لم أتحدث عن السياسة الداخلية المصرية و موضوعي المفضل: التغيير في مصر ( آخر كتابة عنه
هنا) منذ فترة ،و أعود اليوم لألخص وقائع تلك الفترة ، و كان من الصدف أن تكون هذه الفترة حافلة بدلائل تغير في طريقة تعامل الدولة مع حركات المعارضة لمبارك ، فبدلا عن التجاهل و القول بأن وجود حركة المعارضة لمبارك دليل على الديموقراطية( حيث مرت
مظاهرة القاهرة الشهيرة بسلاسة ، و التحدي المباشر بدعوات
الترشيح المستمرة في مواجهة مبارك دون مشاكل حقيقية)
و يبدو أن هذا يتغير خطوة بخطوة....
*
معرض الكتاب:
في
الحدث الثقافي الأهم في الشرق الأوسط كما يحب منظموه تسميته حدثت :
-اعتقالات:
اعتقلت السلطات المصرية فتاتين وشابًا داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب
لحيازتهم مطبوعات تعارض التجديد للرئيس حسني مبارك
ووفقًا لما نقلته رويترز أمرت نيابة أمن الدولة العليا يوم السبت بحبس الثلاثة 15 يومًا على ذمة التحقيق بعد أن
وجهت إليهم التهم الآتية:
1 - توزيع دعوة لندوة عن اتفاقية الكويز.
2 - توزيع دعوة لمظاهرة بمعرض الكتاب ضد التجديد والتوريث يوم 4 فبراير "تنظمها الحملة الشعبية من أجل التغيير".
3 – توزيع دعوة للقاء فكرى بنقابة الصحفيين خلال الفترة من 25- 27 فبراير تحت عنوان أيام اشتراكية يحضرها عدد من المفكرين من مصر والعالم العربى وجميع أنحاء العالم.
4 - توزيع وبيع كتب صادرة عن المركز مثل كتاب " طريق الاشتراكية إلى التغيير".
وقالت رويترز إن ضباط مباحث أمن الدولة ألقوا القبض على
ناشطتين تنتميان إلى مركز الدراسات الاشتراكية هما المحامية مروة فاروق وطالبة من أصل سعودي تحمل الجنسية البريطانية اسمها 'باهو عبد الله من داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب إضافة إلى إبراهيم الصحاري
الصحفي المصري بجريدة العالم اليوم المصرية
ضباط أمن الدولة يشددون الرقابة بشكل لافت للنظر على من يطلقون لحاهم من زوار المعرض ويستجوبونهم داخل الندوات
ويفتشون الكتب الموجود بحقائبهم ويسألونهم عن أسباب شرائهم هذه الكتب بالذات بحسب وكالة رويترز للأنباء
- مصادرة كتب:
فى الساعة 12 ظهر يوم الأحد 20 /1 / 2005
هاجم البوليس المصرى دار ميريت للنشر وصادر جميع كتب
مركز االدراسات الاشتراكية
- رقابة حمقاء:
نقلا عن
الحياة منعت الرقابة :
«أحد عشر كوكباً» للشاعر
محمود درويش
رواية «حكاية مجنون» للكاتب المصري يحيى ابراهيم
رواية «خفة الكائن التي لا تحتمل» للروائي التشيكي الشهير
ميلان كونديرا
رواية «مريم الحكايا» للكاتبة اللبنانية علوية صبح.
للكاتب الراحل
عبدالرحمن منيف «ارض السواد»، و «بادية الظلمات» من خماسيته الشهيرة «مدن الملح» ( هل هناك تكريم أجمل لمنيف في ذكرى
وفاته ؟ )
17 عنواناً من اصدارات «المركز الثقافي العربي» ودار الساقي، ومن بينها اعمال لنصر حامد ابو زيد.
و حسب
التجديد العربي:
قال مسؤول في(دار الآداب) اللبنانية المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب إن الرقابة المصرية صادرت كتبا عدة من إصدارات الدار أبرزها40 نسخة من
رواية(زوربا اليوناني) للكاتب نيكوس كازنتزاكيس
و روايتان لميلان كونديرا خفة الكائن التي لا تحتمل ، والحياة هي في مكان أخر
و مخلوقات الأشواق الطائرة للمصري
ادوار الخراط الحائز على جائزة الدولة التقديرية
و جنات إبليس للمصرية
نوال السعدواي
و الدنيا أجمل من الجنة الصادر عن(دار النهار) اللبنانية للكاتب المصري خالد البري
ما الذي يحدث بالضبط؟؟ ما هذا الجنون ؟ للأسف لست موجودا في مصر لأذهب للمعرض بنفسي و أتأكد من صحة المنع ، و لكن معظم الكتب التي تذكر المصادر منعها رأيتها بنفسي معروضة في معرض العام الماضي فضلا عن توفرها في المكتبات المحلية...!!! سأحاول التاكد من خبر المصادرة لاخقا و الذي يبدو لي مبالغا فيه..
-
مظاهرة كفاية يوم الجمعة ضد مبارك
أول ما قرات عنها كانت في
مدونة يحيى مجاهد ، و هي مظاهرة تنظمها
الحركة المصرية من أجل التغيير ، و كنت أنتظر حقيقة اذا كانت ستمر بسلام ك
سابقتها أم ستلقى مصيرا سيئا ؟ و
كتب عمرو عنها...:
"تدور على بعد عشرات الأمتار الآن مظاهرة الحركة المصرية من أجل التغيير: دستتان أو ثلاثة على الأكثر من المتظاهرين، ومئات من الجنود والضباط بالزي وبدونه، وآلاف من العابرين الذين بدأوا في تمييز شارة "كفاية" الصفراء. بعض منهم على مقربة يسمعون منها الهتافات، والأغلبية لا يسمعون"
كما كتب عنها
حمكشة:
"وسأترككم لتعليقات بعض رواد هذا اليوم على المظاهرة:
"هُمّا دول اللي جايبين لهم كل العساكر دول؟ كانوا بعتوا لهم أمين شرطة!"
"ده الظاهر راجل ومراته وعياله عاملين مظاهرة."
"هُمّا غلطوا...بدأوا يهتفوا واحنا بنصلي فحاصروهم قبل ما الناس تنضم لهم."
"كل العساكر دول" كانوا عبارة عن حمولة نيف وعشرين مدرعة أمن مركزي سدوا المنافذ بين كل نطاقات المعرض واصطفوا بطول أرصفته وطوقوا ما لا يزيد بحال عن أربعين شخصا وقفوا يهتفون في نقطة ميتة دون حتى أن يسمعهم أحد، وإن تطاير لآذان المتفرجين اسم حسني مبارك كثيرا و"مش عايزينك...مش عايزينك" و"...كيلو اللحمة...". سمح لي ضابط بالدخول فتجاوزته ليصدني العساكر رافضين أمر هذا الضابط لأن "القائد محمد قال ممنوع". هذا أيضا ما حدث بالحرف في فيلم هزلي (يجمل للمفارقة صورة نفس الرئيس) لكن يبدو أن الواقع صار أكثر هزلية. المنظر كان عموما..تخيل حبة بازلاء في قبضة رجل قوي"
و بذا يحين دور الحديث عن...
*
كفاية:
كفاية - الحركة المصرية من أجل التغيير ،عبرت عن كثير منا عندما قالت كفاية .... كفاية كده.... 24 سنة كفاية جدا .... و قد انضوى تحتها طيف واسع من النشطاء السياسيين و المثقفين ... و كان أول المنسحبين من تحالف التغيير هم
الاسلاميون... و المشكلة في هذا هي أنهم الأكثر شعبية و اقترابا من الشارع... و اذا أضفنا الى ذلك حقيقة غياب الشخصية الكاريزمية التي يلتف الناس حولها و من أجلها كبقية التجارب في أوروبا الشرقية التي
تحدث عنها عمرو و التي تأثرت بها كفاية ، سنجد أنها تعاني من مشكلة حقيقية في الشعبية و ايصال رسالتها التي قد يتفق معها المصريون و لكن دون بديل واضح معبر.... ثم انتشرت الشائعات عن شروخ و خلافات داخل جسد الحركة ، و أتمنى حقيقة أن يثبت خطأ تلك الشائعات ، و لكن الأيام المقبلة ستشهد على ما أعتقد انسحابا ضمنيا جديدا من حركة التغيير الجدية...
لماذا؟
يقودنا هذا الى الحديث عن حوار الأحزاب....
( لفت
مقال لمنى الغباشي نظري الى دور كتابات طارق البشري عن العصيان المدني و مواجهة الاستبداد في تحريك الماء الآسن و تكوين كفاية ، و نموذج لها هو
هذا المقال )
*
الأحزاب :
الناصريون و
التجمع الذي يضم فصائل اليسار المصري و
الوفد ليبرالي الصبغة ( قبل أن يفر منه الشباب الى حزب
الغد ) هم أهم 3 أحزاب مشهرة -في رأيي- طالبت بالتغيير ( حتى لو كانت ضعيفة النفوذ و التأثير) ، لأننا اذا استبعدنا الاسلاميين الأقوى -
المنسحبين كما أسلفت - و الذين لا يملكون أحزابا سياسية مشهرة ( ربما غير
العمل رحمه الله ، و لكن هذه قصة أخرى) و النشطاء غير المتحزبين ، لن يتبقى لنا سوى احزاب صغيرة ربما لم يسمع بها غير مؤسسوها و عائلاتهم....( من سمع عن : حزب مصر العربى الاشتراكى أو حزب الاحرار الاشتراكيين أوحزب التكافل ؟؟؟؟!!!)
حجر الأساس في
مطالب التغيير هو عدم التجديد للرئيس مبارك بالصورة الحالية ، و تغيير الدستور بما يسمح بالانتخاب المباشر للرئيس قبل موعد انتخابات 2005...
الاسلاميون كانوا أول من
وافق مع الحزب الوطني على أن يصبح كل حديث عن الاصلاح و تعديل الدستور و كل هذا الهراء الى ما بعد التجديد للرئيس مبارك بالسلامة .... تفويض ل"ولي الأمر" بأن يكمل الحكم ليكمل ثلاثين عاما متصلة و حتى يبلغ من العمر 82 عاما.... رائع ، أليس كذلك؟
و لكن قريبا بدأ حوار الأحزاب...
" فقد بدأت بمقر مجلس الشورى بالقاهرة أولى جلسات الحوار الوطنى الموسع بين الاحزاب المصرية
تلبية لدعوة الرئيس حسنى مبارك الذى دعا لهذا الحوار فى كلمته بالجلسة الافتتاحية لمجلسى الشعب والشورى ."
و
هنا تجد رواية الحزب الوطني الديموقراطي للحوار...
و
هنا رواية الأحزاب المعارضة له...
لا جديد في كل "اللت و العجن" الذي قيل في المؤتمر... فقد قيل ما سبق قوله... و المعارضة رددت الاسطوانات المشروخة ذاتها و كذلك الحكومة...
ما الذي لاحظته اذن و الذي أكتب من أجله كل هذا؟
نشرت الأهرام أنه" أعلن السيد صفوت الشريف, الأمين العام للحزب الوطني, أن الحزب الوطني يري أن هناك متغيرات تستلزم مراجعة الدستور, إلا أن جميع مواد الدستور لا تعوق الاستمرار في الإصلاحات السياسية. وقال ـ عقب الجلسة الأولي للحوار بين الأحزاب الخمسة عشر التي استغرقت ست ساعات مساء أمس الأول ـ
إن بعض الأحزاب المشاركة رأت إرجاء الإصلاح الدستوري لما بعد الاستفتاء, بينما يري البعض ضرورة التعديل الفوري للدستور."
هه؟
من اذن انضم للاسلاميين في تمييع فضية التغيير ؟ بيعها بمعنى أصح....
حسب
مصراوي:
"وصرح الدكتور
رفعت السعيد رئيس حزب التجمع عقب اجتماعه وخالد محى الدين الرئيس السابق للحزب مع صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى وكمال الشاذلى الأمين العام المساعد للحزب أن حزب التجمع يرى أهمية الاتفاق على تعديل الدستور ويرى أنه
بالامكان الاتفاق على أن يطلب من رئيس الجمهورية فور ترشيحه أن يصدر برنامجا انتخابيا يتضمن المسائل المتعلقة بالاصلاح الدستورى وأشار الى صعوبة تعديل الدستور حاليا نظرا للحاجة الى اعداد وثائق تستغرق وقتا لعرضها على مجلس الشعب ثم طرحها للاستفتاء "
أما الحزب الناصري
"من جهته صرح ضياء الدين داوود رئيس الحزب الناصرى عقب اللقاء بأن الحزب الناصرى يرى أن مسألة تعديل الدستور أمر عاجل وينبغى البدء فيه الآن وأن البعض الآخر يرى أن تطرح الفكرة وتتم الموافقة عليها وتنفذ بعد الاستفتاء على رئاسة الجمهورية"
أغ... المسألة ليست اجرائية يا عزيزي رفعت السعيد.... المسألة تعني شيئا واحدا تمثل في نداء كفاية :"لا للتجديد" و الذي كان الطريق له في رأيهم تعديل الدستور ليسمح بالانتخاب المباشر ، أو صورة عمرو موسى كمرشح حسب سلام كبديل لمبارك في ظل قانون الاستفتاء القاسي الذي لا يسمح بالانتخاب المباشر...
حقيقة... انا مخطئ.... لماذا اعتقدت أن مجموعة الديناصورات في الأحزاب المصرية قد تحمل أي أمل؟ اذا كانوا ديكتاتوريين داخل أحزابهم و بنية أحزابهم ذاتها تنخر فيها الديكتاتورية.. أي أامل فيهم اذن ؟
يبدون لي منفصلين تماما عن منطق نشطائهم....
ألا تبدو الديناصورات السياسية الشابة رائعة في هذه الصورة؟
لم يتبق الآن في ساحةالتغيير غير نشطاء
كفاية "اذا لم تعان من انسحاب يساري" و
سلام و مجموعة صحيفة
العربي الناصرية.... حزب الغد؟
لا أعرف حقيقة...
و يبدو أن الحديث يجرني الى ... قضية أيمن نور...
و لكن قبل أن أنتقل اليها و ما دمت قد تحدثت عن حوار الأحزاب أشير الى ما كتبه جوش ستاكر في
العروبي عن اقتراح أيمن نور بأن يحضر رئيس الحزب الوطني الديموقراطي الحوار الوطني على قدم المساواة مع بقية رءساء الاحزاب... و هو ما رفضه صفوت الشريف طبعا ، اذ كيف يضيع السيد الرئيس وقته مع مجموعة من الديناصورات... عفوا ، زعماء المعارضة....
معه حق بصراحة...
و لكن بالتأكيد كما
قال السيد صفوت الشريف : " لاعلاقة للحوار بين الاحزاب وقضية ايمن نور "
أكمل الأخبار البايتة المتراكمة علي في وقت لاحق لأني أشعر بالارهاق...