه صح.
*********
- تتخيل انهم انتخبوا آمال عثمان؟
- و انت عملت ايه؟
- اتخانقت معاهم شوية ، و في الآخر زهقت و قلتلهم مش انتخبتوا آمال عثمان؟ اشربوها.
********
- انتم ليه بتكرهوا الاسلاميين؟
- كراهية ايه و بتاع ايه. أما ليه مبنعدش فوز الاخوان فوز للمعارضة فده عشان هما أصلا مش حزب معارض للنظام ، هما حاجات تانية كتير بحسب التعريف الشهير الشامل المتكامل و حساباتهم مختلفة خالص عن حساباتنا. يمكن لو اللي بيقوله أبو الفتوح و العريان كان هوا اللي بيحصل كنت أقولك انهم معارضة فعلا. قارن ده باسلاميين حزب العمل و حزب الوسط اللي بنعدهم ناس مننا و اشتغلنا معاهم و ايدينا في ايديهم على طول.
************
- انا اتشليت من الناس اللي عمالة تنظر و تقول مفروض و مفروض . "مفروض المعارضة تنشط في الجامعة". لا بروح أمك مكنتش أعرف. جامعة كاملة هتلاقي نشيط فيها عشرة و الطلبة مرعوبين منهم و أمن الجامعة بيجري وراهم و أمن الدولة كل شوية يستضيفهم و الجامعة بتفصلهم. و ييجي واحد قاعد على طيزه و يجيبلي التايهة و يقوللي الجامعة.
- انت مالك مش طايق حد يتكلم كده؟
- أنا مش طايق نفسي.
********
- أنا بكلمك يمكن ألاقي عندك شوية أمل أطلع بيهم من الاحباط ده
- انا محبط أكتر منك
********
- كله بيشخ علينا ، و اللي نفسه في حاجة بيشتمنا و يتشفى فينا
- و لا عادت تفرق. خليها تولع. احنا نسيبهالهم يشخوا على بعض فيها.
( تنويه : في هذه التدوينة بعض الألفاظ التي قد تخدش حياء البعض)
- يا نهار اسود. احنا اتفشخنا
- متوقع ايه يعني؟ اذا أصلا أغلبية مرشحين "الجبهة" من الوفد و التجمع. و دول أصلا خدولهم 10 كراسي المرة اللي فاتت و نازلين بأعداد كبيرة فوق المية. المرشحين الاضافيين دول ولا بينزلوا الشارع و لا حتى بيحطوا ملصقات و لا بيتكلموا بالجرأة المفروضة أصلا ، و لا حد يعرف انهم نازلين. نيجي احنا نقعد و نستغرب ان مرشح الوفد في دايرة كذا منجحش؟ كان ممكن يبقى فيه نتيجة أحسن لو كانوا اتجمعوا كلهم بجد في جبهة واحدة حقيقية بما فيهم الغد و الاخوان ، بس ده محصلش و نزلوا كلهم مع بعض بشعار واحد و رمز واحد و كلام واحد ، ان اللي مش عاجبه الوطني ينتخب المرشح الفلاني. بس ده متحققش على الأرض. بس اللي يديك أمل ان الناس اللي عملت كده بجد جابت نتايج مش بطالة بالنسبة لناس تنزل انتخابات أول مرة و بكلام سياسي بعيد عن التربيطات.
*************
- الظروف الحالية انك ممكن لو معاك فلوس و عندك تنظيم و ناس كافية تشتغل ممكن تحقق نتيجة كويسة. يا راجل ده احنا حالتنا بائسة على الآخر. يعني الحملة الانتخابية لمرشح المعارضة اللي كنت شغال معاه معانا فلوس نطبع ورق بالعافية ، و أفكار كتير عن ازاي نوصل للناخبين بس مش قادرين نعملها عشان معناش ناس كفاية ولا فلوس. مفيش تنسيق و لا حد بيصب أي فلوس في الحملة ، كلنا على بعض مجموعة شباب يكملوا تمانية بالعافية بنعمل كل حاجة و صرفنا كام ألف بالعافية و اللي ضدنا صرفوا ملايين. مكانش عندنا مندوبين يغطوا كل اللجان. و صدقني لما أقولك ان الواحد حس من شغله في الدايرة ان لو اتعملت حملة ناجحة و عندها امكانات ، تنقد الاوضاع المزرية اللي الناس عايشة فيها و تقدملهم برنامج يديهم أمل و تحسسهم بقوة انهم يتحركوا و يقوموا بدورهم ، و توريهم تجارب توريهم ان ده ممكن. ممكن كنا ناخد نتايج كويسة. كتر الكلام عن التزوير ممكن يحفظ ماء الوجه ، بس على المدى الطويل بيقضي على أمل خروج الناس من السلبية و اليأس. متنساش ان معظم الناس مشاركتش. كل اللي جابهم الاخوان و بتوع الحزب و اللي شاريينهم بمية جنيه و اللي جايين عشان ياخدوا البطانية و البلطجية و الموظفين المشحونين في أوتوبيسات و المتضافين زورا و بتوع العائلات و التربيطات و بتوع المصالح ، كل دوول أقلية صغيرة قوي عليها كل الخناق. انت عايز أغلبية الناس تحس ان فيه أمل و فايدة و تنزل تختار حد و ترجع تحاسبه بعد كدة.
*************
- ملعون أبو الوفد و الغد و التجمع و الناصري و الكرامة و الوسط و كفاية و الجبهة و الحملة و ملعون أبو أم النخبة...
- هيا طالعة موضة ان كله يشتم في النخبة و كله يقولك النخبة بعيدة عن الشارع و معرفش ايه. على الأقل دي نخبة بتحاول. عايزين يعني النخبة دي ترجع زي ما كانت من تلات سنين مش هاممها حاجة و مبتحاولش تعمل أي حاجة؟
- نخبة ايه و خرا ايه. انت صدقت أصلا ان فيه حاجة اسمها نخبة ولا في حاجة اسمها حكومة و لا معارضة و لا وطن أصلا
************
- أنا حاسس ان الطرق اتسدت . معدش فيه أمل خالص في أي حاجة كويسة تيجي ما دام النظام ده ماسك البلد. مجلس الشعب ده مش هيبقى خطوة لقدام هيبقى خطوة لورا و هيمرروا كل اللي عايزين يمرروه.
- و بعدين؟
- و لا قبلين ، نمشي من هنا قبل ما كله ينزل طحن في كله. و الفوضى تاخدلها أي صورة. حاجة طائفية زي محرم بك أو حتى ماتش كورة بين الاهلي و الزمالك. المهم ان في انفجار جاي.
- بس على الأقل ادينا شفنا في يوم واحد عرض شامل متكامل للحزب اللي اسمه وطني و اللي اسمه ديموقراطي. شفنا انه من غير الفلوس و ابتزاز الفقرا و الغلابة و البلطجة و استغلال جهاز الدولة و التزوير يطلع و لا حاجة. ولا حاجة فعلا.
************
- نفسي أعرف احنا ايه اللي نيلنا خلانا نبقى واقفين في حاجة فيها نعمان و رفعت السعيد؟
- أم الجبهة. كان مفروض ان المنطقي ان يبقى الناخب قدامه خيار بين واحد من الحزب الوطني و واحد من تحالف الناس الرافضة للوضع الحالي
- آدي آخرة اللي يمشي ورا حبة العواجيز اللي يتنيلوا يقعدوا في أوضة مقفولة و يتخانقوا. احنا ليه نسينا اننا أصلا طلعنا في حركة غير تقليدية عشان احباطنا جزء منه كان من الاحزاب الزفت الورق دي. يعني احنا مش عارفين الاحزاب دي ولا ايه ؟ و في الآخر نربط نفسنا بيهم.
***********
- الا صحيح فين القضاة. القضاء الشريف عمل أحلى شغل و سلملي على الشموخ
- ما هو برضه هتلاقي فيهم و فيهم ، غير ان كان في كتير مش قضاة أساسا. غير اللي عايزين يربوا عيالهم
- يعني احنا اللي ولاد كلب معندناش عيال؟
***********
- أنا عايز أقول اذا كان الناس خايفة و راضية و بتاخد الكام جنيه من الوطني و بتقول أهو مين هييجي غيره و ربنا يغير من عنده بقى و أدينا عايشين و بتقول ده شبعان و مش هيسرق من أول رئيس الجمهورية لحد المليونيرات مرشحين مجلس الشعب. فأنا حمار و ابن ستين كلب اني حاولت أغير أي حاجة في البلد دي. أنا آسف فعلا و مقر بخطئي. أنا آسف فعلا اني قلت لأ للفساد و الفقر و الجهل و التخلف و الذل و البهدلة و البطالة و الاستبداد و المعتقلات و التعذيب . الأغلبية معاها حق و أنا غلطان اني افتكرت اني ممكن أعمل حاجة. أوعدكم اني مش هزعجكم تاني
- مش عارف أقولك ايه. معاك حق. بس مين قال ان في أغلبية حد عارف رأيها
*********
- احنا ايه اللي عملناه غلط؟ هل كانت كل تحركاتنا احتجاجية و مقدمناش البديل؟ ما اهتميناش تماما بموضوع التنظيم و القواعد؟ مكانش في استراتيجية واضحة للي بنعمله؟ كنا رد - فعليين ؟ هل كل اللي عملناه ملوش فايدة
- احنا على الأقل نقدر نقول ان احنا كسرنا تابوهات و خلينا عدد من الناس يبقى عايز يتحرك و وسعنا مساحة الحركة السياسية و رجعنا الجدل حوالين السياسة لناس كتير قوي
- عموما دي فرصة نراجع فيها نفسنا و نفكر
********
- مفتكرش انك هتقدر تبطل العمل العام و الاهتمام. أصل الحكاية مكانتش ترف فكري. مش انت قاعد قلت يللا أعمل حاجة كده من غير سبب و خلاص. فيه أسباب خلتك تبقى كده. انت مقتنع بان اللي بيحصل في البلد غلط و بتشوف اثبات لده كل يوم و في كل مكان. عمرك ما هتبقى زي نموذج الموظف أبو جرنان و بطيخة و مش هامك حاجة في الدنيا
- عارف
- و انا عارف انك عارف
********
- والدي كان بيقوللي كل ما انزل مظاهرة ، انت فاكر اللي بتعملوه ده هيعمل نتيجة. و أهو فعلا طلع ملوش نتيجة
- صوت الحكمة المغلف باليأس يخرج ليتشفى فيمن حاول
- يعني هوا في فايدة؟
- لأ طبعا
********
- انت ناسي؟ ناسي أول مرة وقفت فيها و قلت لأول مرة في حياتك بعلو صوتك يسقط مبارك؟ ناسي حسيت بايه ساعتها؟ ناسي لما كنت بتعمل باي باي لمصورين أمن الدولة بعد ما كان بيجيلك اسهال من الكلمة؟ ناسي الشعور اللي كان بيجيلك انك بتحرر البلد شارع شارع و ميدان ميدان من مبارك و حزبه و الأمن بكل شارع أو ميدان وقفت فيه و قلت رأيك؟
- لأ مش ناسي.
********
- كان عندنا أمل و ده غلط
- مين قال ان احنا كان عندنا أمل كبير. بس يعني مش بس مناخدش كراسي زيادة ، الناس اللي كان عندها كراسي تخسرها
- ده كان اذلال لما المعارضة ما تاخدش ولا كرسي. أيمن نور كان طالع في التلفزيون متحطم. قضوا عليه خلاص.
********
- حسني عدا من النفق. خلاص عدا استفتاء الدستور و انتخابات الرياسة و مجلس الشعب. خد الشرعية خلاص
- تفتكر أول ما ياخد الشرعية دي هينزل ضرب فينا؟
- بلا نيلة. على ايه يوجع دماغه؟ هوا احنا كان لينا تأثير يعني. يا ريت يلمنا حتى نخلص من القرف اللي الواحد عايش فيه.
********
- مفروض تحط عينك انك تشوف أول حاجة ايجابية بعد خمسين سنة. يعني ولادك أو ولاد ولادك.
- يا سلام على الحكمة. يتحرق ولادي و ولاد ولادي. ده أسلوب انسحابي.
********
- هيا الناس مش عايزة تشارك في أي حاجة ليه؟ عندها طبقات متتالية من الخوف و الانكار و اليأس و التسليم بالأمر الواقع؟
- متلومش الناس. ده وضعك و لازم تتعامل معاه. مترميش خيبتك عالناس. هما عندهم أسبابهم و تجربتهم و اللي شافوه و اتعرضوله طول حياتهم يخليهم كده. و تقريبا هما بيعتبرونا احنا اللي بنفرغ الشحنة اللي عندهم من غير ما هما يخاطروا.
********
- قال ايه كفاية عايزة تعمل مظاهرة ضد التزوير. يروحوا يولعوا في نفسهم أحسن . بلا خيبة. حجة البليد مسح السبورة.
- و الاخوان برضه احتجوا على التزوير في الدقي بمظاهرة كبيرة
- حقهم. ابو اسماعيل ده كسب و اتزور ضده عيني عينك. أما الباقيين فكده كده كانوا هيخسروا ما عدا الناس الكبيرة اللي اتسقطت عند. بلاش خيبة و تغطية للأخطاء. مفروض يتعلموا من الدرس بدل ما يعملوا انهم كانوا هيكتسحوا لولا التزوير.
*******
- أنا حاسس ان الاخوان لعبوا فينا و بينا
- ازاي؟
- يعني حاسس اننا فضلنا نكسر التابوهات و نتحدى و نصعد و نواجه و نكسب مساحات و نعبد الطريق و النظام خسر هيبته و جزء كبير من سلطاته القمعية و الاخوان مبتسمين بيهزولنا روسهم مشجعين من ورا و بياكدوا انهم معنا و بعدين مشيوا على الطريق اللي عبدته كفاية بكل ثقة
فكرت في ده و انا بسمع عربية شايلة ميكروفون بتدور في الشارع و تطالب الناس بتأييد مرشح الاخوان المسلمين حاجة مكانتش حد يتصورها من سنتين بس
- و انت زعلان ليه ، حقهم بصراحة أن يكونوا براجماتيين و ما يمدوش لا ايد و لا رجل للمعارضة الجديدة و هما بيعدوا. هما بيشوفوا ايه اللي ممكن الجماعة تكسبه من كل خطوة و كل تغير ، كسبوا دلوقتي استخدام لاسمهم علنيا و انتخابات من غير اعتقالات و وضعهم كأقوى بديل للنظام بعد ما عدى عليهم فترة مان صوتهم واطي و صورتهم بهتانة قصاد المعارضة الجديدة. مش منطقي انك تطلب منهم انهم يشاركوا في حاجة ليها هدف معين و هما هدفهم الرئيسي انتشار الجماعة و دعوتها وصولا لان تقوم دولة بتطبق تعاليم الاسلام. و بعدين لو انت فاكر الجدل اللي كان في بدايات دعوات التغيير لما الناس قالت احنا نؤيد مبارك عشان الدعوة للديموقراطية معناها الاخوان ، و احنا قلنا ان احنا مؤمنين بحق الناس تختار اللي هيا عايزاه و تحاسبه . احنا كل اللي بنعمله كان بيفتح الباب قدام الناس اللي ليها وجود قوي انها تاخد التمثيل اللي تستحقه بدل ما هيا مقموعة. و ده هوا الأحسن و الأفضل.
- أيوه بس تقريبا فاضل شوية و يطلعولنا لسانهم. و اللي بيبضني اني ألاقيهم بيتكلموا ان هما القوة اللي جابت التغيير في مصر و انهم هما المحرك للاصلاح و معرفش ايه. أحة يعني. طيب استنوا شوية لحد ما الناس تنسى يعني. أحة ده أي واحد شارك في حركة الاحتجاج شاف و عارف.
- خللي اللي يقول يقول. هتفرق ايه مين قال ايه و مين عمل ايه. المهم انك تعمل اللي انت شايفه صح.
*********
- تتخيل انهم انتخبوا آمال عثمان؟
- و انت عملت ايه؟
- اتخانقت معاهم شوية ، و في الآخر زهقت و قلتلهم مش انتخبتوا آمال عثمان؟ اشربوها.
********
- انتم ليه بتكرهوا الاسلاميين؟
- كراهية ايه و بتاع ايه. أما ليه مبنعدش فوز الاخوان فوز للمعارضة فده عشان هما أصلا مش حزب معارض للنظام ، هما حاجات تانية كتير بحسب التعريف الشهير الشامل المتكامل و حساباتهم مختلفة خالص عن حساباتنا. يمكن لو اللي بيقوله أبو الفتوح و العريان كان هوا اللي بيحصل كنت أقولك انهم معارضة فعلا. قارن ده باسلاميين حزب العمل و حزب الوسط اللي بنعدهم ناس مننا و اشتغلنا معاهم و ايدينا في ايديهم على طول.
************
- انا اتشليت من الناس اللي عمالة تنظر و تقول مفروض و مفروض . "مفروض المعارضة تنشط في الجامعة". لا بروح أمك مكنتش أعرف. جامعة كاملة هتلاقي نشيط فيها عشرة و الطلبة مرعوبين منهم و أمن الجامعة بيجري وراهم و أمن الدولة كل شوية يستضيفهم و الجامعة بتفصلهم. و ييجي واحد قاعد على طيزه و يجيبلي التايهة و يقوللي الجامعة.
- انت مالك مش طايق حد يتكلم كده؟
- أنا مش طايق نفسي.
********
- أنا بكلمك يمكن ألاقي عندك شوية أمل أطلع بيهم من الاحباط ده
- انا محبط أكتر منك
********
- كله بيشخ علينا ، و اللي نفسه في حاجة بيشتمنا و يتشفى فينا
- و لا عادت تفرق. خليها تولع. احنا نسيبهالهم يشخوا على بعض فيها.
الاثنين، نوفمبر ٠٧، ٢٠٠٥
في امبابة مع عمرو عزت
اقرأ كتابات عمرو عزت الجميلة عن مشاركته في حملة كمال خليل الانتخابية في حواري امبابة
بداية
تواصل
هواجس
زوايا الرؤية
تناغم
المكان : 13 شارع طلعت حرب - إمبابة
9/11/2005
الأحد، نوفمبر ٠٦، ٢٠٠٥
لماذا لن أعطي صوتي لمرشح الإخوان ؟
على الرغم من أنني قد أتحمل الحموضة و أعطي صوتي ليساري أو أتحمل الصداع و أعطي صوتي لناصري و أتحمل ارتفاع ضغط الدم و أعطي صوتي لوفدي. لا تهمني الأيديولوجية حاليًا كثيرًا. إلا أنني اتخذت قرارًا ألا أعطي صوتي لمرشح الإخوان في دائرتي.
يقدم الإخوان انجازاتهم في مجلس الشعب 2000 في ملف طويل. قدم الموقع في صدر الصفحة و لمساحة أكبر من النصف انجازاتهم الثقافية ، و في النهاية بعض الإنجازات الأخرى المتفرقة.
إنجازات ثقافية ؟
* معركة الروايات الثلاث : " ثلاثِ روايات أصدرتها وزارة الثقافة تحتوي على عبارات جنسية وتلميحات تخدش الحياء العام وتعكِّر صفوَ المجتمع" . أما "الاستجابةَ كانت سريعةً؛ حيث أصدر فاروق حسني- وزير الثقافة- قرارًا بإعفاء المسئولين عن إصدار هذه الروايات من مناصبهم"
* معركة عشق النساء: " لم تكن المواجهة الأخيرة بين نواب الإخوان والحكومة في المجال الثقافي فقد تبعتْها مواجهاتٌ أخرى ربحها الإخوان؛ حيث حقَّقوا انتصارًا عندما أصدرَ وزير الثقافة فاروق حسني قرارًا بمصادرة كتاب وصايا في عشق النساء" و " كما أصدر الوزير قرارًا بوقف المسئولين عن طباعة ومراجعة سلسلة الأعمال الإبداعية- التي صدر عنها الكتاب- عن العمل، وقرَّر تحويل الكتاب لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف لدراسته وتوضيح ما به من افتراءات على الكتاب والسنة"
* معركة المجلات العارية : " طلب إحاطة قدمه الدكتور محمد مرسي لوزير الإعلام عن المجلات التي تصدر بتصريح من الوزارة وتحمل على غلافها صورًا عارية"
* معارك الفيديو كليب : " أسئلة قدمها الدكتور محمد مرسي والنائب علي لبن عن أغاني الفيديو كليب العارية"
* معركة نانسي عجرم : " طلب إحاطة للدكتور حمدي حسن عن حفلات نانسي عجرم التي ينظمها التليفزيون في الوقت الذي سقطت فيه بغداد"
* معركة فليسقط سيبويه و لتحيا اللغة العربية : " قدم النائبُ سؤالاً آخر عن كتاب ينتقد اللغة العربية، ويعتبرها سبب تخلف المصريين، وهو السؤال الذي تسبب في أزمة داخل الأوساط الثقافية التي رفضت إصدار مثل هذه الكتب عن الحكومة المصرية!!"
* معركة ملكات الجمال : " وفي إطار متصل صعَّد نواب الإخوان المسلمين هجومَهم على المسئولين عن تنظيم مسابقة ملكة جمال مصر؛ حيث قدم أربعةٌ نواب بياناتٍ عاجلةً لرئيس مجلس الشعب، اتهموا فيها الحكومة بتدعيم ممارسات مخالِفة للدستور، وتستهدف الأمةَ في ثوابتها وتعتدي على حرماتها، وقال الدكتور محمد مرسي إن هذه المسابقة والإعلان عنها مخالَفةٌ للدستور؛ لأنها تخالف الشريعة الإسلامية، كما تخالف العُرف والذَّوق العام.
بينما طالب النائب محمد العزباوي بدراسة خطورة مثل هذه المسابقات على الوضع الداخلي لمصر، وطالب النائب بأن توضِّح الحكومة مفهومًا محدَّدًا للفن الراقي والإبداع، مؤكدًا أن مثل هذه المسابقات لا تقترب بأي شكل من أشكال الفن والإبداع، وفي بيانه العاجل أكد النائب مصطفى محمد مصطفى أن قيامَ الحكومة برعاية مثل هذه المسابقات يُعدُّ تحديًا صارخًا للمؤسسة الدينية بمصر، التي أكد علماؤها حرمةَ مثل هذه المسابقات وعدم جوازها.
وهو ما أكده أيضًا الدكتور حمدي حسن، الذي أوضح أنه سبق وأن تقدم النواب بطلبات مشابهة، مشيرًا إلى أن الحكومة- بتشجيعها تنظيمَ مثل هذه المسابقات- تستفزُّ مشاعرَ الشعب الذي يرى القتل والتشريد من حوله في العراق وفلسطين كل يوم، كما أن تنظيمَ هذه المسابقات يُعد استفزازًا للشباب العاطل، الذي فشل في الحصول على فرصة عمل نتيجة سياسات الحكومة"
* معركة فلترة الانترنت : " طالب الدكتور حمدي حسن- عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري- الحكومة بضرورة "فلترة" مواقع شبكة الإنترنت من المصدر الرئيسي لبث الخدمة "
ليست المشكلة بالنسبة لي في محافظة الإخوان الأخلاقية و مطاردتهم لسطور الكتب و الروايات و اهتمامهم المفرط بمؤخرة روبي و مقدمة نانسي ، و لا في أنهم يعدون هذه المطاردات هي قمة الإنجازات التي يسوقونها لأتباعهم ، و يصفقون عندما تزايد عليهم الحكومة الفاسدة بمصادرة كتاب أو بحجب برنامج - يمكنني أن اتحمل العقلية القمعية المطاردة للكتب ، و الاهتمام بقضايا فرعية كما أتحمل مثلاً تجعيرات بعض الناصريين - بل لقلة اهتمامهم بالقضايا الحقيقية التي أهتم بأن أراها مطروحة في مجلس الشعب. بل و أزيد على ذلك أنهم ساعة طرحها ، لا أثق في أي جانب سيقفون. خلال العام الماضي لم أر ما يبعث على الثقة في الإخوان بتاتًا - و إن كنت رأيت ما يبعث على الثقة في وجوه اخوانية محددة- و هل سيتخذون الجانب الذي أؤمن أن فيه مصلحة مصر ، أم أنهم سيعقدون صفقة مع السلطة لتحقيق مصلحتهم.
أحب أن أعتبر القضية التي أثارها النائب الإخواني جمال حشمت - دمنهور في البرلمان معبرة بشكل كبير عن معارك الإخوان في برلمان 2000.
" النائب جمال حشمت صاحب طلب الإحاطة الخاص بما سُمي مؤخراً فضيحة "الفوط الصحية" التي وزعتها الحكومة على تلميذات المدارس, والذي قدم وحده 42 طلبا وسؤالا للحكومة, في غضون أشهر قلائل؛ فقال إن أبناء دائرته اشتكوا من خدش حياء هذا البرنامج للتلميذات.
وأضاف "كيف يتم توزيع فوط صحية من شركة أمريكية يهودية على تلميذات المدارس صغار السن, ويحدثونهن عن أمور غاية في خدش الحياء, خصوصا في المناطق الريفية؟ أليست هذه مهزلة؟"."
صحيح، كيف يجرؤون! يقولون لبنات في سن الزهور أنهن يحضن شهريًا ؟ كيف يكشفون هذه المعلومة المريعة لهن؟ بل و في منطقة ريفية أيضًا ( حيث طريقة مقاربة هذه المواضيع أكثر تحررًا بكثير من الطبقة الوسطى الحضرية) ؟
أولويز ؟ يعطون للبنات أولويز؟ تلك هي الطامة الكبرى ! لا تعليم و لا صحة و لا حقوق ، فقر و جهل و مرض ، كل ذلك لا يثير حماس السيد جمال حشمت كما يستفزه موضوع الأولويز. "و الله هزلت.. أولويز و انا عايش؟ ايه اللي باقي بعد كده ؟ يوزعوا بامبرز على الحضانات ؟ "
لا برنامج واضح ، و شعارات فضفاضة ، و انعدام ثقة ، و معارك الفوط الصحية ، و مواقف متقلبة . ببساطة ، لن أنتخبهم.
استثنائي الوحيد هو أن أجد مرشحًا إخوانيًا أثق فيه و في مواقفه و في تاريخه ، و في أنه سيتصرف داخل المجلس في اتجاه المطالب التي لقيت اجماعًا سياسيًا وطنيًا ، و لن ينتظر حتى تناور قيادته مع السلطة ليختار الموقف الذي سيقفه. لا ينطبق هذا الأمر على مرشح الإخوان عن دائرتي.
سأمنح صوتي عن مقعد الفئات لإسلامي مستقل. أثق فيه ، و معجب بمواقفه في البرلمان السابق ، و أحترم دوره كنائب عن الشعب . أما مقعد العمال الذي تقدم له في مواجهة مرشح الوطني مرشح الإخوان فلا زلت أبحث.
الخميس، أكتوبر ٢٧، ٢٠٠٥
إنهاك
في صورة حديثة له و هو يتقدم بأوراق ترشيحه لينافس على كرسي مجلس الشعب فئات عن دائرة باب الشعرية ، بدا لي أيمن نور مختلفاً للغاية عن صورته المعتادة.
لم أكن ممن اقتنعوا بأيمن و لا رغبوا في الانضمام لحزبه ، و إن كنت معجباً فعلاً بمهاراته الخطابية - كان الاستماع لخطاباته أثناء حملته الإنتخابية متعة حقيقية و تسلية مع قليل من الضحك - و نجاحه في تقديم خلطة سياسية ترضي الكثيرين - ليست بالضرورة منطقية - و في رفضه اللعب حسب قواعد اللعبة الحزبية الحكومية البائسة ، و في أنه يلعب و يُصَعِّد بذكاء. و في النهاية هو من نجح في تحريك الكثير ممن لم يكونوا ليصوتوا في ظروف مختلفة معطياً درساً بأنه لا يكفي الاعتماد على الكتل المصمتة التي تاخذ حجماً كبيراً لحرصها على المشاركة بينما تقاطع الأغلبية ، بل من الممكن للناس أن تتحرك إذا اهتممت فعلاً أن تحدثها بجدية.
بعد الإنتخابات الرئاسية بدا الغد و نور رابحين حتى مع خسارتهم. اتجهت الأنظار إليه على أنه "قائد" المعارضة و لم يقصر هو في التعامل على هذا الأساس لعدة أيام.
ثم حدث الإنشقاق في الحزب.
و تتابعت فصول محاكمة نور بتهمة تزوير التوكيلات. و محاكمة لأيمن بركات القيادي بالغد و محامي نور ، و قضية أخرى تتهم نور بالإساءة للرئيس و الحزب الوطني.
و رفضت "الجبهة الوطنية للتغيير" جبهة المعارضة الوطنية الوليدة لخوض انتخابات مجلس الشعب سوياً ، انضمام الغد. رئيس الوفد البائس يرفض انضمام نور. نفسنة و خلافات شخصية. التجمع يقول : الوفد لا يريد الغد و الوفد عندنا أهم من الوفد ، و المنسقون يبررون رفض الغد بانشقاقاته. استعباط لا أدري كيف مر على الكثيرين ، فالجبهة تضم حالة مماثلة بالفعل. حزب العمل المنضم للجبهة ليس مجمداً فقط ، بل منقسم كانقسام الغد بالضبط. و إذا ضمت الجبهة تيار مجدي حسين فهناك تيار آخر ينازعه على الحزب " ابراهيم شكري". خسرت الجبهة حزباً نجح بالفعل في تحريك عدد لا بأس به من الناخبين.
و جاءت النكتة الحقيقية.
جريدتان اسمهما الغد عند باعة الصحف. احداهما الغد القديمة و الأخرى تصدر عن المنشقين الذين اختاروا لنفسهم لقب "شرفاء الغد" . كلاهما بنفس الشكل و الإخراج الفني. في صدر الأولى مقال لنور يهاجم الثانية و في صدر الثانية مقال لموسى مصطفى يهاجم الثانية. احداهما تحمل رقم 32 و الأخرى 31 + 1. و كلاهما بذات الرخصة. محتويات الأولى كأي صحيفة معارضة حزبية تقليدية ، و الثانية تحوي معارضة مروضة تمدح الرئيس و ابنه و التجربة الديموقراطية الوليدة و تنتقد المحيطين بالرئيس . و جاء بعد ذلك 33 و 31 + 2. ثم 34 و 31+3.
نيويورك تايمز تنشر خبراً عن تلقي نور شريطاً صوتياً لمحادثة " حميمية" مع زوجته بعنوان " فضيحة أيمن نور و زوجته" و رسالة تهدده بأن الشريط القادم سيكون صوتاً و صورة. ذكرني هذا بخالد الذكر زكي بدر و تهديده لقيادات المعارضة في برلمان 87 بعرضه لما يحدث في بيوتهم.
أصبح نور معزولاً و منهكاً . غاب عنه البريق الذي دفع بعدد من الشباب غير المسيسين للتحمس و الإنضمام لحزبه. بغض النظر عن نور و كل ما يثار حوله و بغض النظر عن طريقة إدارته للحزب ، أشعر بأسى حقيقي و أنا أرى الغد الذي كان من الممكن أن يكون قناة سياسية شرعية ذات حيوية ، يناسب الكثير من أفراد الطبقة الوسطى يوشك على الوقوف في الصف إلى جوار بقية الأحزاب البائسة ، فضلاً عن تعاطف شخصي مع شخص يتسلى جهاز السلطة القبيح بتحطيمه.
لم أكن ممن اقتنعوا بأيمن و لا رغبوا في الانضمام لحزبه ، و إن كنت معجباً فعلاً بمهاراته الخطابية - كان الاستماع لخطاباته أثناء حملته الإنتخابية متعة حقيقية و تسلية مع قليل من الضحك - و نجاحه في تقديم خلطة سياسية ترضي الكثيرين - ليست بالضرورة منطقية - و في رفضه اللعب حسب قواعد اللعبة الحزبية الحكومية البائسة ، و في أنه يلعب و يُصَعِّد بذكاء. و في النهاية هو من نجح في تحريك الكثير ممن لم يكونوا ليصوتوا في ظروف مختلفة معطياً درساً بأنه لا يكفي الاعتماد على الكتل المصمتة التي تاخذ حجماً كبيراً لحرصها على المشاركة بينما تقاطع الأغلبية ، بل من الممكن للناس أن تتحرك إذا اهتممت فعلاً أن تحدثها بجدية.
بعد الإنتخابات الرئاسية بدا الغد و نور رابحين حتى مع خسارتهم. اتجهت الأنظار إليه على أنه "قائد" المعارضة و لم يقصر هو في التعامل على هذا الأساس لعدة أيام.
ثم حدث الإنشقاق في الحزب.
و تتابعت فصول محاكمة نور بتهمة تزوير التوكيلات. و محاكمة لأيمن بركات القيادي بالغد و محامي نور ، و قضية أخرى تتهم نور بالإساءة للرئيس و الحزب الوطني.
و رفضت "الجبهة الوطنية للتغيير" جبهة المعارضة الوطنية الوليدة لخوض انتخابات مجلس الشعب سوياً ، انضمام الغد. رئيس الوفد البائس يرفض انضمام نور. نفسنة و خلافات شخصية. التجمع يقول : الوفد لا يريد الغد و الوفد عندنا أهم من الوفد ، و المنسقون يبررون رفض الغد بانشقاقاته. استعباط لا أدري كيف مر على الكثيرين ، فالجبهة تضم حالة مماثلة بالفعل. حزب العمل المنضم للجبهة ليس مجمداً فقط ، بل منقسم كانقسام الغد بالضبط. و إذا ضمت الجبهة تيار مجدي حسين فهناك تيار آخر ينازعه على الحزب " ابراهيم شكري". خسرت الجبهة حزباً نجح بالفعل في تحريك عدد لا بأس به من الناخبين.
و جاءت النكتة الحقيقية.
جريدتان اسمهما الغد عند باعة الصحف. احداهما الغد القديمة و الأخرى تصدر عن المنشقين الذين اختاروا لنفسهم لقب "شرفاء الغد" . كلاهما بنفس الشكل و الإخراج الفني. في صدر الأولى مقال لنور يهاجم الثانية و في صدر الثانية مقال لموسى مصطفى يهاجم الثانية. احداهما تحمل رقم 32 و الأخرى 31 + 1. و كلاهما بذات الرخصة. محتويات الأولى كأي صحيفة معارضة حزبية تقليدية ، و الثانية تحوي معارضة مروضة تمدح الرئيس و ابنه و التجربة الديموقراطية الوليدة و تنتقد المحيطين بالرئيس . و جاء بعد ذلك 33 و 31 + 2. ثم 34 و 31+3.
نيويورك تايمز تنشر خبراً عن تلقي نور شريطاً صوتياً لمحادثة " حميمية" مع زوجته بعنوان " فضيحة أيمن نور و زوجته" و رسالة تهدده بأن الشريط القادم سيكون صوتاً و صورة. ذكرني هذا بخالد الذكر زكي بدر و تهديده لقيادات المعارضة في برلمان 87 بعرضه لما يحدث في بيوتهم.
أصبح نور معزولاً و منهكاً . غاب عنه البريق الذي دفع بعدد من الشباب غير المسيسين للتحمس و الإنضمام لحزبه. بغض النظر عن نور و كل ما يثار حوله و بغض النظر عن طريقة إدارته للحزب ، أشعر بأسى حقيقي و أنا أرى الغد الذي كان من الممكن أن يكون قناة سياسية شرعية ذات حيوية ، يناسب الكثير من أفراد الطبقة الوسطى يوشك على الوقوف في الصف إلى جوار بقية الأحزاب البائسة ، فضلاً عن تعاطف شخصي مع شخص يتسلى جهاز السلطة القبيح بتحطيمه.
السبت، أكتوبر ٢٢، ٢٠٠٥
بلد الحب و السلام. مدينة التسامح
*خلفية :
- عن محرم بك:
محرم بك حي كان مستقراً للطبقة الوسطى في الزمن القديم ، و لكن الزمن تغير فأصبح حياً شعبياً و مستقراً للطبقة الوسطى الدنيا و الطبقة الدنيا و في بعض شوارعه الرئيسية الطبقة الوسطى الوسطى ، و إن كان الغالب عليه هو الفقر و بؤس الحال. في محرم بك نسبة كبيرة من المسيحيين أعلى من نسب تواجدهم في مناطق أخرى. شيئ قريب من شبرا تقريباً. الكثير من المحلات تعلق على الحائط نتيجة بها صورة العذراء أو المسيح. لا أريد أن أقدم صورة عن سكان الحي بأنهم مهووسون. و لكن في الواقع ، فإنني لاحظت أن لدى مسلمي هذا الحي احساس قوي بوجود " الآخرين" ، دوماً أسمع به قدراً كبيراً من العبارات العنصرية ، و ينظر الناس مدققين لوجهك و إلى معصمك و يسألونك عن اسمك. فسرت هذا بأنه نتيجة التواجد المسيحي الكبير بالحي ، و تصاعد الطائفية في الوطن كله ، و ربما بسبب القصة القديمة المكررة عن امتلاك المسيحيين لمحلات و المنافسة التجارية.. الخ
في انتخابات مجلس الشعب 2000، دفعت الحكومة بمرشح مسيحي ، لأن المنطقة بها تواجد مسيحي قوي ، و لكنه سقط في الانتخابات. سمعت حكايات عن عنف انتخابي كان في الواقع - حسب الحكاية - عنفاً ضد المرشح المسيحي و ناخبيه. بينما أعرف أناساً ذهبوا ليدلوا بصوتهم ليُسقِطوا لا مرشح الحكومة و لكن المرشح المسيحي. مرشح الحزب الوطني هذا العام عن دائرة غربال ماهر خلة - مسيحي أيضاً- لا فرصة له بعد هذا الذي حدث.
- عن الأحداث:
ربما لاحقاً...
*مشاهدات:
بعد الإفطار يوم الجمعة ، شاهدت على قناة الجزيرة خبراً عن مقتل شخص و اصابة 60 في مظاهرات أمام كنيسة مارجرجس في محرم بك بالإسكندرية. كانت المشاعد مروعة. بحر من الناس يندفع مهاجماً لتصده عصي صفوف من الأمن المركزي. يجذبون حواجز الأمن محاولين اختراقها. جنون . جنون. إنهم يحاولون حقاً اقتحام الكنيسة!!!
أقرر أن أذهب إلى محرم بك لأشاهد بنفسي. توقعت أن يكون الأمر قد انتهى . "على الأقل أسمع ما يقوله الناس"
أتصل بصديق و أطلب منه مرافقتي. يعتذر بأنه مشغول . يوصيني أن أنتبه و أتجنب "اللم" أو الاعتقالات بالجملة لكل الموجودين بالشارع و التي عادة ما تعقب مثل هذه الأحداث.
أحاول ايقاف تاكسي : " محرم بك". أفشل عدة مرات.
أنجح أخيرا. "شارع منشة يا أسطى". يقول لي السائق : " بس يا رب السكة متكونش مقفولة".
أقدر أن أفضل طريق للوصول هو شارع منشة الذي ينتهي عند شارع محرم بك الذي يضم كنيسة مار جرجس. منشة الذي يحمل الشارع اسمه هو البارون يعقوب منشة نمساوي الأصل ، رئيس الجالية اليهودية بالإسكندرية. اسكندرية أوائل القرن العشرين الكوزموبوليتانية بالطبع و ليست هذه الإسكندرية.
أنزل في منتصف الشارع و أمشي باتجاه نهاية الشارع. ألمح مكتبة دار الكتاب المقدس مغلقة - طبعاً - .بنهاية شارع منشة يمتد شارع محرم بك بالعرض من الغرب للشرق بينما يواصل جنوباً شارع الإسكندراني. عند التقاء الشوارع الثلاثة كان هناك تجمهر كبير. أقترب و أستمع لما يقوله الناس. عربات الترحيلات الزرقاء و الأمن المركزي الخضراء تقف في شارع محرم بك.
أنتبه فجأة إلى أن الناس تقف و تنظر باتجاه اليسار . أكتشف أن هناك إلى اليسار مظاهرة. " لسة فيه مظاهرة!!؟". بدأت عقب صلاة التراويح على ما يبدو. بضع مئات من الأشخاص و رجال الأمن المركزي سود الملابس.
انفجار مكتوم و يرتفع الدخان الأبيض. يركض الواقفون بالمقدمة فيركض الشارع كله تقريباً. يغطي البعض وجوههم بالمناديل خوفاً من الغاز المسيل للدموع. يعودون للاقتراب شيئاً فشيئاً.
أتلقى اتصالاً من زميل لي يعمل الليلة بالمستشفى. يقول أنه "سمع" في المستشفى أن هناك العديد من المصابين من المتظاهرين و من الجنود و أن ثلاثة متظاهرين قتلوا بطلقات الرش. آخ! هكذا يتصرف الأمن المركزي عندما تخرج الأمور عن السيطرة. أتذكر محمد السقا ، و أقرر أن أحتفظ بمسافة 200 متر بيني و بين المظاهرة. قد تكون إشاعة ، و لكنني لا أريد طلقة رش في بطني و لا غازاً مسيلاً للدموع في أنفي ، خاصة إذا كان ذلك في أحداث قبيحة مثل هذه. يقول لي " مش الموضوع خلص خلاص؟" . أنظر لدخان أبيض يتصاعد من جديد ، و نار تبدو مشتعلة بعيداً دون أن أتمكن من تحديد موقعها ، بينما يركض الناس من جديد و أقول له : " لأ مخلصش"
كانت الحياة تدور بصورة شبه طبيعية عند التقاطع. المحلات مفتوحة : بقال و جزار و سوبر ماركت. بائع الفول يقف بقدرة على عربة فول. غير الطبيعي كان التجمهر الكبير المتفرج و عربات الأمن و الأحداث الدائرة على بعد مئات الأمتار. انفجار مكتوم و دخان أبيض. غير الطبيعي كان التدافع الراكض ثم العودة. سيدات يشترين الفول لوجبة السحور و يركض بالقرب منهن شباب يهربون من الغاز. كلما اقتربت من المظاهرة زاد عدد المحلات المغلقة.
توقعت أن أرى ملتحين أو مرتدي جلاليب أو حاملي مصاحف. معظم من رأيت كانوا من يوصفون بشباب المناطق الشعبية. شباب "المنتئة". يدخلون للمظاهرة قليلاً ، ثم يخرجون ضاحكين ليستريحوا أو يشربوا سيجارة. استمعت لواحد منهم و هو يحكي عن صديقه الذي أخذ في التراجع مترقباً قنبلة غاز في الهواء و " في الآخر راح موقفها على صدره" و انفجر في الضحك. ظلوا يحكون عن ركض أحدهم جهة رجال الأمن المركزي ثم تراجعه في آخر لحظة مُهَوِشاً. لم يكونوا غاضبين . كانوا مستمتعين على ما يبدو. ينادون على بعضهم البعض بصوت عال. يركضون ذهاباً و إيابا و على وجوههم الابتسامة. " فينك يا حمكشة" أفكر في ما كتبه حمكشة عن 2010. يسأل رجل بائعاً شاباً في محل عن زميله فيقول له في عادية : " لأ مش هنا، هوا في المظاهرة"
يرتفع الهتاف من عند التظاهرة و ألمح قبضات ملوحة في الهواء " بالروح بالدم نفديك يا محمد" ... " الله أكبر" عربات اسعاف تأتي من مكان التظاهرة لتتوقف في صف عند التقاطع. زحام للعربات العابرة من منشة إلى الاسكندراني. تتوقف عربة عند التقاطع فيضغط سائقها بجنون على الكلاكس. السيدة المسنة التي تركب بجواره تصرخ في فزع. تصرخ فعلاً. أقدر أنها مسيحية. تعبر هذه العربة أخيراً.
أشاهد رجلا يسيل الدم من رأسه يتجه جهة عربة الإسعاف. فتى لا يمكن أن يكون أكبر من 16 عاماً بمقميص ممزق يمسك برأسه و يقول أنه تلقى ضربتين على الرأس و الذراع. ينخرط في نوبة حماس و تهديد ضد"هم"... يتحسر لأن الطريق الرئيسي مسدود ، و كلما حاول سلك الطرق الجانبية ليصل "لهم" وجدها مغلقة أيضاً.
شارع منشة يمتلئ فجأة بصفوف من الأمن المركزي و معهم مدرعتهم الخضراء. أتراجع 100 متر للوراء بينما يستقبلهم الواقفون بعيداً عن المظاهرة بهتاف " الله أكبر" ....يتجهون جهة المظاهرة. كانوا امدادات للقوات الأصلية.
أستمع لسائق عربة الاسعاف و هو يحكي عن رجل مسن توفى ظهراً. " كان عنده الربو و القلب . شم البتاع ده الغاز فجاله هبوط و مات. هنا بالزبط" و يشير إلى التقاطع. " ملحقناش نوصل بيه المستشفى ، بس خد بالك ، ده ميت متوضي و مصلي الجمعة و صايم و ميت بيدافع عن دينه. مفيش أحسن من كده".
لم أر حتى انصرافي شيئاً يزيد عما رأيته : هتافات و راكضون و شباب مستمتع بوقته و بعض الغاضبين و أناس متجمعون على بعد للفرجة و أمن مركزي و غاز مسيل للدموع و بعض المصابين. ظللت طوال وقت وجودي أستمع صامتاً لما يقوله المتوقفون المتناقشون. هذا بعض ما سمعت.
"هما أصلهم اللي اتفرعنوا"
" بيقولك عايزين يعملوا دولة مستقلة"
" الحكومة بتضرب في العيال كأنها بتضرب في كلاب"
" مفروض ميبقاش في ضرب و تكسير ، مفروض مثلا يعملوا مقاطعة لكل محلات المسيحيين لحد ما يعرفوا قيمتنا"
" حسني مبارك ال"...." هوا اللي بايعلهم دينه. ما هوا اللي بيطاطيلهم بعد ما زور الانتخابات"
" الضرب كان أجمد بعد صلاة الجمعة ، كل الناس كانت بتعيط في الشارع من الغاز"
" الصبح ، العساكر طلعوا يجروا في الشوارع الجانبية ورا العيال ، العيال استفردوا بيهم جوا و هات يا ضرب"
" و هو الواحد لو معندوش غيرة على دينه يبقى ايه اللي باقي"
" بيقولك في كذا واحد مسيحي اتضرب و هوا ماشي في الشارع"
" بيقولك عربية واحد مسيحي في الناحية التانية اتدغدغت"
" العيال سرقوا محل اكسسوارات بتاع واحد مسيحي ، بقوا يدخلوا و اللي ياخد مسجل و اللي ياخد بتاع و يجري"
"منهم لله الحكومة المفترية"
" هما لما يحطوا عسكري حراسة على كل كنيسة بيشوهوا صورة المسلمين كأننا يعني بنفتري على المسيحيين" ( كدت أن أخرق قاعدة الصمت و أتدخل للرد الذي سيكون : شخرة و "بص حواليك يا أخ. انتم بتحاولوا تقتحموا كنيسة" ثم شخرة أخرى و عودة للصمت. و لكنني تحكمت في نفسي)
" خد بالك اللي لابسين اسود دول هيطيحوا في الناس ضرب. أصل دي شغلتهم"
" الجزيرة كانت جايبة مظاهرات في الأزهر النهاردة ، ان شاء الله بكرة يبقى الموضوع منتشر بقى في كل حتة و يطلعوا العيال في مظاهرات في الجامعات و المدارس"
" عارف ده بيحصل ليه؟ عشان الناش مش لاقية تاكل . لو لاقيين ياكلوا مكانش هيبقى ده حالهم"
" يعني انت جاري و ساكنين جنب بعض ، يبقى هستفيد ايه لما أضرك. مفروض كلنا في وطن واحد"
طفل رث الثياب يركض و يهتف لوحده " الله أكبر ،الله أكبر"
أقرر أن أتصل بمينا. أبتعد عن المكان لأتحدث في هدوء دون مضايقة و دون أن يستمع شخص ما لكلمة "آلو يا مينا" . أتوغل في الاسكندراني و أحدثه. أحكي له عن المصادمات و الأمن و عن الأمر الذي يبدو بلا نهاية و عن المظاهرة التي تتحول إلى شغب و عن تعامل الدولة المنحصر بزيادة عدد الأمن المركزي و عن غياب العقل و العقلاء و عما يبدو سهولة كبيرة في استخدام العنف من الأمن و عن منطقة شعبية أخذت في الاشتعال و عن عبثية الأمر و جنونه و أنه بدأ دون سبب تقريباً و تصاعد بصورة عجيبة و عن عداوة كامنة للسلطة و عن فتنة طائفية لا أصدق أنني أراها بعيني . أعبر له عن قلقي. يبدو مصدوماً. أتحدث بينما أمشي في شارع جانبي يتجه بعيداً عن مكان المصادمات لأجده مسدوداً بصفوف من الأمن المركزي. أفكر أن وقت الرحيل قد حان قبل أن أعجز عن ذلك.
أفكر بينما أمشي في شارع منشة الهادئ مقارنة بشارع محرم بك في سكان منطقة محرم بك المسيحيين و الذين يجلسون الآن في بيوتهم المغلقة عليهم في رعب أعجز عن تصوره.
عند مدخل محرم بك في مواجهة الاستاد وقف ما يقرب من 50-60 عربة أمن مركزي خضراء و بعض المدرعات.
يتصل زميلي بي من المستشفى بعد ساعات " شكل الموضوع وصل لكرموز ، و في اشاعات ان في سرقة محلات في غيط العنب" إشاعات
على القهوة أجلس مع أصدقائي و أحكي لهم و أقول : "عاش الهلال مع الصليب. تحيا مصر بلد الحب و التسامح"
- عن محرم بك:
محرم بك حي كان مستقراً للطبقة الوسطى في الزمن القديم ، و لكن الزمن تغير فأصبح حياً شعبياً و مستقراً للطبقة الوسطى الدنيا و الطبقة الدنيا و في بعض شوارعه الرئيسية الطبقة الوسطى الوسطى ، و إن كان الغالب عليه هو الفقر و بؤس الحال. في محرم بك نسبة كبيرة من المسيحيين أعلى من نسب تواجدهم في مناطق أخرى. شيئ قريب من شبرا تقريباً. الكثير من المحلات تعلق على الحائط نتيجة بها صورة العذراء أو المسيح. لا أريد أن أقدم صورة عن سكان الحي بأنهم مهووسون. و لكن في الواقع ، فإنني لاحظت أن لدى مسلمي هذا الحي احساس قوي بوجود " الآخرين" ، دوماً أسمع به قدراً كبيراً من العبارات العنصرية ، و ينظر الناس مدققين لوجهك و إلى معصمك و يسألونك عن اسمك. فسرت هذا بأنه نتيجة التواجد المسيحي الكبير بالحي ، و تصاعد الطائفية في الوطن كله ، و ربما بسبب القصة القديمة المكررة عن امتلاك المسيحيين لمحلات و المنافسة التجارية.. الخ
في انتخابات مجلس الشعب 2000، دفعت الحكومة بمرشح مسيحي ، لأن المنطقة بها تواجد مسيحي قوي ، و لكنه سقط في الانتخابات. سمعت حكايات عن عنف انتخابي كان في الواقع - حسب الحكاية - عنفاً ضد المرشح المسيحي و ناخبيه. بينما أعرف أناساً ذهبوا ليدلوا بصوتهم ليُسقِطوا لا مرشح الحكومة و لكن المرشح المسيحي. مرشح الحزب الوطني هذا العام عن دائرة غربال ماهر خلة - مسيحي أيضاً- لا فرصة له بعد هذا الذي حدث.
- عن الأحداث:
ربما لاحقاً...
*مشاهدات:
بعد الإفطار يوم الجمعة ، شاهدت على قناة الجزيرة خبراً عن مقتل شخص و اصابة 60 في مظاهرات أمام كنيسة مارجرجس في محرم بك بالإسكندرية. كانت المشاعد مروعة. بحر من الناس يندفع مهاجماً لتصده عصي صفوف من الأمن المركزي. يجذبون حواجز الأمن محاولين اختراقها. جنون . جنون. إنهم يحاولون حقاً اقتحام الكنيسة!!!
أقرر أن أذهب إلى محرم بك لأشاهد بنفسي. توقعت أن يكون الأمر قد انتهى . "على الأقل أسمع ما يقوله الناس"
أتصل بصديق و أطلب منه مرافقتي. يعتذر بأنه مشغول . يوصيني أن أنتبه و أتجنب "اللم" أو الاعتقالات بالجملة لكل الموجودين بالشارع و التي عادة ما تعقب مثل هذه الأحداث.
أحاول ايقاف تاكسي : " محرم بك". أفشل عدة مرات.
أنجح أخيرا. "شارع منشة يا أسطى". يقول لي السائق : " بس يا رب السكة متكونش مقفولة".
أقدر أن أفضل طريق للوصول هو شارع منشة الذي ينتهي عند شارع محرم بك الذي يضم كنيسة مار جرجس. منشة الذي يحمل الشارع اسمه هو البارون يعقوب منشة نمساوي الأصل ، رئيس الجالية اليهودية بالإسكندرية. اسكندرية أوائل القرن العشرين الكوزموبوليتانية بالطبع و ليست هذه الإسكندرية.
أنزل في منتصف الشارع و أمشي باتجاه نهاية الشارع. ألمح مكتبة دار الكتاب المقدس مغلقة - طبعاً - .بنهاية شارع منشة يمتد شارع محرم بك بالعرض من الغرب للشرق بينما يواصل جنوباً شارع الإسكندراني. عند التقاء الشوارع الثلاثة كان هناك تجمهر كبير. أقترب و أستمع لما يقوله الناس. عربات الترحيلات الزرقاء و الأمن المركزي الخضراء تقف في شارع محرم بك.
أنتبه فجأة إلى أن الناس تقف و تنظر باتجاه اليسار . أكتشف أن هناك إلى اليسار مظاهرة. " لسة فيه مظاهرة!!؟". بدأت عقب صلاة التراويح على ما يبدو. بضع مئات من الأشخاص و رجال الأمن المركزي سود الملابس.
انفجار مكتوم و يرتفع الدخان الأبيض. يركض الواقفون بالمقدمة فيركض الشارع كله تقريباً. يغطي البعض وجوههم بالمناديل خوفاً من الغاز المسيل للدموع. يعودون للاقتراب شيئاً فشيئاً.
أتلقى اتصالاً من زميل لي يعمل الليلة بالمستشفى. يقول أنه "سمع" في المستشفى أن هناك العديد من المصابين من المتظاهرين و من الجنود و أن ثلاثة متظاهرين قتلوا بطلقات الرش. آخ! هكذا يتصرف الأمن المركزي عندما تخرج الأمور عن السيطرة. أتذكر محمد السقا ، و أقرر أن أحتفظ بمسافة 200 متر بيني و بين المظاهرة. قد تكون إشاعة ، و لكنني لا أريد طلقة رش في بطني و لا غازاً مسيلاً للدموع في أنفي ، خاصة إذا كان ذلك في أحداث قبيحة مثل هذه. يقول لي " مش الموضوع خلص خلاص؟" . أنظر لدخان أبيض يتصاعد من جديد ، و نار تبدو مشتعلة بعيداً دون أن أتمكن من تحديد موقعها ، بينما يركض الناس من جديد و أقول له : " لأ مخلصش"
كانت الحياة تدور بصورة شبه طبيعية عند التقاطع. المحلات مفتوحة : بقال و جزار و سوبر ماركت. بائع الفول يقف بقدرة على عربة فول. غير الطبيعي كان التجمهر الكبير المتفرج و عربات الأمن و الأحداث الدائرة على بعد مئات الأمتار. انفجار مكتوم و دخان أبيض. غير الطبيعي كان التدافع الراكض ثم العودة. سيدات يشترين الفول لوجبة السحور و يركض بالقرب منهن شباب يهربون من الغاز. كلما اقتربت من المظاهرة زاد عدد المحلات المغلقة.
توقعت أن أرى ملتحين أو مرتدي جلاليب أو حاملي مصاحف. معظم من رأيت كانوا من يوصفون بشباب المناطق الشعبية. شباب "المنتئة". يدخلون للمظاهرة قليلاً ، ثم يخرجون ضاحكين ليستريحوا أو يشربوا سيجارة. استمعت لواحد منهم و هو يحكي عن صديقه الذي أخذ في التراجع مترقباً قنبلة غاز في الهواء و " في الآخر راح موقفها على صدره" و انفجر في الضحك. ظلوا يحكون عن ركض أحدهم جهة رجال الأمن المركزي ثم تراجعه في آخر لحظة مُهَوِشاً. لم يكونوا غاضبين . كانوا مستمتعين على ما يبدو. ينادون على بعضهم البعض بصوت عال. يركضون ذهاباً و إيابا و على وجوههم الابتسامة. " فينك يا حمكشة" أفكر في ما كتبه حمكشة عن 2010. يسأل رجل بائعاً شاباً في محل عن زميله فيقول له في عادية : " لأ مش هنا، هوا في المظاهرة"
يرتفع الهتاف من عند التظاهرة و ألمح قبضات ملوحة في الهواء " بالروح بالدم نفديك يا محمد" ... " الله أكبر" عربات اسعاف تأتي من مكان التظاهرة لتتوقف في صف عند التقاطع. زحام للعربات العابرة من منشة إلى الاسكندراني. تتوقف عربة عند التقاطع فيضغط سائقها بجنون على الكلاكس. السيدة المسنة التي تركب بجواره تصرخ في فزع. تصرخ فعلاً. أقدر أنها مسيحية. تعبر هذه العربة أخيراً.
أشاهد رجلا يسيل الدم من رأسه يتجه جهة عربة الإسعاف. فتى لا يمكن أن يكون أكبر من 16 عاماً بمقميص ممزق يمسك برأسه و يقول أنه تلقى ضربتين على الرأس و الذراع. ينخرط في نوبة حماس و تهديد ضد"هم"... يتحسر لأن الطريق الرئيسي مسدود ، و كلما حاول سلك الطرق الجانبية ليصل "لهم" وجدها مغلقة أيضاً.
شارع منشة يمتلئ فجأة بصفوف من الأمن المركزي و معهم مدرعتهم الخضراء. أتراجع 100 متر للوراء بينما يستقبلهم الواقفون بعيداً عن المظاهرة بهتاف " الله أكبر" ....يتجهون جهة المظاهرة. كانوا امدادات للقوات الأصلية.
أستمع لسائق عربة الاسعاف و هو يحكي عن رجل مسن توفى ظهراً. " كان عنده الربو و القلب . شم البتاع ده الغاز فجاله هبوط و مات. هنا بالزبط" و يشير إلى التقاطع. " ملحقناش نوصل بيه المستشفى ، بس خد بالك ، ده ميت متوضي و مصلي الجمعة و صايم و ميت بيدافع عن دينه. مفيش أحسن من كده".
لم أر حتى انصرافي شيئاً يزيد عما رأيته : هتافات و راكضون و شباب مستمتع بوقته و بعض الغاضبين و أناس متجمعون على بعد للفرجة و أمن مركزي و غاز مسيل للدموع و بعض المصابين. ظللت طوال وقت وجودي أستمع صامتاً لما يقوله المتوقفون المتناقشون. هذا بعض ما سمعت.
"هما أصلهم اللي اتفرعنوا"
" بيقولك عايزين يعملوا دولة مستقلة"
" الحكومة بتضرب في العيال كأنها بتضرب في كلاب"
" مفروض ميبقاش في ضرب و تكسير ، مفروض مثلا يعملوا مقاطعة لكل محلات المسيحيين لحد ما يعرفوا قيمتنا"
" حسني مبارك ال"...." هوا اللي بايعلهم دينه. ما هوا اللي بيطاطيلهم بعد ما زور الانتخابات"
" الضرب كان أجمد بعد صلاة الجمعة ، كل الناس كانت بتعيط في الشارع من الغاز"
" الصبح ، العساكر طلعوا يجروا في الشوارع الجانبية ورا العيال ، العيال استفردوا بيهم جوا و هات يا ضرب"
" و هو الواحد لو معندوش غيرة على دينه يبقى ايه اللي باقي"
" بيقولك في كذا واحد مسيحي اتضرب و هوا ماشي في الشارع"
" بيقولك عربية واحد مسيحي في الناحية التانية اتدغدغت"
" العيال سرقوا محل اكسسوارات بتاع واحد مسيحي ، بقوا يدخلوا و اللي ياخد مسجل و اللي ياخد بتاع و يجري"
"منهم لله الحكومة المفترية"
" هما لما يحطوا عسكري حراسة على كل كنيسة بيشوهوا صورة المسلمين كأننا يعني بنفتري على المسيحيين" ( كدت أن أخرق قاعدة الصمت و أتدخل للرد الذي سيكون : شخرة و "بص حواليك يا أخ. انتم بتحاولوا تقتحموا كنيسة" ثم شخرة أخرى و عودة للصمت. و لكنني تحكمت في نفسي)
" خد بالك اللي لابسين اسود دول هيطيحوا في الناس ضرب. أصل دي شغلتهم"
" الجزيرة كانت جايبة مظاهرات في الأزهر النهاردة ، ان شاء الله بكرة يبقى الموضوع منتشر بقى في كل حتة و يطلعوا العيال في مظاهرات في الجامعات و المدارس"
" عارف ده بيحصل ليه؟ عشان الناش مش لاقية تاكل . لو لاقيين ياكلوا مكانش هيبقى ده حالهم"
" يعني انت جاري و ساكنين جنب بعض ، يبقى هستفيد ايه لما أضرك. مفروض كلنا في وطن واحد"
طفل رث الثياب يركض و يهتف لوحده " الله أكبر ،الله أكبر"
أقرر أن أتصل بمينا. أبتعد عن المكان لأتحدث في هدوء دون مضايقة و دون أن يستمع شخص ما لكلمة "آلو يا مينا" . أتوغل في الاسكندراني و أحدثه. أحكي له عن المصادمات و الأمن و عن الأمر الذي يبدو بلا نهاية و عن المظاهرة التي تتحول إلى شغب و عن تعامل الدولة المنحصر بزيادة عدد الأمن المركزي و عن غياب العقل و العقلاء و عما يبدو سهولة كبيرة في استخدام العنف من الأمن و عن منطقة شعبية أخذت في الاشتعال و عن عبثية الأمر و جنونه و أنه بدأ دون سبب تقريباً و تصاعد بصورة عجيبة و عن عداوة كامنة للسلطة و عن فتنة طائفية لا أصدق أنني أراها بعيني . أعبر له عن قلقي. يبدو مصدوماً. أتحدث بينما أمشي في شارع جانبي يتجه بعيداً عن مكان المصادمات لأجده مسدوداً بصفوف من الأمن المركزي. أفكر أن وقت الرحيل قد حان قبل أن أعجز عن ذلك.
أفكر بينما أمشي في شارع منشة الهادئ مقارنة بشارع محرم بك في سكان منطقة محرم بك المسيحيين و الذين يجلسون الآن في بيوتهم المغلقة عليهم في رعب أعجز عن تصوره.
عند مدخل محرم بك في مواجهة الاستاد وقف ما يقرب من 50-60 عربة أمن مركزي خضراء و بعض المدرعات.
على القهوة أجلس مع أصدقائي و أحكي لهم و أقول : "عاش الهلال مع الصليب. تحيا مصر بلد الحب و التسامح"
السبت، أكتوبر ١٥، ٢٠٠٥
أمينة و نعمة
الاثنين، أكتوبر ١٠، ٢٠٠٥
مولود
وقفت بجوار الطبيبة و الممرضة. كان الطفل قد انزلق منذ ثوان من رحم والدته. أراقب الطبيبة و هي تفحص الطفل و تدس أنبوبا لشفط السوائل من فمه و أنفه و تضع أنبوبا يضخ الأكسجين بالقرب من أنفه. أراقبها لأتعلم ما سأقوم به بمفردي المرة القادمة. كان الطفل يصرخ في عصبية . يغلق و يفتح عينيه في عدم تصديق لكل هذه الأنوار ،و على وجهه أقصى علامات الضيق و الاشمئزاز من كل هذه الضجة.
أحمق! ما الذي جاء بك إلى هنا؟ والداك هما من يستحقان اللوم على كل حال ، و إن كنت محقاً في أن يحمل وجهك كل هذا هذا الضيق و الاشمئزاز. أنت طفل يولد لأم فقيرة في مصر في أوائل القرن الحادي و العشرين ، و هذا الذي يقف خلفي هو قط يتلمظ و هو يرى حبلك السري يلقى في صفيحة القمامة. أحمق. ألا يمكنك اختيار زمان و مكان آخرين ؟ و إن كنت أشك أنك ستجد مكاناً أو زماناً مناسبين . المشكلة في الحياة ذاتها. ما الذي جاء بك إلى هنا يا أحمق؟
***********
- إن الأبوة تتضمن توكيداً مجرداً للحياة البشرية. أبوتي لطفل تعني تصالحي مع العالم : فأنا ولدت ، استطعمت الحياة ، و وجدتها رائعة حتى لأعتبر أنها تستحق أن تتوالد.
- و أنت ، ألم تجد الحياة رائعة؟
- كل ما أعرفه هو أنني لا يمكن أن أقول باقتناع عميق : الإنسان مخلوق ممتاز و أريده أن يتوالد.
فالس الوداع - ميلان كونديرا.
أحمق! ما الذي جاء بك إلى هنا؟ والداك هما من يستحقان اللوم على كل حال ، و إن كنت محقاً في أن يحمل وجهك كل هذا هذا الضيق و الاشمئزاز. أنت طفل يولد لأم فقيرة في مصر في أوائل القرن الحادي و العشرين ، و هذا الذي يقف خلفي هو قط يتلمظ و هو يرى حبلك السري يلقى في صفيحة القمامة. أحمق. ألا يمكنك اختيار زمان و مكان آخرين ؟ و إن كنت أشك أنك ستجد مكاناً أو زماناً مناسبين . المشكلة في الحياة ذاتها. ما الذي جاء بك إلى هنا يا أحمق؟
***********
- إن الأبوة تتضمن توكيداً مجرداً للحياة البشرية. أبوتي لطفل تعني تصالحي مع العالم : فأنا ولدت ، استطعمت الحياة ، و وجدتها رائعة حتى لأعتبر أنها تستحق أن تتوالد.
- و أنت ، ألم تجد الحياة رائعة؟
- كل ما أعرفه هو أنني لا يمكن أن أقول باقتناع عميق : الإنسان مخلوق ممتاز و أريده أن يتوالد.
فالس الوداع - ميلان كونديرا.
الأحد، أكتوبر ٠٩، ٢٠٠٥
يللا شباب
مواليد 82- 86 يمكنهم الآن الحصول على بطاقاتهم الانتخابية من قسم الشرطة المسجل به شهادة ميلادهم ، بدلا من البحث عن الاسم وسط آلاف الأسماء في الكشوف العشوائية داخل اللجان ، و التخبط و الاضطراب و القرارات و المعلومات المتضاربة كما حدث في الانتخابات الرئاسية.
احصلوا على بطاقاتكم لتضمنوا حقكم في المشاركة.
انشروا الخبر بين أقاربكم و أصدقائكم.
احصلوا على بطاقاتكم لتضمنوا حقكم في المشاركة.
انشروا الخبر بين أقاربكم و أصدقائكم.
السبت، أكتوبر ٠١، ٢٠٠٥
جذور العشب - 2
اقرأ : جذور العشب
ما سيلي هو عناوين داخلية من جريدة المصري اليوم. اخترت عناوين الأخبار المنشورة خلال شهر سبتمبر 2005 فقط.
بورسعيد : اضراب 70 عاملا ب "انداك" عن الطعام لرفض الادارة صرف علاوة مبارك و الزيادة السنوية المقررة للقطاع الخاص - 5 سبتمبر
اضراب 913 من عمال الغزل و النسيج في سمنود. المسؤولون باعوا المصنع لمستثمر ب 11 مليون جنيه و قيمته 65 مليون جنيه بأسعار 1982 - 6 سبتمبر
مزادات علنية لبيع الأبناء في بورسعيد و مطروح. اسماعيل يعرض بناته الأربع للبيع و يطوف بورسعيد حاملا لوحات احتجاجية مع بناته. مصطفى يعرض الصغر لاستكمال تعليم الكبرى- 12 سبتمبر
تشريد 1000 تلميذ يشعل مظاهرة في طهطا - 14 سبتمبر
تذمر 53 موجها تعليميا في مغاغة - 18 سبتمبر
عبد الرحيم يواصل اضرابه عن الطعام لليوم العاشر ، و يعمل ملاحظا طبيا في مركز الشهداء بالمنوفية احتجاجا على رفض قرار نقله - 20 سبتمبر
الغربية : اعتصام عشرات المزارعين في كفر الزيات. قطعوا الطريق الدائري احتجاجا على نقل نفق قرية الدلجمون - 22 سبتمبر
الاسماعيلية : اضراب عمال ري سيناء في القنطرة شرق. يطالبون بالتعيين بعد 10 سنوات من العقود و الوزارة ترفض - 23 سبتمبر
4400 موظف في منطقة الشرقية الأزهرية يواصلون الاعتصام - 23 سبتمبر
اعتصام مدير مدرسة و 3 مدرسين و التلاميذ في أشمون - 23 سبتمبر
اضراب أسرة في قنا ، و موظف بتليفونات الأقصر عن الطعام - 23 سبتمبر
اضراب دور العرض السينمائي في القاهرة يجمد قرار المحافظ - 25 سبتمبر
أسرة عياد تنهي اضرابها عن الطعام في قنا بعد وعد بازالة أسباب الشكوى - 26 سبتمبر
المنيا : الغليان يجتاح ملوى بسبب اضراب السائقين. توقف 7000 سيارة عن العمل احتجاجا على نقل الموقف - 26 سبتمبر
استمرار اضراب السائقين في ملوى. فشل القيادات الامنية و المجالس المحلية في حل المشكلة - 27 سبتمبر
أطباء مستشفى الزقازيق العام يواصلون اضرابهم عن الطعام - 29 سبتمبر
18 مدرسا أزهريا ينهون اضرابهم عن الطعام في مطروح - 30 سبتمبر
مع كل هذا العدد الكبير من أعمال الاحتجاج السلمي ، و الذي لا يكاد يمر يوم أطالع فيه الصفحة الثانية من المصري اليوم الا و أجد أحدها ، أجد نفسي مدفوعا للتفكير...
* هل السبب هو حالة الحراك السياسي الحادثة في مصر الآن ؟ هل هذه هي نتيجة ما فكرت أنه فتح باب التظاهر ((أعادت مظاهرات المعارضة خلال الشهور الستة الأخيرة انتزاع حق التظاهر من جديد ، بعد أن تم لسنوات حصر التظاهر و الاحتجاج داخل أسوار الجامعة أو في باحة الجامع الازهر بعد صلاة الجمعة ، و حصره بالتضامن مع قضايا فلسطين و العراق دون أن يعبر الى القضايا الداخلية. بغض النظر عن مطالب و تظاهرات المعارضة المصرية ، فان هذه المساحة التي تم اكتسابها سوف تسمح لأشخاص آخرين باستغلالها لايصال أصواتهم الاحتجاجية على قضايا تهمهم )) ؟ هل نرى النتيجة بهذه السرعة؟ هل شجعت جرأة حركة المعارضة الجديدة و التظاهرات و الجو الانتخابي أفرادا غير مسيسين على أن يرفعوا أصواتهم عندما يتعرضون لضرر مباشر ما داموا يرون من يتظاهر ضد الرئيس ، فلا ضرر أن يتظاهروا ضد من هو أدنى من الرئيس ؟
* أم أن السيل بلغ الزبى كما يقولون؟ تدنى مستوى الخدمات المقدمة من الدولة و مستوى معيشة قطاع عريض من الشعب لدرجة كبيرة فكان دافعا للاحتجاج؟
* و لكن ما سر استخدامهم لهذه الوسائل الاحتجاجية و احساسهم بقوتهم المجتمعة؟ لعمال المصانع تاريخ قديم في الأعمال الاحتجاجية قد يكون تسرب الى العمال الجدد ، و لكن ما الذي يدفع رب أسرة عادية أو معلما أو موظفا الى الاحتجاج بهذه الطريقة؟ ما الذي يدفعه الى الخروج عن صمته المميز لملايين المتضررين المصريين الآخرين؟
* أم أن كل هذا كان يحدث باستمرار في مصر بالفعل و لكننا كنا لا نعلم عنه شيئا قبل ظهور صحيفة مستقلة يومية غير حكومية؟؟؟
بقي أن أبدي أسفي لأننا لا نعرف تقريبا شيئا عن كل هذه الأحداث سوى سطور قليلة من جريدة واحدة. لا توجد وسيلة اعلامية أخرى - على حد علمي و أتمنى أن أكون مخطئا- تهتم بايراد هذه الأخبار التي تستحق في رأيي تغطية أكثر تفصيلية ، و محاولة فهم أكثر عمقا.
أفكر أنه قد يكون من الكوميدي أن يصرخ المعارضون " يا أهالينا ، يا أهالينا! ضموا علينا ، ضموا علينا!" بينما الأهالي "يضمون عليهم" بالفعل دون أن يهتموا أو ينتبهوا...
( منذ ما يزيد عن الشهرين ، تظاهر مدرسون معينون بعقود عمل مؤقتة مطالبين بتعيينهم ، فقال لهم المسؤول أن عليهم الانضمام لحركة كفاية ان أرادوا أن يعترضوا!)
الاهداء : الى أرابيسك
ما سيلي هو عناوين داخلية من جريدة المصري اليوم. اخترت عناوين الأخبار المنشورة خلال شهر سبتمبر 2005 فقط.
بورسعيد : اضراب 70 عاملا ب "انداك" عن الطعام لرفض الادارة صرف علاوة مبارك و الزيادة السنوية المقررة للقطاع الخاص - 5 سبتمبر
اضراب 913 من عمال الغزل و النسيج في سمنود. المسؤولون باعوا المصنع لمستثمر ب 11 مليون جنيه و قيمته 65 مليون جنيه بأسعار 1982 - 6 سبتمبر
مزادات علنية لبيع الأبناء في بورسعيد و مطروح. اسماعيل يعرض بناته الأربع للبيع و يطوف بورسعيد حاملا لوحات احتجاجية مع بناته. مصطفى يعرض الصغر لاستكمال تعليم الكبرى- 12 سبتمبر
تشريد 1000 تلميذ يشعل مظاهرة في طهطا - 14 سبتمبر
تذمر 53 موجها تعليميا في مغاغة - 18 سبتمبر
عبد الرحيم يواصل اضرابه عن الطعام لليوم العاشر ، و يعمل ملاحظا طبيا في مركز الشهداء بالمنوفية احتجاجا على رفض قرار نقله - 20 سبتمبر
الغربية : اعتصام عشرات المزارعين في كفر الزيات. قطعوا الطريق الدائري احتجاجا على نقل نفق قرية الدلجمون - 22 سبتمبر
الاسماعيلية : اضراب عمال ري سيناء في القنطرة شرق. يطالبون بالتعيين بعد 10 سنوات من العقود و الوزارة ترفض - 23 سبتمبر
4400 موظف في منطقة الشرقية الأزهرية يواصلون الاعتصام - 23 سبتمبر
اعتصام مدير مدرسة و 3 مدرسين و التلاميذ في أشمون - 23 سبتمبر
اضراب أسرة في قنا ، و موظف بتليفونات الأقصر عن الطعام - 23 سبتمبر
اضراب دور العرض السينمائي في القاهرة يجمد قرار المحافظ - 25 سبتمبر
أسرة عياد تنهي اضرابها عن الطعام في قنا بعد وعد بازالة أسباب الشكوى - 26 سبتمبر
المنيا : الغليان يجتاح ملوى بسبب اضراب السائقين. توقف 7000 سيارة عن العمل احتجاجا على نقل الموقف - 26 سبتمبر
استمرار اضراب السائقين في ملوى. فشل القيادات الامنية و المجالس المحلية في حل المشكلة - 27 سبتمبر
أطباء مستشفى الزقازيق العام يواصلون اضرابهم عن الطعام - 29 سبتمبر
18 مدرسا أزهريا ينهون اضرابهم عن الطعام في مطروح - 30 سبتمبر
مع كل هذا العدد الكبير من أعمال الاحتجاج السلمي ، و الذي لا يكاد يمر يوم أطالع فيه الصفحة الثانية من المصري اليوم الا و أجد أحدها ، أجد نفسي مدفوعا للتفكير...
* هل السبب هو حالة الحراك السياسي الحادثة في مصر الآن ؟ هل هذه هي نتيجة ما فكرت أنه فتح باب التظاهر ((أعادت مظاهرات المعارضة خلال الشهور الستة الأخيرة انتزاع حق التظاهر من جديد ، بعد أن تم لسنوات حصر التظاهر و الاحتجاج داخل أسوار الجامعة أو في باحة الجامع الازهر بعد صلاة الجمعة ، و حصره بالتضامن مع قضايا فلسطين و العراق دون أن يعبر الى القضايا الداخلية. بغض النظر عن مطالب و تظاهرات المعارضة المصرية ، فان هذه المساحة التي تم اكتسابها سوف تسمح لأشخاص آخرين باستغلالها لايصال أصواتهم الاحتجاجية على قضايا تهمهم )) ؟ هل نرى النتيجة بهذه السرعة؟ هل شجعت جرأة حركة المعارضة الجديدة و التظاهرات و الجو الانتخابي أفرادا غير مسيسين على أن يرفعوا أصواتهم عندما يتعرضون لضرر مباشر ما داموا يرون من يتظاهر ضد الرئيس ، فلا ضرر أن يتظاهروا ضد من هو أدنى من الرئيس ؟
* أم أن السيل بلغ الزبى كما يقولون؟ تدنى مستوى الخدمات المقدمة من الدولة و مستوى معيشة قطاع عريض من الشعب لدرجة كبيرة فكان دافعا للاحتجاج؟
* و لكن ما سر استخدامهم لهذه الوسائل الاحتجاجية و احساسهم بقوتهم المجتمعة؟ لعمال المصانع تاريخ قديم في الأعمال الاحتجاجية قد يكون تسرب الى العمال الجدد ، و لكن ما الذي يدفع رب أسرة عادية أو معلما أو موظفا الى الاحتجاج بهذه الطريقة؟ ما الذي يدفعه الى الخروج عن صمته المميز لملايين المتضررين المصريين الآخرين؟
* أم أن كل هذا كان يحدث باستمرار في مصر بالفعل و لكننا كنا لا نعلم عنه شيئا قبل ظهور صحيفة مستقلة يومية غير حكومية؟؟؟
بقي أن أبدي أسفي لأننا لا نعرف تقريبا شيئا عن كل هذه الأحداث سوى سطور قليلة من جريدة واحدة. لا توجد وسيلة اعلامية أخرى - على حد علمي و أتمنى أن أكون مخطئا- تهتم بايراد هذه الأخبار التي تستحق في رأيي تغطية أكثر تفصيلية ، و محاولة فهم أكثر عمقا.
أفكر أنه قد يكون من الكوميدي أن يصرخ المعارضون " يا أهالينا ، يا أهالينا! ضموا علينا ، ضموا علينا!" بينما الأهالي "يضمون عليهم" بالفعل دون أن يهتموا أو ينتبهوا...
( منذ ما يزيد عن الشهرين ، تظاهر مدرسون معينون بعقود عمل مؤقتة مطالبين بتعيينهم ، فقال لهم المسؤول أن عليهم الانضمام لحركة كفاية ان أرادوا أن يعترضوا!)
الاهداء : الى أرابيسك
الخميس، سبتمبر ٢٩، ٢٠٠٥
باطل!
صباح الثلاثاء 27 سبتمبر . "الرئيس المنتخب" يحلف اليمين أمام مجلس الشعب :"أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا علي النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ علي استقلال الوطن، وسلامة أراضيه"
ها!
نواب المعارضة لا يقفون عند دخول الرئيس ولا يصفقون بعد نهاية خطابه. نواب الاخوان يقفون و يصفقون.
أغ!
يدعو للوحدة و يعد بالاصلاح و الديموقراطية. يقول في حواره المنشور بروزا اليومية أنه لن يغير المادة 76 من جديد و أن مسيرة الاصلاح مستمرة.
لا جديد..
مساء الثلاثاء. أصل الى ميدان طلعت حرب مبكراً. الباشوات اللواءات و الرتب الأخرى من الشرطة في ملابسهم البيضاء يجلسون على كراسي على الرصيف. بعض المخبرين و بوكس. أقرر أن أدخل جروبي حتى يحين موعد المظاهرة. أتذكر النقاش الحاد الذي دار حول عمال الاسبستوس و مقاطعة جروبي و الهجوم على المرفهين الأوغاد مرتادي جروبي. أفكر :" أن أدخله مرة واحدة لا يجعلني من معسكر الأشرار !". في المدخل ضابط أمن مركزي بملابسه السوداء و حوله جنوده يجلسون. أدخل أكثر. أجلس و أتطلع حولي. أتنبه لأربعة رجال يضعون لاسلكي أمامهم على الطاولة. أفكر: "أمن دولة". شيئا فشيئا أكتشف أن مجموعات الرجال مرتدي الملابس المدنية جامدي الملامح باردي النظرات تملأ المكان كله. المواطنون العاديون هم الأقلية. ضباط يدخلون و يخرجون من دورة المياه. جنود يدخلون للحصول على مياه. أشعر أنني أجلس في قسم شرطة. أطلب عصيرا و أشربه و أنا أشعر بالغثيان. أقوم عند الساعة السادسة.أعبر للجانب الآخر. بداية تجمع المظاهرة. بداية التجمع أكبر من المظاهرات التقليدية ذات الكردون و الأمن المركزي.
لم أحضر مظاهرتي 7 سبتمبر ( الانتخابات) و 9 سبتمبر ( اعلان النتيجة) و هما المظاهرتان اللتان اختفى فيهما ألوف الأمن المركزي بعرباتهم و حصارهم و حواجزهم الحديدية و تحولت المظاهرة الى مسيرة طافت وسط البلد و قفز فيهما العدد من عشرات و مئات الى ألوف.
مئات يتجمعون في طلعت حرب. بداية التجمع أكبر من أي من مظاهرات ما قبل الانتخابات التقليدية. لافتات عديدة. أعلام صغيرة تحمل كلمة باطل. بالونات صفراء. ملصقات على الأيدي و الرؤوس و الملابس. لافتات بلاستيكية. لافتات ورقية. لافتات قماشية. يبدأ الهتاف. هتافات كفاية المعتادة و ان كان التركيز على : باطل!
يذكرون للمرة الأولى أحمد عز و محمد كمال ، رجلا الحرس الجديد في الحزب الحاكم.
خلوه يحلف مية يمين
مش هيكمل ست سنين!
يحلفون اليمين الخاص بهم : " نقسم بالله العظيم ألا نورث أو نستعبد بعد اليوم، وأن نحافظ على استقلال القرار الوطني ، وأن لا تنهب ثروة مصر ، و أن نظل مدافعين عن الحرية والكرامة الوطنية وعدم الركوع أمام الولايات المتحدة، وعدم التطبيع مع الصهاينة، والله على ما نقول شهيد"
يعلن كمال خليل عن خط سير المظاهرة و عن حصر الهتاف أثناء المسيرة بهتافي باطل و كفاية.
البعض يرفع العدد الأول من جريدة الكرامة الذي يحمل مانشيت : " نقسم بالله العظيم لن يرثنا جمال مبارك"
دوم دوم دوم!
وصلت الطبلة! فكرة عمرو غربية و تنفيذ شباب من أجل التغيير.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
دوم دوم دوم دوم! حسني!
دوم دوم دوم دوم! باطل!
تبدأ المسيرة في شارع قصر النيل. يمتلأ الشارع بالمتظاهرين. أقدرهم بما يزيد عن الألفين. جو من الفرح و الحماس. تصفيق و هتاف و قرع على الطبل. العديد من الشباب يستخدمون صفارات للتصفير مع كل قرعة طبل. و البعض يضع أصابعه في فمه و يصفر و هو يتمايل و يتقافز. الطبل و التصفير ينظمان الهتاف. لا أصدق الأجواء الاحتفالية بعد أن تعودت على كآبة الكردونات و العصر. أشعر بالانتشاء. أصفق و أهتف و أقفز و أضرب الأرض بقدمي مع نغمة الطبول. أشير بابهامي للأسفل ، ألوح بقبضتي ، أصنع علامة النصر.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
لا ضرورة هنا لذكر الكلمة المملة التي اعتدت ذكرها عند وصفي المظاهرات السابقة : " وجوه المظاهرات التقليدية". أغلب الوجوه جديدة. شباب أصغر من عشرين عاما. فتيان و فتيات. أمهات في منتصف العمر. رجال مسنون. سيدات مسنة. رجال في منتصف العمر. البعض يرتدي الملابس البلدية. منقبات. محجبات. سافرات. عائلات كاملة. أب يصطحب أطفاله. أم و ابنتها. أشقاء. شقيقات. أرغب في احتضانهم جميعا .
دوم دوم دوم دوم! باطل!
أفرح عندما أرى أن المكون الرئسي للمظاهرة هم الشباب و الشابات الذين أراهم للمرة الأولى. مئات من الفتيان و الفتيات كالورد. متحمسون للغاية. فتاة محجبة تطارد متظاهرا يحمل لافتة مطوية لكي تحملها . فتى لا يمكن أن يكون أكبر من 17 عاما يقود الهتاف حتى ينبح صوته. صديقتان شابتان تمشيان سويا ، تجرب احداهما أن تهتِّف ، فتقول بصوت منخفض : يسقط يسقط حسني مبارك . أحرص على أن أردد خلفها مبتسما لها في تشجيع.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
وجهي يحمل ابتسامة بلهاء ، كلما قابلت شخصا أعرفه أسأله : " جم منين كل دول! جم منين!"
يقول لي من حضروا مظاهرتي 7 و 9 سبتمبر أن هذه المظاهرة أصغر منهما حيث وصل العدد فيهما الى ما يقارب الخمسة آلاف. أرد : "اخرس! دي أحسن مظاهرة شفتها في حياتي!"
دوم دوم دوم دوم! باطل!
يا دي الزفت و يا دي الطين! لسة هيحكم ست سنين!
من شارع قصر النيل الى ميدان مصطفى كامل. توقف جديد لاعادة حلف اليمين و اعلان المطالب. المظاهرة تنقسم لمظاهرتين تقريبا نصف يمشي سريعا في المقدمة و نصف متباطئ في الخلف. يبدأ كل قسم في ترديد الهتافات.
ياللعار! ياللعار! مصر بيحكمها السمسار!
رجل يلبس فرخ ورق كامل يلف به جسمه و عدَّد عليه سلطات رئيس الجمهورية المطلقة. رجل آخر يلف رأسه و جسمه ببطاقات ابداء الرأي في الانتخابات الرئاسية محاطة بكلمة باطل. صورة كبيرة للرئيس تتوقف المظاهرة و يشير المتظاهرون باتجاهها و :
الحرامي أهو! الحرامي أهو! الحرامي أهو!
شارع عماد الدين. المحلات بعضها مغلق. الأرصفة مليئة بالمشاهدين طوال سير المظاهرة. يشاهدون في اهتمام. أسمع شابا يقول لفتاته : " اوعي يعتقلونا يا منى" خائفا من وقوفه للفرجة على المظاهرة. شاب يقول للمتظاهرين : " يعني مستنيينه لحد ما حلف اليمين؟ " فيجذبه أصدقاؤه و يعنفونه لكلامه مع المتظاهرين. شباب من أجل التغيير يمدون حبلا لتطويق المظاهرة محاولين فتح حارة لمرور السيارات. طوال المظاهرة يسير خلف المظاهرة و بجانبها الباشوات لواءات الشرطة و رجال أمن الدولة.
لن يحكمنا ابن سوزان!
لن يحكمنا حسني مبارك!
لن يحكمنا البيت الأبيض!
شارع 26 يوليو و طلعت حرب من جديد ، يستمر الهتاف و يواجه حاملو اللافتات المواطنين الواقفين للفرجة. يوزعون البيانات و يلقون داخل شبابيك السيارات بالملصقات. صوتي انبحًّ تماما. يداي تحمران و لا أشعر بهما مع كل التصفيق الذي صفقته. تؤلمني أذناي و رقبتي و أشعر أن رأسي و بطني ستنفجران كلما هتفت من جديد. راكبو الأوتوبيسات يحيون المتظاهرين.
كفاية!
و احنا مش بنبيع في مصر!
يسقط يسقط حسني مبارك
شارع عبد الخالق ثروت. تمشي المظاهرة عكس سير المرور للمرة الأولى. يمشي المتظاهرون فرادى وسط السيارات. سيدة في سيارة ترفع سبابتها لأعلى و تحيي المتظاهرين في سعادة.
عند نادي القضاة يصرخ متظاهر "مش عايزينكم يا قضاة!" يجذبه المحيطون به و يهتفون للقضاة : " احنا معاكم يا قضاة" فيهتف في غضب : " بتهتفولهم ليه ؟ بتهتفولهم ليه بعد ما أشرفوا على التزوير؟". نقابة الصحفيين. من وصل أولا وقف على السلالم. السلالم تفيض بالمتظاهرين. لا مكان على السلالم ، فيملؤ بقيتهم شارع عبد الخالق ثروت حول النقابة. " مش ممكن! جم منين كل دول؟ و كلهم شباب! شباب عاديين جدا!"
أقول لمصطفى في سعادة : " احنا كتير قوي!" و بصوت مبحوح أغني : "الشارع لنا ، لنا لوحدنا"
بيان و اعلان مطالب ، يستمر الهتاف و قرع الطبول قليلا. يبدأ العدد في التناقص. اعلان عن اجتماع تأسيسي لاتحاد العاطلين المصريين في طنطا. و عن وقفة احتجاجية لجماعة 5 سبتمبر.
انسوا التحليل السابق القديم. في شهر واحد أصبح تاريخا.
و.. باطل و نص!
( الأغنية من اعداد محمود توفيق)
ها!
نواب المعارضة لا يقفون عند دخول الرئيس ولا يصفقون بعد نهاية خطابه. نواب الاخوان يقفون و يصفقون.
أغ!
يدعو للوحدة و يعد بالاصلاح و الديموقراطية. يقول في حواره المنشور بروزا اليومية أنه لن يغير المادة 76 من جديد و أن مسيرة الاصلاح مستمرة.
لا جديد..
مساء الثلاثاء. أصل الى ميدان طلعت حرب مبكراً. الباشوات اللواءات و الرتب الأخرى من الشرطة في ملابسهم البيضاء يجلسون على كراسي على الرصيف. بعض المخبرين و بوكس. أقرر أن أدخل جروبي حتى يحين موعد المظاهرة. أتذكر النقاش الحاد الذي دار حول عمال الاسبستوس و مقاطعة جروبي و الهجوم على المرفهين الأوغاد مرتادي جروبي. أفكر :" أن أدخله مرة واحدة لا يجعلني من معسكر الأشرار !". في المدخل ضابط أمن مركزي بملابسه السوداء و حوله جنوده يجلسون. أدخل أكثر. أجلس و أتطلع حولي. أتنبه لأربعة رجال يضعون لاسلكي أمامهم على الطاولة. أفكر: "أمن دولة". شيئا فشيئا أكتشف أن مجموعات الرجال مرتدي الملابس المدنية جامدي الملامح باردي النظرات تملأ المكان كله. المواطنون العاديون هم الأقلية. ضباط يدخلون و يخرجون من دورة المياه. جنود يدخلون للحصول على مياه. أشعر أنني أجلس في قسم شرطة. أطلب عصيرا و أشربه و أنا أشعر بالغثيان. أقوم عند الساعة السادسة.أعبر للجانب الآخر. بداية تجمع المظاهرة. بداية التجمع أكبر من المظاهرات التقليدية ذات الكردون و الأمن المركزي.
لم أحضر مظاهرتي 7 سبتمبر ( الانتخابات) و 9 سبتمبر ( اعلان النتيجة) و هما المظاهرتان اللتان اختفى فيهما ألوف الأمن المركزي بعرباتهم و حصارهم و حواجزهم الحديدية و تحولت المظاهرة الى مسيرة طافت وسط البلد و قفز فيهما العدد من عشرات و مئات الى ألوف.
مئات يتجمعون في طلعت حرب. بداية التجمع أكبر من أي من مظاهرات ما قبل الانتخابات التقليدية. لافتات عديدة. أعلام صغيرة تحمل كلمة باطل. بالونات صفراء. ملصقات على الأيدي و الرؤوس و الملابس. لافتات بلاستيكية. لافتات ورقية. لافتات قماشية. يبدأ الهتاف. هتافات كفاية المعتادة و ان كان التركيز على : باطل!
يذكرون للمرة الأولى أحمد عز و محمد كمال ، رجلا الحرس الجديد في الحزب الحاكم.
خلوه يحلف مية يمين
مش هيكمل ست سنين!
يحلفون اليمين الخاص بهم : " نقسم بالله العظيم ألا نورث أو نستعبد بعد اليوم، وأن نحافظ على استقلال القرار الوطني ، وأن لا تنهب ثروة مصر ، و أن نظل مدافعين عن الحرية والكرامة الوطنية وعدم الركوع أمام الولايات المتحدة، وعدم التطبيع مع الصهاينة، والله على ما نقول شهيد"
يعلن كمال خليل عن خط سير المظاهرة و عن حصر الهتاف أثناء المسيرة بهتافي باطل و كفاية.
البعض يرفع العدد الأول من جريدة الكرامة الذي يحمل مانشيت : " نقسم بالله العظيم لن يرثنا جمال مبارك"
دوم دوم دوم!
وصلت الطبلة! فكرة عمرو غربية و تنفيذ شباب من أجل التغيير.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
دوم دوم دوم دوم! حسني!
دوم دوم دوم دوم! باطل!
تبدأ المسيرة في شارع قصر النيل. يمتلأ الشارع بالمتظاهرين. أقدرهم بما يزيد عن الألفين. جو من الفرح و الحماس. تصفيق و هتاف و قرع على الطبل. العديد من الشباب يستخدمون صفارات للتصفير مع كل قرعة طبل. و البعض يضع أصابعه في فمه و يصفر و هو يتمايل و يتقافز. الطبل و التصفير ينظمان الهتاف. لا أصدق الأجواء الاحتفالية بعد أن تعودت على كآبة الكردونات و العصر. أشعر بالانتشاء. أصفق و أهتف و أقفز و أضرب الأرض بقدمي مع نغمة الطبول. أشير بابهامي للأسفل ، ألوح بقبضتي ، أصنع علامة النصر.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
لا ضرورة هنا لذكر الكلمة المملة التي اعتدت ذكرها عند وصفي المظاهرات السابقة : " وجوه المظاهرات التقليدية". أغلب الوجوه جديدة. شباب أصغر من عشرين عاما. فتيان و فتيات. أمهات في منتصف العمر. رجال مسنون. سيدات مسنة. رجال في منتصف العمر. البعض يرتدي الملابس البلدية. منقبات. محجبات. سافرات. عائلات كاملة. أب يصطحب أطفاله. أم و ابنتها. أشقاء. شقيقات. أرغب في احتضانهم جميعا .
دوم دوم دوم دوم! باطل!
أفرح عندما أرى أن المكون الرئسي للمظاهرة هم الشباب و الشابات الذين أراهم للمرة الأولى. مئات من الفتيان و الفتيات كالورد. متحمسون للغاية. فتاة محجبة تطارد متظاهرا يحمل لافتة مطوية لكي تحملها . فتى لا يمكن أن يكون أكبر من 17 عاما يقود الهتاف حتى ينبح صوته. صديقتان شابتان تمشيان سويا ، تجرب احداهما أن تهتِّف ، فتقول بصوت منخفض : يسقط يسقط حسني مبارك . أحرص على أن أردد خلفها مبتسما لها في تشجيع.
دوم دوم دوم دوم! باطل!
وجهي يحمل ابتسامة بلهاء ، كلما قابلت شخصا أعرفه أسأله : " جم منين كل دول! جم منين!"
يقول لي من حضروا مظاهرتي 7 و 9 سبتمبر أن هذه المظاهرة أصغر منهما حيث وصل العدد فيهما الى ما يقارب الخمسة آلاف. أرد : "اخرس! دي أحسن مظاهرة شفتها في حياتي!"
دوم دوم دوم دوم! باطل!
يا دي الزفت و يا دي الطين! لسة هيحكم ست سنين!
من شارع قصر النيل الى ميدان مصطفى كامل. توقف جديد لاعادة حلف اليمين و اعلان المطالب. المظاهرة تنقسم لمظاهرتين تقريبا نصف يمشي سريعا في المقدمة و نصف متباطئ في الخلف. يبدأ كل قسم في ترديد الهتافات.
ياللعار! ياللعار! مصر بيحكمها السمسار!
رجل يلبس فرخ ورق كامل يلف به جسمه و عدَّد عليه سلطات رئيس الجمهورية المطلقة. رجل آخر يلف رأسه و جسمه ببطاقات ابداء الرأي في الانتخابات الرئاسية محاطة بكلمة باطل. صورة كبيرة للرئيس تتوقف المظاهرة و يشير المتظاهرون باتجاهها و :
الحرامي أهو! الحرامي أهو! الحرامي أهو!
شارع عماد الدين. المحلات بعضها مغلق. الأرصفة مليئة بالمشاهدين طوال سير المظاهرة. يشاهدون في اهتمام. أسمع شابا يقول لفتاته : " اوعي يعتقلونا يا منى" خائفا من وقوفه للفرجة على المظاهرة. شاب يقول للمتظاهرين : " يعني مستنيينه لحد ما حلف اليمين؟ " فيجذبه أصدقاؤه و يعنفونه لكلامه مع المتظاهرين. شباب من أجل التغيير يمدون حبلا لتطويق المظاهرة محاولين فتح حارة لمرور السيارات. طوال المظاهرة يسير خلف المظاهرة و بجانبها الباشوات لواءات الشرطة و رجال أمن الدولة.
لن يحكمنا ابن سوزان!
لن يحكمنا حسني مبارك!
لن يحكمنا البيت الأبيض!
شارع 26 يوليو و طلعت حرب من جديد ، يستمر الهتاف و يواجه حاملو اللافتات المواطنين الواقفين للفرجة. يوزعون البيانات و يلقون داخل شبابيك السيارات بالملصقات. صوتي انبحًّ تماما. يداي تحمران و لا أشعر بهما مع كل التصفيق الذي صفقته. تؤلمني أذناي و رقبتي و أشعر أن رأسي و بطني ستنفجران كلما هتفت من جديد. راكبو الأوتوبيسات يحيون المتظاهرين.
كفاية!
و احنا مش بنبيع في مصر!
يسقط يسقط حسني مبارك
شارع عبد الخالق ثروت. تمشي المظاهرة عكس سير المرور للمرة الأولى. يمشي المتظاهرون فرادى وسط السيارات. سيدة في سيارة ترفع سبابتها لأعلى و تحيي المتظاهرين في سعادة.
عند نادي القضاة يصرخ متظاهر "مش عايزينكم يا قضاة!" يجذبه المحيطون به و يهتفون للقضاة : " احنا معاكم يا قضاة" فيهتف في غضب : " بتهتفولهم ليه ؟ بتهتفولهم ليه بعد ما أشرفوا على التزوير؟". نقابة الصحفيين. من وصل أولا وقف على السلالم. السلالم تفيض بالمتظاهرين. لا مكان على السلالم ، فيملؤ بقيتهم شارع عبد الخالق ثروت حول النقابة. " مش ممكن! جم منين كل دول؟ و كلهم شباب! شباب عاديين جدا!"
أقول لمصطفى في سعادة : " احنا كتير قوي!" و بصوت مبحوح أغني : "الشارع لنا ، لنا لوحدنا"
بيان و اعلان مطالب ، يستمر الهتاف و قرع الطبول قليلا. يبدأ العدد في التناقص. اعلان عن اجتماع تأسيسي لاتحاد العاطلين المصريين في طنطا. و عن وقفة احتجاجية لجماعة 5 سبتمبر.
انسوا التحليل السابق القديم. في شهر واحد أصبح تاريخا.
و.. باطل و نص!
( الأغنية من اعداد محمود توفيق)
15 ثانية من الشهرة
في لقائه مع محمد كريشان على الجزيرة مساء 7 سبتمبر ، تحدث هيكل عن شيئ يكتبه الشباب اسمه بلوجز ، مشددا على اعجابه بكتابات بهية.
في الجمعة 23 سبتمبر تلقيت اتصالا تليفونيا من معد برنامج كواليس بقناة الجزيرة يطلب مشاركتي فيه. قررت أن أرفض ، محدثا اياه عن أنني لا أرى فائدة من التنظير عن التدوين و الحديث عن "أهمية المدونات" و "مستقبل المدونات" و "تأثيرها في الشارع" و " الرقابة على المدونات" لأنني لا أرى أنني أفضل من يتحدث عن هذه المواضيع ، فضلا عن أنني تحدثت عنها من قبل في لقاء اذاعي مع الدويتش فيله و في عدد من المحاورات المكررة مع الصحفيين عبر البريد الالكتروني ، أصبحت من فرط تكرار أسئلتهم أرد عليها بالقص و اللصق من اجاباتي القديمة. السبب الأهم كان عدم تأكدي من رغبتي في الظهور على شاشة قناة الجزيرة و تعريف جمهور أكبر بما لا يقارن من المئات الذين يزورون المدونة بي. و لكنه بصورة ما أقنعني. دقائق معدودة و فنَّد كل ما قلته و أقنعني برأيه. قلت له : موافق. الموعد : الأحد في مكتب القناة بالقاهرة. ثم جاء السؤال المتوقع : " تعرف مين هي بهية؟" . لا . أجبته مبتسما .كنت قد بدأت في الشعور بالقلق لأن الرجل خرق قاعدة
وجوب سؤال الاعلاميين عن هوية بهية عند حديثهم مع أي مدون!
سيظهر مينا - أفريكانو - معي في الحلقة. أعرف خلال يوم السبت المزيد من المعلومات. سأقرأ فقرة قصيرة من إحدى تدويناتي ، و اجابة عن بعض الأسئلة. كل الموضوع لن يتجاوز دقيقتين أو ثلاث. يقول المعد أنه يريد أيضا مشاركة مدونة لبنانية - ايف - و مدونا بحرينيا - محمود اليوسف. لم أعرف إن كانوا قد شاركوا أم لا.
ننشغل أنا و مينا بالتفكير في تأثير هذا الظهور ، و نفكر في أي التدوينات نختار. أتخابث و أقترح عليه تدوينة الأوضاع . و أقترح لنفسي تدوينة الزمار. نضحك.
أتذكر تعبير لون وولف : "قرد بصديري" . يقول مينا " الضيوف الرئيسيون سيظهرون ليتحدثوا عن المدونين و يقولوا مثلا : ( المدون يمكنه التصفيق) ، فتظهر أنت في بيئتك الطبيعية تصفق لاثبات النظرية".
نصل أنا و مينا إلى مكتب الجزيرة في الموعد. شقة متسعة. يلفت نظري صورة لطارق أيوب. سيتم التصوير على مكتب أحد العاملين بالمكتب و باستخدام جهاز الكمبيوتر الخاص به. أجلس خلف المكتب. يبدأ المصور في التصوير بينما يقوم شخص آخر بتوجيهي. " ابدأ اكتب و اشتغل "
أفتح صفحة بلوجر و أفكر سريعا في شيئ أكتبه و أبدأ في الكتابة. أتوقف بعد دقيقة للتفكير.
"وقفت ليه؟"
"لأ مفيش ، بفكر في اللي بكتبه"
" لا لا ، اكتب أي حاجة"
أحضر عامل فنجان قهوة. " اشرب بقى و خللي يبان انك بتفكر تفكير عميق"
أمسك بفنجان القهوة و أشرب. ساخن للغاية و يلسع طرف لساني. لا أحب البن المحوج! أحاول أن أشرب بطريقة تدل على التفكير.
أواصل النقر على لوحة المفاتيح و كتابة أي شيئ.
يعرضون أن أشرب سيجارة . أرفض في البداية ثم أوافق.
" انفخ بقى و طلع دخان كتير عشان يبان انك بتفكر"
لا شيئ أسهل من اخراج الدخان. أحاول أن أتخذ وضعا تفكيريا فيدخل الدخان الى عيني اليسرى. تتحسس عيني اليسرى و تبدأ الدموع في السيلان منها. أضع يدي على خدي الأيمن لاحجب عيني الدامعة عن الكاميرا. وضع تفكيري لا بأس به.
يحضرون كتابا و " اعمل نفسك بتقرا ، بس متفرش الصفحات بسرعة"
كتاب عن علم الإحصاء. أبدأ في القراءة. كا تربيع. الطلاب في المجموعة الأولى. معدل. متغير.
يأتي وقت تصوير المدونة. " اطلع و انزل بالصفحة. هات صفحة فيها ألوان"
ثم الإجابة عن الأسئلة .كيف بدأت التدوين.. المدونات و الاعلام التقليدي. حرية الانترنت في العالم العربي.
يحل الدور على مينا فيقومون بتصويره. لم يقوموا بتصويره في أوضاع القهوة / السيجارة / الكتاب. يقومون عوضا عن ذلك بتصويره و هو ينظر من شباك مطل على القاهرة. " اتني رجلك . بص هنا. بص بجنب. اقلع النضارة". لا بأس. حصل مينا على أوضاعه.
عند الباب يصافحنا الرجل بلطف " شكرا يا شباب" يفتح الباب. نخرج. يغلق الباب. أتبادل و مينا النظرات و ننفجر في الضحك.
" مفيش فلوس! بعد كل الأوضاع اللي عملناها دي!"
برنامج كواليس يذاع اليوم الخميس 29 سبتمبر في الرابعة و النصف يتوقيت جرينتش. لست متأكدا مما اذا كانت ستذاع حلقة المدونات اليوم أم لا ، لأن موقع الجزيرة يحمل اعلانا أن حلقة كواليس مخصصة اليوم لقضية تيسير علوني.
في الجمعة 23 سبتمبر تلقيت اتصالا تليفونيا من معد برنامج كواليس بقناة الجزيرة يطلب مشاركتي فيه. قررت أن أرفض ، محدثا اياه عن أنني لا أرى فائدة من التنظير عن التدوين و الحديث عن "أهمية المدونات" و "مستقبل المدونات" و "تأثيرها في الشارع" و " الرقابة على المدونات" لأنني لا أرى أنني أفضل من يتحدث عن هذه المواضيع ، فضلا عن أنني تحدثت عنها من قبل في لقاء اذاعي مع الدويتش فيله و في عدد من المحاورات المكررة مع الصحفيين عبر البريد الالكتروني ، أصبحت من فرط تكرار أسئلتهم أرد عليها بالقص و اللصق من اجاباتي القديمة. السبب الأهم كان عدم تأكدي من رغبتي في الظهور على شاشة قناة الجزيرة و تعريف جمهور أكبر بما لا يقارن من المئات الذين يزورون المدونة بي. و لكنه بصورة ما أقنعني. دقائق معدودة و فنَّد كل ما قلته و أقنعني برأيه. قلت له : موافق. الموعد : الأحد في مكتب القناة بالقاهرة. ثم جاء السؤال المتوقع : " تعرف مين هي بهية؟" . لا . أجبته مبتسما .كنت قد بدأت في الشعور بالقلق لأن الرجل خرق قاعدة
وجوب سؤال الاعلاميين عن هوية بهية عند حديثهم مع أي مدون!
سيظهر مينا - أفريكانو - معي في الحلقة. أعرف خلال يوم السبت المزيد من المعلومات. سأقرأ فقرة قصيرة من إحدى تدويناتي ، و اجابة عن بعض الأسئلة. كل الموضوع لن يتجاوز دقيقتين أو ثلاث. يقول المعد أنه يريد أيضا مشاركة مدونة لبنانية - ايف - و مدونا بحرينيا - محمود اليوسف. لم أعرف إن كانوا قد شاركوا أم لا.
ننشغل أنا و مينا بالتفكير في تأثير هذا الظهور ، و نفكر في أي التدوينات نختار. أتخابث و أقترح عليه تدوينة الأوضاع . و أقترح لنفسي تدوينة الزمار. نضحك.
أتذكر تعبير لون وولف : "قرد بصديري" . يقول مينا " الضيوف الرئيسيون سيظهرون ليتحدثوا عن المدونين و يقولوا مثلا : ( المدون يمكنه التصفيق) ، فتظهر أنت في بيئتك الطبيعية تصفق لاثبات النظرية".
نصل أنا و مينا إلى مكتب الجزيرة في الموعد. شقة متسعة. يلفت نظري صورة لطارق أيوب. سيتم التصوير على مكتب أحد العاملين بالمكتب و باستخدام جهاز الكمبيوتر الخاص به. أجلس خلف المكتب. يبدأ المصور في التصوير بينما يقوم شخص آخر بتوجيهي. " ابدأ اكتب و اشتغل "
أفتح صفحة بلوجر و أفكر سريعا في شيئ أكتبه و أبدأ في الكتابة. أتوقف بعد دقيقة للتفكير.
"وقفت ليه؟"
"لأ مفيش ، بفكر في اللي بكتبه"
" لا لا ، اكتب أي حاجة"
أحضر عامل فنجان قهوة. " اشرب بقى و خللي يبان انك بتفكر تفكير عميق"
أمسك بفنجان القهوة و أشرب. ساخن للغاية و يلسع طرف لساني. لا أحب البن المحوج! أحاول أن أشرب بطريقة تدل على التفكير.
أواصل النقر على لوحة المفاتيح و كتابة أي شيئ.
يعرضون أن أشرب سيجارة . أرفض في البداية ثم أوافق.
" انفخ بقى و طلع دخان كتير عشان يبان انك بتفكر"
لا شيئ أسهل من اخراج الدخان. أحاول أن أتخذ وضعا تفكيريا فيدخل الدخان الى عيني اليسرى. تتحسس عيني اليسرى و تبدأ الدموع في السيلان منها. أضع يدي على خدي الأيمن لاحجب عيني الدامعة عن الكاميرا. وضع تفكيري لا بأس به.
يحضرون كتابا و " اعمل نفسك بتقرا ، بس متفرش الصفحات بسرعة"
كتاب عن علم الإحصاء. أبدأ في القراءة. كا تربيع. الطلاب في المجموعة الأولى. معدل. متغير.
يأتي وقت تصوير المدونة. " اطلع و انزل بالصفحة. هات صفحة فيها ألوان"
ثم الإجابة عن الأسئلة .كيف بدأت التدوين.. المدونات و الاعلام التقليدي. حرية الانترنت في العالم العربي.
يحل الدور على مينا فيقومون بتصويره. لم يقوموا بتصويره في أوضاع القهوة / السيجارة / الكتاب. يقومون عوضا عن ذلك بتصويره و هو ينظر من شباك مطل على القاهرة. " اتني رجلك . بص هنا. بص بجنب. اقلع النضارة". لا بأس. حصل مينا على أوضاعه.
عند الباب يصافحنا الرجل بلطف " شكرا يا شباب" يفتح الباب. نخرج. يغلق الباب. أتبادل و مينا النظرات و ننفجر في الضحك.
" مفيش فلوس! بعد كل الأوضاع اللي عملناها دي!"
برنامج كواليس يذاع اليوم الخميس 29 سبتمبر في الرابعة و النصف يتوقيت جرينتش. لست متأكدا مما اذا كانت ستذاع حلقة المدونات اليوم أم لا ، لأن موقع الجزيرة يحمل اعلانا أن حلقة كواليس مخصصة اليوم لقضية تيسير علوني.
الثلاثاء، سبتمبر ٢٧، ٢٠٠٥
ملاحظات على هامش مشهد المظاهرات المصرية
هذا مقال قديم كتبته منذ ما يزيد على الشهر ، كان من المفترض أن ينشر في مكان آخر ، و لم ينشر ، ثم في مكان آخر ، و لكنه كان سيئ الحظ ، فقررت أن أضعه هنا حتى بعد أن تجاوزته الأحداث.
النخبوية
المكون الأساسي لجمهور المظاهرات الحالية هم المثقفون و النشطاء السياسيون ، مع غياب قد يكون كاملا للمواطنين العاديين . يعود هذا - في اعتقادي- نتيجة بدء حركة الاحتجاج الحالية كحركة مثقفين بالصورة الاولى وقعوا على بيانهم المطالب بالاصلاح ، فضلا عن معاناة حركات المعارضة من مشاكل حقيقية في التواصل مع الجمهور ، و تراث الجمود السياسي و سنين من "المشي جنب الحيط" و اليأس و الخوف - خاصة مع جرأة مطالب الحركات المعارضة- حيث أنه على الرغم من سماح الأمن بالتظاهر فانه يحرص على التواجد بكثافة قد تبلغ عشرات أضعاف المتظاهرين جاعلا الدخول الى المظاهرة المحاصرة أمرا مخيفا للمواطن العادي. في بعض الاحيان يشارك بعض المواطنين العاديين الذين وصلوا درجة الانفجار نتيجة تعرضهم و بصورة شخصية لظلم فادح تجعلهم لا يهتمون بالعواقب التي يحفظها المصريون عن التعاطي مع السياسة ، كأم فقدت ابنها أو زوجة فقدت زوجها. يرحب المتظاهرون بهؤلاء الأشخاص و يحرصون على ابرازهم للاعلام كوجه شعبي للحركة.
عمل مجموعة من النشطاء المستقلين و الحملة الشعبية من أجل التغيير و شباب من اجل التغيير و حزب العمل الى القيام بمظاهرة أسبوعية في أحياء شعبية ( السيدة زينب ، شبرا ، الزيتون ، امبابة) للتواصل مع جمهور مختلف. و هي خطوة أولى - بغض النظر عن مدى نجاحها في استقطاب جماهير تلك الأحياء و دفعها للمشاركة- في الخطو نحو الجانب الشعبي الذي يكاد يكون غائبا في بقية المظاهرات.
موزاييك
تنطبع المظاهرات المصرية الحالية بطابع تعددي واضح ، متأثرة بالتنوع الذي ميز الاعلان الاول للحركة المصرية من أجل التغيير(كفاية) الذي حمل توقيع مثقفين و شخصيات عامة من مختلف الاتجاهات ، و أصبح بعده الطابع التجميعي هو رمز المرحلة : تحالف أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة ( الناصري ، التجمع اليساري ، الوفد الليبرالي ) ، التحالف الوطني من اجل الاصلاح ( الاسلاميون و بعض الشخصيات العامة المسيحية و الاشتراكيون الثوريون). و بالتالي جاءت المظاهرات الحالية تحمل شكل الموزاييك : اللون البرتقالي المميز لحزب الغد الليبرالي ، و بجانبه الأحمر المرفوع على علم يحمل صورة جيفارا و منجلا و مطرقة ، و بجوارهما شعارات اسلامية يرفعها اسلاميو حزب العمل الاسلامي الراديكالي ، وشعارات الحملة الشعبية من اجل التغيير يسارية التوجه ، و مع هذا كله اللون الأصفر لكفاية التجميعية. ترى في المظاهرات نساء سافرات بجوار نساء منقبات و أخريات ترتدين الخمار أو الحجاب العصري الملون . يساري يقود الهتافات يتلوه آخر اسلامي ثم ناشط مسيحي. حتى المظاهرات ذاتها و على الرغم من أن الاعلام ينسبها لحركة واحدة (كفاية) - حتى و ان كانت حركة تجميعية- فانها عادة ما تخرج نتيجة مشاركة متظاهرين من كل الحركات السابقة. قد يكون جديرا بالملاحظة هنا مشهد في احدى المظاهرات التي اعتاد الحزب الوطني تنظيمها في مواجهة مظاهرات المعارضة . عندما رفع متظاهرو الوطني لافتاتهم ، كانت اللافتات متماثلة في كل شيئ: الحجم و كل التفاصيل : ذات الصورة المستخدمة للرئيس المصري مبارك ، و ذات العبارة المطبوعة أسفل الصورة بحروف حمراء كبيرة : نعم لمبارك.
فتح الباب
أعادت مظاهرات المعارضة خلال الشهور الستة الأخيرة انتزاع حق التظاهر من جديد ، بعد أن تم لسنوات حصر التظاهر و الاحتجاج داخل أسوار الجامعة أو في باحة الجامع الازهر بعد صلاة الجمعة ، و حصره بالتضامن مع قضايا فلسطين و العراق دون أن يعبر الى القضايا الداخلية. بغض النظر عن مطالب و تظاهرات المعارضة المصرية ، فان هذه المساحة التي تم اكتسابها سوف تسمح لأشخاص آخرين باستغلالها لايصال أصواتهم الاحتجاجية على قضايا تهمهم. في هذا الاطار أنظر على سبيل المثال للحركة الاحتجاجية لنساء معتقلي وادي النطرون ، و لمظاهرات المدرسين المعينين بعقود مؤقتة بمحافظة الدقهلية احتجاجا على عدم تجديد عقودهم ، و العاملين بمصر للطيران احتجاجا على أجورهم.
الممنوع يرفع صوته
يلاحظ في المظاهرات الحالية غياب كبير للقوى السياسية التقليدية ممثلة في الأحزاب "الشرعية". يمكن ان يعزى هذا الى ضعفها أو شيخوختها أو حتى امتلاكها برامج مختلفة تتضمن توافقات ما مع النظام ، في مقابل حيوية و جاذبية الحركات الجديدة. و لكن هناك أحزابا لا تتمتع بصفة الشرعية و تعاني من القدم و الضعف و غياب الجاذبية و قلة الكوادر كحزب العمل المجمد و الحزب الشيوعي المصري الضئيل للغاية تتواجد بصورة مستمرة بالمظاهرات ، مستغلة الفرصة لايصال صوتها الذي لا تملك وسيلة أخرى لايصاله.
الاعلام يحب المظاهرات و المظاهرات تحب الاعلام
يتواجد الاعلاميون بكثرة في المظاهرات المصرية الأخيرة ، بل في بعض المظاهرات صغيرة الحجم قد يصل عدد الاعلاميين الى 10% من المتواجدين! يجد الاعلاميون في المظاهرات مادة مناسبة لتغطيتها ، و يحرص المتظاهرون بدورهم على استغلال الاعلام لايصال رسالتهم - و الذي و ان لم يكن موجودا لن تصل تقريبا لأي شخص ، لأن السماح بسير المظاهرات و تحولها الى مسيرات لا يزال خطا أحمر للأمن- مقدمين لهم مادة جديدة كل مرة و صورا جذابة و لافتات و شعارات مثيرة. التسويق الاعلامي الذكي ربما يكون مميزا لحركة المعارضة بأكملها اذ تحرص على وجود شعار لها و ألوان و كلمات قليلة لها يسهل تمييزها . يعتبر المتظاهرون الاعلام حماية لهم ، حيث استغل الأمن غياب الاعلام بعد انتهاء المظاهرات عدة مرات للاعتداء على نشطاء ، و عندما حدث اعتداء في 25 مايو 2005 مع تواجد اعلامي كانت فضيحة للنظام بأكمله.
الفردية
من الصعب وصف أي مظاهرة بالفردية نتيجة طبيعة فعل التظاهر الجماعي ذاته ، الا أن المظاهرات المصرية الحالية يتمتع المشاركون فيها بدرجة عالية من الفردية ، فيمتنع بعض المشاركين عن ترديد هتاف يختلفون معه ، و يحملون لافتات تعبر عن ما يتفقون معه فقط : كل مشارك يفعل ما يرغب به. تؤدي هذه الفردية مع الطابع التعددي للمظاهرات الى وجود حالة فوضى و تشظي في المظاهرات التي تبدو في أحيان عديدة عدة مظاهرات متداخلة لا مظاهرة معتادة لها قادة يحددون المسار و الهتاف. الا أن هذه الخاصية تؤدي الى ايجاد روح مبادرة عند النشطاء كأفراد و الذين يخرجون بأفكار جديدة باستمرار و ينفذونها بأنفسهم: من صمم صورة ، و من صاغ شعارا ، و من اقترح مكانا أو رمزا لمظاهرة.
أوروبا الشرقية
تجربة دول أوروبا الشرقية في الخلاص من ديكتاتوريات راسخة متسلطة بقيت في السلطة طويلا عن طريق حركات شعبية سلمية تصعد وصولا للعصيان المدني كانت النموذج - أو الحلم- الذي وضعته حركة التغيير المصرية نصب عينيها. قرأت الكثير من مقترحات نشطاء مصريين للمظاهرات و كان واضحا فيها التأثر بتجربة أوروبا الشرقية ، فقرأت مقترحا بتوزيع الورد على جنود الامن المركزي (من جورجيا ) و آخر باستخدام الصفافير ( من صربيا ). كان لافتا أيضا بدء المتظاهرين في حمل العلم المصري ( هذه المرة من لبنان!)
الابتكار
يحرص منظمو المظاهرات على التجديد و الابداع المستمر . لجذب انتباه الجماهير؟ للابقاء على الاهتمام الاعلامي بتقديم خبر جديد كل مرة؟ تأثرا بالرمزية الغالبة على تجربة أوروبا الشرقية في العصيان المدني ؟ طبيعة العصر الما بعد-حداثي؟ ظلت المظاهرات متجددة دوما: ارتداء السواد لاعلان الحداد ، تجمع لايقاد الشموع عند ضريح سعد زغلول رمز ثورة 1919 ، "كنس السيدة" ضد تجاوزات رجال الأمن ، تجمع عند كنيسة العذراء بالزيتون ، مظاهرة في عابدين حيث وقف عرابي متحديا الخديوي توفيق. أما تفاصيل الابتكارات الصغيرة من لافتات و صور و هتافات فأكثر من أن تحصى ، فضلا عن عدد كبير من المقترحات التي لم تنفذ و يكتب عنها نشطاء او متعاطفون مع المعارضة : ( مظاهرة بالقوارب في بحر الاسكندرية ، اطلاق بالونات في سماء القاهرة ، ...الخ). هناك شعور بأن كل مظاهرة تحمل للاعلاميين و المتابعين شيئا جديدا و مختلفا.
النخبوية
المكون الأساسي لجمهور المظاهرات الحالية هم المثقفون و النشطاء السياسيون ، مع غياب قد يكون كاملا للمواطنين العاديين . يعود هذا - في اعتقادي- نتيجة بدء حركة الاحتجاج الحالية كحركة مثقفين بالصورة الاولى وقعوا على بيانهم المطالب بالاصلاح ، فضلا عن معاناة حركات المعارضة من مشاكل حقيقية في التواصل مع الجمهور ، و تراث الجمود السياسي و سنين من "المشي جنب الحيط" و اليأس و الخوف - خاصة مع جرأة مطالب الحركات المعارضة- حيث أنه على الرغم من سماح الأمن بالتظاهر فانه يحرص على التواجد بكثافة قد تبلغ عشرات أضعاف المتظاهرين جاعلا الدخول الى المظاهرة المحاصرة أمرا مخيفا للمواطن العادي. في بعض الاحيان يشارك بعض المواطنين العاديين الذين وصلوا درجة الانفجار نتيجة تعرضهم و بصورة شخصية لظلم فادح تجعلهم لا يهتمون بالعواقب التي يحفظها المصريون عن التعاطي مع السياسة ، كأم فقدت ابنها أو زوجة فقدت زوجها. يرحب المتظاهرون بهؤلاء الأشخاص و يحرصون على ابرازهم للاعلام كوجه شعبي للحركة.
عمل مجموعة من النشطاء المستقلين و الحملة الشعبية من أجل التغيير و شباب من اجل التغيير و حزب العمل الى القيام بمظاهرة أسبوعية في أحياء شعبية ( السيدة زينب ، شبرا ، الزيتون ، امبابة) للتواصل مع جمهور مختلف. و هي خطوة أولى - بغض النظر عن مدى نجاحها في استقطاب جماهير تلك الأحياء و دفعها للمشاركة- في الخطو نحو الجانب الشعبي الذي يكاد يكون غائبا في بقية المظاهرات.
موزاييك
تنطبع المظاهرات المصرية الحالية بطابع تعددي واضح ، متأثرة بالتنوع الذي ميز الاعلان الاول للحركة المصرية من أجل التغيير(كفاية) الذي حمل توقيع مثقفين و شخصيات عامة من مختلف الاتجاهات ، و أصبح بعده الطابع التجميعي هو رمز المرحلة : تحالف أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة ( الناصري ، التجمع اليساري ، الوفد الليبرالي ) ، التحالف الوطني من اجل الاصلاح ( الاسلاميون و بعض الشخصيات العامة المسيحية و الاشتراكيون الثوريون). و بالتالي جاءت المظاهرات الحالية تحمل شكل الموزاييك : اللون البرتقالي المميز لحزب الغد الليبرالي ، و بجانبه الأحمر المرفوع على علم يحمل صورة جيفارا و منجلا و مطرقة ، و بجوارهما شعارات اسلامية يرفعها اسلاميو حزب العمل الاسلامي الراديكالي ، وشعارات الحملة الشعبية من اجل التغيير يسارية التوجه ، و مع هذا كله اللون الأصفر لكفاية التجميعية. ترى في المظاهرات نساء سافرات بجوار نساء منقبات و أخريات ترتدين الخمار أو الحجاب العصري الملون . يساري يقود الهتافات يتلوه آخر اسلامي ثم ناشط مسيحي. حتى المظاهرات ذاتها و على الرغم من أن الاعلام ينسبها لحركة واحدة (كفاية) - حتى و ان كانت حركة تجميعية- فانها عادة ما تخرج نتيجة مشاركة متظاهرين من كل الحركات السابقة. قد يكون جديرا بالملاحظة هنا مشهد في احدى المظاهرات التي اعتاد الحزب الوطني تنظيمها في مواجهة مظاهرات المعارضة . عندما رفع متظاهرو الوطني لافتاتهم ، كانت اللافتات متماثلة في كل شيئ: الحجم و كل التفاصيل : ذات الصورة المستخدمة للرئيس المصري مبارك ، و ذات العبارة المطبوعة أسفل الصورة بحروف حمراء كبيرة : نعم لمبارك.
فتح الباب
أعادت مظاهرات المعارضة خلال الشهور الستة الأخيرة انتزاع حق التظاهر من جديد ، بعد أن تم لسنوات حصر التظاهر و الاحتجاج داخل أسوار الجامعة أو في باحة الجامع الازهر بعد صلاة الجمعة ، و حصره بالتضامن مع قضايا فلسطين و العراق دون أن يعبر الى القضايا الداخلية. بغض النظر عن مطالب و تظاهرات المعارضة المصرية ، فان هذه المساحة التي تم اكتسابها سوف تسمح لأشخاص آخرين باستغلالها لايصال أصواتهم الاحتجاجية على قضايا تهمهم. في هذا الاطار أنظر على سبيل المثال للحركة الاحتجاجية لنساء معتقلي وادي النطرون ، و لمظاهرات المدرسين المعينين بعقود مؤقتة بمحافظة الدقهلية احتجاجا على عدم تجديد عقودهم ، و العاملين بمصر للطيران احتجاجا على أجورهم.
الممنوع يرفع صوته
يلاحظ في المظاهرات الحالية غياب كبير للقوى السياسية التقليدية ممثلة في الأحزاب "الشرعية". يمكن ان يعزى هذا الى ضعفها أو شيخوختها أو حتى امتلاكها برامج مختلفة تتضمن توافقات ما مع النظام ، في مقابل حيوية و جاذبية الحركات الجديدة. و لكن هناك أحزابا لا تتمتع بصفة الشرعية و تعاني من القدم و الضعف و غياب الجاذبية و قلة الكوادر كحزب العمل المجمد و الحزب الشيوعي المصري الضئيل للغاية تتواجد بصورة مستمرة بالمظاهرات ، مستغلة الفرصة لايصال صوتها الذي لا تملك وسيلة أخرى لايصاله.
الاعلام يحب المظاهرات و المظاهرات تحب الاعلام
يتواجد الاعلاميون بكثرة في المظاهرات المصرية الأخيرة ، بل في بعض المظاهرات صغيرة الحجم قد يصل عدد الاعلاميين الى 10% من المتواجدين! يجد الاعلاميون في المظاهرات مادة مناسبة لتغطيتها ، و يحرص المتظاهرون بدورهم على استغلال الاعلام لايصال رسالتهم - و الذي و ان لم يكن موجودا لن تصل تقريبا لأي شخص ، لأن السماح بسير المظاهرات و تحولها الى مسيرات لا يزال خطا أحمر للأمن- مقدمين لهم مادة جديدة كل مرة و صورا جذابة و لافتات و شعارات مثيرة. التسويق الاعلامي الذكي ربما يكون مميزا لحركة المعارضة بأكملها اذ تحرص على وجود شعار لها و ألوان و كلمات قليلة لها يسهل تمييزها . يعتبر المتظاهرون الاعلام حماية لهم ، حيث استغل الأمن غياب الاعلام بعد انتهاء المظاهرات عدة مرات للاعتداء على نشطاء ، و عندما حدث اعتداء في 25 مايو 2005 مع تواجد اعلامي كانت فضيحة للنظام بأكمله.
الفردية
من الصعب وصف أي مظاهرة بالفردية نتيجة طبيعة فعل التظاهر الجماعي ذاته ، الا أن المظاهرات المصرية الحالية يتمتع المشاركون فيها بدرجة عالية من الفردية ، فيمتنع بعض المشاركين عن ترديد هتاف يختلفون معه ، و يحملون لافتات تعبر عن ما يتفقون معه فقط : كل مشارك يفعل ما يرغب به. تؤدي هذه الفردية مع الطابع التعددي للمظاهرات الى وجود حالة فوضى و تشظي في المظاهرات التي تبدو في أحيان عديدة عدة مظاهرات متداخلة لا مظاهرة معتادة لها قادة يحددون المسار و الهتاف. الا أن هذه الخاصية تؤدي الى ايجاد روح مبادرة عند النشطاء كأفراد و الذين يخرجون بأفكار جديدة باستمرار و ينفذونها بأنفسهم: من صمم صورة ، و من صاغ شعارا ، و من اقترح مكانا أو رمزا لمظاهرة.
أوروبا الشرقية
تجربة دول أوروبا الشرقية في الخلاص من ديكتاتوريات راسخة متسلطة بقيت في السلطة طويلا عن طريق حركات شعبية سلمية تصعد وصولا للعصيان المدني كانت النموذج - أو الحلم- الذي وضعته حركة التغيير المصرية نصب عينيها. قرأت الكثير من مقترحات نشطاء مصريين للمظاهرات و كان واضحا فيها التأثر بتجربة أوروبا الشرقية ، فقرأت مقترحا بتوزيع الورد على جنود الامن المركزي (من جورجيا ) و آخر باستخدام الصفافير ( من صربيا ). كان لافتا أيضا بدء المتظاهرين في حمل العلم المصري ( هذه المرة من لبنان!)
الابتكار
يحرص منظمو المظاهرات على التجديد و الابداع المستمر . لجذب انتباه الجماهير؟ للابقاء على الاهتمام الاعلامي بتقديم خبر جديد كل مرة؟ تأثرا بالرمزية الغالبة على تجربة أوروبا الشرقية في العصيان المدني ؟ طبيعة العصر الما بعد-حداثي؟ ظلت المظاهرات متجددة دوما: ارتداء السواد لاعلان الحداد ، تجمع لايقاد الشموع عند ضريح سعد زغلول رمز ثورة 1919 ، "كنس السيدة" ضد تجاوزات رجال الأمن ، تجمع عند كنيسة العذراء بالزيتون ، مظاهرة في عابدين حيث وقف عرابي متحديا الخديوي توفيق. أما تفاصيل الابتكارات الصغيرة من لافتات و صور و هتافات فأكثر من أن تحصى ، فضلا عن عدد كبير من المقترحات التي لم تنفذ و يكتب عنها نشطاء او متعاطفون مع المعارضة : ( مظاهرة بالقوارب في بحر الاسكندرية ، اطلاق بالونات في سماء القاهرة ، ...الخ). هناك شعور بأن كل مظاهرة تحمل للاعلاميين و المتابعين شيئا جديدا و مختلفا.
الجمعة، سبتمبر ٢٣، ٢٠٠٥
الخروج الى النور
مع بداية العام الجديد في الجامعات المصرية ، علق شباب الاسلاميين لوحاتهم التي ترحب بالطلاب و تحض على الأخلاق و تقدم خدمات تعليمية مختلفة كعادتهم كل عام.
الجديد هو أنهم بدلا من استخدام توقيع "التيار الاسلامي" ، و قعوا بلفظ : الاخوان المسلمين ،
واضعين لوجو الجماعة : رسم مصحفٍ يحيط به سيفان متقاطعان و عليه كلمة و أعدوا ، مع لوحات تقول : القرآن دستورنا.. الى آخر الشعار الشهير.
لم يعلنوا سرا نجهله ، و لكن ما السبب في الاعلان - المتحدي نوعا ما- من جماعة تحب الدولة أن تصفها ب"المحظورة" في جامعة غير حرة ، محكومة بالأمن و لا تسمح لوائحها بالنشاط السياسي ؟
الجديد هو أنهم بدلا من استخدام توقيع "التيار الاسلامي" ، و قعوا بلفظ : الاخوان المسلمين ،
واضعين لوجو الجماعة : رسم مصحفٍ يحيط به سيفان متقاطعان و عليه كلمة و أعدوا ، مع لوحات تقول : القرآن دستورنا.. الى آخر الشعار الشهير.
لم يعلنوا سرا نجهله ، و لكن ما السبب في الاعلان - المتحدي نوعا ما- من جماعة تحب الدولة أن تصفها ب"المحظورة" في جامعة غير حرة ، محكومة بالأمن و لا تسمح لوائحها بالنشاط السياسي ؟
الثلاثاء، سبتمبر ٢٠، ٢٠٠٥
كابوس
يستيقظ من نومه. تكون زوجته قد استيقظت منذ ساعة لتوقظ الأولاد و تجهزهم للمدرسة. يدخل الى الحمام. يخرج. وسط الضجيج يعد الشاي لنفسه و يشربه. طبق به جبن و آخر به زيتون. يتناول بضع لقيمات. الأطفال ينزلون للحاق بحافلة المدرسة. زوجته تدخل الى الحمام. يرتدي ملابسه. ينزل. يدير محرك السيارة. فروم فروم. لا تستجيب من أول مرة. البرد. السيارة المسنة. ينطلق أخيرا. الزحام.تأخير. يصل إلى العمل. يوم ككل الأيام. يدخن سجائر كيلوباترا بكثافة. أقلع عن سجائره المفضلة عندما ارتفعت أسعارها منذ سنوات. مديره يطلبه. يذهب. لا شيئ مهم. يعود لمكتبه.الثالثة ظهرا. يغادر. يمشي حتى يصل لمكان السيارة. يعود الى منزله. يغسل يديه و وجهه و يخلع ربطة العنق. يتناول الطعام مع زوجته.الأطفال تناولوا طعامهم مبكرا. يغسل يديه من جديد. يرتدي ربطة العنق. يشرب كوبا من الشاي و سيجارة. يغادر من جديد. توصيه زوجته بأن يشتري متطلبات المنزل عند عودته. يذهب الى مقر عمله الثاني. يدخن و يشرب القهوة. التاسعة مساء. يغادر المكان. يتوقف عدة مرات ليشتري ما طلبته زوجته. يصل إلى المنزل. يقلب قنوات التلفزيون قليلا. لا يشعر برغبة في تناول الطعام. منتصف الليل. يدخل الى فراشه. ينام.
الأحد، سبتمبر ١٨، ٢٠٠٥
تفاشيح ، خرافات ، تفكير سحري ، حبشتكانات و أشياء أخرى
تحكي لي والدتي عن جدتها: "ستي". أقامت الجدة حتى وفاتها مع ابنها و زوجته .من الجدة تعلم الأحفاد و الحفيدات -و منهن والدتي- الكثير من الأمثال الشعبية و الكثير من ال (
احترت كثيرا في ايجاد كلمة معبرة تكون مماثلة لكلمة superstitions ، لم تعجبني خرافات لتعاليها ، فكرت في استخدام "معتقدات غير منطقية" و لكنها بدت لي مفرطة الطول ، التفكير السحري مصطلح مفهوم غربيا و لكنه غريب على الأذن العربية ، اقترح صاحب الأشجار أن أستخدم كلمة تفاشيح و هي كلمة لم أسمع بها من قبل. قالت رحاب ما دمت ستقول تفاشيح فقل حبشتكانات أيضا!) . وصلتني أنا متسربة خلال سنين النمو . لم أسأل عن "ليه؟" إلا لاحقا. ألفاظ و أفعال أتشربها لأستعد لنقلها لأجيال جديدة مخففة الحدة كلما تقدم الزمان حتى تختفي آثارها كلية من نسل "ستي" .
هناك أشياء سمعت عنها و لم أرها. انقرضت. كايقاد الجدة شمعتين عند ميلاد والدتي ، كل واحدة منهما ممثلة لاسم. الشمعة التي ظلت مشتعلة بعد انطفاء الاخرى هي التي تحمل والدتي اسمها.
و حكاية والدتي عن احراق الجدة لأوراق و قولها أنها تشكلت لتأخذ شكل شخص ما ، يكون هذا الشخص هو المسؤول عن الحسد ، و تقوم الجدة بمقاومة حسده بوخز الأوراق المحترقة بابرة.
هناك الأشياء التي نشأت معها.
"اللهم اجعله خير" بعد الضحك ، لايمان بأن الفرح الكثير لا بد أن يكون ملحوقا بحزن و مصيبة.
"اعدل الشبشب!" اذ ليس من المستحب ترك الشبشب مقلوبا لتواجه قاعدته السماء. أخمن أن هذا عائد لاعتبار الشبشب المقلوب اهانة للسماء؟ سألت والدتي عن تفسيرها ، فضحكت و قالت أنها لا تعرف . لا أتحمل أنا أيضا منظر الشبشب المقلوب . تفكير سحري أو لا سحري ، لا أرتاح إلا باعادته الى وضعه الطبيعي.
"متغنيش في الحمام" أقرب تفسير فكرت فيه هو أن ذلك يضايق ساكني الحمام من العفاريت؟ أو ربما يغريهم بتلبس المغني؟ لا أعرف. ظللت طوال طفولتي أخاف الغناء في الحمام. يبدو لي هذا الآن حرمانا للانسان من أحد حقوقه الأساسية : حق التعبير عن نفسه في الحمام ، طالما كان محروما من ذلك التعبير في كل مكان آخر. الى اليوم أشعر بأنني أخرق حاجزا ما كلما دندنت و أنا أقف تحت الدوش.
"هااااااااوم" الايمان بأنه اذا قمت برقي شخص ما و تثاءبت أثناء ذلك فهو دليل على أن الشخص محسود. لا أستطيع ان أفكر في تفسير. لكن أتذكر بوضوح والدتي و هي تتثاءب بينما تضع يدها عليَّ و تتمتم بآيات من القرآن.
"غير السيرة دي" سيرة العفاريت و الجن و الأشباح.اعتبار أن الحديث عن هذه الأشياء يتسبب في حضورها؟
لم أرد أن أضيف أشياء أخرى شاهدتها عند أشخاص آخرين مفضلا حصر الأمر فيما عايشته. يمكنكم أن تضيفوا القائمة الخاصة بكم.
الاهداء: الى روح "ستي" التي لا تعرف اسمي و لا أعرف اسمها.
احترت كثيرا في ايجاد كلمة معبرة تكون مماثلة لكلمة superstitions ، لم تعجبني خرافات لتعاليها ، فكرت في استخدام "معتقدات غير منطقية" و لكنها بدت لي مفرطة الطول ، التفكير السحري مصطلح مفهوم غربيا و لكنه غريب على الأذن العربية ، اقترح صاحب الأشجار أن أستخدم كلمة تفاشيح و هي كلمة لم أسمع بها من قبل. قالت رحاب ما دمت ستقول تفاشيح فقل حبشتكانات أيضا!) . وصلتني أنا متسربة خلال سنين النمو . لم أسأل عن "ليه؟" إلا لاحقا. ألفاظ و أفعال أتشربها لأستعد لنقلها لأجيال جديدة مخففة الحدة كلما تقدم الزمان حتى تختفي آثارها كلية من نسل "ستي" .
هناك أشياء سمعت عنها و لم أرها. انقرضت. كايقاد الجدة شمعتين عند ميلاد والدتي ، كل واحدة منهما ممثلة لاسم. الشمعة التي ظلت مشتعلة بعد انطفاء الاخرى هي التي تحمل والدتي اسمها.
و حكاية والدتي عن احراق الجدة لأوراق و قولها أنها تشكلت لتأخذ شكل شخص ما ، يكون هذا الشخص هو المسؤول عن الحسد ، و تقوم الجدة بمقاومة حسده بوخز الأوراق المحترقة بابرة.
هناك الأشياء التي نشأت معها.
"اللهم اجعله خير" بعد الضحك ، لايمان بأن الفرح الكثير لا بد أن يكون ملحوقا بحزن و مصيبة.
"اعدل الشبشب!" اذ ليس من المستحب ترك الشبشب مقلوبا لتواجه قاعدته السماء. أخمن أن هذا عائد لاعتبار الشبشب المقلوب اهانة للسماء؟ سألت والدتي عن تفسيرها ، فضحكت و قالت أنها لا تعرف . لا أتحمل أنا أيضا منظر الشبشب المقلوب . تفكير سحري أو لا سحري ، لا أرتاح إلا باعادته الى وضعه الطبيعي.
"متغنيش في الحمام" أقرب تفسير فكرت فيه هو أن ذلك يضايق ساكني الحمام من العفاريت؟ أو ربما يغريهم بتلبس المغني؟ لا أعرف. ظللت طوال طفولتي أخاف الغناء في الحمام. يبدو لي هذا الآن حرمانا للانسان من أحد حقوقه الأساسية : حق التعبير عن نفسه في الحمام ، طالما كان محروما من ذلك التعبير في كل مكان آخر. الى اليوم أشعر بأنني أخرق حاجزا ما كلما دندنت و أنا أقف تحت الدوش.
"هااااااااوم" الايمان بأنه اذا قمت برقي شخص ما و تثاءبت أثناء ذلك فهو دليل على أن الشخص محسود. لا أستطيع ان أفكر في تفسير. لكن أتذكر بوضوح والدتي و هي تتثاءب بينما تضع يدها عليَّ و تتمتم بآيات من القرآن.
"غير السيرة دي" سيرة العفاريت و الجن و الأشباح.اعتبار أن الحديث عن هذه الأشياء يتسبب في حضورها؟
لم أرد أن أضيف أشياء أخرى شاهدتها عند أشخاص آخرين مفضلا حصر الأمر فيما عايشته. يمكنكم أن تضيفوا القائمة الخاصة بكم.
الاهداء: الى روح "ستي" التي لا تعرف اسمي و لا أعرف اسمها.
العناد و الاستجابة : رئيسنا اللا ديموقراطي
"من بين ما نعرفه عن الرئيس مبارك أنه عنيد ، و نعرف أيضا أن عناده كان سببا في التحول عن خطوات كان قد قررها ، لا لشيئ ، إلا أن شيئا منها قد تسرب إلى الرأي العام و وسائل الإعلام ، فلم يعد يتوفر فيها عنصر المفاجأة من جانبه.. و قد حدث كثيرا أن مسؤولا كبيرا ، أو صغيرا ، تعرض لهجوم حاد و متواصل من الصحافة ، و كان قطاع عريض من الناس يضيق بهذا المسؤول ، أو ذاك ، و لا يطيقه...و لكنه كان رغم ذلك ، يظل في موقعه.. فما يتوقعه المصريون في الغالب ، لا يفعله الرئيس ، و يحب دائما أن يكون زمام المبادرة في هذا الإطار تحديدا ، في يديه... حتى قيل كثيرا إنك لو أردت أن تطيح بمسؤول ما ، فما عليك الا أن تكثف امتداحه في الصحف ، و أن تجعل كثيرين يتغزلوا فيه و في مزاياه." *
بغض النظر عن السلطات الامبراطورية التي تقع في يدي رئيس جمهوريتنا ، و غياب الديموقراطية عن تلك الجمهورية ، فإنه بصورة شخصية يحب ألا يستمع الى صوت شعبه. لا معارضة و لا رأي عام.
ربما لم تكن سفالة مصطفى حسين بعيدة تماما عن الهدف: عندما رسم كاريكاتير في خلفيته أصوات نباح ، و علق: دول ناس شافوا حبة ديموقراطية اتسعروا.
عناد الرئيس و حرصه على أن يتحدى آراء شعبه لاثبات سلطته أو لدوافع شخصية ، جعل من أي حرية تعبير مجرد حرية نباح ، و أرسى قواعد السلبية و اليأس من الحكومة التي لا تستجيب.
تبدت لي بضع علامات تغير طفيف في هذا الموقف. فرغم مناورات و ضغوط و محاولات تملص و ترغيب و ترهيب ، استجابت الحكومة نسبيا لضغط القضاة محققة عددا من مطالبهم و واعدة بتنفيذ مطلبهم باصدار قانون استقلال السلطة القضائية. و أثناء الحملة الانتخابية و رغم هزليتها ، فان انتقادات المعارضة سرعان ما كان يظهر تأثيرها بتصريحات و خطوات دفاعية من حملة الرئيس.
أشياء صغيرة للغاية. لكنها بعثت فيَّ الأمل . لا في أن تتغير عقلية الرئيس فذلك صعب أن يحدث في سنه هذا. بل أن يكون قد قام بحساب الربح و الخسارة و قرر تنفيذ جزء من المطالب . حكومة مستجيبة خير من حكومة معاندة. الانتصارات الصغيرة تزيد من الأمل في فائدة الكلام و الكتابة و العمل ، بدلا من شعور النباح و ضرب الرأس في الصخر.
استجابة الرئيس بالطبع تعني أشياء كثيرة و كبيرة و لا أتوقعها منه، الا أنني أتحدث هنا عن ابقاءه على وجوه فاشلة و مكروهة و تشكل عبئا عليه لا لشيئ الا للعناد و عدم الرضوخ لرغبات شعبه.
قدم فاروق حسني وزير الثقافة استقالته ، فشعرت بالسعادة. لا لأنني أرى أن استقالته هي الحل الأمثل لحريق بني سويف ، و لكن لأن رحيل وزير قضى ما يقرب العشرين عاما في وزارته أمر يبعث على السعادة دائما ، فضلا عن أنني تصورت أن حساب الربح و الخسارة قد تم من جديد ، فقرر الرئيس القاء فاروق حسني للكلاب ليصمتوا ، و هو أمر مذهل أن يستجيب الرئيس لضغط و غضب شعبي. يعني ذلك أن ما نقوم به قد يكون له تأثير ، و أنه قد يكون هناك نوع من التوازن في الحياة السياسية.
كنت متفائلا زيادة عن اللزوم ... كالعادة....
قدم فاروق حسني استقالته ليفدي النظام بنفسه و يوجه الانتقادات جهته بعيدا عن النظام ، و رد النظام الجميل بأحسن منه ، فرفض الاستقالة و بقي حسني في منصبه ، و بقي حسني على ما هو عليه.
* من مقال سليمان جودة - العدد 460 - المصري اليوم
بغض النظر عن السلطات الامبراطورية التي تقع في يدي رئيس جمهوريتنا ، و غياب الديموقراطية عن تلك الجمهورية ، فإنه بصورة شخصية يحب ألا يستمع الى صوت شعبه. لا معارضة و لا رأي عام.
ربما لم تكن سفالة مصطفى حسين بعيدة تماما عن الهدف: عندما رسم كاريكاتير في خلفيته أصوات نباح ، و علق: دول ناس شافوا حبة ديموقراطية اتسعروا.
عناد الرئيس و حرصه على أن يتحدى آراء شعبه لاثبات سلطته أو لدوافع شخصية ، جعل من أي حرية تعبير مجرد حرية نباح ، و أرسى قواعد السلبية و اليأس من الحكومة التي لا تستجيب.
تبدت لي بضع علامات تغير طفيف في هذا الموقف. فرغم مناورات و ضغوط و محاولات تملص و ترغيب و ترهيب ، استجابت الحكومة نسبيا لضغط القضاة محققة عددا من مطالبهم و واعدة بتنفيذ مطلبهم باصدار قانون استقلال السلطة القضائية. و أثناء الحملة الانتخابية و رغم هزليتها ، فان انتقادات المعارضة سرعان ما كان يظهر تأثيرها بتصريحات و خطوات دفاعية من حملة الرئيس.
أشياء صغيرة للغاية. لكنها بعثت فيَّ الأمل . لا في أن تتغير عقلية الرئيس فذلك صعب أن يحدث في سنه هذا. بل أن يكون قد قام بحساب الربح و الخسارة و قرر تنفيذ جزء من المطالب . حكومة مستجيبة خير من حكومة معاندة. الانتصارات الصغيرة تزيد من الأمل في فائدة الكلام و الكتابة و العمل ، بدلا من شعور النباح و ضرب الرأس في الصخر.
استجابة الرئيس بالطبع تعني أشياء كثيرة و كبيرة و لا أتوقعها منه، الا أنني أتحدث هنا عن ابقاءه على وجوه فاشلة و مكروهة و تشكل عبئا عليه لا لشيئ الا للعناد و عدم الرضوخ لرغبات شعبه.
قدم فاروق حسني وزير الثقافة استقالته ، فشعرت بالسعادة. لا لأنني أرى أن استقالته هي الحل الأمثل لحريق بني سويف ، و لكن لأن رحيل وزير قضى ما يقرب العشرين عاما في وزارته أمر يبعث على السعادة دائما ، فضلا عن أنني تصورت أن حساب الربح و الخسارة قد تم من جديد ، فقرر الرئيس القاء فاروق حسني للكلاب ليصمتوا ، و هو أمر مذهل أن يستجيب الرئيس لضغط و غضب شعبي. يعني ذلك أن ما نقوم به قد يكون له تأثير ، و أنه قد يكون هناك نوع من التوازن في الحياة السياسية.
كنت متفائلا زيادة عن اللزوم ... كالعادة....
قدم فاروق حسني استقالته ليفدي النظام بنفسه و يوجه الانتقادات جهته بعيدا عن النظام ، و رد النظام الجميل بأحسن منه ، فرفض الاستقالة و بقي حسني في منصبه ، و بقي حسني على ما هو عليه.
* من مقال سليمان جودة - العدد 460 - المصري اليوم
الجمعة، سبتمبر ٠٩، ٢٠٠٥
7 سبتمبر 2005
نزلت من المنزل. عند السابعة صباحا كنت أقابل "م" أمام قسم الشرطة في الدائرة التي سنعمل بها - يحوي القسم ذاته لجنة-عربة ترحيلات. مخبرون و رجال شرطة. انتظرنا نصف ساعة ليصل بقية فريق عمل ائتلاف مراقبة الانتخابات. وصل محاميان. أخرجنا قائمة المدارس التي تحوي اللجان. حصلت على مدرستين و حصل "م" على مدرستين. تبادلنا أرقام الهواتف مع توصية بعدم الاستجابة لأي استفزاز. انطلقنا.
لا زلنا لا نعرف ان كنا سندخل الى اللجان أم لا ، أتوقع أننا لن نتمكن من ذلك. أتمنى أن يكون مندوبا الغد و الوفد متواجدين لحظة فتح الصناديق ليتأكدا من خلوها من الاوراق. من حق المندوب التواجد داخل اللجان على عكس وضعنا غير الواضح. خيبة الأمل التي سأكتشفها لاحقا هي أنه في عدد اللجان التي قمت انا و "م" بتغطيتها لم يكن هناك مندوبون لأي حزب غير الوطني.
المهم...
أفترق أنا و "م" و أبدأ في السؤال عن المدرسة الاولى. أصل اليها أخيرا. أمامها لوحة قماشية كتب عليها : " عايزين أستاذ الأساتيذ ، مش اللي لسة تلميذ. مدرسة "...." تبايع مبارك رئيسا للجمهورية . عايزين المعلم مش اللي لسة هيتعلم". أشاهد سيدة و ابنتها تخرجان من الداخل. أسألهما عن تفاصيل الاقتراع : " البطاقة الوردية؟ الستارة ؟ الصندوق؟ رئيس اللجنة ؟ الحبر؟ الحبر لا ينمسح؟" يبدو لي من اجابتهما أن كل شيئ يتم على أتم وجه. أدخل المدرسة فتواجهني سيدات يجلسن على طاولة كتب عليها " ارشاد الناخبين". يستعلمن عن صفتي ، فأقدم لهن كارنيه الائتلاف. أجد شابا من اللجنة المصرية المستقلة لمراقبة الانتخابات. أجلس بجواره. القاضي يسمح لنا بالتواجد داخل المدرسة و لكن ليس داخل الفصل الذي يحوي اللجنة الانتخابية و الصناديق.
لا بأس.
أبدأ في استطلاع محيطي. أحاول أن أمد جسور التعارف بمراقب المستقلة. بدا لي طيبا - زيادة عن اللزوم- و غير مسيس تماما. جنود و مخبرون ينتشرون خارج المدرسة و داخلها . لواء يجلس على باب اللجنة. السيدات الجالسات خلف مكتب ارشاد الناخبين من الحزب الوطني و بجوارهم أحد عناصر الشرطة. و عضو من أمانة مهنيي الحزب الوطني يجلس على يساري. أفكر أن هذا أكبر عدد من الحزب الوطني تعاملت معه. يتردد في عقلي " الحزب الواطي اللا ديموقراطي ! عايز كل الشعب يطاطي!". أنفض الجملة من عقلي ، و أحتفظ بابتسامة محايدة على وجهي.
الشاب من المستقلة يتبادل معلومات المراقبة مع سيدات الوطني ، و يتركهم يطالعون ما يكتبه. أقرر أن أكتب ملاحظاتي بالانجليزية لأتجنب تطفلهن . يقول لي مراقب المستقلة : " ايه ده يا عم! انت تبع أمريكا ولا ايه؟". أضغط على اسناني و أفكر "أحمق! المستقلة هي التي يديرها سعد الدين ابراهيم ! أنا متطوع بدون أي مليم و أنت من يتلقى مكافأة!" . أقول له - و لغيره من الوطني- أنني أكتب بالانجليزية لأنني معتاد على الانجليزية لأنني خريج طب . أي كلام طبعا.
أجلس صامتا موزعا ابتساماتي و سجائري ممتنعا عن المشاركة في الحوار الدائر سوى بهز الرأس لأستمتع بالاستماع لسيدات الوطني.
بدأت سيدات في التوافد ( حوالي 10 -20) في الساعة . غالبيتهن يحملن بطاقات ارشادية تحمل صورة حسني مبارك و يحملن كارنيه الحزب الوطني. تسلمن على سيدات الوطني الجالسات و يؤكدن لهن أنهن يؤدين واجبهن . تدخلن و تخرجن بأصابع ملوثة بالحبر. ألاحظ توافد عدد من السيدات المسيحيات. تسلمن على سيدات الوطني و تأكدن أنهن " تبع أبونا فلان" ، فتقول احدى سيدات الوطني : " أيوه ، و كمان مدام "..." متفقة مع أبونا "..." هييجي لنا 20 واحدة من الكنيسة".
ينتظرن فترة طويلة من أطلقن عليهن لفظ " وفد الكنيسة". أحتفظ بأفكاري لنفسي.
أفكر هل وجود سيدات الوطني و استخدامهن لافتة ارشاد الناخبين المحايدة و مناداتهن أي داخل للجنة ليمر عليهن أولا و قيامهن بالكشف عن أسماء أي من الناخبين في الجداول لارشادهم دون الكشف عن صفتهم الحزبية منذ البداية يعد تجاوزا؟ ألاحظ أنهن يقمن بتسجيل أسماء الناخبات و أرقام هواتفهن... (مخالفة؟)
تتحدث سيدات الوطني كثيرا عن عن مواضيع نسائية ( طرق الطبخ ، الزواج ، أسعار السلع..الخ) ثم أسمع منهن بعض الأشياء المسلية:
" معايا بطاقة ايوه. ما هما عملولنا بطايق كلنا في الشغل"
" مش هوا الريس كان ممكن يجيب حد عجوز و يحطه؟ بس هوا جاب ابنه الشاب و مسكه لجنة السياسات عشان هوا عايز شباب" ( شخرة عقلية)
يفترضن أنني معارض فينطلقن في كلام كثير عن " شعبية الحزب و تواجده في الشارع ، أين مندوبو بقية الاحزاب؟ اذا كانوا يعجزون عن توفير مندوبين ليتواجدوا في اللجان فأين شعبيتهم؟ " ، " مش ايمن نور ده اللي المنصة وقعت بيه و هوا بيتكلم" ، " نحن في الحزب لسنا شعبيين لأننا حزب الحكومة" - حاشا لله - " بل لأننا نقدم خدمات : دروس خصوصية ، مساعدة قانونية ، مساعدة طبية ، دورات انجليزي و كمبيوتر ، فرص عمل" ممتاز.. رشاو تستغل حال الناس ليخدموا من أوصلهم لحال احتياجهم هذه المساعدات.... " احنا في عصر الحرية فعلا ، لما الريس عمل مؤتمر ، كان مؤتمر شعبي، أي حد كان ممكن يدخل .... بالبطاقة و كارنيه الحزب... و يكون اسمه متسجل.... بعد ما عدينا في البوابة بتاعة الكشف عن المعدن و أخدوا منا الموبايلات... وقفت و هتفت للريس : مش كفاية ، مش كفاية ، معاك يا ريس للنهاية.. قام قال : سيبوهم يعبروا عن رأيهم... فعلا حسيت ان لو حد هتف ضده في اللحظة دي كان هيسمحله يعبر عن رأيه"
تبدأ بعض المواطنات العاديات ممن لسن من الحزب الوطني في الظهور بأعداد قليلة...
تقوم احدى سيدات الوطني بسؤال احداهن عمن سترشحه. ترفض السيدة الاجابة. تزيد الاخرى من سماجتها.تصر الأخرى على الرفض. فتقول : " يللا مش مشكلة ، خللي التاني ياخدله صوت من نفسه" . فتاة أخرى "شككن" فيها فقلن لها بعد أن اكتشفن أن اسمها في لجنة أخرى : " ابقي روحيله بقى و قوليله مش عارفة أنتخبك رئيس للجمهورية" . (مخالفة)
العدد في هذه اللجنة لا يزال قليلا جدا. بعد خمس ساعات ، حوالي مائة ناخب حضروا من أصل 4900 مسجلين في تلك اللجنة. قبل اغلاق الصناديق بثلاث ساعات عندما غادرت اللجنة آخر مرة كان العدد قد ارتفع الى 200 فقط.
سيدة تشتبك في مشادة. تتشاجر مع سيدات الوطني ثم عضو أمانة المهنيين ثم الجنود ثم رئيس اللجنة. لم تجد اسمها في هذه اللجنة على الرغم من امتلاكها بطاقة انتخابية ، و زارت من قبلها عدة لجان و قسم الشرطة الذي أرشدها بالذهاب الى هنا. " أنا بلف من صباحية ربنا في الشمس و العيل الصغير ده في ايدي ، و كل مكان يبعتني لمكان تاني" . ربما كانت هذه هي الشكوى الأكثر ترددا على لسان الناخبين و الأكثر اصابة للناخبين بالاحباط. لنشرح هنا الموضوع : أنت ناخب تذهب الى لجنة تقع بالقرب من منزلك. هناك لجان للرجال و أخرى للنساء. تصل للجنة مطابقة لجنسك. ناخبو الدائرة موزعون على اللجان حسب الحروف الأبجدية. نفترض أن اسمك محمد . آخ! آسفون ! هذه اللجنة من الالف حتى الصاد. ابحث عن اسمك في مدرسة كذا. يتطوع أولاد الحلال بوصفها لك. تمشي حتى تذهب هناك. نفترض أنك فعلا هناك. لجنة الارشاد من الوطني تبحث عن اسمك في الكشوف ( الغير مرتبة أبجديا!) ، ثم تحدد لك أي لجنة فرعية تتبعها داخل اللجنة. مبروك وصلت. المشاكل ؟ اشتكى البعض من أنهم يرسلونه من مكان الى مكان دون أن يجد اسمه. البعض اسمه مختلف عن الاسم المسجل. البعض رقمه غير الرقم المسجل. البعض ساقط قيد. هناك متوفون داخل الجداول. و ان كان هناك الكثير ممن انتخبوا دون مشاكل أيضا. ( عقم و تخبط )
من له حق الانتخاب؟
من يملك حق الانتخاب هو المسجل في الجداول الانتخابية. من يسجل في الجداول الانتخابية؟ كل من قام باستخراج بطاقة انتخابية من قبل. و قالوا أن مواليد 84-85-86 قد أضيفوا تلقائيا الى الجداول. لذلك لتنتخب عليك أن تحضر بطاقتك الانتخابية و تنتخب بها اما في اللجنة التي أنت مسجل بها أو في لجنة أخرى كوافد ان كنت في محافظة أخرى ، فان لم تكن معك فعليك أن تستخدم بطاقتك الشخصية و تنتخب في اللجنة التي أنت مسجل بها بعد أن تنجح في العثور على اسمك في الجدول.
هذا بصورة تقريبية....
لأن أكثر ما ميز هذه الانتخابات هي التفاوت بين اللجان. بل و التفاوت في اللجنة ذاتها باختلاف الوقت.
فتاة صغيرة تقول أنها تريد أن تنتخب ببطاقتها الشخصية لأنها مسجلة تلقائيا لأنها من مواليد 85. أعتقد أن سيدات الوطني قررن أنها لا يبدو عليها سمات "الموالاة" فقررن أن لا يرهقن انفسهن كما يفعلن مع نسوتهن ، فقالوا لها : "لا ! مفيش ! مينفعش!" ( مخالفة)
أتدخل و أقول للفتاة ان تبحث عن اسمها بنفسها حتى تجده. تيأس من البحث وسط آلاف الأسماء و تنصرف بعد فترة.
أترك هذه اللجنة و أنتقل للأخرى.
كنت قد أنهيت كتابة هذا الجزء و جزء من خاتمة التدوينة ، ثم شاهدت اعلان النتيجة فادركت أن الاكتئاب لن يمكنني من اكمال الكتابة .. على الأقل ليس اليوم.. فقررت نشره و انهاؤه لاحقا.
أحاول الاتصال بعلاء.أريد الاطمئنان على المظاهرة. لكن علاء ساعتها كان مشغولا فلم يجب. ( اقرأ ما كتبه علاء عن ذلك اليوم)
أتصل برحاب . تخبرني أنها دخلت داخل لجنتها و تجلس مع القاضي ، و أنها رأت الكثير من التجاوزات.( اقرأ ما كتبته رحاب عن ذلك اليوم)
يتصل بي عمرو. يحكي لي عن 3000 متظاهر في مسيرة في وسط البلد . يقول لي أنه كان يقفز من السعادة عوضا عن المشي في الشارع. آخ! يالحظي الزفت! دائما ما تفوتني مثل هذه الفرص. ثم يقول لي " بس جرينا من العتبة لحد نقابة الصحفيين". ( اقرأ ما كتبه عمرو عن ذلك اليوم)
أتصل بهيثم ، يبدو لي سعيدا رغم أن التجاوزات في لجنته أكبر من لجنتي. ( اقرأ ما كتبه هيثم عن ذلك اليوم)
يتصل بي هيثم في اليوم التالي و نشتبك في مناقشة حادة. سعيد هو باختفاء استبدال الأوراق أو تقفيل الصناديق. أقول له ما فائدة ذلك اذا كنت ستشحن الناس شحنا الى اللجان و ترشيهم و تخوفهم و تجبرهم و تحرمهم من التصويت السري. أليست النتيجة واحدة؟ ما فائدة عد الأوراق بنزاهة اذا كنت تحكمت فيمن يكتبون آراءهم في هذه الأوراق؟ ما فائدة كل ذلك اذا كنت تختار منافسيك و تحدد طرق دعايتهم و مدى دعايتك كما رصدت تقارير المراقبة؟ أليست النتيجة فوزأ زائفا في شيئ ما لا يمكن تسميته بانتخابات تنافسية حقيقية ؟ ما الفرق بين مبارك ببدلة كاملة و بين مبارك بجرافتة من غير جاكيت؟ يصر على التفاؤل و أصر على اثبات رأيي بأنها مسرحية هزلية منذ بدايتها و حتى نهايتها. لا عنف و لا انتهاكات جسدية و لكن ذلك سببه غياب القوة التنافسية. الأمل موجود في من تحرك و من اهتم من الشعب و في المستقبل و في تحسين الرقابة و دعم استقلال القضاء و ليس في أنهم غيروا الطرق التي ناوروا بها ليضمنوا فوز الجنرال العجوز عندما ووجهوا برقابة قضائية.
لا زلنا لا نعرف ان كنا سندخل الى اللجان أم لا ، أتوقع أننا لن نتمكن من ذلك. أتمنى أن يكون مندوبا الغد و الوفد متواجدين لحظة فتح الصناديق ليتأكدا من خلوها من الاوراق. من حق المندوب التواجد داخل اللجان على عكس وضعنا غير الواضح. خيبة الأمل التي سأكتشفها لاحقا هي أنه في عدد اللجان التي قمت انا و "م" بتغطيتها لم يكن هناك مندوبون لأي حزب غير الوطني.
المهم...
أفترق أنا و "م" و أبدأ في السؤال عن المدرسة الاولى. أصل اليها أخيرا. أمامها لوحة قماشية كتب عليها : " عايزين أستاذ الأساتيذ ، مش اللي لسة تلميذ. مدرسة "...." تبايع مبارك رئيسا للجمهورية . عايزين المعلم مش اللي لسة هيتعلم". أشاهد سيدة و ابنتها تخرجان من الداخل. أسألهما عن تفاصيل الاقتراع : " البطاقة الوردية؟ الستارة ؟ الصندوق؟ رئيس اللجنة ؟ الحبر؟ الحبر لا ينمسح؟" يبدو لي من اجابتهما أن كل شيئ يتم على أتم وجه. أدخل المدرسة فتواجهني سيدات يجلسن على طاولة كتب عليها " ارشاد الناخبين". يستعلمن عن صفتي ، فأقدم لهن كارنيه الائتلاف. أجد شابا من اللجنة المصرية المستقلة لمراقبة الانتخابات. أجلس بجواره. القاضي يسمح لنا بالتواجد داخل المدرسة و لكن ليس داخل الفصل الذي يحوي اللجنة الانتخابية و الصناديق.
لا بأس.
أبدأ في استطلاع محيطي. أحاول أن أمد جسور التعارف بمراقب المستقلة. بدا لي طيبا - زيادة عن اللزوم- و غير مسيس تماما. جنود و مخبرون ينتشرون خارج المدرسة و داخلها . لواء يجلس على باب اللجنة. السيدات الجالسات خلف مكتب ارشاد الناخبين من الحزب الوطني و بجوارهم أحد عناصر الشرطة. و عضو من أمانة مهنيي الحزب الوطني يجلس على يساري. أفكر أن هذا أكبر عدد من الحزب الوطني تعاملت معه. يتردد في عقلي " الحزب الواطي اللا ديموقراطي ! عايز كل الشعب يطاطي!". أنفض الجملة من عقلي ، و أحتفظ بابتسامة محايدة على وجهي.
الشاب من المستقلة يتبادل معلومات المراقبة مع سيدات الوطني ، و يتركهم يطالعون ما يكتبه. أقرر أن أكتب ملاحظاتي بالانجليزية لأتجنب تطفلهن . يقول لي مراقب المستقلة : " ايه ده يا عم! انت تبع أمريكا ولا ايه؟". أضغط على اسناني و أفكر "أحمق! المستقلة هي التي يديرها سعد الدين ابراهيم ! أنا متطوع بدون أي مليم و أنت من يتلقى مكافأة!" . أقول له - و لغيره من الوطني- أنني أكتب بالانجليزية لأنني معتاد على الانجليزية لأنني خريج طب . أي كلام طبعا.
أجلس صامتا موزعا ابتساماتي و سجائري ممتنعا عن المشاركة في الحوار الدائر سوى بهز الرأس لأستمتع بالاستماع لسيدات الوطني.
بدأت سيدات في التوافد ( حوالي 10 -20) في الساعة . غالبيتهن يحملن بطاقات ارشادية تحمل صورة حسني مبارك و يحملن كارنيه الحزب الوطني. تسلمن على سيدات الوطني الجالسات و يؤكدن لهن أنهن يؤدين واجبهن . تدخلن و تخرجن بأصابع ملوثة بالحبر. ألاحظ توافد عدد من السيدات المسيحيات. تسلمن على سيدات الوطني و تأكدن أنهن " تبع أبونا فلان" ، فتقول احدى سيدات الوطني : " أيوه ، و كمان مدام "..." متفقة مع أبونا "..." هييجي لنا 20 واحدة من الكنيسة".
ينتظرن فترة طويلة من أطلقن عليهن لفظ " وفد الكنيسة". أحتفظ بأفكاري لنفسي.
أفكر هل وجود سيدات الوطني و استخدامهن لافتة ارشاد الناخبين المحايدة و مناداتهن أي داخل للجنة ليمر عليهن أولا و قيامهن بالكشف عن أسماء أي من الناخبين في الجداول لارشادهم دون الكشف عن صفتهم الحزبية منذ البداية يعد تجاوزا؟ ألاحظ أنهن يقمن بتسجيل أسماء الناخبات و أرقام هواتفهن... (مخالفة؟)
تتحدث سيدات الوطني كثيرا عن عن مواضيع نسائية ( طرق الطبخ ، الزواج ، أسعار السلع..الخ) ثم أسمع منهن بعض الأشياء المسلية:
" معايا بطاقة ايوه. ما هما عملولنا بطايق كلنا في الشغل"
" مش هوا الريس كان ممكن يجيب حد عجوز و يحطه؟ بس هوا جاب ابنه الشاب و مسكه لجنة السياسات عشان هوا عايز شباب" ( شخرة عقلية)
يفترضن أنني معارض فينطلقن في كلام كثير عن " شعبية الحزب و تواجده في الشارع ، أين مندوبو بقية الاحزاب؟ اذا كانوا يعجزون عن توفير مندوبين ليتواجدوا في اللجان فأين شعبيتهم؟ " ، " مش ايمن نور ده اللي المنصة وقعت بيه و هوا بيتكلم" ، " نحن في الحزب لسنا شعبيين لأننا حزب الحكومة" - حاشا لله - " بل لأننا نقدم خدمات : دروس خصوصية ، مساعدة قانونية ، مساعدة طبية ، دورات انجليزي و كمبيوتر ، فرص عمل" ممتاز.. رشاو تستغل حال الناس ليخدموا من أوصلهم لحال احتياجهم هذه المساعدات.... " احنا في عصر الحرية فعلا ، لما الريس عمل مؤتمر ، كان مؤتمر شعبي، أي حد كان ممكن يدخل .... بالبطاقة و كارنيه الحزب... و يكون اسمه متسجل.... بعد ما عدينا في البوابة بتاعة الكشف عن المعدن و أخدوا منا الموبايلات... وقفت و هتفت للريس : مش كفاية ، مش كفاية ، معاك يا ريس للنهاية.. قام قال : سيبوهم يعبروا عن رأيهم... فعلا حسيت ان لو حد هتف ضده في اللحظة دي كان هيسمحله يعبر عن رأيه"
تبدأ بعض المواطنات العاديات ممن لسن من الحزب الوطني في الظهور بأعداد قليلة...
تقوم احدى سيدات الوطني بسؤال احداهن عمن سترشحه. ترفض السيدة الاجابة. تزيد الاخرى من سماجتها.تصر الأخرى على الرفض. فتقول : " يللا مش مشكلة ، خللي التاني ياخدله صوت من نفسه" . فتاة أخرى "شككن" فيها فقلن لها بعد أن اكتشفن أن اسمها في لجنة أخرى : " ابقي روحيله بقى و قوليله مش عارفة أنتخبك رئيس للجمهورية" . (مخالفة)
العدد في هذه اللجنة لا يزال قليلا جدا. بعد خمس ساعات ، حوالي مائة ناخب حضروا من أصل 4900 مسجلين في تلك اللجنة. قبل اغلاق الصناديق بثلاث ساعات عندما غادرت اللجنة آخر مرة كان العدد قد ارتفع الى 200 فقط.
سيدة تشتبك في مشادة. تتشاجر مع سيدات الوطني ثم عضو أمانة المهنيين ثم الجنود ثم رئيس اللجنة. لم تجد اسمها في هذه اللجنة على الرغم من امتلاكها بطاقة انتخابية ، و زارت من قبلها عدة لجان و قسم الشرطة الذي أرشدها بالذهاب الى هنا. " أنا بلف من صباحية ربنا في الشمس و العيل الصغير ده في ايدي ، و كل مكان يبعتني لمكان تاني" . ربما كانت هذه هي الشكوى الأكثر ترددا على لسان الناخبين و الأكثر اصابة للناخبين بالاحباط. لنشرح هنا الموضوع : أنت ناخب تذهب الى لجنة تقع بالقرب من منزلك. هناك لجان للرجال و أخرى للنساء. تصل للجنة مطابقة لجنسك. ناخبو الدائرة موزعون على اللجان حسب الحروف الأبجدية. نفترض أن اسمك محمد . آخ! آسفون ! هذه اللجنة من الالف حتى الصاد. ابحث عن اسمك في مدرسة كذا. يتطوع أولاد الحلال بوصفها لك. تمشي حتى تذهب هناك. نفترض أنك فعلا هناك. لجنة الارشاد من الوطني تبحث عن اسمك في الكشوف ( الغير مرتبة أبجديا!) ، ثم تحدد لك أي لجنة فرعية تتبعها داخل اللجنة. مبروك وصلت. المشاكل ؟ اشتكى البعض من أنهم يرسلونه من مكان الى مكان دون أن يجد اسمه. البعض اسمه مختلف عن الاسم المسجل. البعض رقمه غير الرقم المسجل. البعض ساقط قيد. هناك متوفون داخل الجداول. و ان كان هناك الكثير ممن انتخبوا دون مشاكل أيضا. ( عقم و تخبط )
من له حق الانتخاب؟
من يملك حق الانتخاب هو المسجل في الجداول الانتخابية. من يسجل في الجداول الانتخابية؟ كل من قام باستخراج بطاقة انتخابية من قبل. و قالوا أن مواليد 84-85-86 قد أضيفوا تلقائيا الى الجداول. لذلك لتنتخب عليك أن تحضر بطاقتك الانتخابية و تنتخب بها اما في اللجنة التي أنت مسجل بها أو في لجنة أخرى كوافد ان كنت في محافظة أخرى ، فان لم تكن معك فعليك أن تستخدم بطاقتك الشخصية و تنتخب في اللجنة التي أنت مسجل بها بعد أن تنجح في العثور على اسمك في الجدول.
هذا بصورة تقريبية....
لأن أكثر ما ميز هذه الانتخابات هي التفاوت بين اللجان. بل و التفاوت في اللجنة ذاتها باختلاف الوقت.
فتاة صغيرة تقول أنها تريد أن تنتخب ببطاقتها الشخصية لأنها مسجلة تلقائيا لأنها من مواليد 85. أعتقد أن سيدات الوطني قررن أنها لا يبدو عليها سمات "الموالاة" فقررن أن لا يرهقن انفسهن كما يفعلن مع نسوتهن ، فقالوا لها : "لا ! مفيش ! مينفعش!" ( مخالفة)
أتدخل و أقول للفتاة ان تبحث عن اسمها بنفسها حتى تجده. تيأس من البحث وسط آلاف الأسماء و تنصرف بعد فترة.
أترك هذه اللجنة و أنتقل للأخرى.
كنت قد أنهيت كتابة هذا الجزء و جزء من خاتمة التدوينة ، ثم شاهدت اعلان النتيجة فادركت أن الاكتئاب لن يمكنني من اكمال الكتابة .. على الأقل ليس اليوم.. فقررت نشره و انهاؤه لاحقا.
أحاول الاتصال بعلاء.أريد الاطمئنان على المظاهرة. لكن علاء ساعتها كان مشغولا فلم يجب. ( اقرأ ما كتبه علاء عن ذلك اليوم)
أتصل برحاب . تخبرني أنها دخلت داخل لجنتها و تجلس مع القاضي ، و أنها رأت الكثير من التجاوزات.( اقرأ ما كتبته رحاب عن ذلك اليوم)
يتصل بي عمرو. يحكي لي عن 3000 متظاهر في مسيرة في وسط البلد . يقول لي أنه كان يقفز من السعادة عوضا عن المشي في الشارع. آخ! يالحظي الزفت! دائما ما تفوتني مثل هذه الفرص. ثم يقول لي " بس جرينا من العتبة لحد نقابة الصحفيين". ( اقرأ ما كتبه عمرو عن ذلك اليوم)
أتصل بهيثم ، يبدو لي سعيدا رغم أن التجاوزات في لجنته أكبر من لجنتي. ( اقرأ ما كتبه هيثم عن ذلك اليوم)
يتصل بي هيثم في اليوم التالي و نشتبك في مناقشة حادة. سعيد هو باختفاء استبدال الأوراق أو تقفيل الصناديق. أقول له ما فائدة ذلك اذا كنت ستشحن الناس شحنا الى اللجان و ترشيهم و تخوفهم و تجبرهم و تحرمهم من التصويت السري. أليست النتيجة واحدة؟ ما فائدة عد الأوراق بنزاهة اذا كنت تحكمت فيمن يكتبون آراءهم في هذه الأوراق؟ ما فائدة كل ذلك اذا كنت تختار منافسيك و تحدد طرق دعايتهم و مدى دعايتك كما رصدت تقارير المراقبة؟ أليست النتيجة فوزأ زائفا في شيئ ما لا يمكن تسميته بانتخابات تنافسية حقيقية ؟ ما الفرق بين مبارك ببدلة كاملة و بين مبارك بجرافتة من غير جاكيت؟ يصر على التفاؤل و أصر على اثبات رأيي بأنها مسرحية هزلية منذ بدايتها و حتى نهايتها. لا عنف و لا انتهاكات جسدية و لكن ذلك سببه غياب القوة التنافسية. الأمل موجود في من تحرك و من اهتم من الشعب و في المستقبل و في تحسين الرقابة و دعم استقلال القضاء و ليس في أنهم غيروا الطرق التي ناوروا بها ليضمنوا فوز الجنرال العجوز عندما ووجهوا برقابة قضائية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)